رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 19 ديسمبر، 2018 0 تعليق

رابطة العالم الإسلامي عقدت مؤتمر: (الوحدة الإسلامية – مخاطر التصنيف والإقصاء)

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أقامت رابطة العالم الإسلامي الأسبوع الماضي وعلى مدى يومين متتالين 12 – 13 ديسمبر، مؤتمر: (الوحدة الإسلامية - مخاطر التصنيف والإقصاء). وقد شارك في المؤتمر أكثر من 1200 شخصية من القيادات الدينية والفكرية والأكاديمية من 127 دولة، بهدف وضع خطة استراتيجية شاملة للتصدي لمشاريع الكراهية والصراع الطائفي، وإيجاد قنوات للتواصل بين أتباع المذاهب الإسلامية لبناء جسور الثقة والتفاهم والتعاون على المشتركات الإنسانية الجامعة، ومحاصرة الخطاب الطائفي والمتطرف، وجمع كلمة العلماء والدعاة، وتقريب وجهات النظر بينهم، والتأكيد على مسؤوليتهم في توحيد صف المسلمين وجمع كلمتهم، ونشر قيم الوسطية وتعميق أواصر التآخي والتآلف بين المسلمين ونبذ خطاب العداء والفرقة، فضلا عن بحث مسألة الخصوصية المذهبية وثقافة الاختلاف، ومناقشة معوقات الوحدة الإسلامية والدعاوى الطائفية الرامية لبث التكفير والتطرف والفكر الطائفي، ومناقشة سبل الشراكة الحضارية مع غير المسلمين وسُبُل مواجهة (الإسلاموفوبيا).

 تحقيق آمال المسلمين

     وفي كلمة افتتاح المؤتمر أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على أن السعودية ستواصل التزاماتها ومبادراتها بما يحقق آمال المسلمين، في كلمة ألقاها نيابة عنه الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، مؤكدًا على أهمية «نشر الوعي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، واستيعاب سنة الاختلاف، من خلال مد جسور الحوار والتفاهم والتعاون، نحو الوفاق والوئام والعمل الجاد، والنظر للمستقبل بأفق واعد، مفعم بروح الأخوة والتضامن».

علماء الأمة الأجلاء

     وقال الملك سلمان بن عبد العزيز: «أثمن عالياً تداعي هذه النخبة من علماء الأمة الأجلاء إلى هذا المؤتمر؛ استشعاراً لواجبهم الشرعي في رأب الصدع المهدد لأمتهم، ونبذ الخلاف، وتوحيد الصف، والاتفاق على خطاب واحد نتوجه به إلى العالم، والأمل معقود على هذه المشاعل الوضاءة بالعلم الراسخ، لإقالة عثرات الأمة، وتحقيق وحدتها الجامعة، التي ليست موجهة ضد أحد؛ بل تسعى للتضامن من أجل خير الإنسانية جمعاء».

واقعنا المعاصر

     وأشار خادم الحرمين إلى أن نظرة سريعة إلى واقعنا المعاصر، كفيلة بأن ندرك ضرورة تجاوز الصور السلبية التي أثقلت حاضرنا، وتلك التراكمات التاريخية وآثارها على مسار الأمة الإسلامية. وتابع: «لذا فنحن مدعوون إلى نشر الوعي، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، واستيعاب سنة الاختلاف، من خلال مد جسور الحوار والتفاهم والتعاون، نحو الوفاق والوئام والعمل الجاد، والنظر للمستقبل بأفق واعد مفعم بروح الأخوة والتضامن».

حسن الاختيار

     ولفت إلى أن رابطة العالم الإسلامي أحسنت باختيارها (مخاطر التصنيف والإقصاء) عنواناً لهذا المؤتمر، وجعلت تعزيز مفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة أحد محاوره؛ سعياً لجمع كلمة علماء الأمة ودعاتها ومفكريها، للبناء على المشتركات، والتقريب بين الرؤى، وترشيد ثقافة الاختلاف، والعمل طبقاً لوسطية الإسلام واعتداله، التي انتشرت على أساسهما حضارته، لتغطي نحو ثلث العالم.

التصدي للمعوقات

     وأضاف الملك سلمان بن عبد العزيز: «عالمنا الإسلامي بأسره، يتطلع اليوم إلى هذا الجمع المبارك، ويضع آماله كلها في أن يتصدى مؤتمركم الموقر للمعوقات التي تحول دون قيام وحدته الجامعة، وترسخ حال الفرقة والشتات، والتنازع الذي حذرنا منه المولى - جل وعلا - في قوله -الكريم-: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. ولا شك أنكم تجتمعون اليوم لمهمة ليست بالهينة، نظراً لكونها تعالج تراكمات كثيرة، وعداءات أكثر من الناقمين على أمة الإسلام الذين يجردون حملة شرسة على دينها وأخلاقها وثقافتها وحضارتها، وينسبون للإسلام ما ليس فيه، مستغلين انحراف الغالين في الاتجاهين؛ لكنكم بعزائمكم القوية وعلمكم الراسخ، قادرون بإذن الله على تحقيق هذه الوحدة الإسلامية الجامعة، حلم أبناء أمتكم على امتداد المعمورة، كي تستأنف الأمة دورها التاريخي قدوة حسنة للعالم أجمع».

اجتماع الكلمة ووحدة الصف

     إلى ذلك، شدد عبد العزيز آل الشيخ، المفتي العام للسعودية، رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، على أهمية أن يحرص المسلمون على اجتماع كلمتهم ووحدة صفهم، في ظل تعاليم الإسلام، كما جاء في الكتاب والسنة، والسير على منهاج سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، والحذر من التفرق والاختلاف والتناحر والانقسامات والتحزبات التي فرّقت بين المسلمين، وشتتت جمعهم، وباعدت بينهم.

السبب الرئيس

     من جهته بين الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في كلمته، أن استطلاعات الرابطة التشخيصية أثبتت أن السبب الرئيس لعدد من السلبيات والتداعيات يكمن في ثلاثة أمور: «أولها غياب الحوار المنفتح بأدبه العالي، فالإنسان عندما ينغلق على نفسه أو على مجموعته الخاصة، إنما يدور حول ذاته في حلقة مفرغة تستحكم مع الزمن، منكفئة على نفسها ومتوجسة من غيرها، وثانيها السجالات العقيمة بين المذاهب والطوائف بذرائع واهية عادت بمفاسد تفوق مصالحها المتوهمة، وشاهد ذلك حالة التداعي المطِّرد بينها، وثالثها التهافت السلبي على الريادة الروحية في خصوص شأنها العلمي والفكري. وهنا نقول إنه لا ريادة حصرية في ذلك لأي فرد ولا مؤسسة، إذ لا كهنوت في الإسلام».

     مضيفًا: «إنّ هذا اللقاء الوحدوي في تقريبه للرؤى والاجتهادات، والتفافه حول المشتركات، يدفع بمشاعر الأُخُوّة الإسلامية نحو التطلع الأمثل، ويحذر من مخاطر التصنيف والاقصاء، مع تعزيزه لمفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة، ويُعدُّ الأول من نوعه «كماً وكيفاً» تحت مظلة رابطة الشعوب الإسلامية في رحاب مكة المكرمة.

تأكيدٌ ربانيٌّ

     وفي كلمته التي ألقاها الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين قال فيها: «إن الله -سبحانه وتعالى- امتدح المسلمين بقوله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} في تأكيدٍ ربانيٍ يدعم وحدة الأمة الإسلامية، ومصيرها المشترك، وهو ما يلقي بمسؤوليات جسام على دولنا الإسلامية للعمل على تحقيق مقتضيات تضامن الأمة، واجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، وتجاوز كل ما يفرق لُحمتها ويضعف قوتها، والتوافق حول المشتركات التي تعزز من تكاملها، وتدعم تماسكها، وتؤسس لتعاون بين دولها أكثر اطمئنانا في ظل المقاصد المقدسة لهذا التوجيه الرباني».

إدارة الحوار والتواصل

     وأشار إلى أن منظمة التعاون الاسلامي أنشأت إدارة باسم الحوار والتواصل بهدف مد الجسور بين مختلف الأطياف دون تمييز؛ من أجل مكافحة نزعات الإقصاء والتصنيف، وكذلك التعاون الوثيق مع هيئات كبرى لتحقيق الغرض ذاته مثل: رابطة العالم الإسلامي، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.

جمع كلمة العلماء

     من جانبه، أوضح مفتي لبنان الدكتور عبداللطيف دريان أن المؤتمر يسعى لجمع كلمة العلماء والدعاة، وتقريب وجهات النظر حول قضايا الوحدة الإسلامية، وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال وقيمهما، وتعميق أواصر التآخي والتآلف بين المسلمين، ونبذ خطاب التفرّق والتشتت والتصنيف والإقصاء.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك