رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 2 أبريل، 2019 0 تعليق

سالم الناشي رئيس تحرير مجلة الفرقان : الإعلام من أهم وسائل الدعوة إلى الله والفرقان نموذج متميز له

لا شكَّ أن مِن أهمِّ الوسائل التي ساعدت على نشر الإسلام في العصر الحديث وسائلَ الإعلام بمُختلف أقسامها، ولا سيما مع ظهور التقنيات والتكنولوجيا الحديثة؛ حيث أصبح العالم قرية صغيرة، وبالتالي أصبح على الإعلامي الداعية الإسلامي عبء ثَقيل في نشر الدعوة الإسلامية والدفاع عن الإسلام، وتعد مجلة الفرقان أحد هذه الوسائل المهمة التي استطاعت - بفضل الله - مواكبة هذه التطورات؛ فوصلت إلى أرجاء كثيرة من المعمورة، واستفاد منها ملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ لذلك كان هذا الحوار مع رئيس تحرير المجلة م. سالم الناشي.

- ما دور الإعلام في الدعوة إلى الله؟

- للإعلام أهمية كبرى في الدعوة إلى الله، نلمس ذلك من كلام العلماء المعتبرين والمعاصرين ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- الذي أكد على أن: «أنجح الوسائل في هذا العصر وأنفعها استعمال وسائل الإعلام،.. فإذا استعملت هذه الوسائل في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز فهذا شيء كبير ينفع الله به الأمة أينما كانت، وينفع الله به غير المسلمين أيضاً حتى يفهموا الإسلام وحتى يعقلوه، ويعرفوا محاسنه، ويعرفوا أنه طريق النجاح في الدنيا والآخرة».

- ويقول سماحته أيضا: «والواجب على الدعاة وعلى حكام المسلمين أن يساهموا في هذا بما يستطيعون، حتى تصل الدعوة والنصيحة بلغاتهم إلى العالم أجمع».

- ويقول أيضا: «وهذا هو البلاغ الذي أمر الله به، قال الله -سبحانه وتعالى- لنبيه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه البلاغ وهكذا الرسل جميعا عليهم البلاغ -صلوات الله وسلامه عليهم- وعلى أتباع الرسل أن يبلغوا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بلغوا عني ولو آية»، وكان إذا خطب الناس يقول: «فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع».

- وقال ابن باز -رحمه الله-: «وهكذا وسائل الإعلام يجب على القائمين عليها أن يتحروا الخير فيما يوجهونه للناس، وأن يزودوها بالمقالات النافعة البناءة، والأحاديث الهادفة، والتوجيهات السديدة التي تنفع المجتمع في دينه ودنياه، وتأخذ بيده إلى الطريق القويم، وتنبهه إلى أخطائه ومواضع الزلل من سيرته، حتى يرجع عن الخطأ ويستقيم على سواء السبيل. وبذلك تؤدي واجبها، وتساهم في الإصلاح الديني والدنيوي، ويتحقق بها نفع الأمة وتوجيهها إلى الصالح العام في المشارق والمغارب، وتكون بذلك قد استغلت الوقت فيما يفيد، وأحسنت سمعة بلدها، وأخذت بأيدي مستمعيها إلى أسباب الرقي الصالح والتقدم السليم والحضارة الكريمة، التي تصان بها الكرامة، وتحفظ بها الحقوق، وتزكى بها النفوس، وترشد بها العقول إلى طرق السلامة، ووسائل البناء والإصلاح، والابتعاد عن أسباب الغي والضلال والتخريب والإفساد».

- كما عَدَّ سماحته الدعوة في وسائل الإعلام من المصالح العظمى فقال: «أما أنا فأعتقد أن من شرح الله صدره لذلك – أي للدعوة في وسائل الإعلام- وأعانه الله على ذلك فإن هذه المصلحة العظمى وهي نشر الدين وتوجيه الناس إلى الخير يغتفر في جنبها ما يقع من تصويره لهذا الأمر، كونه يصور من أجل هذا الأمر؛ فإنها مفسدة جزئية تنغمر في جنب المصلحة العظمى التي هي تبليغ الناس رسالات الله، وتعليم الناس شرع الله، وتوجيه الناس إلى الخير حتى لا يخلو المجال لأهل الباطل، وحتى لا يتسع لأهل الباطل أفق دعواتهم إلى باطلهم».

- كيف حقق المصلحون هذا الدور؟

- سعى المصلحون من العلماء والدعاة والجهات القائمة على منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة إلى تأسيس وسائل إعلام تخدم الدعوة والإصلاح؛ لذلك لا غرابة أن نجد مجلة الكويت (1928) في الكويت، ولاحقا مجلة التوحيد (1933) في اندونيسيا للشيخ الكويتي عبدالعزيز الرشيد (1887-1938) هي المنطلق للدعوة والدفاع عن التوحيد والرد على الشبهات، وكذلك مجلة المنار (1898-1935) في مصر هي المنبر الإعلامي للشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935) الداعية والمصلح المعروف.

- مجلة الهدي النبوي (لاحقا مجلة التوحيد) (1937) لسان حال جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر، قام بإنشائها الشيخ محمد حامد الفقي، ومن كتابها الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالرحمن الوكيل، والشيخ محب الدين الخطيب، والشيخ أحمد محمد شاكر، والشيخ محمد خليل هراس.

- مجلة الدعوة السعودية (1965) وهي مجلة أسبوعية إسلامية جامعة تصدر عن مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية، أسسها سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1893-1969) -رحمه الله- وتهتم بشؤون الدعوة وأحوال المسلمين.

- وهناك العديد من الصحف والمجلات والقنوات الفضائية القائمة على نشر الدعوة وفق المنهج القائم على القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، إنما ذكرت نموذجا منها لتأكيد الفكرة.

- حدثنا عن مجلة الفرقان

- قامت مجموعة من الشباب في منتصف السبعينات بالكتابة في الصحافة المحلية في جريدة الوطن الكويتية بدءا من عام 1976 ولمدة ثماني سنوات؛ حيث كانت هناك صفحتان للشؤون الدينية أسبوعيا، أخرجت هاتين الصفحتين مجموعة من الكتاب الذين التحقوا فيما بعد بالصحف المحلية الأخرى، وكذلك مجلة الفرقان الإسلامية. لقد كانت الصحافة المحلية هي البداية لمجموعة من الكتاب الذين استمروا في الكتابة، وأسسوا لاحقا مجلة الفرقان.

- وفي ذاك الوقت ظهرت مجلة الهجرة الإسلامية لمجموعة من الطلاب الكويتيين الدارسين في الولايات المتحدة الأمريكية التي كتب فيها عدد من الكتاب، واستمرت مجلة الهجرة في الصدور لمدة تقارب 7 سنوات، وكانت بداية تكتب بخط اليد، وتصور منها نسخ على الطلبة الكويتيين في أمريكا.

- وجاءت مجلة الفرقان الإسلامية لتكمل هذا العقد الفريد من العمل الإعلامي عام 1989، ولتستمر 30 عاما، لم تتوقف فيها إلا في فترة احتلال العراق للكويت عامي 1990-1991، وقد مرت المجلة في بداياتها بفترة عدم الاستقرار؛ بسبب صعوبة الحصول على الترخيص، ومن ثم الطباعة والتكلفة المادية والتوزيع، ثم جاءت فترة الغزو العراقي لتتوقف المجلة تقريبا سنة كاملة، ولكن -الحمدلله- بقي الأرشيف الصحفي لها سليما، وبعد التحرير كانت هناك صعوبات كبيرة في العودة مرة أخرى، ولكن بمرور الوقت ذُللت العقبات واستمرت المجلة، حتى جاء الوقت الذي تم الترخيص الرسمي لها من قبل وزارة الاعلام الكويتية ومن ثم التحاقها بجمعية إحياء التراث الإسلامي. وقد ساهم في المجلة مجموعة من العلماء والمشايخ وطلبة العلم من خلال البحوث والدراسات والمقالات والفتاوى.

- تنوعت اصدارات المجلة من الشكل العادي إلى الصحيفة الورقية ولكن الغالب هو شكل المجلة العادي، وظل يعمل فيها مجموعة من الصحفيين والفنيين والكتاب وفق أحدث التقنيات في وقتها، وقد واكبت المجلة كل التقنيات الحديثة المستخدمة، سواء في الصف أم التصحيح أم الإخراج على أن تطبع في المطابع المحلية. أما الأرشيف فقد تم تطويره عن طريق تحويل أعداد المجلة إلى نسخة مطبوعة إلكترونيا Pdf، كما تم تنظيف الأرشيف الورقي وترتيبه والسعي لإدخال أكثر من 50 ألف قصاصة صحفية في نظام استرجاع عن طريق أجهزة الكمبيوتر.

- كيف ترى دور الإعلام في ظل الثورة التقنية الهائلة من وسائل التواصل وغيره؟ 

- لاشك أن ظهور وسائل التواصُل والاتِّصال الحديثة في هذا العصر -شبكة الإنترنت، والمُنتديات الإلكترونية، والمدوَّنات، وصفحات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة والمعروفة- لا يَنبغي أن يتجاهله الإعلامي الداعية، ولا يَجب أن ينفصِل عنه، وعليه أن يَستخدِم تلك الوسائل الحديثة في أسلوب الدعوة إلى الله؛ لأن الدعوة في الزمن السابق التي كانت مَقصورة على المَسجد أو المركز أو دار العلم - مع عدم التقليل من شأنها - أصبحت صعبة جدًّا، وتُنفق الكثير من الوقت والجهد في ظل سهولة التواصُل بسبب ظهور التقنيات الحديثة التي مكَّنت الدعاة من التواصُل مع البلاد غير المسلمة دون أن يتحرَّك الداعي مِن مكانه أو يُسافر، أو غيره مِن الطرُق القديمة قبل ظهور الوسائل الحديثة، وبالتالي لا يَنبغي على الداعي أن يترك هذه الوسائل التي تُسهِّل له الدعوة إلى الله وأن يبتعد عنها، بل لابد من أن يعرف كيفية استخدامها، وأن يوظِّفها التوظيفَ الصحيح من خلال الاستفادة الكاملة منها؛ لتَحقيق رسالته وهدفه إلى الناس.

     والداعية مُطالب شرعًا بتطوير طرُقه ومناهجِه التي يَستخدمها في وسائل الدعوة الإسلامية وتحديثها، واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة كافة، لتوصيل رسالته إلى غير المسلمين، فلم يَعُدْ مِن المُتقبَّل حدوثه أن يَنتظِر الداعي الناس في مسجده لكي يُعطيهم الدروس أو يُعلِّمهم أمور الإسلام، بل أصبَحَ من الواجب عليه أن يَخرُج ويتواصَل معهم بكل الطرائق المُمكِنة.

- ما أهم الأسس التي يجب أن يتبناها القائمون على الإعلام ليحققوا من خلالها خدمة الدعوة الإسلامية على الوجه الأكمل؟

- لا شك أن هناك العديد من القواعد والأسس في سبيل تحقيق ذلك منها على سبيل المثال:

تبنِّي المعايير الاحترافية

 ونقصد بها التعامل مع مفردات الإعلام تعاملا احترافيا ورصينا؛ فلابد من خطة إعلامية واعية مبنية على أسس علمية، تعي من تخاطب، وبم تخاطب، ولماذا تخاطب؟

تحديد الأهداف المحورية

     الإنسان هو الهدف والغاية، وأي استثمار يُغفِل الإنسان ويتجاهل عقله، هو استثمار لا قيمة له ولا جدوى من ورائه؛ لأن هؤلاء البشر هم المكوِّن الأساسيُّ في بناء الأمم، ومن ثَمَّ فإن هدف المؤسسة الإعلامية الإسلامية بناء إنسان النهضة، وأي هدف آخر يأتي تابعاً، وبما لا يتعارض مع هذا الهدف الأسمى، وهذا يستلزم من القائمين على الإعلام الإسلامي، تزويد الجماهير المسلمة وغيرها بحقائق الإسلام، والقضاء على المعتقـدات غير الصحيحة والمفاهيــم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، واتخاذ الوسائل كافة التي تنمي مَلَكَة التفكير المبدع لدى الإنسان.

خطاب الناس كافة

     لا بد أن يستقر في وعي الإسلاميين أن رسالتهم موجَّهة إلى الناس جميعهم، وهذا ما يفرض على الإعلاميين الإسلاميين تنويع لغة الخطاب بما يناسب الداخل العربي المسلم، والخارج الغربي وغيره، وكذا تنويع الاهتمامات؛ بحيث تجذب لها شرائح متنوعة ومتعددة، كلٌّ يجد بغيته في الإعلام الإسلامي الرشيد.

مراعاة الأولويات

فقه الأولويات لا بد أن يكون عنصراً رئيساً في التوجُّهات والقرارات واختيار البدائل؛ فلا يتم الاشتغال إعلامياً بالفروع عن الأصول، ولا يتم الإصرار على أمرٍ تغلُب مضارُّه على فوائده، حتى لو كان في أصله صحيحاً. 

إعلاميون متميزون

     أهم عنصر يستطيع الإعلام من خلاله خدمة الدعوة الإسلامية هو وجود إعلاميين يتصفون بالعلم والمعرفة والفهم الدقيق، والتخلق بالصدق والأمانة وشرف الكلمة والصبر والإخلاص إلى آخر هذه الصفات التي أرادها الله ورسوله للمؤمنين والمسلمين، هؤلاء الإعلاميون إذا فهموا أصول دينهم واتصفوا بالحميد من الأخلاق والصفات، وتخصصوا في علوم الاتصال والتواصل مع الناس وفنون الإعلام المختلفة؛ فإنهم سيشكلون فريقا يحمل لواء الدفاع عن الإسلام والمسلمين بأحدث وسائل الإعلام.

- إذا أردنا أن نحدد في نقاط وظيفة الإعلام ودوره في الدعوة فماذا نقول؟

- يمكن أن نحدد وظيفة الإعلام في مجال الدعوة في النقاط التالية:

- الإسهام في تأصيل القيم الإسلامية والمنهج الإسلامي في الحياة الاجتماعية من خلال التزام المادة الإعلامية بالفكر الإسلامي.

- الإعلام عن الإسلام بالأساليب والوسائل المتطورة الفعالة التي تضمن تزويد أفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم وأعمارهم ومستوياتهم الفكرية بالقدر المناسب من الثقافة الإسلامية وعلوم الدين.

- التصدي للحملات المغرضة والسموم الإعلامية التي يبثها أعداء الإسلام والجاهلون به، والعمل على إبراز حقيقة الإسلام من خلال منهج إعلامي متطور يتم إعداده ودراسته والتنسيق له بين مختلف أجهزة ومؤسسات الإعلام الخارجي.

- العناية بتطوير الرسائل الإعلامية الموجهة إلى الأقليات المسلمة في المجتمعات غير الإسلامية؛ بحيث تفوق في تأثيرها ومستواها الإعلامي، مستوى الإعلام في تلك المجتمعات، ولاسيما في مجال المطبوعات والإذاعات الموجهة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك