رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 16 يوليو، 2012 0 تعليق

رغم الإبادة الجماعية للمسلمين.. أمريكا ترفع العقوبات عن بورما- رئيس ميانمار يدعو إلى طردالمسلمين من بلاده أو جمعهم في معسكرات اللاجئين

 

 رغم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المسلمون في ميانمار (إقليم أراكان) من قبل المجموعات البوذية المتوحشة، ورغم انتهاكات حكومة ميانمار لحقوق هذه الأقلية المسلمة، وفي هذا التوقيت الدقيق أعلن الرئيس الأمريكي، أنه أمر بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على بورما، إقرارا بالتقدم الذي أحرزته هذه البلاد في مجال الديمقراطية.

       محذرًا في الوقت نفسه من أن هذا التقدم لا يزال غير كاف، وأن أولئك الذين «يقوضون عملية الإصلاحات» قد يستهدفون بعقوبات وذلك في بيان بث بعيد تسلم أول سفير أمريكي في بورما منذ 22 عامًا مهامه.

 ولفت أوباما، إلى أن تخفيف  العقوبات «سيسمح للشركات الأمريكية بالقيام بأعمال بطريقة مسؤولة في بورما».

       فإن رفع العقوبات في هذا الوقت مؤشر خطير يشجع الحكومة البورمية لإطلاق يدها وعدم اهتمام حقوق الأقلية المسلمة التي تتعرض في هذه الأيام لانتهاكات خطيرة، كما أن مثل هذا القرار يؤكد عدم اهتمام أمريكا وغيرها من الدول الكبرى أي أهمية لمواقف المسلمين الغاصبة من هذه الانتهاكات، ما دام أن مصالحها مصانة والدول الإسلامية لا تستطيع أن تتخذ مواقف دولية للدفاع عن حقوق الأقليات المسلمة.

طردهم من البلاد

       ومن جانبه صعد رئيس ميانمار (ثين سين) من لهجته تجاه الأقلية المسلمة في البلاد، داعيا إلى تجميع أعضاء هذه الأقلية الذين لا تعترف بهم الدولة في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد.

       ونقلت مواقع محلية تصريحات نشرها الموقع الرسمي للرئاسة لسين خلال لقائه وفدا زائرا من المفوضية برئاسة (أنتونيو غوتيريس) قال فيها: إن الأقلية المسلمة في البلاد بولاية آراكان بميانمار التي تضم 800 ألف نسمة «تشكل خطرا على الأمن القومي».

       وقال الرئيس أمام الوفد: إن «البنغال أحضروا إلى بورما للعمل في الزراعة من قبل المستعمرين الإنجليز قبل الاستقلال عام 1948», وأكد أنه بموجب القانون في ميانمار فإن جيلا ثالثا فقط من المهاجرين المتحدرين من الذين جاؤوا إلى ميانمار قبل عام 1948 معترف بهم مواطنين.

وأضاف «بورما ستتحمل مسؤولية الجنسيات الإثنية ولكن من المستحيل أن تعترف بالروهنجيا الذين ليسوا مجموعة إثنية في ميانمار».

       وقال: إنه  بوصفه ملاذاً أخيراً، حكومته مستعدة لتسليم الروهنجيا إلى مفوضية اللاجئين وأن تقيم مخيمات لهم قبل أن يستقروا في النهاية في بلد ثالث «يكون مستعدا لاستقبالهم».

يشار إلى أن الاضطرابات في ولاية أراكان خلفت حوالي مائة قتيل وهجرت 90 ألفا.

       ونشرت (هيومن ووتش) الأسبوع الماضي تقريرا قالت فيها: إن قوات الأمن في ميانمار ترتكب انتهاكات ممنهجة ضد الأقلية المسلمة بعد النزاع الطائفي الذي اندلع شمال الولاية في يونيو.

وتعد الأمم المتحدة الروهنجيا أكثر مجموعة أقلية مضطهدة في العالم فيما يعدهم معظم سكان ميانمار

مهاجرين غير شرعيين قدموا من بنغلادش.

       إلى ذلك أعلنت الأمم المتحدة أن عشرة من العاملين بالمنظمة الدولية ومنظمات دولية غير حكومية اعتقلوا في ميانمار، ووجهت اتهامات لبعضهم بعد يوم واحد من الزيارة التي قام بها (أنطونيو جوتيريس) المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للبلاد.

       وقالت (ميليسا فليمنج) المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان من المقر الأوروبي للمنظمة الدولية في جنيف: إن من بين المعتقلين ثلاثة من ميانمار يعملون لدى المفوضية.

وامتنعت المتحدثة عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول آخر بالأمم المتحدة: إن من بين المعتقلين العشرة ثلاثة من العاملين ببرنامج الأغذية العالمي وعدد من العاملين بمنظمة «أطباء بلا حدود».

نبذة تاريخية عن مسلمي ميانمار

       يصل عدد سكان ميانمار إلى أكثر من 50 مليون نسمة، منهم 15٪ من المسلمين، يتركز نصفهم في (راخين)، وقد وصل الإسلام إلى الإقليم في القرن التاسع الميلادي، وأصبح حينها دولة مسلمة مستقلة، إلى أن احتله ملك بوذي بورمي يدعى (بوداباي) عام 1784، وضمه إلى ميانمار.

       وجمهورية ميانمار كانت تسمى (بورما)، وهي إحدى دول جنوب شرقي آسيا، وانفصلت عن الإدارة الهندية في الأول من أبريل عام 1937 إثر اقتراع حول استقلالها، وتحدها الصين من الشمال الشرقي، والهند وبنجلاديش من الشمال الغربي، وتشترك في الحدود مع كل من لاوس وتايلاند، أما حدودها الجنوبية فسواحل تطل على خليج البنغال والمحيط الهندي، ويمتد ذراع من ميانمار نحو الجنوب الشرقي في شبه جزيرة الملايو.

       وقد جاءت قبائل (الروهينجيا) إلى ميانمار من جنوب آسيا على يد الاحتلال البريطاني، في حين كانت بقية المنطقة جزءا من الهند البريطانية، ولكن العديد من هذه القبائل ظلوا يعيشون في ميانمار لمدة تقرب من مئتي عام إن لم تزد عن ذلك.

       ويتم منع الأقلية المسلمة في ميانمار من أبسط حقوقهم، فهم لا يعدون مواطنين، وليس لديهم جوازت سفر، كما أنه من غير المسموح لهم أن يسافروا من ولاية (راخين) الشمالية إلى الأجزاء الأخرى من البلاد، كما أنهم ممنوعون من الزواج  دون تصريح، فضلا عن أن المناطق الحدودية في شمال الولاية ممنوع دخول الأجانب إليها، فيما عدا عمال الإغاثة الأجانب.

       ويختلف سكان ميانمار من حيث التركيب العرقي واللغوي بسبب تعدد العناصر المكونة للدولة، ويتحدث أغلب سكانها اللغة الميانمارية، وباقي السكان يتحدثون لغات متعددة، ومن بين الجماعات المتعددة جماعات الأركان، ويعيشون في القسم الجنوبي من مرتفعات (أركان بورما)، وجماعات (الكاشين)، وتدين هذه الجماعات بالإسلام.

       وبالعودة إلى الوراء، فإن مسلمي ميانمار تعرضوا لمذبحة كبرى عام 1942 على يد البوذيين (الماغ)، راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مسلم، وشرد مئات الآلاف، كما تعرضوا للطرد الجماعي المتكرر خارج البلاد بين أعوام 1962 و1991، حيث طرد قرابة 1,5 مليون مسلم إلى بنجلاديش.

       وقد كون شعب (الروهينجيا) مملكة دام حكمها 350 عاماً من 1430 إلى 1784، فقد شكلت أول دولة إسلامية عام 1430 بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده (48) ملكا مسلما على التوالي، وكان لهم عملات نقدية تتضمن شعارات إسلامية مثل كلمة التوحيد.

       وفي عام 1824 احتلت بريطانيا ميانمار، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، وفي عام 1937 جعلت بريطانيا ميانمار مع (أراكان) مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها بالإمبراطورية آنذاك، وعرفت بـ«حكومة ميانمار البريطانية».

       وكان دستور عام 1948 يعد (الروهينجيا)وبقية مسلمي البلاد الذين ينحدر أسلافهم من الهند وبنجلاديش، مواطنين بورميين، إلى أن انتقلت مقاليد السلطة إلى العسكر في انقلاب عام 1962، وما لبث أن تدنت وضعيتهم بموجب دستور 1974 الذي لم يعترف بهم مواطنين أصليين، فكان أن حرم معظم (الروهينجيا) والمسلمين الآخرين المواطنة، عدوا من ثم أشخاصاً بلا وطن، ونتيجة لذلك الحرمان عانى المسلمون في ميانمار، وما زالوا، شتى أنواع التمييز في الصحة والتعليم والسفر والتوظيف وحتى الزواج، فضلا عن أن الحكومة تقوم بإحداث تغييرات جذرية في التركيبة السكانية لمناطق المسلمين، فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وأنشأت فيها منازل للمستوطنين البوذيين سلمتهم السلطة فيها.

       وتفرض الحكومة في ميانمار شروطاً معينة فيما يخص الزواج من المسلمين أو بينهم، فهناك قانون الزواج الذي يشترط موافقة الدولة على الزواج، وبدفع مبلغ عال مقابل ذلك لقاء هذا الإذن، وقد يتأخر الإذن فترة طويلة، وتصل عقوبة الزواج بغير إذن إلى السجن عشر سنوات.

       وقد أخذت معاناة المسلمين «الروهينجيا» منحى جديداً مع تطبيق قانون الجنسية الجديد عام 1982، فبموجب هذا القانون حرم المسلمون من تملك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلد الوظائف في الجيش والهيئات الحكومية، كما حرموا من حق التصويت في الانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة النشاطات السياسية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك