رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: رجب أبو بسيسة 11 يوليو، 2017 0 تعليق

زاد على طريق العمل التربوي (4) الأركان الأربعة في العملية التربوية


المتأمل في واقعنا المعاصر يجد أن الأمة تفتقد إلى جيل متميز يحمل قضاياها، وينهض بها من رقدتها ليرجع بها إلى سابق عزها ومجدها. جيل يتربى في محاضن تربوية بطريقة دقيقة ومتأنية ولاسيما في ظل هذا الواقع المرير؛ لذلك كانت هذه الكلمات التي أبعثها رسالة للمعلم والمربي الذي يعد أهم محاور العملية التربوية، واليوم مع الزاد الثاني.

تقوم العملية التربوية على أربعة أركان:

1- المعلم.

2- الطالب.

3- المنهج.

4- البيئة.

في بعض الأحيان عند حدوث خلل أو خطأ في المحاضن التربوية ننظر إلى عنصر واحد من أركان العملية التربوية لنلقي عليه اللوم، وغالبا سيكون الطالب، ونهمل باقي الأركان، وفي الحقيقة لا بد من الانتباه لأركان العملية التربوية.

المعلم:

     القضايا التربوية في الوقت المعاصر لم تعد تتحمل التعميم والإطلاق، ومشكلات الشباب اليوم لم تعد تحل بالتحليلات الجزافية ولا بالتقديرات الوهمية، أو المعالجات السطحية، بل تحتاج إلى تفصيل، وإلى منهج دقيق للخروج من هذه النوازل التربوية والتحديات التي يواجهها الشباب؛ لذا يجب على المعلم أن يكون حريصا على إعداد نفسه وتطويرها ليستطيع مسايرة العملية التربوية، فلا يقبل منك أيها المربي أن تكون رسالتك الكبرى مع الطلبة هي تطويرهم في شتى المجالات، وتغيير حالهم إلى الأفضل وأنت متوقف عن التقدم في حياتك الذاتية والتربوية!

(فمن يتقدم يتقادم)، و(وفاقد الشيء لا يعطيه). ويقوم المعلم على تطوير نفسه في هذا المجال، بثلاث وسائل:

1-الوسيلة الأولى: سعة القراءة والاطلاع

لابد للمربي من قراءة واطلاع بصفة عامة؛ ليُحصّل أولا القدر الواجب عليه من العلم الشرعي، ثم ليحصل الثقافة والمعرفة بالواقع والمستجدات.

وأما في مجال عمله -العمل التربوي- فهو يحتاج إلى مطالعة مستمرة ودراسة متأنية متخصصة حتى يؤدي مهمته على أكمل وجه، يقول الإمام أحمد رحمه الله-: «قل رجل يأخذ كتابا ينظر فيه إلا استفاد منه شيئا» والمربي الجيد في الأصل والأساس غالبا ما يكون قارئا جيدا.

2- الوسيلة الثانية: السماع.

لا بد من سماع مواد تربوية في هذا المجال لترتقي بمستواك التربوي، سواء كان هذا السماع عن طريق حضور دورات الارتقاء بالعاملين في المجال التربوي، أم عن طريق سماع المحاضرات التربوية المتوفرة على شبكات الإنترنت، ولكن المهم أن تكون لأصحاب المناهج الصحيحة حتى لا تفسد من حيث تريد الإصلاح، ومما ننصح به الاستماع لـ(سلسلة محو الأمية التربوية) للدكتور/ محمد بن إسماعيل المقدم -حفظه الله-.

3- الوسيلة الثالثة: جلسات نقل الخبرة:

لابد للعامل من الحرص على جلسات نقل الخبرة مع إخوانه الذين سبقوه في هذا المجال وتمر سوا فيه؛ ليضمن بذلك البداية من حيث انتهى الآخرون، لا أن يعمل بارتجالية أو عشوائية، أو اعتماد على قدراته الخاصة فقط. ومجالسه صاحب التجربة ومن له سبق في هذا المجال فيها خيرات وخبرات كبيرة وكثيرة، ونصائح تختصر عليك الطريق، قال المناوي -رحمه الله-: «ال مجربون للأمور المحافظون على تكثير الأجور، جالسوهم؛ لتقدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم».

الطالب:

الطالب هو الركن الثاني من أركان العملية التربوية، وهو ركن أساسي بعد المعلم، إذ عليهما تقوم العملية التربوية، ولذلك يحتاج المعلم إلى فهم طبيعة المراحل العمرية التي يتعامل معها واحتياجاتها. لذلك نقول:

1- إيها المربي، تعلم خصائص المراحل العمرية؛ المختلفة حتى تجيد التعامل معها على الوجه الصحيح.

2- تعلم احتياجات الطلبة في كل مرحلة عمرية، فلكل مرحلة احتياجاتها الخاصة بها.

3- تعلم مشكلات كل مرحلة: (طفولة.. تمييز.. بلوغ وما بعدها)؛ فلكل مرحلة مشكلاتها وتحدياتها.

المنهج

لابد أن يعلم المعلم أن الهدف من تدريس المنهج هو بناء شخصيات متكاملة علميا وفكريا وتعبديا وسلوكيا وأخلاقيا وفكريا ونفسيا، مع تجنب الخلل في أي جانب من هذه الجوانب.

لابد من الشمول والتكامل في المنهج، فيشمل الجانب الفكري والتربوي مع الجانب العلمي والجانب العملي حتى نستطيع الوصول إلى الهدف الذي هو: جيل مسلم متميز.

لابد من الاهتمام بتدريس القضايا الفكرية المنهجية وإن اختلفت طريقة تدريسها حسب المراحل العمرية، فقد تدرس للشباب الصغار في صورة قصة أو موقف، وأما الكبار فيتم تدريسها بطريقة أكاديمية.

لابد من فهم المربي الذي يشرح المنهج للدور المطلوب منه، وأ نه لا يقتصر على تلقين المعلومة فقط؛ فهذا سهل يجيده معظم الناس، ولكن يلزم المربي أن يضع المنهج في إطار سلسلة البناء التربوي المتكامل، فلا يهمل مرحلة التطبيق العملي عنده وعند الطالب.

لابد أن يكون المنهج مناسبا لمستوى الطلاب الثقافي والعمري، فلا ينبغي أن يكون المنهج أعلى من المستوى، كما لا ينبغي أن يكون أقل.

     أعط الطالب ما يحتاجه ويساعده في حل مشكلاته، لا ما تعرفه؛ لأن بعضهم يدرس للطلاب آخر ما تعلمه، أو يعدُّ وسيلة للمذاكرة فيستذكر عليهم دروسه، ولكن المطلوب أن تكون مادة المنهج هي ما يحتاجه الطلاب ويساعدهم على مقاومة فتن الشهوات والشبهات، فمثلا: «مطلوب من المعلم تعليم مجموعة من الشباب فقه العبادات من كتاب فقهي ميسر، فلا يذهب يشرح لهم الأقوال والخلافات والردود والمناقشات؛ لأن المطلوب أن يقيم الشاب عبادته، لا أن نشتته بين الأقوال فيترك طلب العلم ويمل، وقد يترك الالتزام لصعوبته عليه بهذا الحال، فيكون المعلم هدم من حيث أراد البناء».

من المفيد أيضا أثناء شرح المنهج تجديد النشاط بالفواصل الذهنية، مثل: «الحوار- تنويع المواد- القصة الشيقة- المواقف الطريفة»، مع تجنب المزاح المخرج عن حدود الهيبة والوقار حتى لا يفقد الشاب احترامه لك، وليس هذا معناه أن نعبس في وجهه ولا نمزح معه، لا، بل المطلوب الموازنة.

من الوسائل التي تساعد على زيادة استيعاب الطلاب للمنهج استخدام الوسائل الحديثة في العرض والشرح، مثل: «السبورة- شاشات العرض- ورش العمل- جلسات العصف الذهني- عرض كمبيوتر- نشاط عملي- تكليف بعمل بحث- عمل نشاط يتعلق بمادة المنهج».

البيئة:

ونقصد بها إيجاد جو ملائم ومناسب ينشأ فيه الشباب على حب الفضيلة ومعاداة الرذيلة، ونستطيع من خلاله صناعة الاهتمامات والنظرة السليمة للحياة.

وهنا تظهر أهمية وضرورة الأنشطة الهادفة وضرورتها، مثل: الاعتكافات، والليالي الإيمانية، والملتقيات التربوية، وغيرها، التي من شأنها توفير هذه البيئة التي نريد.

     ومن شأن هذه البيئة أنها توجد للطالب الصحبة الصالحة والرفقة الطيبة التي تعينه وتساعده على تحديات البيئة الأوسع والأكبر، قال -تعالى- موصيا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف:28).

أيها المربي

نجاح العملية التربوية مبناه على المعلم؛ فإذا وجدنا المعلم الكفء الذي له صلة قوية بالله -عز وجل- سنحقق الثمرة المرجوة بإذن الله.

ومتى افتقد المعلم حسن صلته أو ضعفت فقد كتب على نفسه الإخفاق في الحياة!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك