رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علي صالح طمبل 24 يونيو، 2014 0 تعليق

رمضان وكأس العالم: أحسن الله العزاء..!!

     ما هي إلا أيام قلائل ويهل على الأمة الإسلامية أفضل الشهور والمواسم وخير الأيام والليالي، والمعلم الأبرز والركن الأهم في حياة المسلم، ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم» (رواه النسائي وصححه الألباني).

     ولكن الطريق إلى الفوز بجوائز هذا الشهر القيمة وعطاياه الجزيلة، من مضاعفة الحسنات، ومغفرة الذنوب، واستجابة الدعوات، والعتق من النيران، والظفر بأعلى الجنان محفوف بأشواك الشهوات والملهيات، ومقطوع بشياطين الإنس والجن، الذين يصلون الليل بالنهار، ليحولوا دون ظفر المسلم بغنائم هذا الشهر المبارك؛ حتى يخرج وليس له من صومه إلا الجوع والعطش كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.

     وها هي ذي القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت تعدُّ العدَّة منذ وقت طويل، وتتبارى فيما بينها في عرض بضاعتها المزجاة، المغلفة بأنواع الإغراء والفتنة، من مسلسلات فارغة، وأفلام ساقطة، وأغانٍ هابطة، ورقصات ماجنة، وفوازير هايفة! ليتحول رمضان من شهر للعبادة والإنابة والتقوى والاجتهاد إلى شهر للهو والمجون والعبث والغفلة! فتكون المحصلة للبعض صفراً كبيراً من الحسنات، في مقابل رقم كبير من السيئات!

ومما زاد الأمر سوءاً في هذا العام أن اجتمع غثاء القنوات الفضائية بزبد ما يسمى بكأس العام؛ ليصبح المسلم بين مطرقة الأول وسندان الثاني!

     إن توقيت كأس العالم المتضارب مع الشهر الفاضل لا يخلو من خبث إقامة المباريات في ليل رمضان، بواقع ثلاث مباريات كل ليلة لا يحتاج لذكاء حتى نثبت أن الهدف هو الصد عن سبيل الله في رمضان والتثبيط فيه عن معالى الأمور!

     وليت أمر كأس العالم يقتصر على المشاهدة فحسب، ولكن الذي يشاهد المباريات بالليل سيشتري الصحيفة بالنهار، ليقرأ ما جادت به قريحة المحللين الرياضيين في التنظير والتفسير والاستقراء، ومن ثم يناقش المفتونين من أمثاله في مجريات المباريات، ويشكك في نتائجها، ويجادل في مهارة ذلك اللاعب، وفوز ذلك الفريق، ليضيع يومه في رمضان بين المشاهدة والتحليل والجدل، فينصرم الشهر الفاضل، ليستحق أن يقال له في آخره: «أحسن الله عزاءكم في رمضان»!

     إن هذا الشهر المبارك قد يكون آخر شهر في حياة المسلم، وإن ما سيمضى منه قد لا تسنح الفرصة لتعويضه مرة أخرى، ومن ضيع بقية الشهور في مساخط الله فالفرصة سانحة للتعويض في هذا الشهر؛ فطوبي لمن خُتِم له بالفلاح فيه، والعتق والمغفرة، ويا خسارة من خرج منه خالي الوفاض من الحسنات، مثقلاً بالذنوب والسيئات، وملاحقاً بسخط الله وغضبه! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «جاءني جبريل عليه السلام، فقال: شقي عبد أدرك رمضان، فانسلخ منه ولم يغفر له، فقلت: آمين» (صحيح الترغيب: 1679).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك