زوجات منافسات على أرفف المكتبات!!
من تتصور - عزيزي القارئ- هؤلاء الزوجات المنافسات ولكنهن يرقدن على أرفف المكتبات؟! تغتاظ النساء منهن أيما غيظ وترجو الواحدة منهن أن لو تخلى زوجها عنها؟! إنها كتب ومراجع المرء، حليلاته الأربع والخمس والمائة والألف!! لا يقوى صاحب العلم على الانفصال عنها ولا الفكاك منها، هن صويحبات دينه ودنياه، كثيرات من النساء يتضايقن من انشغال أزواجهن بالثقافة والعلم، ينزعجن من استطالة أوقات الأزواج بين المراجع والمؤلفات، وتجتهد الزوجة في صرف زوجها إليها، وتشغله دائماً بمشاغلها معه: «تعال نروح الجمعية!!» «ما شرينا ملابس المدرسة!» «صار لنا أسبوع ما طلعنا معاك! «العيال محتاجينك!».
عزيزي القارئ، أكبر حيلة تحاول الزوجة بها أن تحتال على زوجها هي نقطة ضعفه تجاه عياله!!؛ لذا تجدها تطنطن وتدندن حولها دوما بينما في حقيقة الأمر هي التي تريد الالتصاق بزوجها؛ لتروضه على التخفف من حليلاته الأخريات!! في الكتاب الذي أنا حقا معجبة به للأستاذ صالح بن عبدالله العييري من المملكة العربية السعودية في موسوعته المرحلة الثانية يذكر في مقدمته ذكراه الأولى في زواجه من زوجته التي فاجأها في ليلة الدخلة قائلا لها: «ألم يخبرك أهلك أنك الزوجة الثانية، في حياتي؟!» طبعا الزوجة العروس آنذاك لم تتفوه بكلمة سوى بعض تعابير في وجهها ولكنه أسرع مبلغا لها حقيقة الأمر أن زوجته الأولى هي مكتبته ومؤلفاته!! فانفرجت أساريرها!! حكاية قديمة ومثلها كثير عبر التاريخ؛ حيث تعد الزوجات أن الكتب هي ضرتها الحقيقية، وما علمت المسكينة أن ألف ضرة من كتاب لا تعدل في حنق الغيرة الملتهبة نصف ضرة حقيقية من النساء من بنات جنسها!!
عزيزي القارئ، أنا يتبادر إلى ذهني كثيرا تساؤل هو: ولماذا لا يكون لنا في بيوتنا نحن النساء منافسون لأزواجنا على أرفف المكتبات؟! لم المرأة دوما هي المنزعجة من ضرتها الكتاب؟! لم لا تكون هي من يتنافس مع زوجها في تحصيل العلم ومزيد من الفكر والثقافة؟! لماذا لا نشهد في بيوتنا نساء يدفعن بأزواجهن دفعا إلى الانكباب على العلم والمعرفة؟! لم أسمع ولم أشهد يوما أن زوجة منزعجة؛ لأن زوجها لا يقرأ ولا يثقف نفسه! دوما شكوى النساء أنه ما ينفق عليها! لا يخصص يوما لأسرته! ما يدرّس العيال معها! ما يمدحها! هل يا ترى تفقدت أحوال زوجك في ثقافاته وسعة أفقه؟! أتمنى لو أمتّع سمعي بحكايات لنساء راشدات مرشدات قد نافس وينافس انكبابها على العلم خدمتها لزوجها وعناءها في تربية أبنائها!
عزيزي القارئ، أنا الذي أتوقعه وأريد أن أفهمه وأرجوه من الزوجات أن يغتبطن ويبتهجن؛ لأن ضرتها وشريكتها في زوجها هي ثقافات الكتب والعلوم! ولا سيما أننا نعيش وسط سطوة التفاهات في دنيا السخافات!! أتوقع منها أن تعلي - بضم التاء - من قدر زوجها وتعز شأنه لكونه صار في عداد المثقفين واللاحقين بركب أهل العلم، بل الأجدر بها أن تجعل لها نصيبا من المنافسين في مكتبة خاصة بها لإعمار ذاتها وحياتها وعيالها بنور العلم والبحث والدراسة.
عزيزي القارئ، من هذه البيوت القارئة المفكرة تنبت جذور الحكمة في عقولنا وعقول أزواجنا وعيالنا، وحتما ستضمحل المشكلات بين الأسر، بل قل: لا وقت للمشكلات في حياتنا إذاً، كل شيء سيتغير في حياتهم، منطق الحديث غير، منطق التفكير غير، مسارات مشاعرهم أيضا غير، مسالك تصرفاتهم بلا شك غير، كل شيء يبدو راقيا متميزا في دنياهم! مؤثرون لا متأثرون، يقودون لا يقادون، هممهم صقور لا تقع إلا على الحي ولا ترضى بالجيف.
عزيزي القارئ، لتكن على يقين فحتى حياتهم حتما ستكون هادئة ومتزنة بهدوء العلم واتزانه الذي يورثه القلوب والعقول!!
لاتوجد تعليقات