رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هيام الجاسم 12 مارس، 2024 1 تعليق

زعزعة اليقين مدعاة لانتشار الإلحاد

  • هناك جهود لصد التخريب والتغريب لعقول الشباب ولكنها أقرب إلى الجهود الفردية المبعثرة هنا وهناك بدلا من أن تكون جهودا منظمة بتفريغ دعاة داخل البلاد لصد تلك الشبهات
  • لنتعلم مهارات المناظرات حتى نستطيع حماية عقول أبنائنا من الشك في الله ودينه ورسوله وحتى نكون قادرين على غرس العقيدة الصحيحة وصد أي شبهات تواجه أبناءنا

حينما يسمح المرء لنفسه أن يولّي عقله تجاه الشبهات ويعطيها قدْراً في ذهنه، فإنه يفتح على نفسه باب تهاوي العقيدة عنده، وحينما يسمح المرء لنفسه بحضور محاضرات لأشباه المسلمين، يتكلمون العربية وظاهرهم العروبة والإسلام، بينما يدسّون السموم كلها في العسل، فعندها ينحدر شيئا فشيئا إلى هاوية الانسلاخ من الانضباط بالدين، وحينما يسمح لقلبه أن يُعجب بشخوص أشباه المدّعين حبا لدين الله، ويتتبّع أخبارهم وهم منحرفون فكريا وعقائديا، فإنه حتما سيميل إليهم ميلا عظيما يوما ما.

       عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، الأمر جد وليس بالهزل، الجرأة على دين الله بحجة حرية الاعتقاد وحرية القول وحرية القرار والسلوك، بات خطرا يستحق رص الصفوف؛ لمواجهته، ولا نترك الساحة لكل من يدلي بدلوه خرابا وتدميرا لعقول الشباب.

موجات متتابعة

      نعم هناك جهود لصد ذلك التخريب والتغريب لعقول الشباب، ولكنها أقرب إلى الجهود الفردية المبعثرة هنا وهناك، بدلا من أن تكون جهودا منظمة، بتفريغ دعاة داخل البلاد لصد تلك الشبهات؛ فاليوم وفي كل يوم تخرج علينا موجات متنوعة غريبة من الانحلال والضياع، باتجاه الشباب الملحد لجعلهم عتاة في الإلحاد. وموجات أخرى تهزّ الأيدلوجية الثابتة في مستقر قلوب الشبيبة وتشكيكهم بكل شي، بطرح نظريات الوجودية وتشجيعهم للالتحاق بدراسة الفلسفة لا من أجل أن يحظى بعلوم نافعة، وإنما من أجل أن يجعلوه متشككا في أصول كل شيء اعتقده جازما منذ صغره؛ لينضم لركب أشباه المسلمين وهكذا، إنهم يعملون وفق منظمات وتنظيمات لأجل زعزعة كل شيء أصيل ومستقر ويقيني في نفوس الشباب الصاعد، فإذا ما اهتزت الأركان الأساسية، تهاوت، ومن ثم القيم الدينية الواحدة تلو الأخرى، فيتلاشى عنده شيئا فشيئا الاعتبار الديني وتطبيق أحكام الله الواجبة وترك محرماته.

هوى النفس

        أعزائي القراء، هوى النفس ميّال للأمتع والألذ والأسهل والأكثر انطلاقا وسعة حرية في التصرف، والأديان تدعو الناس للالتزام وضبط النفس وكبح جماح الشهوات المحرمة، بتقنين تصرفها، وصد وسدّ بوابة الشبهات في الاعتقاد، وهذا يلزم اعتقادا جازما يقينيا في العقيدة القلبية، بأن الإسلام دين يضبطك ويحميك وقاية وعلاجا حتى من نفسك إنْ طالبتك وألحّت عليك بالشبهات والشهوات ؛ فهذا هو ديننا وتعاليمه الحكيمة، ونحن -المسلمين- نعتز به وندين الله به، ولا نرضى به بديلا، فمن يصل من الشباب إلى هذه المرحلة من الإيمان اليقيني في دينه، فلن يضرّه تشكيك أشباه المسلمين له في دينه وعقيدته؛ فهؤلاء المضللون يتجهون لمعتقد الشاب، ويبدؤون في التشكيك في ذلك المعتقد الراسخ، من خلال محاضراتهم وأنشطتهم الثقافية المنوعة فيختبرونه. فإنْ كان في دينه صلابة وجادلهم وكان ماهرا في صدّ شبهاتهم، تركوه ومعتقده، وإنْ لاحظوا عليه إعجابه بكلامهم، من خلال ملاحظة لمعان بريق عيون الجمهور الشبابي المستمع لهم، وإظهاره للإعجاب بهذا المحاضر، وذوبان ذهنه في أفكارهم، أشادوا به وسحبوه بطريقة ناعمة، شيئا فشيئا بإبداء الاهتمام به والمديح له، وتمييزه عن البقية، وتكليفه بمهام تعد تمييزا له في مجاله، وهكذا حتى يسقط فريسة بين أيديهم بامتلاء عقله بالشبهات، ومن هنا يأتي المصاب الأكبر، فإنْ كانت الفتاة محجبة، نزعت الحجاب بالتدريج حتى تُعوّد المجتمع من حولها أنها ستنزعه، والمسألة مسألة وقت، وهكذا حتى تنزعه وتتحوّل لتصبح من دعاتهم إلى التشكيك والطعن في العقيدة، وقذف الشبهات في عقول الشباب.

جُبْن ونفاق كبيران

         أعزائي القراء، إنه لضلال فيه جُبْن ونفاق كبيران، فهم لا يجرؤون على نقض الدين وإعلان الكفر والإلحاد صراحة، وإنما بالدسائس الناعمة والمخالب اللامعة، يغرسون من حيث لا يعلم البريئون الضعفاء في المعتقد وثبات الدين في قلوبهم وعقولهم؛ لذا يلزمنا جميعا أن يكون لنا أدوار فعّالة منظمة؛ لصدّ ما يخططون له بتشويش عقول الشباب.

انتشار الإلحاد

        أعزائي القراء، في السابق كان انتشار الإلحاد نوعا ما بطيئا؛ لانعدام التواصل بين الناس في العالم، أو لقلّة وسائل الإعلام، وأما اليوم فالكل يعلم ذلك الانتشار الرهيب لأي مستجد في الساحة، وحتى لو لم يكن جديدا، وإنما كان في السابق مبعثرا غير منظم، أو لم تكن الأضواء تُسلّط عليه؛ فلم يكن له انتشار ضخم، أما في زماننا الحالي فلا يكاد يظهر أمر مستحدث على ساحة الناس إلا وتجد له صدى في العالم كله؛ وهذا من الخطورة التي تدفعنا حقا لتعزيز -وبقوة وجدارة- معتقد دين الله في عقول الشباب وقلوبهم.

عزّز الفكر والمعتقد الصحيح

        وإنْ جاءك ابنك بفكرة تشوّش على ذهنه واعتقاده وإيمانه، فاسمع له، وعزّز الفكر والمعتقد الصحيح بالمنطق والعقل وبالدليل والبرهان، ولا تزجره زجرا ! فينمّي عنده الفكر المشوّش في ذهنه، ويزداد ضخامة، ويتحول من شبهة إلى يقين، وبعدها سينفتح في عقله باب الشبهات، ولن يستطيع إغلاقه، فضلا عن أنه لن يناقشك؛ خوفا من أن تصدّه وتُسكِته، كما يخاف أن يصارح معلميه في المدرسة ولا سيما التربية الإسلامية فيتهمونه بالزندقة، وهكذا حتى تكبر الأفكار الانحرافية وتتضخّم الشبهات في ذهنه؛ فيلتحق بركب هؤلاء المنافقين من أشباه المسلمين؛ فحذارِ وانتبه ! ووسّع صدرك، ولنتعلم مهارات المناظرات التي تحمي عقول أبنائنا من الشك في الله -تعالى- ودينه ورسوله؛ حتى نستطيع أن نكون آباء وأمهات قادرين على التأثير في أبنائنا لغرس العقيدة الصحيحة، وصد أي شبهات تواجههم، ولا سيما في مرحلة الشبيبة التي يسمونها بالمراهقة.

التعليقات

  • نوال الحربي
    13 مارس, 2024

    جزاك الله خيراً مقال مفيد وبحاجه لنشره ماامكن ..

أضف تعليقك