رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 27 سبتمبر، 2016 0 تعليق

ردود الكتاب والمفكرين على المؤتمر- اختطاف وصف أهل السنة والجماعة

عن بيان المؤتمر قال الشيخ علوي عبدالقادر السقاف أن البيان صُدَّر  بهذه الجُملة: «أهلُ السُّنَّة والجَماعةِ هُم الأشاعرةُ والماتريديَّةُ في الاعتِقادِ، وأهلُ المذاهِبِ الأَربعةِ في الفِقهِ، وأهلُ التصوُّفِ الصافي عِلمًا وأخلاقًا وتزكيةً»، وهم بهذا قد خالفوا السُّنَّةَ وفرَّقوا الجماعةَ، وأخْرَجوا أئمَّةَ الإسلامِ -ممَّن عاشُوا قبل الأشْعريِّ والماتريديِّ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ والبُخاريِّ ومُسلمٍ، وغيرِهم- مِن مُسمَّى أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، ودُونَ هؤلاء المؤتمِرينَ- في إثباتِ أنَّ هؤلاءِ الأئمةَ ومن سارَ على نهجِهم أشاعرةٌ أو ماتريديَّةٌ أو صُوفيَّةٌ- خَرْطُ القَتاد!

أصحاب المنهج السلفي

     كما أكد السقاف أن المؤتمر عَرَّض بمَن سمَّاهم المتطرِّفين- وغالبًا ما يُشيرونَ بهذا إلى أصحابِ المَنهجِ السلفيِّ-  بكَلِماتٍ نابيةٍ، وبأنَّهم أصحابُ مَنهجٍ مُنحرِفٍ، وخَطيرٍ، ومُتطرِّفٍ، وأنَّهم اختطفوا لقبَ أهل السُّنَّةِ والجَماعةِ وقَصَروه على أنفُسِهم، وأنَّ مُؤتمرَهم هذا جاء بوصفه نُقطةِ تحوُّلٍ لاسترجاعِ هذا اللَّقب، ونحن نقولُ لهم: البَيِّنةُ على المدِّعي، أثْبِتوا أنَّ منهجَ الصحابةِ -رضِيَ اللهُ عنهم- ومَن تَبِعهم كان أشعريًّا أو صُوفيًّا؛ حتَّى تَصفو لكم دَعواكُم!

     وهذا نصُّ عِبارةِ المؤتمَر: «هذا المؤتمرُ نُقطةُ تحوُّلٍ مهمة وضروريَّةٌ؛ لتصويبِ الانحرافِ الحادِّ والخطيرِ الذي طالَ مَفهومَ «أهل السُّنَّة والجماعة» إثرَ محاولاتِ اختطافِ المتطرِّفين لهذا اللَّقبِ الشَّريفِ وقَصْرِه على أنفُسِهم وإخراجِ أهلِه منه».

توصية المؤتمر

     وعن توصيات المؤتمر قال أن أوَّل توصيةٍ في المؤتمر كانتْ عن: «إنشاء قناة تليفزيونيَّة على مُستوَى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صورةِ الإسلامِ الصحيحةِ للمُواطنين، ومُحارَبةِ التطرُّفِ والإرهابِ»، وهذه تَوصيةٌ سِياسيَّةٌ بامتياز! يجتمعُ كِبارُ صوفيَّة العالَمِ، ومِن كلِّ قُطرٍ إسلاميٍّ؛ ليُوصُوا بإنشاءِ قناةٍ تلفزيونيَّة تُبثُّ على مستوى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صُورةِ الإسلامِ الصَّحيحةِ -زَعَموا- للمُواطنينَ الرُّوسِ والشِّيشانيِّين!! فهل هناك استهتارٌ وازدراءٌ بمَن شارَك في المؤتمرِ أكثرُ من ذلك؟!

 مؤتمر انتقائي

     وأضاف أن وممَّا يدلُّ على أنَّه مؤتمرٌ انتقائيٌّ، إقصائيٌّ أكثرُ منه عالِميًّا: ما جاء في التوصيةِ الثالثةِ في المؤتمرِ، وهو «ضرورة رفْع مُستوَى التعاوُنِ بين المؤسَّساتِ العِلميَّةِ العَريقةِ كالأزهرِ الشَّريفِ، والقرويين، والزيتونة، وحضرموت، ومراكز العِلم والبحثِ فيما بينها وبين المؤسَّساتِ الدِّينيَّة والعِلميَّة في رُوسيا الاتحاديَّة»، مُستبعِدين بذلك مراكزَ العِلم الأخرى في العالَمِ الإسلاميِّ كلِّه.

المضحكات المبكيات

     ومِن المُضحِكات المُبكِياتِ التوصيةُ الثامنةُ في المؤتمر، التي تُوصِي الحُكوماتِ بـ: (تَشريع قوانين تُجرِّمُ نشْرَ الكراهيةِ، والتحريضَ على الفِتنةِ، والاحترابَ الداخليِّ، والتعدِّي على المُقدَّسات)! وهل هناك ما يَنشُرُ الكراهيةَ ويُحرِّضُ على الفِتنةِ أكثرُ مِن أن تُوصِمَ المخالِفَ لك مِن أهل السُّنَّة بالمتطرِّف وبأنَّ عِندَه انحرافًا حادًّا وخَطيرًا، وغيرِها مِن العِباراتِ التحريضيَّة؟!

تجاهل علماء السنة

     ثم أكد أن تجاهُلُ المؤتمرِ عُلماءَ السُّنَّة السَّلفيِّينَ في أنحاء العالَمِ كلِّه كان مقصودًا؛ فلو كان المؤتمرُ يَهدِفُ بالفِعلِ إلى تَوحيدِ الكلمةِ، ولَمِّ الشَّملِ، لَجَمَع عُلماءَ المسلمين بشَتَّى تَوجُّهاتِهم؛ ليَخرجوا ببيانٍ يَجمَعُ كلمتَهم- ولو فيما يتَّفقونَ عليه- ويُؤجِّلوا ما اختَلفوا فيه، ولاسيما في مِثل هذا الوقتِ الذي تَكالَبَ فيه عليهم اليهودُ والنَّصارى، لكنَّ همُّهم في إخراجِ السَّلفيِّين مِن دائرةِ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ أكبرَ مِن هَمِّ تَوحيدِ صَفِّ المسلِمينَ ضِدَّ عَدُوِّهم!

المشاركون في المؤتمر

     ثم ختم كلامه عن المشاركين في المؤتمر قائلاً أنهم ثَلاثةُ أصناف: صِنفٌ يُشارِكُ القائمين على المؤتمرِ عقيدَتهم وفِكرَهم وتَوجُّهَهم الحاقِدَ على السَّلفيِّين ودعوةِ التوحيدِ، وهؤلاء ليس لنا إلَّا أن نَدْعو اللهَ لهم بالهِدايةِ، وصِنفٌ ذَهَب وهو يُحسِنُ الظنَّ بهم فخاب ظنُّه! وصِنفٌ ثالثٌ حضَر وهو لا يَدْري لِمَ حَضَر ولِمَن حضَر، وربَّما فُوجِئَ باللُّغةِ الفَجَّة التي ظهرتْ في البيانِ الختاميِّ للمؤتمر! وهذان الصِّنفانِ الأخيرانِ عليهما أن يَتحلَّيَا بالشجاعةِ والجُرأةِ وأنْ يَتبرَّأَا مِن هذا البيانِ وما حواه المؤتمرُ، وإلَّا فهي وصمةُ عارٍ في تاريخِ مَسيرتِهم العِلميَّةِ.

     أمَّا أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ الحَقيقيُّون، وهم مَن كان على ما كان عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  وأصحابُه، فلا يَضيرهم ولا يَضرُّهم مِثلُ هذه المؤتمراتِ والمؤامراتِ، بل هي عَلامةٌ على قُوَّةِ هذا المنهجِ وعِظَمِ انتشارِه؛ ممَّا أقضَّ مضاجعَ القومِ، وجَعَلهم يَتداعَوْن مِن كلِّ مكانٍ؛ ليَخرجوا بهذه النتيجةِ المخزيةِ!.

اختطاف وصف أهل السنة والجماعة

     من ناحيته أكد الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل أن المؤتمر حشد أطياف المبتدعة؛ ليختطفوا وصف (أهل السنة والجماعة).

وتساءل قائلاً:  هل ينجح المؤتمرون في اختطاف لقب أهل السنة والجماعة؟!

     وأجاب قائلاً: المؤكد أنهم لن ينجحوا أبدا؛ لأن العقائد البدعية المستمدة من علم الكلام، الملغية لدلالات القرآن والسنة، هي عقائد غامضة متناقضة، لا تصلح أن تُصدَّر لعوام المسلمين، ولن يقتنعوا بها، وما يقرؤه العامي المسلم في القرآن ينسف أصول تلك العقائد؛ فمن يفسر الكلام النفسي عند الأشاعرة للعوام، وكيف يوفق العامي بين ما يقرؤه في القرآن من حقيقة كلام الله تعالى، وبين هذا التأويل الغامض. وهكذا يقال في سائر المخالفات الأشعرية والماتريدية والصوفية، والمصطلحات الكلامية التي أحدثوها، وأدخلوها في عقائدهم، وحاكموا إليها نصوص الكتاب والسنة فحرفوا معانيها لأجلها.

     لقد مرَّ النصارى فيما مضى بالتجربة ذاتها التي يمر بها المبتدعة اليوم، فعقائد الصلب والفداء والتثليث ونسبة اللاهوت والناسوت في المسيح -عليه السلام- هي مما أدخل في النصرانية، واستمات رهبان النصارى في إقناع عوامهم بها فعجزوا، حتى تسبب غموض عقائدهم وتناقضها في انتقال عوامهم من الكنيسة والإنجيل إلى العلمانية والإلحاد.

     والنصارى يمتلكون من العقول الفلسفية ما لا يمتلكه مبتدعة العصر، ولديهم من الإمكانيات المادية والإعلامية الهائلة ما عجزوا بها عن إقناع بني ملتهم بعقائدهم بله إدخال غيرهم فيها، وجهود التنصير في البلدان الفقيرة، وما ينفق عليها من ميزانيات ضخمة لا تخفى على متابع مع ضعف أثرها، ومحدودية تأثيرها.

روح عدائية تبثّ الفرقة وتعمِّق الخلاف

     من جانبه أكد الشيخ ياسر برهامي -نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر- أن المؤتمر لم يراع أن عامة شباب الصحوة في كل الأقطار ينتسبون الى مذهب السلف في الجملة، وأن إقصاءهم من أهل السنة والجماعة هو روح عدائية تبثّ الفرقة وتعمِّق الخلاف.

     وأن المؤتمرين حصروا (أهل السنّة) في (الأشاعرة والماتريدية)، رغم أن كل عاقل يجزم بأن الكِتابَ والسُّنّة وأقوال الصحابة الذين علّموا الناس الدين ونشروه في العالم خَلَتْ بالكلية من الفلسفة وعلم الكلام والمنطق اليوناني، كما خلت من مقامات (الفَناء والدهش والسكْر والهيمان) ونحوها كما يقولها متأخرو الطُرق، كما خَلَتْ من إلزام المكلَّف بعالِم بعينه يأخذ كلامه، ويتعلم فقهه دون غيره من العلماء.

     ثم أكد برهامي أنهم حين حصروا (أهل السنة والجماعة) في (الأشاعرة والماتريدية) وأتباع المذاهب الأربعة والصوفية، فإنهم يدفعون مَن خلفَهم للأقوال المتشددة؛ فبدلا من وجود من يَعُدّ (الأشاعرة) من (أهل القِبلة) ويُبيّن الفرق بين (النوع والعَين) في التبديع الذي يعني عدم تبديع المُعَيَّن مع وجود الشبهة، ويعد (الأشعري) إمامًا من أئمة المسلمين، فسوف يتصدر المشهد -بدلا من هؤلاء- من يرى إخراجهم من (أهل القِبلة) ولا يقبل التعايش معهم مع الاختلاف.

     ولقد مرت الأمة بأزمنة الفتنة الحادة بين (الحنابلة) و(الأشاعرة)، يذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية)، كما مرت بأزمنة تعايش وهدوء مع ثبوت الاختلاف، فأي الأمرين تريدون؟! 

ولا بد أن يعلم الجميع أن أسلوب القمع -المادي والمعنوي والفكري- هو أعظم أسباب انتشار التطرف والانحراف.

     ورفض برهامي عَدَّ التصوف هو طريق السلوك الوحيد، متسائلا: هل تكفي كلمة (الصافي) في رد خرافات الكثيرين؟ أو تكفي في إبطال عقائد (وَحدة الوجود) الصريحة وكذا (الحُلول) وصرف العبادة لغير الله،  واعتقاد الضر والنفع في غير الله سبحانه، واعتقاد أن كرامات الأولياء تعني تدبير الكون ولو بتفويض من الله؟

     وهل من عمل بما في كتاب الأدب من صحيح البخاري وصحيح مسلم، وعمل بما في كتاب (الترغيب والترهيب) و(رياض الصالحين)، وهذّب نفسَه بما فيها من الأحاديث الصحيحة يكون ناجيًا عند الله أم لا؟! 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك