رمضان فرصة لتأليف قلوبنا
نعيش في لحظات العشر الأواخر من شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، نريد أن نؤلف قلوبنا، ونكون كالجسد الواحد، ونريد جمع الكلمة ووحدة الصف، وإزالة النزاع والخلاف والشقاق والكراهية، ونريد قلوباً متقاربة تستجيب لنداء الله سبحانه وتعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} (آل عمران-103).
نريد التحاب والتوادد
أول خطوة ندعو الله -عز وجل- أن يؤلف بين قلوبنا، ويصلح ذات بيننا، ويجمع كلمتنا.
نخرج بتصريحات وخطب لأهمية جمع الكلمة على الحق والدين تحت راية ولي أمرنا وفقه الله.
نثبت أننا نريد تأليف القلوب، فلا كلمات تدعو إلى نشر ثقافة الكراهية وإفساد النفوس وتباغض القلوب وتفرقها وإيغار الصدور.
الابتعاد عن كل ما يسيء الظن والإثارة والتحريش ففي الحديث: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» رواه مسلم.
التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان وشجب واستنكار أي تصرف يمزق وحدتنا أو يخل بأمننا أو يثير الفوضى والتخريب في ديارنا.
مقصد الشريعة أن الجميع يهتم بالمصلحة العامة، ويكملها والمفسدة يقللها أو يوقفها بالطرائق المتابعة والمشروعة عبر قنواتها الرسمية وهذه حدود المسؤولية.
إيجاد لجنة لإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر وترك لغة الشارع والتهديد والوعيد وإبراز العضلات والتخوين والتشكيك يقول الله تعالى: {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} (النساء-35)، وقال تعالى على لسان شعيب: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت} (هود-88).
اعتذار كلا الطرفين عما بدر من أخطاء وردود أفعال متباينة رغم حسن النوايا، ولكن لا يسوغ تلك الآثار السلبية التي آلمت الجميع وتعد دخيلة على مجتمعنا الأسري المثالي الذي يضرب فيه المثل، وهذا لا يدل على الضعف بل على القوة وحسن النوايا.
وهذه الخطوات تتفق مع القواعد المثلى في ديننا الحنيف الذي يدعو إلى تأليف القلوب واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين، قال تعالى: {فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم} (الانفال-1)، ونبذ الخلاف والشقاق لأنه حتما سيجرنا إلى الفشل: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا} (الانفال-46).
مشروعية عقوبة كل من يدعو إلى الفوضى وجر المجتمع إلى التخريب والتحريش والمواجهة المسلحة، فلا بد من أن يزجر ويؤدب؛ لأن المصلحة العامة تتطلب وضع حد حتى لا تتكرر تلك المشاهد التي أعطت صورة سيئة عن الكويت وأهلها في الخارج عبر وسائل الإعلام، وغررت بالأطفال لتكون ردود أفعالهم لا تتفق مع الشرع ولا العقل السليم.
مراعاة الظروف التي تمر بها المنطقة بأسرها، وانعكاس ذلك على الأمة؛ فلا بد أن نصبر ونفتح باب النصيحة والموعظة لنصل عند نقاط اتفاق ننطلق منها للإصلاح ومحاسبة المفسدين في البلد ووصول المصلحين وأهل الخبرة وأصحاب الأيادي البيض إلى تخطيط المشاريع وتنفيذها لدفع عجلة التنمية والتقدم وإيصال الكويت إلى صدارة الدول من أجل أن ينال الفرد حقوقه، ويؤدي واجباته بطريقة صحيحه ينسجم مع ما يتمتع به المواطن من خدمات ولله الحمد والمنة ولا نكون ممن قال الله فيه: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} (البقرة-206)، وأيضا: {ولكن لا تحبون الناصحين} (الاعراف 79).
نوحد مرجعيتنا في الاختلاف إلى الكتاب والسنة قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} (المائدة-55).
نبتعد تماما عما يعكر الصفو من آفات اللسان والظلم والتأجيج والاتهام والمزايدة على الوطنية وننزل الناس منازلهم كماجاء في الحديث: «أنزلوا الناس منازلهم»، ونسأل الله أن يصلح أحوال الأمة في كل مكان.
لاتوجد تعليقات