رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 17 يونيو، 2020 0 تعليق

سعادتي أين هي..؟

 

- يتفرق الناس يوم القيامة فريقين, قال -تعالى- {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون} (الروم:14), يتفرقون إلى شقي وسعيد، قال -تعالى-: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} (هود: 105).

- فأما الشقي: فهو من كفر بالله، وكذب رسله، وعصى أمره -سبحانه وتعالى-، وأما السعيد: فهو المؤمن التقي النقي الذي يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه, ومن منا لا يرجو السعادة والبعد عن الشقاء؟!

- وتقديم (الشقي) هنا لغرض موافقة السياق، أو المقام، وهو الوارد في الآيات من آية 96 حتى آية 104، فبعد أن بين الله - عز وجل - إرساله موسى - عليه السلام - إلى فرعون وقومه بالأدلة والبراهين على صدق دعوته، كذبوا ما عليه موسى - عليه السلام - وصدقوا ما أمر به فرعون، ظلما منهم لأنفسهم، فكان أخذ الله لهم أليما شديدا.

- فالمقام هنا مقام تحذير وتهديد، وبيان لسوء المصير الذي سيؤول إليه الكافر، وإلا فالسعيد مقدم - بلا شك -على الشقي عقلا وعرفا, ونظير ذلك قوله -تعالى-: {يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} (العنكبوت:21)، فقدم العذاب على الرحمة.

 

- إذًا ما أسباب السعادة؟

- جُمعت في ثلاثة معانٍ: شكر, وصبر, واستغفار؛ فإذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

- والشكر: يقتضي الاعتراف بنعمة الله في قلبه، والمحافظة عليها، واستخدامها في مرضاته، والنأي بها عن معصيته -سبحانه-، قال -تعالى-: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} (سبأ:13). ومن تمام شكر النعمة أن يتحدث بها بلسانه, قال -تعالى-: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11).

 

- أما المصائب: فهي كل شيء يكرهه الإنسان، والواجب على المسلم عند المصائب ألا يجزع قلبه، بل عليه أن يصبر لقوله -تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)، وأن يرضى؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «فمن رضي فله الرضا», وألا يتكلم أو يفعل أمرا يخالف الشرع الحنيف؛ بل عليه أن يكون منيبًا خاضعًا لله، وحامدًا له، وصابرًا ومحتسبًا، إذا تكلم, تكلم بخير، « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» قاله - صلى الله عليه وسلم , وإذا فعل, فعل الخير، كما قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج: 77)، وهو مع ذلك قلبه مطمئن ومستبشر.

 

- أما عند الذنوب: فالواجب على المسلم الإقلاع عنها, والتوبة والعزم على ألا يعود, وأن يطلب المغفرة من الله -عز وجل- بصدق؛ لذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «منْ أكثرَ منَ الاستغفارِ، جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همِّ فرجًا، و منْ كلِّ ضيقٍ مخرجًا، و رزقَهُ منْ حيثِ لا يحتسبْ».

- فلو وفَّق الله المسلم للشكر عند النعم، والصبر عند المصائب، والتوبة عند الذنوب؛ فقد تمت له السعادة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك