رصدت مليار دولار لتعرية المرأة المسلمة وإباحة الزنى والإجهاض-الحرب الأممية على الأسرة المسلمة تتواصل تحت مظلة الأمم المتحدة
أيّد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء وكالة دولية جديدة تختص بشؤون وقضايا المرأة أطلق عليها مؤسسة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وأطلقوا عليها اسم (وكالة الأمم المتحدة للمرأة).
ويأمل مسؤولو الأمم المتحدة أن تصبح الوكالة الجديدة واحدة من كبريات المنظمات التابعة للأمم المتحدة خصوصًا أن ميزانيتها ستزيد على مليار دولار سنويًا، وستضم الهيئة الجديدة أربعة أجزاء خاصة من مواثيق الأمم المتحدة التي تتعامل مع قضايا المرأة في العالم.
ومن المقرر بحسب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن تبدأ الوكالة عملها اعتبارًا من عام 2011م بعد أن تفرغ المنظمة الدولية من اختيار شخص لرئاسة الوكالة الجديدة.
وتهدف الوكالة الجديدة إلى الحد من نسبة الوفيات والفقر في العالم بحلول عام 2015م حيث تعد قضية وفاة الأمهات أثناء الحمل من القضايا الرئيسية التي ستوليها الوكالة اهتمامًا خاصًا.
وقد أثار إعلان الأمم المتحدة عن تأسيس هذه الوكالة وفي هذا التوقيت مزيدًا من التساؤلات عن تدشين هذه الوكالة في وقت تقوم لجنة الأمم المتحدة للمرأة بكل الواجبات المنوطة بمثل هذه الوكالة اللهم إلا إذا كانت مشاريع (السيداو) و(الجندر) التي تبنتها الأمم المتحدة ولكنها لم تنجح في تنفيذ المخطط المشبوه ولم تتمكن من الإجهاز على الكيان الأسري ولاسيما في العالم الإسلامي، وأخفقت في إباحة الشذوذ والزنى وقضاء الشهوة الجنسية خارج نطاق الأسرة؛ مما استلزم تدشين وكالة جديدة تكون مهمتها الأولى تنفيذ هذه الأجندة المشبوهة وممارسة ضغوط مكثفة على الدول العربية والإسلامية التي لم تستجب لضغوط هذه المنظمات بشكل كلي خلال السنوات الأخيرة.
سم في العسل
ومن يلاحظ الأهداف التي تسعى هذه الوكالة لتحقيقها بحسب تأكيدات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يرى طابعها الجذاب مثل الحد من الفقر وتقليل عدد الوفيات أثناء الحمل والولادة والمساواة بين الطرفين وتمكين المرأة، غير أن المتتبع لتاريخ الأمم المتحدة المشبوه تجاه المرأة يشعر أنها وضعت السم في العسل بهدف إحفاء الأهداف الحقيقية من وراء تأسيس هذه الوكالة.
ويأتي في مقدمة هذه الأهداف البحث عن سبل لتقنين ممارسة الزنى خارج نطاق الأسرة وإباحة الإجهاض الآمن عبر حصول المرأة على الضمانات التشريعية والقانونية بعدم إصدار أي عقوبات ضدها من وراء قيامها بعملية إجهاض لدى الأطباء بشكل قانوني ولاسيما أن عددًا كبيرًا من الفتيات يفقدن حياتهن أثناء هذه العملية.
وكذلك تسعى الوكالة الجديدة من وراء ما يطلق عليه (المساواة) لتدمير الكيان الأسري المسلم فكلمة (المساواة) تخفي وراءها الرغبة في إعطاء المرأة الحرية الجنسية في قضاء شهوتها خارج نطاق الأسرة وكذلك الحصول على فرص عمل والسفر للخارج بدون إذن الزوج مع تقنين حقها بتعدد الأزواج، كما تبيح بعض الشرائع في تعدد الزوجات، غاضين الطرف تمامًا عن مخاطر هذا الأمر على الأسرة وانتشار ظاهرة أبناء دون آباء ومختلطي النسب.
ستار للزنى والفجور
وترغب الوكالة المشبوهة بعد عجز اتفاقية (السيداو) عن تنفيذ ما سعت إليه الجهات الماسونية من نشر الزنى والفجور، في استغلال كلمة (المساواة) كستار لحصول المرأة على تطليق نفسها والقضاء على الحجاب الإسلامي وإباحة الاختلاط ومنع الزواج بأكثر من واحدة وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والرجال النصارى.
أما مفهوم تمكين المرأة فيتضمن حزمة من الأهداف ترغب الوكالة الجديدة في تحقيقها، منها السعي لدمج المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية بشكل متساو إن لم يكن يفوق الرجال عبر إزالة جميع العراقيل أمام حصولها على فرص عمل وأجور تتناسب مع إمكانياتهن بغض النظر عن جنسهن، بهدف إشعال التوتر بين الرجل والمرأة وتحويل العلاقة بينهما إلى حلبة للصراع، وإيجاد ما يطلق عليه النساء الرأسماليات والرجال الفقراء، وتغيير المعادلة الحاكمة لمؤسسة الزواج في جميع أنحاء العالم عبر تحويل المرأة إلى خاطبة ودافعة للمهر تتمتع بالقوامة عبر إنفاقها على الأسرة، متجاهلين تمامًا الفطرة البشرية ودور المرأة المهم في بناء الأسرة وتحويل العلاقة بينها وبين زوجها من علاقة مودة ورحمة إلى تباغض وشحن وإنتاج أبناء لم يحصلوا على قسط من عطف الأم وحنانها ويشاركون بقوة في مجتمع الجريمة.
سيف العقوبات
وما من شك أن وكالة الأمم المتحدة الجديدة ستضع نصب أعينها وإبان دخولها العمل بشكل رسمي في عام 2011م، استهداف العالم الإسلامي والعمل على إجبار دوله عبر التهديد بالضغوط السياسية وبسيف العقوبات وتقارير حقوق الإنسان للانصياع لتنفيذ مثل هذه الأجندات المشبوهة، مستغلة حالة التشرذم التي تعاني منها الأمة ومخاوف بعض الأنظمة من غضب القوى الكبرى، فضلا عن رغبة بعض الأنظمة في تسويق نفسها دوليًا والظهور بمظهر من النظام المتحضر والمتطور.
وستسعى هذه الوكالة لانتزاع تنازلات فيما يخص المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من الحصول على مناصب في القطاعين السياسي والاقتصادي، سواء عبر (الكوتا) السياسية الموجودة في أغلب برلمانات العالم الإسلامي حاليًا أو عبر تشجيع هذه الأنظمة على إزالة كافة العراقيل أمام المرأة، وهي ضغوط قد يحاول عدد من الدول الإسلامية مواجهتها عبر تنسيق المواقف غير أنها قد تجد نفسها مضطرة للقبول ببعض المطالب بشكل يفتح الباب ولو بشكل جزئي أمام تنفيذ هذه الأجندات في بلداننا، رغم الرفض القاطع من جانب العلماء والمؤسسات الإسلامية وهو رفض قد يؤدي لتفريغ هذه المطالب، ولاسيما في الجوانب العقدية والاجتماعية المستقرة من مضمونها.
ويزيد من خطورة الأوضاع في العالم الإسلامي تجاه هذه المطالب أن أغلب الممثلين للعالم الإسلامي داخل هذه المنظمات من التيار العلماني واليساري وبعضهم مهووس بالنموذج الغربي بل يشكل طابورًا خامسًا في هذه الوكالات بشكل يزيد الضغوط على الدول الإسلامية للانصياع لهذه الأجندات، ولاسيما أنها تتقاطع مع أيديولوجيات ممثلي هذه الدول لا تتناقض مع معتقداتهم العلمانية والتغريبية، وهو أمر يجعل الدولة الإسلامية مطالبة بإعادة النظر فيمن يقومون بتمثيلها في هذه الوكالة حتى لا يستخدموا كأدوات للطعن في عقيدة أمتنا الإسلامية وتخريب الكيان الأسري الإسلامي الذي يشكل حجر الأساس في التصدي لمحاولات الهيمنة الغربية على أمة المسلمين.
ومن الأمور اللافتة من خلال الإعلان الدولي عن تأسيس هذه الوكالة تجاهلها لعدد كبير من المشاكل التي تواجه المرأة في مختلف أنحاء العالم ومنها المشاكل التي تعاني منها المرأة في العالم الإسلامي وعلى رأسها مشاكل الأمية التي تشكل أكبر تحد للمرأة وعاملاً مهددا لوجود أسرة قوية ومتعلمة، فضلاً عن تجاهل المشاكل الشديدة التي تؤرق كاهلها ومنها مشكلة العنوسة مثلاً التي تضرب أكثر من 20 مليون فتاة عربية مثلاً، وكذلك تحول المرأة لسلعة جنسية تستغل من قبل الشركات متعددة الجنسيات لسحق إنسانيتها. ولكن يبدو أن هذه القضايا تنسجم مع رغبات الأمم المتحدة في انهيار الكيان الأسري الإسلامي.
ولعل تركيز الأمم المتحدة من خلال الوكالة الجديدة هو على قضية المساواة بين الرجل والمرأة وهي مساواة يقصد تطبيقها على بلدان العالم الإسلامي، متجاهلة كم الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة ومساواته بين الجنسين في عدد كبير من القضايا التي تمثل إشفاقًا كبيرًا بالمرأة ورغبة في حمايتها وانسجامًا مع طبيعتها الرقيقة والعاطفية.
تعظيم وتكريم
ويؤكد الدكتور إبراهيم الخولي الأستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام أعطى المرأة حقوقًا لم تعطها لها كافة الأديان والملل والنحل يأتي في مقدمتها الحق لكل امرأة في الزواج والحياة داخل أسرة ويضمن لها أن يكفلها زوجها وأبناؤها وأقاربها، بل إن الاهتمام بها زاد كلما تقدمت في السن بل إنه أعطاها منزلة عظيمة حين دخل صحابي على رسول الله [ يسأله من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال «أمك» وكررها ثلاث «ثم أبوك». بل وأن الإسلام والكلام ما زال للخولي هو أول من وضع المساواة بين الرجل والمرأة فيما يخص أمور كثيرة، وليس أدل على ذلك من الآية الكريمة: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} فقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حزمة من الحقوق منها أن تنال من العلم والثقافة ما يصحح عقيدتها وينور بصيرتها، فضلاً عن المساواة في العبادة والتكليف والعدل في المسئولية والجزاء في القيمة الإنسانية، مشيرًا إلى أن الميراث الذي يستخدمه الغرب للإساءة للإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في عديد من الحالات بل إن المرأة فاقت ميراث الرجل في حالات أخرى، فضلاً عن أن أفضلية الرجل تتعلق بحقوق وواجبات من نفقة وإعاشة عليه القيام بها فيما يخص أمه وأخته وزوجته.
ولفت الخولي إلى أن الإسلام أول من أعطى المرأة كافة حقوقها، فأعطاها الذمة المالية المستقلة، ومنحها الحق في رفض من يتقدم لخطبتها أو الزواج منها، وأعطاها الحق في الاحتفاظ باسمها بعد زواجها وساوى بينها وبين الرجل في حق العمل بما يتلاءم مع ظروفها، كل ذلك بعد أن كانت الشرائع والنحل الأخرى تنظر إليها نظرة ازدراء وتحقير، بل أنها كانت تلحقها بالرجل وتمنع من أن تقترب من (الكتاب المقدس) بحجة أنها رجس من عمل الشيطان، بل وإن شرائعهم كانت تورث الابن زوجة أبيه وهي أمور أبطلها الإسلام فنظر للمرأة نظرة تكريم وصانها ومنعها أن تتحول لسلعة جنسية رخيصة كما يريد الغرب، فحفظها وصان عرضها وأخلاقها وأكرمها بشكل غير مسبوق.
واعتبر الخولي أن هدف الوكالة الجديدة التابعة للأمم المتحدة هو العبث بالثوابت الإسلامية، والعمل على إزالة هذه الثوابت من ميراث وقوامة، وهدم كيان الأسرة المسلمة عبر تحويل المرأة إلى سلعة جنسية رخيصة وإعطائها الحق في ممارسة الجنس خارج القنوات الشرعية وإباحة الإجهاض ودخول سوق العمل بشكل يتواكب مع دمار الأسرة، معتبرًا أن مقاومة هذا العبث فرض عين على كل مسلم يسعى للتصدي له، وتشكيل قوة ضغط وتأييد للدول الإسلامية لمقاومة هذا العبث.
مخطط جهنمي
وفي الإطار نفسه ترى المهندسة كاميليا حلمي رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل أن مصطلحي (المساواة) و(تمكين المرأة) مصطلحان يتسمان بالمراوغة ولا هدف لهما إلا هدم بنية الأسرة المسلمة من خلال السعي لعولمة نمط الحياة العربية والإسلامية وسعيًا لاستبدال الثقافة الغربية بثقافة الإسلام، معتبرة الوكالة الجديدة للأمم المتحدة بمنزلة إعلان حرب على ثوابت الأسرة المسلمة.
وأشارت المهندسة كاميليا إلى السعي لفض بكارة المرأة المسلمة وإفساد منظومتها الأخلاقية عبر إشاعة العري والتفسخ، والعمل على تغيير النظم التي تحكم كيان الأسرة المسلمة، لافتة إلى وجود تواكب بين انتشار مصطلح (تمكين المرأة) وبين إفساد عقلها عبر إعطائها حق الطلاق والسفر دون علم زوجها والمساواة في الميراث بل واقتسام الممتلكات بعد الانفصال وإفساد المرأة المسلمة، مشيرة إلى أن اقتحام المرأة لسوق العمل ومزاحمة الرجل أديا لعواقب وخيمة منها الارتفاع القياسي في أرقام العنوسة وكذلك تصاعد أرقام الطلاق وتنامي ظاهرة الأبناء دون آباء.
وطالبت رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة بضرورة التصدي لهذه الهجمة الجديدة على الكيان الأسري للإسلام عبر توحيد الصفوف الإسلامية، والتنسيق مع جهات دولية مناهضة لما تسعى إليه المنظمات الماسونية لتدمير الكيان الأسري، مشددة على أهمية وجود وقفة قوية للبلدان الإسلامية لكيلا تقر الوكالة الجديدة سياسات مناهضة لتعاليم الإسلام، بدلا من الانتظار ومواجهة عواقب وخيمة.
أخطأ من يقول: إن الإسلام دين المساواة.. بل هو دين العدل
وجاء في كتاب (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين، توضيحاً لعبارة المساوة التي تتكرر على ألسنة وأقلام بعض الكتاب حيث قال فضيلته رحمه الله: وهنا يجب أن ننبه على أن من الناس من يستعمل بدل العدل: المساواة! وهذا خطأ، لا يقال: مساواة؛ لأن المساواة قد تقتضي التسوية بين شيئين الحكمة تقتضي التفريق بينهما.
ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى؟! سووا بين الذكور والإناث! حتى إن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم والمحكوم، لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد، حتى بين الوالد والولد، ليس للوالد سلطة على الولد... وهلم جرا.
لكن إذا قلنا بالعدل، وهو إعطاء كل أحد ما يستحقه، زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة.
ولهذا، لم يأت في القرآن أبدا أن الله يأمر بالتسوية! لكن جاء: {إن الله يأمر بالعدل} (النحل: 90)، {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (النساء: 58).
وأخطأ على الإسلام من قال: إن دين الإسلام دين المساواة! بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين، والتفريق بين المفترقين، إلا أن يريد بالمساواة: العدل؛ فيكون أصاب في المعنى وأخطأ في اللفظ.
ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن نفي المساواة: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر: 9)، {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} (الرعد: 16)، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} (الحديد: 10)، {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} (النساء: 95).
ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبدا، إنما يأمر بالعدل، وكلمة (العدل) أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس.
وأحببت أن أنبه على هذا؛ لئلا نكون في كلامنا إمعة؛ لأن بعض الناس يأخذ الكلام على عواهنه، فلا يفكر في مدلوله وفيمن وضعه وفي مغزاه عند من وضعه.
لاتوجد تعليقات