زوجات يابانيات: الإسلام غيَّر حياتنا ومنحنا السعادة الحقيقية
ظلت اليابان مستعصية على الإسلام قروناً طويلة لا لشيء إلا بسبب ظروفها الطبيعية كونها جزيرة وسط المحيط يصعب الوصول إليها، وعلى الرغم من تأخر وصول الإسلام إليها إلا أنها أثبتت أن شعبها أقرب الشعوب لروح الشرق من التزام بالتقاليد وحفاظ على الروح الاجتماعية والقيم الشرقية التي تتفق تماماً مع القيم والمعاني الإسلامية.
وبعد مرور مائة وخمس سنوات على الوجود الإسلامي باليابان أصبح المسلمون في اليابان رقماً مؤثراً في المعادلة اليابانية على الرغم من قلة عددهم البالغ نحو 400 ألف مسلم، منهم نحو 300 ألف مهاجر ما بين باكستاني وتركي وهندي وعربي وأفريقي.
الإسلام قريب جداً من اليابانيين
الإسلام قريب جداً من اليابانيين وهم من أكثر الشعوب قبولاً وإقبالاً على الدين الخاتم؛ لما يجدون فيه من قيم ومبادئ تتفق مع الشخصية اليابانية الجادة والملتزمة بقيم حياتية يؤكدها الإسلام ولا يرفضها.. المرأة اليابانية كجزء من المجتمع الياباني سهلة هينة تقتنع بسهولة بدعوة الإسلام حتى إن إحدى المسلمات وكانت بريطانية تقيم في طوكيو التقت بمغنية يابانية وقالت لها: لدي كلمات يمكنك أن تغنيها ولا تحتاج إلى موسيقى وصخب، وطلبت منها أن تردد: «لا إله إلا الله محمداً رسول الله»، فسرت بذلك وأخذت ترددها وتعلمها لغيرها وعندما علمت أن هذه الكلمة هي مدخل دين الإسلام أخذت تبحث عن الإسلام وكيفية الانضمام إليه.. هناك إقبال كبير من النساء اليابانيات على الإسلام، وهناك أسباب كثيرة تقف وراء ذلك أولها: القناعة الكاملة بهذا الدين والشعور في ظله بالاطمئنان والراحة ولاسيما في ظل الضغوط الحياتية والمادية التي تعانيها تلك المجتمعات.. لكن الغريب أن هناك ظاهرة في علاقة المرأة اليابانية بالإسلام هي ليست بالجديدة، لكنها في تزايد الآن، هذه الظاهرة أصبحت واقعاً ملموساً وتتحدث عن دخول عدد كبير من النساء في الإسلام لرغبتهن في الزواج من رجال مسلمين، فعندما ترغب امرأة غير مسلمة الزواج برجل مسلم، لا بد أن تذهب وتعلن إسلامها ثم ترتبط بالزوج المسلم، كما يقول المهندس رئيس صديقي رئيس الجمعيات الإسلامية في اليابان، ولاسيما إذا كانت المرأة تعتنق البوذية.
في ذلك المكان البعيد من الكرة الأرضية في اليابان وجد الإسلام ترحيباً ملحوظاً من النساء اليابانيات ومن الشباب، ويسجل المراقبون حالات عديدة من النساء اليابانيات اللائي يتزوجن رجالاً مسلمين يأتون للعمل في اليابان من بلدان إسلامية مثل بنغلادش وباكستان وماليزيا وبعض الدول العربية.
كل يوم عضوات جديدات
ومنذ عام 1992م وحتى الآن سجل المركز الإسلامي في طوكيو عدداً كبيراً من أعضائه الجدد الذين دخلوا في الإسلام غالبيتهم من النساء اليابانيات، على الرغم من أن بعض النساء تحولن إلى الإسلام دون التفكير في الزواج، ولكن غيرهن الكثير اعتنقن الإسلام ليتزوجن بمسلمين، وتوضح تقارير المركز أنه في عام واحد تمت 40 حالة زواج بين مسلمين أجانب ويابانيات تحولن إلى الإسلام، ويعلل المهندس صديقي ذلك بأن النساء ينجذبن للإسلام؛ لأن أكثرهن قرأن عن الحياة الزوجية في الإسلام، وعرفن أن الإسلام يحترم المرأة ويرعى حقوقها وتعاليمه ضد العدوان الأخلاقي على المرأة ويحمي عفة وشرف المرأة ويمنع ويحرم العلاقات غير المشروعة بين الرجل والمرأة، كما أن الإسلام يجعل الزوجة مسؤولة من زوجها في المأكل والملبس والسكن ولا تطالب بالعمل للإنفاق على نفسها وأولادها إلا في ظروف خاصة، كل هذه أمور تجذب النساء للإسلام؛ لذلك يقبلن على الإسلام والزواج من رجال مسلمين، ولكن النساء اليابانيات كن يبدين تخوفهن من أمر واحد وهو تعدد الزوجات كما في شريعة الإسلام، وهنا تتولى المؤسسات الإسلامية توضيح الأمر لهن بأن هذا الأمر ليس إجبارياً وإنما الإسلام شرع للرجل الزواج بأربع ويباح فقط في ظروف معينة لا يمكن تجنبها.
ولأن الإسلام لا يصادم الفطرة السليمة فقد قرر ألا تتزوج المرأة مرة أخرى إلا بعد طلاقها وانقضاء عدتها، والقانون الياباني يستخدم المنطق نفسه ويحظر على المرأة أن تتزوج مرة أخرى إلا بعد ستة أشهر من الطلاق.
النساء اليابانيات اللاتي يتزوجن من مسلمين قد يواجهن مشكلات مع عائلاتهن أو النفور من صديقاتهن ليس بسبب الدخول في الإسلام وإنما لتغير نمط حياة المرأة المسلمة وتغير علاقاتها مع من حولها، فالعيش ضمن الواجبات الإسلامية يتطلب تغييرات كبيرة في كل جانب من الحياة تقريباً، وإن كان المسلم يستطيع أن يتعايش مع المجتمع بكل أطيافه واختلافاته دون أن يؤثر ذلك على هويته.
الدكتورة (لين ناجانو) الكاتبة اليابانية وأستاذ العلوم الإنسانية بجامعة ييل الأمريكية سجلت عددا من قصص زواج اليابانيات من رجال مسلمين:
عائشة: هكذا أسلمت ثم تزوجت
ومنهن عائشة تشودري، التي كان اسمها السابق (هارومي تشودري)، تزوجت في سن الـ 26 من رجل باكستاني، بعد أن أسلمت بعامين، ومثلها مثل بعض النساء اليابانيات المتزوجات من رجال مسلمين، بقيت فترة تمارس حياتها وترقب عن كثب حياة زوجها وسلوكياته وتقارن بين حياتها الأولى وحياتها في ظل الإسلام، وقد تعرفت على أمور لم تتعودها ولم تشاهدها في أسرتها، فقد كان زوجها -كما تروي- يؤدي صلاة المسلمين بانتظام، وكان يغسل يديه ووجهه ورجليه بطريقة لم تعتدها (الوضوء)، ومن الأمور المهمة في قصة إسلام عائشة أن الرجل الذي تقدم للزواج منها لم يطلب منها أن تسلم كي تتزوج منه وإنما هذه رغبتها وكان هو ينتظر عامين كاملين حتى تدخل الإسلام ويتم الزواج، وكان ينصحها بالذهاب إلى المركز الإسلامي أو جمعية المسلمين للحصول على نشرات وكتيبات تتحدث عن الإسلام بشكل مبسط، وبعد أن أسلمت عائشة قررت أن تعيش هذا الإسلام كما يعيشه زوجها، وتتصرف على أساس ما أصبحت تشعر به من سعادة كانت محرومة منها، وكما تقول فإن الإسلام يعني وجود علاقة حقيقية مع الله، وكم كانت فرحتي عندما سجدت للصلاة لأول مرة، وكم كانت فرحة زوجي بإسلامي قبل أن نرتبط، فقد بكى عندما نطقت بالشهادتين ثم رأيته يسجد لله شكرا على إسلامي فأدركت مدى حبه لي وحرصه على الارتباط بي وهو الذي كان يصلي بصمت من أجلي لسنوات.
الإسلام غيَّر حياتنا
كما تضيف الدكتورة (ناجانو) على لسان عائشة أن الإسلام يعلم أتباعه الكثير من السلوكيات المفيدة له في حياته فضلاً عن أنها تقوي علاقته بالله، فبمجرد أن يصبح الإنسان مسلماً كما حدث معي يجب عليه أن يجري تغييرات كبيرة في نظامه الغذائي مثلاً، فالمسلمون الذين يتبعون القرآن لا يأكلون لحم الخنزير ولا يتعاطون المشروبات المسكرة والمنتجات الحيوانية التي لم يتم مباركتها (الذبح الإسلامي)، ولذلك يوجد في اليابان وحيث يعيش المسلمون منتجات متاحة على نحو متزايد في المحلات التجارية التي تتخصص في منتجات الحلال سواء من الداخل أو المستوردة.
وتؤكد الكاتبة أن أكثر رمز واضح يميز المرأة المسلمة في اليابان كما في غيرها من العالم هو غطاء الرأس (الحجاب) والملابس ذات الأكمام الطويلة والسراويل التي تغطي أطرافها، تقول عائشة: “قبل أن أصبح مسلمة كنت أعمل سكرتيرة لرئيس شركة؛ لذلك كنت أرتدي تنانير قصيرة وبعد أن أصبحت مسلمة كل شيء تغير، رميت بعيداً أو تنازلت عن خمس حقائب من الملابس».
وتقول امرأة في العشرين من عمرها متزوجة من سائق من دولة آسيوية: “قبل أن أصبح مسلمة لم أعرف لماذا أنا موجودة في هذه الحياة؟! كنت أعتقد أن الغرض من العمل هو أن يراني الناس بشكل جيد، كنت أعتقد أن قيمة الإنسان ترتكز على الجامعة التي يذهب إليها أو كمية المال الذي يجنيه، والآن أنا أعلم أن سبب وجودي هو بناء علاقة قوية مع الله وعبادته، فالإسلام يعني الحرية: أنت مسلم فأنت حر؛ لأنك تعبد ربا واحدا ولا تستعين بوسطاء كي تعبد الله، وهذه قمة الحرية؛ ولذلك فأنا أحمد الله كثيراً على تغير حياتي وانتمائي لهذا الدين وحتى لو كنت دخلت الإسلام لكي أتزوج من الزوج المسلم الذي أريده فأنا أعيش حياة سعيدة، ولا عيب أن يكون هناك سبب بعينه للدخول في الإسلام، فما بالنا إذا كان هذا السبب هو الرباط المقدس الزواج؟!».
قصة عائشة تتكرر كثيراً
وتتكرر قصة عائشة كثيراً مثل قصة (نورين)، وهي مدرسة تمريض في جامعة نسائية في (سايتاما) وتبلغ من العمر 30 عاماً، تركت البوذية واعتنقت ديانات أخرى بما في ذلك النصرانية لكنها كما تقول لم تجد نفسها في أي ملة أو ديانة، وأخيراً وجدت نفسها وسعادتها في الإسلام الذي اعتنقته قبل الزواج من الرجل المسلم الذي يعمل بأحد المصانع، تقول إنها اتفقت مع زوجها على أن يكون الإسلام في المقام الأول في حياتهما والعمل يأتي في المرتبة الثانية.
العديد من اليابانيين يعتقدون أن الإسلام سيصبح الدين الأكثر قبولاً في هذا الجزء من العالم؛ نظراً للإدراك والفهم الأفضل الناجم عن تزايد عدد الزيجات بين المسلمين والنساء اليابانيات غير المسلمات، وأيضاً هناك عدد لا بأس به من الطلبة اليابانيين المسجلين حالياً في جامعات عربية، الأمر الذي سمح مرة أخرى للمجتمع الياباني بالاتصال مع العالم الإسلامي.
وهناك أيضاً إلى حد كبير مجتمع من المسلمين المهاجرين في اليابان ساهم بشكل كبير في الحفاظ على التضامن بين الأمة الإسلامية اليابانية.
لاتوجد تعليقات