رغبة في التعريف بالأسس الدعوية والعقدية لإحياء التراث – الجمعية تصدر منهجها للدعوة والتوجيه
أصدرت جمعية إحياء التراث الإسلامي طبعة جديدة من كتاب: (منهج الجمعية للدعوة والتوجيه) في نسخة متميزة مزيدة ومنقحة، ضمت -إلى جانب كتاب المنهج- ثلاثة فصول أخرى تلت الفصل الأول وهو المنهج، وأولها فصل: (شهادات مهمة لعلماء الأمة)، وفصل: (الجهود العلمية للجمعية في نشر المصحف والكتاب الإسلامي)، ثم فصل: (الجهود العلمية للجمعية في مواجهة التطرف الفكري والإرهاب).
وقد جاء هذا الإصدارة رغبة من الجمعية في التعريف بالأسس العقدية والدعوية التي تستند إليها، وهي أسس تقوم على الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة، والآثار عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين المعتبرين وفق منهج واضح، وطريق بين، أهدافه معلنة، ووسائله مشروعة، يسعى لتحقيق المقاصد الشرعية العليا من إقامة دين الله -تعالى-، وعبادة الله وحده، ونشر التوحيد ومحاربة الشرك، والدعوة إلى السنة المطهرة، ونبذ البدع والمحدثات، ونشر العلم الشرعي ومكافحة الجهل وآثاره بحسب القدرة والاستطاعة، مع مراعاة ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي قررها علماء الأمة وأئمة الهدى، التي تستهدف جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها.
تزكية منهج الجمعية
وقد قام نخبة من أفاضل العلماء والمشايخ النجباء بتزكية منهج الجمعية والثناء عليه، في مقدمتهم سماحة الإمام الشيخ/عبدالعزيز ابن باز - مفتي عام المملكة العربية السعودية السابق - رحمه الله -تعالى-. كما عرض على فضيلة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان - عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية-، وأيضاً على علامة الشام ومحدثها في هذا الزمان الشيخ/ ناصر الدين الألباني - رحمه الله-، وعلى نخبة من العلماء والشيوخ.
ثابتة على المنهج
وجمعية إحياء التراث الإسلامي -بفضل الله تعالى- منذ إنشائها وإلى يومنا هذا قائمة على هذا المنهج، ملتزمة به، تدعو إليه، وتذب عنه، وتمد يد العون للمسلمين في كل مكان، وتنشر هذا المنهج المبارك بينهم بحسب القدرة والإمكان، ومما جاء في هذا المنهج ما يلي:
مُجمَل اعتقاد السَّلَف
الإيمان بِأَنَّ الله -سبحانه- هو الرَّبُّ الخالق الرازق المُدَبِّر للأمور جميعها، وأنه -سبحانه- الإله الحق الذي لا معبود بحق سواه، وأَنَّ كل ما يُدعَى من دونه فهو باطل، والإيمان بأسمائه وصفاته كما جاءت في كتابه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الثابتة، وأنه - سبحانه - موصوف بها على الحقيقة على الوصف اللائق بجلاله - سبحانه - من غير تكييف، ولا تعطيل، ولا تأويل، ولا تحريف، ولا تمثيل ولا تشبيه، قال -تعالى-: {ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، كما لا يجوز في أسمائه وصفاته التفويض المطلق، بل نفوض علم كيفيتها إلى الله -سبحانه وتعالى-، ونثبت علم معانيها، على الوجه السابق بيانه، وعلى هذا؛ فالله -تعالى- واحد لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، والإيمان بالقَدَرِ خيره وشره، حلوه ومره من الله -تعالى-، وأنه لا يصيب المرءَ إلا ما كتب الله له، وذلك وفق علم الله -تعالى- وحكمته.
موقف المسلم من العلماء
كما بين منهج الجمعية موقف المسلم من العلماء وأهل العلم: ومما جاء فيه:
المقصود بالعلماء
هم أصحابُ العلم الشرعي، العالِمُونَ بشرع الرحمن -عز وجل-، المتفقهون في دين الله، المتبعون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلف الأمة من الصحابة، والتابعين، وهم ورثة الأنبياء، والمراد بأولي الأمر: الأمراء والعلماء، وإنما تجب طاعتهم في المعروف، كما قال كثير من السلف في تفسير قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}.
أهل الحل والعقد
وهم أهل الحل والعقد في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، هم أهل الشورى الذين يُستشارون في أمور الأمة، ومصالح المسلمين، وهم أئمة الدين، كما قال -تعالى-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}. وهم أهل الذكر قال -تعالى-: {فَسْئَلوا أهل الذِّكْرِ إن كنتم لا تعلمون}.
نبذ التفرق والاختلاف
وجاء في منهج الجمعية أيضاً بأن الأمة مأمورة بنبذ التفرق والاختلاف، وأن طريق الوحدة والاتفاق الذي أمر الله -تعالى- به إنما يتحقق بالاعتصام بالكتاب والسنة، وَفَهمِ السلف الصالح لهما، ومعلوم أن الوصية بكتاب الله وصية بالسنة، لأن القرآن الكريم أمر بطاعة الله ورسوله؛ فقال سبحانه في كـتـابه العظيم: {مَن يُطِعِ الرسولَ فقد أطاع الله}، فسبيل الوحدة إذاً هو معرفة أحكام الله -تعالى- من كتابه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، واتباع فَهْمِ السلف لهما، وإن خالفت آراء البشر، وأهواءهم، والمتفقون مع أحكام الشريعة هم الجماعة، وما سواهم هم أهل الفرقة، والشذوذ، وإن كانوا أكثر الناس، كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه ، وغيره.
نوعا الاختلاف
وبين المنهج بأن الاختلاف من حيث الظاهر نوعان: اختلاف تضاد، واختلاف تنوع، وقد وضع العلماء للخلاف السائغ ضوابط منها:
1 - عدم مخالفة النص الشرعي، أو الإجماع؛ إذ لا اجتهاد مع الدليل، والأدلة الظاهرة تحسم مادة الخلاف، فإن كان الخلاف سائغا قبل الاطلاع على الدليل فإنه لا يكون كذلك بعد الاطلاع عليه.
2 - أن يكون المخالف لأهل العلم من أهل العلم والاجتهاد، فأما الجاهل فلا يسوغ له مخالفة أهل العلم بمجرد نظره ورأيه؛ فالذين أفتوا المشجوج في البَردِ بوجوب الغسل فاغتسل فمات، قال فيهم - صلى الله عليه وسلم -: «قتلوه، قتلهم الله! هلا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العيِّ السؤال» فهؤلاء أخطؤوا، وأفتوا بغير علم، ولم يكونوا من أهل الاجتهاد؛ فدعا - صلى الله عليه وسلم - عليهم، وأغلظ.
3 - أن يكون قَصْدُ المخالف الحق، والموافقة للصواب، لا مجرد الخلاف والبَغي، والتعدي، والهوى، قال -تعالى- ذامًّا أهل الكتاب: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.
4 - عدم الاحتجاج بالخلاف، وهو باب مهم لضبط الخلاف، ومنع التقول على الله بغير علم؛ إذ المُعتَبَرُ مراعاة الخلاف لا الاحتجاج به.
موقف المسلم
أما موقف المسلم من اختلاف العلماء: قد ثبت بالكتاب، والسنة، والإجماع أن الله -سبحانه وتعالى- فرض على الخلق طاعته، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يوجب على هذه الأمة طاعة أحد بعينه في كل ما أمر به، ونهى عنه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى كان صِدِّيقُ الأمة، وأفضلُها بعد نبيها يقول: «أطيعونى ما أطعتُ الله، فإذا عصيتُ الله، فلا طاعةَ لى عليكم».
ليس أحد معصوماً
وأجمع أهل العلم أنه ليس أحد معصوماً في كل ما يأمر به، وينهى عنه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا قال غير واحد من الأئمة: «كل أحد يُؤخَذُ من قوله، وَيُترَكُ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، وقد اختلف أهل العلم لأسباب كثيرة ذكرها العلماء في مُصَنَّفاتهم، منها: عدم الوقوف على الدليل، أو نسيانه له، أو وصوله للعالم بطريق ضعيفة، أو اعتقاده أنه منسوخ، أو خاص، أو أنه لا دلالة فيه، أو أنه مُعَارَض بغيره، ونحو هذه من الأسباب.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كما تطرق منهج الجمعية إلى موقفها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومما جاء في ذلك:
شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يُشتَرَطُ في الآمر بالمعروف أن يكون عالما بأنَّ ما يأمر به معروف، وأنَّ ما ينهى عنه منكر؛ فالداعي إلى الله -تعالى- لا بد أن يكون على بصيرة، وهى الدليل الواضح الذي لا لبس فيه، ولابد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من استعمال الرِّفق فيما يأمر وينهى؛ فإن الله -تعالى- يُعطِي على الرفق مالا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه، كما جاء في الحديث الصحيح، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ولابد كذلك للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من الحلم، والصبر على أذى الناس، فضلا عن بقية الأخلاق الحسنة؛ وذلك لأن الناس مجبولون على معاداة من يتعرض لهم فى أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة؛ ولذا قال لقمان العبد الصالح الحكيم لولده: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}، كما يُشتَرَطُ في جواز الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر مراعاة المصالح والمفاسد.
العمل الجماعي
أما موقف الجمعية من العمل الجماعي، فقد أكد على أنه: من الأصول المهمة التي أكدتها الشريعة، وحث عليها القرآن، الاعتصام بحبل الله، والتعاون على البِرِّ والتقوى، كما قال -تعالى-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقد نظَّمَ الإسلام حياة الإنسان من المهد إلى اللحد وفق نظام جماعي يقوم على الكتاب والسنة، وأن الدعوة إلى الله -تعالى- واجبة على كل مسلم مكلف حسب الاستطاعة، ونرى أن العمل الجماعي في أمور الدعوة إلى الله -تعالى- أنفع وأفضل من العمل الفردي، ونرى أنَّ إقامة جماعة سلفية واضحة الأهداف إنما هو وسيلة لخدمة الدين، والعمل على رعاية مصالح المسلمين، وتقديم الخير لهم، وليس ذلك من الحزبية التي نهى الشرع عنها، بل نرى أن ذلك من الوسائل الميسرة لخدمة الدين، ونشره، والقيام بواجب الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، ولاسيما في البلدان التي أهملت هذه الفريضة، ولم تَرعَهَا حق رعايتها.
الظهور والعلنية
ونرى أن الدعوة الأصل فيها الظهور والعلنية، وأن تكون أهدافها مُعلنَة، وأن تجتنب كلَّ وسائل التآمر، والخداع؛ فالإسلام ظاهر بَيِّنٌ واضح، ولكل أهل بلد حرية الأخذ بما يَرَوْنَه من الوسائل التي تُعينهم على قيامهم بأمر الدين بما لا يخالف المنصوص عليه من الشرع.
جماعات الدعوة والفِرَقِ
كما حددت الجمعية موقفها من جماعات الدعوة والفِرَقِ، ومما جاء في المنهج حول ذلك: نرى وجوب وحدة المسلمين، وائتلافهم كما أمر الله -تعالى-؛ فالجماعة نجاة، والفُرقَةُ عذاب، قال -سبحانه-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وهذه هي وصية الله -تعالى- لجميع أنبيائه بالائتلاف، والجماعة، والبعد عن الفرقة والاختلاف، كما أوجب -سبحانه- على نبيه البراء من هذه الفرق، والأحزاب التي حادت عن صراطه المستقيم.
الاختلاف والافتراق
وأن الاختلاف والافتراق واقع في الأمة كما قال -تعالى-: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ}. والله - عز وجل - استثنى المرحومين من المختلفين، وهم أهل الفرقة الناجية المهتدية المتمسكة بكتاب الله -تعالى-، وسنة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، وقد وقع في الأمة ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - فظهرت الفِرَقُ الضالة، والمنحرفة.
الفرق الضالة والمنحرفة
وأما موقف الجمعية من الفرق الضالة والمنحرفة، فهو موقف أهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة، وذلك بعدم إقرارهم على بدعتهم، وكشف اللثام عن كل قول، أو فعل يخالف القرآن، والسنة، وإجماع الأمة حسب القدرة والاستطاعة طاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم .
جماعات الدعوة
وأما موقف الجمعية من جماعات الدعوة، فقد أكد على أن العمل الجماعي مشروع وفق ضوابط: أن يكون الاجتماع على الكتاب والسنة، وهدي السلف الصالح، وألا يؤسس على الأهواء، والتحزب للأشخاص، وعقد الولاء والبراء عليهم، وألا تُعْطِي هذه الجماعة الدعوية لنفسها ما يُعْطَى لجماعة المسلمين العامة كالمبايعة للإمام العام، وأن يكون عمل هذه الجماعة الدعوية مما يؤيد الإمام العام، ويكون عونا له في الواجبات التي ألقاها الله على عاتقه من إقامة شرع الله في الأرض، والجهاد في سبيله.
الجهاد في سبيل الله
وجاء في منهج الجمعية حول الجهاد في سبيل الله: بأن الجهاد فريضة ماضية إلى يوم القيامة، وهو من أفضل الأعمال إذا كان بالمفهوم الصحيح، وقد حَذَّرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَن لَم يَغزُ وَلَم يُحَدِّث نفسه بالغزو مع قدرته عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن مات ولم يغزُ ولم يُحَدِّثْ نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق».
شروط الجهاد
وللجهاد في سبيل الله (أي: القتال) شروط لابد من توفرها لكي يكون جهادا صحيحاً، وهي:
1- وجود إمام للمسلمين
وهو الحاكم المسلم القائم الظاهر: والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الإمام جُنَّة، يُقَاتَلُ من وَرائِه، وَيُتَّقَى به، فإن أَمَرَ بتقوى الله -عز وجل-، وَعَدَل، كان له بذلك أجر..» ووجه الدلالة أن (إنما) تفيد الحصر، فكأنه قصر مهام الإمام في كونه سترا - قال النووي: أي كالستر؛ لأنه يمنع العدو من إيذاء المسلمين. فالوقاية من أذية العدو منتفية إذا لم يكن لنا إمام شرعي.
2- تميز الصفوف
وقد جاء في صحيح مسلم أَنَّ أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما يُغِير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذانا أمسك، وإلا أغار، وهذا واضح أيضا أن الحكم بالإسلام يثبت للقوم إذا أعلنوا شعيرة من شعائر الإسلام، وهى الأذان، وأنهم يأخذون بعض حقوق المسلمين، وهي عدم جواز الهجوم عليهم وقتالهم، وكذلك جاء النص القرآني في سورة الفتح الذي يُعلِن الله فيه أنه صَرَفَ المسلمين عن قتال الكفار في غزوة الحديبية؛ لأن بمكة مسلمين مستترين، قال -تعالى-: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
تاريخ الصحابة
وتاريخ الصحابة كله شاهد أنه لا قتال إلا بعد تَمَيُّزِ الصفوف، وانحياز أهل الإسلام إلى إمامهم وعلمهم، وانحياز أهل الكفر إلى قوادهم وجيشهم، وأما المجموعات السرية المختبئة في الجحور التي تخرج على الناس فجأة، فتغدر، وتقتل، وتضرب على غير هدى فليسوا دعاة إسلام، وليس لفعلهم هذا شبه، ولا مثال في كل تاريخ مَن يُقتَدَى به من أهل الإسلام.
3 - تَوَفُّرُ القُدْرة
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إن الأمر بقتال الطائفة الباغية مشروط بالقُدرة، والإمكان»؛ إذ ليس قتالهم بأولى من قتال المشركين، والكفار، ومعلوم أن ذلك مشروط بالقُدرة، والإِمكان، ويشهد لذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبَرَ بظُلم الأمراء بعده، وبغيهم، ونَهَى عن قتالهم لأن ذلك غير مقدور؛ إذ مفسدته أعظم من مصلحته، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: «مَن رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، وهكذا فأنت ترى كيف يسقط الإنكار باليد، واللسان عند عدم الاستطاعة.
السلف وتقويم أخطاء الحكام
وفي نهاية هذا الفصل، وهو فصل (منهج الجمعية للدعوة والتوجيه) تطرقت جمعية إحياء التراث الإسلامي لبيان منهج السلف في تقويم أخطاء الحكام، ومما جاء فيه: من أوائل الأمور التي وقع الخلاف فيها بين المسلمين أسلوب تغيير المنكر، فبالرغم من أن هناك اتفاقاً عاماً، أو إجماعاً بين المسلمين جميعاً على أن المنكر يجب تغييره بوسيلة من الوسائل الثلاث: اليد واللسان والقلب، فإن المسلمين اختلفوا قديماً في الأسلوب الذي يجب أن يصحب تغيير المنكر بواسطته، وكذلك اختلفوا في المواضع التي يجوز استعمال اليد، أي: القوة فيها، ومتى يجوز استخدام اللسان؟ وما الأوقات التي يعذر المسلم إن أنكر بقلبه فقط؟ وبالرغم من أن المسلمين متفقون على وجوب اتباع الحكمة في كل ذلك، إلا أن تفسير الحكمة يختلف من طائفة إلى أخرى، ومن فرد إلى فرد، ويظهر هذا الاختلاف واضحاً وجلياً في إنكار منكر الإمام المعلن للإسلام، فبينما رأى الخوارج والمعتزلة وجوب إنكار منكر الإمام بكل نوع من أنواع الإنكار: اليد، واللسان، والقلب، نجد أن أهل السنة وعلماء السلف قديماً وحديثاً قالوا بتحريم إنكار منكر الإمام المعلن للإسلام باليد، وأنه لا يجوز إنكار منكره إلا باللسان والقلب فقط.
شهادات مهمة لعلماء الأمة
أما الفصل الثاني فقد تضمن (شهادات مهمة لعلماء الأمة)، ومن أبرز من زكى الجمعية العلامة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - يرحمه الله، والعلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله، وسماحة الشيخ/عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ - مفتي علم المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء-، والشيخ/أ.د. علي بن محمد ناصر فقيهي - رئيس القسم العلمي بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-، والشيخ/د.صالح السدلان - أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-، والشيخ/عبدالله بن منيع - عضو لجنة الإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية-، والشيخ/صالح بن فوزان الفوزان - عضو هيئة كبار العلماء-، والشيخ/د.بكر عبدالله أبو زيد - يرحمه الله - عضو هيئة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية-، وكذلك أئمة الحرم وكان منهم: الشيخ/د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، والشيخ/د. بندر بليلة، والشيخ/د.خالد الغامدي، والشيخ/عبدالله الجهني.
الجهود العلمية للجمعية
أما الفصل الثالث فقد تضمن (الجهود العلمية للجمعية في نشر المصحف والكتاب الإسلامي)، وفي الفصل الرابع والأخير جاء ملخصاً لبعض (الجهود العلمية للجمعية في مواجهة التطرف الفكري والإرهاب).
لاتوجد تعليقات