رحلة غير عادية
- لم تكن رحلة عادية، بل رحلة غيرت مجرى التاريخ، نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم -، ومعه الصديق - رضي الله عنه -، قطعا مسافة تقارب الـ450 كيلومتر، وذلك في ليلة الجمعة 27/2/14من البعثة (13/9/622م)، ليتغير بعدها وجه الأرض.
- والبداية عندما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للصحابة -رضي الله عنهم-: «إني أُريت دارَ هجرتِكم ذاتَ نَخْلٍ بين لابَتَينِ، وهي الحَرَّتانِ».. ويقصد هنا المدينة.. فقد حددها النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانا للهجرة الكبرى، فقد هاجر قبله بعض الصحابة إليها، ورجع عامَّةُ من كان هاجر بأرضِ الحبشةِ للمدينةِ.
- وتجهَّز أبو بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - ليهاجر..فقال له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «على رِسلِك، فإني أرجو أن يُؤذَنَ لي»، فقال أبو بكرٍ - رضي الله عنه -: «وهل ترجو ذلك بأبي أنت»؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»..
- فانتظر أبو بكرٍ - رضي الله عنه - الإذن من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ليصحَبَه، وجهز راحلتَينِ لذلك، فجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بالرحيل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «فإني قد أُذِنَ لي في الخروجِ». قال أبو بكر - رضي الله عنه -: «الصحابةَ بأبي أنت يا رسولَ اللهِ» أي أريد صحبتك. قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»..
- فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيته في مكة قاصدا المدينة (يثرب) مع صديقه الصديق أبي بكر - رضي الله عنه -، فكمنا في غار ثور ثلاث ليال، يبيتُ عندهما عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ -رضي الله عنهما-، ثم انطلقا ليلة الاثنين 1/3/14 من البعثة (16/9/622م) إلى المدينة مع الدليل، ووصلا إلى قباء في يوم الاثنين 8/3/14 من البعثة (23/9/622م)، ووصلا المدينة يوم الجمعة 12/3/14(27/9/622م)،
- قالَ أبو بَكْرٍ - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «اضْطَجِعْ يا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أنْظُرُ ما حَوْلِي هلْ أرَى مِنَ الطَّلَبِ أحَدًا، قالَ أبو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: «مَرَرْنَا برَاعٍ وقدْ عَطِشَ رَسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ أبو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِن لَبَنٍ في قَدَحٍ، فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلتُ: «قدْ آنَ الرَّحِيلُ يا رَسولَ اللَّهِ»؟ قَالَ: «بَلَى». فَارْتَحَلْنَا والقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أحَدٌ منهمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بنِ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ علَى فَرَسٍ له، فَقُلتُ: هذا الطَّلَبُ قدْ لَحِقَنَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ معنَا. وأَتَانَا سُرَاقَةُ بنُ جُعْشُمٍ علَى فَرَسٍ فَدَعَا عليه، فَطَلَبَ إلَيْهِ سُرَاقَةُ ألا يَدْعُوَ عليه وأَنْ يَرْجِعَ، فَفَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم .
- استقبل الأنصار رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بظَهرِ الحَرَّةِ، فعدل بهم ذاتَ اليمينِ حتى نزل بهم في بني عَمرو بنِ عوفٍ، وذلك يومَ الاثنينِ من شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ، فلبِثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بني عَمرو بنِ عَوفٍ مدة من الزمن، وأسَّس المسجدَ الذي أُسِّسَ على التقوَى، وصلَّى فيه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم ركب راحلتَه، فسار يمشي معه الناسُ حتى بركَتْ عند مسجدِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ.
- لقد حظي أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بهذه المنزلة العظيمة في رفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أعظم رحلة في التاريخ، ونلمس شديد اهتمامه وخوفه ورعايته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم .
م7/8/2024
لاتوجد تعليقات