روحاني.. والطريق الثالث
في الوقت الذي يعتقد فيه بعض المحافظين في إيران أن الاتفاق النووي هو تحجيم لقدرات إيران في المنطقة وطموحاتها، وانكفاء للشأن المحلي كما عبر بذلك مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي ومندوبه في صحيفة (كيهان) الرسمية، حسين شريعتمداري قبل الاتفاق بقوله: «إن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 مستحيل»، وبعد الاتفاق وجه هذه الانتقادات الحادة بقوله: «إن إيران قايضت بتوقيعها بحصانها المسرج بحصان ذي لجام مكسور».. أي أن إيران قد انكسرت ولا تستطيع بتوقيعها هذا أن تتقدم إلى الأمام.
وعبر السفير (جيمس جيفري) نائب مستشار الأمن القومي الأميركي سابقا والمسؤول السابق عن ملف إيران في الخارجية الأميركية عن آمال الرئيس الأميركي (باراك أوباما) في أن تعمل هذه الاتفاقية على حلحلة الأزمة دون أن يكون ذلك على حساب دول أخرى في المنطقة، وأكد أن التزام إيران بهذه الاتفاقية يجعلها غير قادرة على إنتاج سلاح نووي في المستقبل القريب.
في حين قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «هذا اليوم سيخلد في الذاكرة التاريخية للأمة الإيرانية». وأضاف أن بعضهم «يرى أنه ينبغي علينا إما محاربة العالم أو الاستسلام للقوى العالمية، نحن نقول إن هناك طريقا ثالثا، يمكننا أن نتعاون مع العالم».
(الجمعة 3/4/2015).
ولعل الاتفاق النووي الإيراني - الأمريكي قد كشف عن حدة الصراع بين الإصلاحيين من جهة والمحافظين والحرس الثوري من جهة اخرى. ولكن يمكن عده انتصارا مهما للإصلاحيين بقيادة الرئيس روحاني وفريق عمله وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف (مواليد 1959). وهو الحائز على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية والقانون الدولي من جامعة (دنفر) الأميركية عام 1988.
لقد كتبت مقالا قبل سنتين (16/6/2013) بعنوان: (هل يعيد روحاني الروح لإيران؟) بعد فوز روحاني بالرئاسة دعوت فيه بأن يكون للإصلاحيين إنجازات واضحة وملموسة بعد 6 سنوات من الآن أي في العام 2021؛ حيث ستنتهي ولاية روحاني الثانية، وبناء على هذا الإنجاز سيستمر حكم الإصلاحيين والمعتدلين بعدها. وإلا سيعود التطرف من جديد!
الاتفاق النووي الإيراني - الأمريكي يصب في صالح عهد روحاني وليس في صالح المرحلة السابقة التي يصفها روحاني نفسه بالتطرف بقوله: «إن هذا الانتصار – يقصد الفوز بالانتخابات - هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف».
ودعيت في المقال السابق نفسه إلى تغير سريـع وواضـح في السياسة الإيرانية، ليس على مستوى الداخل الإيراني فحسب، بل على مستوى العلاقات الخارجية أيضا، وبالأخص مع دول الجوار. لقد تهيأ الإصلاحيون والمعتدلون تماما للدخول إلى عالم الرئاسة والإنجاز، وليس هذا فحسب بل بدؤوا بقيادة إيران إلى عالم يستطيع إصلاح ما أفسده نجاد! وما أفسده التطرف في تأثيره على الواقع الاقتصادي، وفرض العقوبات الأممية، والملف النووي، وتأثيره على علاقاته مع دول الجوار العربي: العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج العربية، ومع الدول الإسلامية ومع دول العالم أجمع. إن العهد القادم هو عهد الحوار مع الآخر وليس غير ذلك.
وقلت وقتها إنه: يجب على روحاني الآن أن يثبت للشعب الإيراني ولا سيما الـ 18 مليون من الإصلاحيين والمعتدلين الذين صوتوا له أنه قادر على التغيير والوقوف بحزم في وجه ما أسماه التطرف، وأن ينقل إيران في غضون السنوات الثلاث القادمة إلى مرحلة من البناء الداخلي والتصالح الخارجي، والتخلي الشجاع عن كل الأساليب التي جعلت إيران بعيدة عن العالم الإسلامي والعربي وقريبة من كوريا الشمالية وروسيا والصين!
لاتوجد تعليقات