رغم تغول النظام.. الثورة السورية تقترب من مرحلة الحسم وترفض الحرب الأهلية
المحرر السياسي
بدأ النظام السوري يتصرف بطريقة هستيرية ويزيد من وتيرة المجازر التي يرتكبها بصورة يومية مما يؤكد أن نهايته تقترب، رغم ما نجده من تواطؤ من قبل بعض الدول المؤثرة في النظام الدولي فضلاً عن معرفتنا المسبقة بأنه لا يوجد من يقف مع هذه الثورة المباركة إلا لمصلحته السياسية كما تفعلها بعض الدول الغربية التي اشتهرت برفع صوتها وترديد أنها تقف مع حقوق الإنسان، وأن من حق الشعب السوري أن يختار حكامه، ونظرا لإطالة أمد المبادرات الدولية المتكررة إلا أن الشعب السوري أصبح عصيا على التدجين وسيسقط جميع هذه المؤامرات الرخيصة رغم أنه دفع غاليا من أرواح أبنائه الكرام.
ومن التحركات السياسية العبثية التي لم تستطع وقف إراقة الدماء الزكية قال المبعوث العربي والأممي كوفي أنان إن مهمة المراقبين الدوليين في سوريا لا يمكن أن تظل مفتوحة إلى الأبد، مطالبا بزيادة الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى حل، كما قال رئيس بعثة المراقبين إلى سوريا روبرت مود إنه لا يعتقد أن زيادة عدد المراقبين أو تسليحهم سيساعدان على تحسين الوضع في البلاد.
وفي شأن متصل، قال رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبدالباسط سيدا: إن من واجب المجتمع الدولي القيام بحماية المدنيين في مواجهة سلطة تستخدم كل أنواع الأسلحة، وذلك عبر إدراج خطة أنان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة ضد النظام.
وشدد سيدا في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية على رفض المجلس الوطني للتفاوض حول ثمن استقدام أي تدخل عسكري خارجي، مضيفا أن الثقل الإستراتيجي لبلاده يعطيها «أهمية أكثر من عامل النفط»، وتابع: «لكن هذا لا يعني أننا قد نفرط في وطننا».
ومع تكرار سيناريو المراقبين والمبعوثين أكثر من مرة إلا أن تحركات كوفي عنان برهنت ضعف مبادرته وعدم جديتها، وفي هذا الصدد يقول الكاتب غازي دحمان: كل المؤشرات تدل على أن خطة أنان لم تكن أكثر من مرحلة لتقطيع الوقت، إذ لم يكن في الخطة ذاتها ما يشير إلى إمكانية استيلاد واقع جديد أو تطوير حالة أفضل، بل كانت إعلاناً عن أن العالم سيذهب باتجاه موازنة خياراته وقدراته، وحين الفراغ من كل ذلك تكون الحالة السورية قد استولدت صورة جديدة ومختلفة تقدم من خلالها نفسها للعالم، الذي ربما سيكون حينها قادراً على التعاطي مع الوضع الجديد انطلاقا من ترتيباته وحساباته.
العفو عن الأسد إذا انضم للسلام
ومما يؤكد أن العديد من الدولة المتنفذة تسعى لإطالة أمد الأزمة السورية حتى يتم تحقيق مصالحها الإستراتيجية رغم تشدقها بالوقوف إلى جانب الشعب السوري المضطهد أورد الإعلام البريطاني الخميس تقارير مفادها أن بريطانيا والولايات المتحدة مستعدتان للعفو عن الرئيس السوري بشار الأسد إذا وافق على الانضمام إلى مؤتمر للسلام.
فقد نقلت صحيفة الغارديان اللندنية عن مسؤولين بريطانيين قولهم: إن لندن لن تمانع بحث موضوع منح الرئيس الأسد عفوا إذا كان ذلك ضروريا لإطلاق مؤتمر يعقد في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة لبحث انتقال السلطة في سوريا.
وتقول التقارير: إن الرئيس الأمريكي بـاراك أوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون لقيا تشجيعا في هذا المجال من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء حضور الثلاثة مؤتمر الدول العشرين في المكسيك مؤخرا.
ومن شأن هذا العفو استثناء الرئيس السوري من الملاحقة من جانب محكمة جرائم الحرب الدولية، كما قد يتيح له الانتقال بسلام إلى دولة أخرى كإيران أو روسيا.
الأسد لن يرحل من تلقاء نفسه
ومن جانبه أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يرحل من تلقاء نفسه؛ لأن نصف السوريين على الأقل يربطون مستقبلهم وأمنهم به.
وقال لافروف في لقاء ادلى به لإذاعة (صدى موسكو): «من الواضح أن الآلية التي تنص، وقبل أن يحدث أي شيء من حيث وقف العنف، على رحيل الرئيس الأسد، منذ البداية غير قابلة للتنفيذ؛ لأنه لن يذهب».
وشدد الوزير الروسي معلقا على المؤتمر الدولي حول سورية المقرر إجراؤه في 30 يونيو الجاري على أن جدول الأعمال فيه يجب أن يكون صحيحا، قائلا: «يجب عدم التدخل في الشؤون السورية من الخارج، وعدم استباق الاتفاقيات التي يجب أن يتوصل إليها السوريون بأنفسهم، ويجب التفكير حول كيفية إجلاسهم إلى طاولة المفاوضات».
وأشار إلى أن تأييد الامريكيين لاقتراح كوفي عنان بعقد لقاء بين اللاعبين الخارجيين يوم 30 يونيو بجنيف يؤكد أنه حان موعد اللقاء، لكن لائحة المشاركين يجب أن تكون عادلة».
الحرب الأهلية صناعة النظام
وفي هذا الصدد يؤكد الكاتب عمر كوش أنه لا يمكن وصم الحراك الثوري مجتمعي بالاقتتال الأهلي؛ لأن طابعه يخص عموم الناس، من سائر المتضررين من ظلم النظام، ويجمع قطاعات واسعة من الناس، من مختلف المشارب والفئات والانتماءات، من شباب وشيوخ، ونساء ورجال، محركهم الأساس الخلاص من الاستبداد ورفع الظلم، ويقوي عزيمتهم الاعتقاد الراسخ بالسعي لتحقيق المطالب والآمال بالحرية والكرامة.
وقد برهن الحراك الثوري على أنه مهما تغوّلت قوى النظام في القمع والقتل، فإنه قادر على تقديم مثال للتضحية بكل ما لديه، كي يحقق طموحاته التي يسعى إليها في العيش بكرامة ودون خوف، وأن يحقق مواطنته، بما تقتضيه من حقوق وواجبات، والأهم هو ألا يتوقف الشعب عن امتلاك مختلف سبل المقاومة المدنية والتصميم على تحقيق أهدافه ومطالبه، كما برهن على وحدة غالبية قطاعات المجتمع، وعلى أهمية إعادة (مأسسة) الوطنية السورية حول الحرية والكرامة، وتاريخية العيش المشترك، ووحدة أبناء الوطن، بوصفها صمام الأمان، الذي أفشل كل مساعي إشعال فتيل الاقتتال الأهلي، المذهبي أو الطائفي، على الرغم من التوتر والاحتقان في أكثر من موضع، وحدوث بعض التجاوزات الفردية والمحدودة، التي لاقت استنكار قوى المجتمع الأهلي والمدني.
لاتوجد تعليقات