رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. رفيدة الحبش 15 ديسمبر، 2017 0 تعليق

ركائز في تربية الأبناء – حسن الاختيار أولى خطوات الصلاح

لعل أعظم مهمة في هذه الحياة أوكلت إلى الأبوين تربية الأولاد، وميز الله -تعالى- المرأة عن الرجل في هذا الشأن فجعلها هي الحاملة والحاضنة والمرضعة والمربية للأولاد؛ فكانت هي صانعة الإنسان بحق وهذه أشرف مهنة في الوجود؛ لذلك كانت الجنة تحت أقدامها، روى طَلْحَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ: «أُمُّكَ حَيَّةٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الْزَمْ رِجْلَيْهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ»، سيكون لنا بإذن الله سلسلة مقالات عن منهج النبي -صلى الله عليه وسلم - في تربية الأولاد القواعد التي أرساها الإسلام لهذه الغاية، وسأبدأ -بعون الله- بقواعد تأسيس الأسرة المسلمة في الإسلام، ومع أول قاعدة أرساها الإسلام وهي حسن اختيار الزوجة والزوج.

الزوجة الصالحة

      ففي اختيار الزوجة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن»، وفي اختيار الزوج:حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الآباء على حـسـن اختيار الرجل الكفء لبناتهم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ»؛ لأن حسن اختيار الأم والأب ينشأ عنه صلاح ذلك الجيل الناشئ عن تلك الأسرة، يقول إبراهيم الفقي: «علماء النفس يعتقدون بأن شخصية الطفل تتشكل خلال الخمس السنوات الأولى من العمر، بيئة سعيدة وآمنة وداعمة للطفل، فعندما تكون العلاقة إيجابية وحميمية، وتتصف بالحب والاحترام المتبادل بين الوالدين فإن ذلك ينعكس إيجابيا على نفسية الطفل وسلوكه، فيبدو الطفل أكثر تفاؤلا، وأكثر سعادة، وأكثر ثقة في نفسه، وأكثر شعورا بالأمن، والعكس صحيح تماما».

تهيئة البيئة الإيمانية

      القاعدة الثانية فإن الشرع يأمر الرجل والمرأة على حد سواء بتهيئة البيئة الإيمانية في البيت، ويأمر كل واحد منهما أن يعامل الآخر معاملة حسنة بحب وود ورحمة، ليوجد الأمن والطمأنينة، والسكينة التي يحتاجها الطفل لينشأ نشأة سليمة قال -تعالى- للرجال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19) وقال عن النساء: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228).

الدعاء

     القاعدة الثالثة هي عند إرادة إنجاب الولد؛ فإن الشرع يأمر الزوجين بالدعاء لله ليرزقهم الذرية الصالحة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنْ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهِ الشَّيْطَانُ شَيْئًا».

خطوات العناية بالطفل

وإذا التفتنا إلى عناية الإسلام بالطفل وتهيئة البيئة الحاضنة له نراه دلنا على خطوات من أهمها:

الولد بشرى

      فالخطوة الأولى في العناية بالطفل أنه اعتبر الولد بشرى لأبويه؛ فالأولاد نعمة من الله -سبحانه و-تعالى- وبشرى، يهبها لمن يشاء ويمسكها عمن يشاء، ولما كانت هذه النعمة تسر الوالدين جعلها الله بشرى على لسان الملائكة تبشر بها رسلَ الله وأزواجهم.قال -تعالى- عن امرأة ابراهيم الخليل {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} وعندما يقول -تعالى-: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} (الشورى: 49) فإنه يجعل الطفل هبة إلهية ومنحة ربانية لأهله سواء كان ذكرا أم أنثى حتى أن الآية بدأت بالإناث، وشاع عند المسلمين -أخذاً من هذه الآية- أن خير النساء من بكَّرت بأنثى؛ لأن الله بدأ بالأنثى على خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية.

عناية الإسلام بالطفل

       أما الخطوة الثانية في عناية الإسلام بالطفل فهي منذ كونه جنينا ضمن له الوقاية مما يؤثر على صحته وهو فى رحم أمه، ولذا أبيح للحامل إذا خافت على جنينها أن تفطر فى رمضان كالمريض والمسافر.

حقوق الطفل

      والخطوة الثالثة هي بمجرد الولادة تثبت له الحقوق: يثبت له النسب ويقسم له الميراث: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَرِثُ الصَّبِيُّ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا» ويأمر بإخراج الزكاة عنه بمجرد الولادة أيضا: عن عبدالله بن عمر: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ».

اختيار اسم المولود

      والخطوة الخامسة: علمنا الشرع أن نختار له اسماً جميلاً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «سموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة».

العقيقة

      والخطوة السادسة يأمر بالعقيقة: فهو -صلى الله عليه وسلم - يغير عادات الجاهلية في الاحتفال بهم: عن أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍS.

الأمر بالرضاعة

     والخطوة السابعة: يرغب الأم بالرضاعة أو يأمر الزوج باستئجار مرضعة: قال -تعالى-: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (البقرة: 233)، هذه بعض الخطوات المهمة التي أمر بها الشرع لتهيئة الأسرة والبيئة المحيطة بالطفل تهيئة صالحة نقية وهي أول خطوات تربية الأولاد في الإسلام.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك