رغم اضطهادهم للمسلمين – زعماء الغرب يتباكون على الأقليات الدينية في العالم الإسلامي
يتحدث بابا الفاتيكان، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ووزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني، (ولا ندري من سيكون اللاحق، لأنهم عودونا على سياسات المراحل الإجرامية المنظمة) عن الإنسانية، وعن حماية الأقليات ومنح الحقوق، في وقت بادروا فيه بتضييق هامش الحريات على المسلمين في أوروبا، من خلال قوانين منع الحجاب، ومنع المآذن، والتضييق على المسلمين في حياتهم، حتى وصل الأمر لإجبارهم على مشاهدة الصور العارية (الدنمارك) ليتأكدوا من أنهم (مندمجون). وقد قتل العشرات من المسلمين في حرائق بألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، وأمريكا. ووصل الأمر لحد قتل النساء بسبب الحجاب، مروة الشربيني، على سبيل المثال.
وإذ ما يممنا وجهنا نحو القوقاز، في الشيشان، وأنغوشيا، وفي كشمير، تركستان الشرقية، حيث الإبادة مستمرة منذ عدة عقود، ولم نسمع بابا الفاتيكان، ولا فرنسا، ولا إيطاليا، ولا أمريكا، ولا بريطانيا، ولا غيرها تحدث عن « مخطط شرير لإبادة المسلمين في هذه المناطق الملتهبة من العالم!!!
وفي قلب أوروبا، وتحديدا في البوسنة، والسنجق، لا يزال المسلمون يضطهدون، ويمنع بناء مساجد جديدة في بلغراد، التي كان بها 250 مسجدا لم يبق منها سوى مسجد واحد، وفي عاصمة اليونان أثينا لا يوجد ونحن في القرن 21 أي مسجد. وعلى الصعيد المعنوي رفضوا القيام بأي اجراء ضد الاعتداء على الرسول [، في قضية الرسوم. بعد ذلك يطلع علينا ساركوزي في أعقاب حادث، الاسكندرية ليصف ما حدث بأنه «مخطط ديني لتطهير مسيحيي الشرق الاوسط» و«مخطط ديني شرير في المنطقة». طبعا هم يعتبرون أن ما يجري في الشرق، يتم وفق مخطط مرسوم، تماما كما يفعلون هم عندما يعتدون على المسلمين، ويصدرون القوانين للحد من الحريات، والتضييق على المسلمين لدفعم للهجرة.
- حرق المصحف في الغرب: لم يتحدث أي مسؤول غربي عن جرائم حرق المصحف الشريف، بالنبرة التي تم الحديث بها عن الاعتداءات التي طالت النصارى في العراق ومصر مؤخرا، والتي لا يستبعد أن يكون للغرب نفسه يد فيها، فقد ارتكبت أجهزة الاستخبارات الغربية جرائم ضد شعوبها من أجل تحقيق مصالح معينة، وتبرير سياسات ذات أجندة خاصة. ومن الجرائم ما قام به متطرف فرنسي في بداية شهر أكتوبر 2010 م حيث قام ببث شريط فيديو على الإنترنت، وهو يحرق صفحة من المصحف الشريف، ثم يتبول على رمادها، وذلك على مدى ساعة كاملة. وفي فرنسا أيضا تعرضت مقبرة إسلامية للتدنيس، في نهاية شهر سبتمبر 2010 م وطال ذلك 36 قبرا، رسم عليها الفاشيون صلبانا معقوفة. ولم نسمع ساركوزي أو غيره يدين هذه الجرائم الهمجية القذرة، وقد جاء ذلك بعد أن دعا القس الأمريكي تيري جونز المشرف على كنيسة « دوف التنصيرية» إلى تنظيم حملة لإحراق القرآن، في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر.وهو ما قامت به مجموعات نصرانية متطرفة بتمزيق صفحات من القرآن الكريم أمام البيت الأبيض، بدعم مما يوصف بحزب «الشاي» في الولايات المتحدة وهو أحد أذرع الحزب الجمهوري الأمريكي، ولم يتحدث ساركوزي ولا فراتيني فضلا عن بابا الفاتيكان عن هذه الاعتداءات التي تغذي العنف، والذي لم ولن يمنعه عدم تبريره، وإدانته.
حرب إبادة صامتة :
العدوان الذي يشن على الإسلام والمسلمين، في الغرب، هو حرب إبادة صامتة، إذ إن الحرب النفسية، والإجراءات القانونية، والإبادة المعنوية باستهداف المفردات الثقافية للمسلمين، أشد من الإبادة المادية»، فـ«الفتنة أشد من القتل». وفي هذا الإطار يتنزل العدوان المستمر في هولندا من قبل اليهودي المتطرف، قيرت فيلدرز، والذي يعبر عن كراهية مقيتة للإسلام، وبالتالي يسيء للمسلمين بتخرصه المستمر على دين التوحيد الوحيد في العالم.
العدوان على الإسلام
يستمر العدوان على الإسلام، وعلى الوجود الإسلامي وعلى بناء المساجد والمراكز الإسلامية، كما حصل في استراليا نهاية شهر سبتمبر 2010 م، حيث تم إنشاء «مجموعة ضغط» ضد مشروع إقامة بناء مركز إسلامي، بزعم أن بناءه سيؤدي إلى هبوط حاد في أسعار العقارات، رغم أن المسلمين، يبنون مساجدهم للحاجة، وليس كما يفعل النصارى في ديار المسلمين، من أجل الإيهام بالكثرة. ويستمر التمييز ضد المسلمين في الغرب عموما، ولا سيما الولايات المتحدة، حيث هناك مئات القضايا المرفوعة، ومنها جرائم قتل، وتمييز ديني وعنصري، وهي جرائم تسبق أحداث 11 سبتمبر، وإن تنامت بعدها بشكل رهيب.
وفي بداية أغسطس 2010 م أعلن متطرفون في الولايات المتحدة، أنهم يعتزمون إطلاق الكلاب على المسلمين، في صلاة الجمعة. وقد حذر المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) نهاد عوض، في منتصف سبتمبر 2010 م من تنامي حالة العداء والاضطهاد ضد المسلمين في الولايات المتحدة، حيث تلقى المجلس، أكثر من 17 ألف شكوى لمسلمين تعرضوا لمضايقات في أعمالهم بسبب أنهم مسلمون. ولم نسمع ساركوزي، ولا فراتيني، فضلا عن بابا الفاتيكان يتحدث عن قضايا المسلمين، وقد رأينا الضجة التي أحدثها مشروع مسجد نيويورك، فهل يتمتع المسلمون في الغرب بما يتمتع به النصارى في الشرق من حرية التدين، وهل هناك أحد يسأل نصارى الشرق عند استخراج الوثائق الرسمية مثلا عما إذا كانوا يؤيدون زواج المثليين أم لا، وإجبارهم على مشاهدة الصور العارية للتأكد من اندماجهم. إلى هذه الدرجة وصلت البربرية في أوروبا القرن الـ 21. بينما يستمر مسلسل العدوان على الإسلام والمسلمين، في جهود متواصلة تهدف لتغذية العنف، (ضد النصارى) باسم محاربته، مثل الاعلان نهاية شهر سبتمبر الماضي، عن إصدار كتاب جديد لدنماركي يدعى فلمنغ روز، يحتوي رسوما كاريكاتورية في 499 صفحة.وفي الوقت الذي يقول فيه فيلدرز ما يشاء ويتخرص بدون رادع ضد الإسلام والمسلمين، تم تغريم جماعة مسلمة في هولندا يوم 19 أغسطس الماضي بمبلغ 2500 يورو بسبب رسم يسخر من المحرقة، والرسم لا (ينكر) المحرقة، ولكنه يلفت إلى أن غير اليهود قتلوا في الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى كم عدد كم القتلى، متسائلاً «هل كل هؤلاء يهود». وقد أعقب تلك المهزلة الحقوقية في بلد يضم محكمتين دوليتين، تبرئة اليهودي قيرد فيلدرز من العنصرية والتمييز ضد المسلمين. ولا تزال وسائل الاعلام تتحدث عن تزايد نزعة العداء للإسلام والمسلمين، دون أن نجد من يردع هذه الممارسات المشينة، لكن عندما يصدر رد فعل طائش هنا أو هناك تقوم الدنيا ولا تقعد في إدانته والحديث عن مخطط ديني شرير يهدف لإبادة النصارى في الشرق؟!
- اعترافات وحقائق: وفي الوقت الذي تركز فيه السهام على الشرق، لا نجد الغرب قد تجاوز - كما أسلفنا - قضية حقوق الأقليات، وقد اعترف الكثير من الغربيين أنفسهم، بأن «هناك عدم مساواة في المعاملة الدينية أوروبيا» وقد جاء هذا الإعتراف من قبل مستشار الأمم المتحدة، لحرية الأديان، الفيلسوف الألماني، هايتر بيللدت،الذي أكد أيضا على أنه كان « لصالح علاقة تخلو من الحرب على الرموز الدينيةـ «وأشار إلى «فجوة ملحوظة بين الأغلبية والأقلية الدينية في القارة».
وفي بداية شهر ديسمبر الماضي، وتحديدا في 3 ديسمبر 2010م، دعا منسق الاتحاد الأوروبي، المسؤول عن مكافحة الإرهاب، غيل دي كيرشوف، إلى مكافحة التمييز الاجتماعي ضد المسلمين في أوروبا، وذلك في ختام اجتماع وزراء الداخلية والعدل في الدول الأعضاء بالاتحاد الاوروبي، ولكن الكلمات في واد، والواقع في واد آخر. كما تحدثت برقيات كشفها موقع ويكيليكس، أن الأمريكيين يراقبون الضواحي الفرنسية ذات الكثافة السكانية القوية من المهاجرين، ويبدون مخاوف من أن يثير التمييز ضد المسلمين أزمات متكررة، مما يجعل فرنسا دولة ضعيفة وحليفا أقل فاعلية. ووفقاً للوثيقة «المشكلة الحقيقية هي فشل فرنسا البيضاء والنصرانية في اعتبار المواطنين أصحاب البشرة الأكثر سمرة والمسلمين كمواطنين فعليين» فلينظر ساركوزي إلى أفنيته داخل فرنسا، ويوقف الإبادة في بلده، لا سيما أنه من جذور غير فرنسية، بدل أن يضع نفسه في موقف من يعطي الدروس للآخرين، ويصنف القضايا في العالم. ولأن جميع الشرور التي تطول المسلمين في العالم وراءها الصهاينة، فإن البعض ممن توجهوا في موكب يهدف لكسر المقاطعة الأكاديمية الدولية للصهاينة تعرضوا لإهانات بالغة، لأن أصلهم عربي، حتى أن كانوا مؤيدين للصهيونية، مثل دونا شلالا، التي أوقفت في مطار اللد، لمدة ساعتين ونصف الساعة، وتعرضت لمعاملة مهينة من قطعان الشرطة الصهيونية، لأن اسم عائلتها عربي، وذلك رغم إبلاغ الصهاينة في المطار بأنها شخصية مهمة. وهذا لا يعتبر شيئا أمام المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل شبه يومي، متزامنة مع فتاوي يهودية تجيز استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية. وفي الوقت الذي يتحدث فيه بابا الفاتيكان، باستمرار عن التضييقات التي يتعرض لها النصارى في الصين، لم يتحدث مرة واحدة عن المسلمين الإيغور، الذين يتعرضون للإبادة في الصين ذاتها.
لاتوجد تعليقات