سفينة الحياة.. والصبر
- نوح -عليه السلام- هو أوَّل الرسل بعد وقوع الشرك، وقد عاش عمرا مديدا، وذكر اسمه 40 مرة في القرآن، وذكرت قصَّته في 10 سورٍ منه، وبقي في قومه يدعوهم 950 عاما..؛ فهو على علم ودراية وخبرة في أساليب الدعوة وتنوعها..
- قال -تعالى-: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} (نوح: 5-9).
- ثم بين نوح - عليه السلام- ما ينتظرهم من النعيم في الدنيا إن هم آمنوا، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} (نوح:10-12).
- وبين لهم واسع رحمة الله وفضائله عليهم؛ فقال لهم: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} (نوح: 13-20).
- وبسبب إصرارهم على ما هم فيه واستكبارهم {وما آمن معه إلا قليل} (هود:40). وعدُّوا دعوته الحقة جدالا، لا يريدون سماعه {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (هود: 32) ثم توعدوه بالقتل إن استمر في الدعوة.. {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} (الشعراء:116)، بل تحدوا نوحا -عليه السلام- أن يأتيهم بالعذاب!..{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}(هود:32). فما كان منه إلا أن طلب من ربه المفاصلة بينه وبين قومه.. {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 117- 118).
- فلما عصوا ومكروا وأضلوا، دعا عليهم نوح -عليه السلام- بالهلاك والفناء، فأجاب الله -عز وجل- دعوته، وأنفذ قضاءه -جل وعلا- {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (نوح: 26-27).
- وأُمر الله -عز وجل- نبيه نوحا -عليه السلام- أن يصنع سفينة {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}(هود:37)، وكانت هذه فرصة لقوم نوح للعبرة والعظة، ولكنهم سخروا منه {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} (هود: 38). وجاء أمر الله والنهاية المحتومة للمجرمين.. {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} }(هود:41). وقال -تعالى-: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (هود: 44).
- إن دعوة نوح -عليه السلام - تعلمنا الصبر في الدعوة، والتنوع فيها، وإعداد العدة لمواجهة الظروف الصعاب، والمفاصلة المستمرة بين الحق والباطل، واليقين من موعود الله بنصر المؤمنين.
23/9/2024م
لاتوجد تعليقات