رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ضاري المطيري 8 فبراير، 2011 0 تعليق

رئيس لجنة القارة الأفريقية في «إحياء التراث» شكر الأمير والحكومة لدفاعهما عن العمل الخيري الكويتي وإشرافهما عليه- العيناتي: أقمنا مساجد و مدارس ودور أيتام ومستشفيات في أفريقيا بأموال أهل الخير

 

حينما ينظر الانسان إلى الاعمال الخيرية التي تقدمها «جمعية إحياء التراث الإسلامي» بالكويت يشعر بالفخر والاعتزاز، فهي لم تكتف بما تقدمه داخل الكويت فقط من حلقات تحفيظ القرآن وطباعة مصاحف للمكفوفين ومساعدة الفقراء والمساكين والارامل والاهتمام بمشروعات انسانية تعمل على بر الوالدين، بل اهتمت «إحياء التراث» بفقراء العالم، فلم نجد دولة من دول العالم الا و«إحياء التراث» تعمل هناك. رئيس لجنة القارة الأفريقية الداعية جاسم العيناتي من أبرز العاملين في المجال الخيري الاغاثي في الكويت، واللجنة التي يرأسها من أنشط اللجان الخيرية بجمعية «إحياء التراث الإسلامي»، بل هي صرح خدمي إسلامي يقدم خدمات للفقراء والمحتاجين من أبناء قارة أفريقيا في جميع المجالات الدعوية والصحية والغذائية والتثقيفية، وذلك بعون الله تعالى، ثم مساهمة أهل الإحسان بالكويت الغراء، الذين يعرفون حق إخوانهم من فقراء المسلمين والمحتاجين داخل الكويت وخارجها، ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وامتثالا لقول المصطفى [ «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة».

وأوضح العيناتي أن مشاريع اللجنة يستفيد منها المسلمون وغير المسلمين، فالمدارس النظامية والمستشفيات والآبار مفتوحة للجميع دون النظر إلى الديانة والمذهب، مؤكدا أن عمل اللجنة إنساني إغاثي فحسب، لا يقصد منه التدخل في شؤون الدول وسياساتها. عن حقيقة اتهام العمل الخيري في الكويت بدعم الارهاب، ومن وراء هذا الاتهام الباطل، بالإضافة إلى الحديث عن زياراته العديدة لأفريقيا واطلاعه على العديد من مشاريع الكويت الخيرية هناك، وتسجيله التلفزيوني فيها عبر برنامج «رحال» على شاشة قناة المعالي الفضائية، كان للعيناتي الحوار التالي:

- متى بدأ نشاطكم في العمل الخيري في دول أفريقيا؟ وكيف كان ذلك؟

- بدأت عملي مع جمعية إحياء التراث الإسلامي منذ تأسيسها عام 1981، عبر رئاستي لجنة القارة الأفريقية التابعة للجمعية، وكانت الزيارة الاولى لنا في صيف عام 1982 إلى غرب أفريقيا، إلى نيجيريا وساحل العاج وجمهورية مالي، وبحمد الله بدأت اللجنة تخطو خطواتها لتغطي مشاريعها الخيرية إلى الآن 25 دولة في أفريقيا.

انجازات كثيرة

- ماذا قدمت جمعية إحياء التراث الإسلامي إلى القارة الأفريقية إلى الآن؟

- الدول الأفريقية المحتاجة عديدة، وهي بلا شك تحتاج إلى تضافر الجهود لإغاثتها، و«إحياء التراث» قدمت الكثير من الانشطة خلال مشاريعها الخيرية هناك، فقامت ببناء عدد من المساجد، ما بين صغير وكبير، وأنشأت مراكز إسلامية، يعمل على التوعية والتثقيف الإسلامي الصحيح وأصول الدين وأمور العبادات، ويدعم اللغة العربية وتعليمها لشعوب الدول الأفريقية لتأهيلهم لحفظ كتاب الله العزيز، وهذه المراكز غالبا ما تتضمن على الأقل مسجدا ومدرسة وبئر ماء، ومع هذا فهناك مراكز ضخمة تتضمن مرافق أخرى، كالمستوصف والدكاكين الوقفية، وبيوت الأئمة والمؤذنين وبيوت وقفية أخرى، وكذلك أنشأت عدة معاهد كبيرة، وهي ما يعرف بمعاهد تدريب الدعاة، ومدارس، ويتراوح عدد الفصول بين 5 فصول إلى أكثر من 20 فصلا في بعض الأحيان، وبعض هذه المدارس يدرس فيها على نظام فترتين صباحية للتعليم النظامي، ومسائية للتعليم الشرعي الإسلامي وحفظ القرآن، وأحيانا تكون الدراسة فيها على ثلاث فترات نظامية، والفترة الثانية كحلقات قرآن، أما الفترة الثالثة المسائية فتكون لمحو الأمية.

     وقامت الجمعية أيضا ببناء أكثر من 30 مسكنا وقفيا، و37 دكانا وقفيا، 13 مطحنة، ليكون مردودها لصالح المدارس، وحول رعاية الأيتام قامت «إحياء التراث» بإنشاء 28 دور للأيتام، تقوم بكفالتهم وتربيتهم، فبعض الأيتام الذين كفلناهم تخرجوا وصاروا أطباء يداوون الأيتام في مراكزنا بالمجان، وبعضهم صار موظفا في مراكزنا نفسها.

90 بئراً ارتوازية

- وماذا عن الجانب الغذائي ودوركم في المجاعات والكوارث؟

- الماء عصب الحياة، فبعض الشعوب الأفريقية ليست لديها مياه صالحة للشرب، إنما هي برك ملوثة، وبقايا أمطار حيث الحشرات واليرقات المسببة لانتشار الامراض المعدية والوبائية، فقامت لجنة القارة الأفريقية بتوفير الماء الصحي، عبر حفر 90 من الآبار الارتوازية، والتي أنقذت أناسا من العطش ومن الضلال أيضا، وكانت سببا في هدايتهم إلى الإسلام حين رأوا سماحته وإنسانيته، كما قامت اللجنة أيضا بحفر الآبار السطحية وآباراً كثيرة سطحية، وبعض هذه الآبار موجودة على الحدود لحاجة اللاجئين والنازحين من المجاعات والحروب، ومازلنا نقوم بحفر المزيد منها حاليا بين الصومال وكينيا بسبب الاضطرابات الأخيرة.

     وكذلك قدمت «إحياء التراث» أكثر من مليون دينار كإغاثة في أماكن الحروب ومواطن الجفاف ونزوح المتضررين من الفيضانات ومن الحروب الأهلية، ومن جانب آخر أنشئت 700 مزرعة سواء لمساعدة الناس وتوفير الطعام أو لتخصيص ثمن محصولها كوقف على مدرسة أو مركز إسلامي، كما أنشئت أيضا 5 مزارع للأبقار و8 مزارع للأغنام و8 مزارع للدواجن، 5 مزارع للأسماك.

- وماذا عن العمل الخيري في الجانب الصحي؟

- تم بناء 4 مستشفيات، بعضها يعتبر مستشفى متخصصاً كمستشفى الأبيض في شرق السودان، كما أنشأت 35 مراكز صحية في دول أفريقية مختلفة.

مفتوحة للجميع

- من هو المستفيد من الإغاثة الخيرية التي تقدمها لجنة القارة الأفريقية؟

- يستفيد المسلمون وغير المسلمين من مشاريعنا، ودليل ذلك أننا لا نشترط في مدارسنا النظامية أن يكون الدارس فيها مسلما، وحتى الآبار ومشاريع الإغاثة، وعموما مشاريعنا الخيرية مفتوحة للجميع، باستثناء المساجد بالطبع.

- هناك قسم من الزكاة وسهم للمؤلفة قلوبهم من غير المسلمين، فكيف تخرجون هذا السهم في مشاريعكم؟

- يكون ذلك عبر الإغاثات، ففي الأزمات لا نحدد من يتسلم الإغاثة، أكان مسلما أو غير مسلم، فنقوم بالتنسيق مع حكومة الدولة المنكوبة، وتساعدنا على ذلك أيضا السفارة الكويتية مشكورة، وتتعاون في توصيل الأموال وتوزيعها على الفقراء دون النظر إلى الديانة، وإنما كعمل إنساني.

- البعض يتساءل في المقابل، لماذا هذه المشاريع لا تكون في الكويت؟

- هناك مشاريع محددة لا يمكن عملها في الكويت كحفر الآبار، كما لا يمكنك في الكويت أن تبني مسجدا بـ 3 آلاف دينار فقط، فالبناء في الكويت مكلف جدا مقارنة بدول أفريقيا، علاوة على الحاجة الماسة هناك لبناء المساجد، نحن في الكويت لدينا نعمة السيارات وسهولة التنقل بين المناطق، بينما هناك ليس لديهم سوى أقدامهم، وقد يضطر كثير منهم إلى أن يمشي على قدميه 3 أو 4 كيلوغرامات لبلوغ مسجد الجمعة، بل في أحيان كثيرة تتحول المساجد الصغيرة إلى جوامع يوم الجمعة.

اتهامات باطلة

- ما حقيقة اتهامات العمل الخيري في الكويت وفي العالم الإسلامي عموما بدعم الإرهاب؟

- بعد أحداث سبتمبر، بدأت بعض الدول تتهمنا بالإرهاب، أولاها أميركا، وبالطبع ليس منها الدول المتضررة والمنكوبة، فأطلقت اتهامات باطلة ليس لها أساس من الصحة، اتهامات مزيفة من قبل اللوبي اليهودي بأميركا، الذي يرى في النشاط الإسلامي في دول أفريقيا نشاطا ضد مخططاتهم على المدى البعيد، رغم أننا لا نفكر بهذه الطريقة، إنما القضية عندنا ببساطة «مسلم يريد مساعدة أخيه المسلم»، نحن نريد العمل الخيري، نريد بناء مسجد لوجه الله ولا نريد أن نعمل ضدهم، هذا اللوبي يرى أن رسوخ الإسلام في القارة الأفريقية وكأنه مؤشر حرب عليهم، وهذا نتيجة الفهم الخاطئ والنظرة الدونية عندهم، حيث يعتبرون المسلمين حجر عثرة أمامهم، على الرغم من أن أعمالنا أمام أعمالهم لا تساوي شيئا، فهم يعملون بجد في عمليات التنصير، لكن بفضل الله ورغم قلة إمكاناتنا إلا أن القضية بيد الله، فما نقوم به يبارك الله فيه، فأحيانا نسمع عن قساوسة أسلموا ليس بسبب مساجدنا أو حفر بئر وإنما هداية محضة من الله، قد يكون تقابل مع مسلم وتناقش معه واقتنع بأخطاء معتقده السابق وحقيقة الإسلام الصافية.

- كيف تتعامل حكومات الدول الأفريقية مع ما تقومون به من أعمال خيرية في بلادها؟

- الأفارقة أجناس مختلفة ولغات متباينة إلا أنهم يرحبون بكل عمل خيري، وهناك بعض النصارى العقلاء الفاهمين يقولون نحن لا نستطيع منع أي عمل خيري من اي جهة، أنت مسلم، وحين تساعد المسلمين نسر لأنهم مواطنون في بلدنا أيضا، بل مساعدتك لهم تعطينا صورة حسنة عندهم، بل إن الحكومات ترحب وتشكرنا على ما نقوم به، فهي ترى أننا نسهم في تأدية واجبات وقضاء حاجيات تعجز عن توفيرها كالإغاثة والتعليم.

     وبعض تلك الحكومات ونتيجة ضغوطات قامت بالتحقق من أعمالنا، وبحمد الله صارت هذه التحقيقات شاهدا على براءة ساحة العمل الخيري لدينا، فليس لدينا أي ارتباط بالأعمال الإرهابية وأعمالنا في إطار إنساني فقط، فندرس أي طالب ونستقبل في مستشفياتنا أي مريض، وفي مقابلات مع بعض مسؤولي الدول أوضحوا فيها لنا أن لديهم صورا مسبقة مشوهة عن أعمالنا، حيث كانوا يظنون أن أعمالنا في إطار التدخل بالشؤون السياسية للآخرين وعمل الثورات، فنحن ليس لدينا دخل في الانتخابات، وتبين لهم ذلك بحمد الله، بل نرفض أن ندخل في السياسة، ونرفض تدخل أي عامل لدينا في السياسة رفضا تاماً.

الحافظ هو الله

- كيف تواجه المخاطر في بلاد أفريقيا المعروفة؟

- بداية الحافظ هو الله تعالى، ونحن لدينا عقيدة «احفظ الله يحفظك»، نعم هناك مناطق نائية وفيها وحوش وسباع، ودخلنا في بعض الأحيان في أثناء انقلابات وتوترات وحروب أهلية، لكن الله سبحانه وتعالى نجانا، والغالب أننا لا نتواجد في مثل هذه الظروف العصيبة، وفي المقابل بعضهم يذهب في رحلة سياحية إلى بلاد آمنة ويموت ويصير له حادث، إذن الحافظ هو الله.

- ما معدل زياراتك لأفريقيا في السنة الواحدة تقريبا؟

- بعض الأحيان تصل زياراتي إلى 7 مرات، باستثناء زيارات الإخوة الآخرين، وتستغرق الرحلة بحسب المهمة، فأحيانا اسبوع، وقد تصل إلى 3 أسابيع.

- حدثنا بإيجاز عن طبيعة رحلتك المصورة إلى أفريقيا والتي عرضت على التلفاز؟

- استغرقت الرحلة 15 يوما تقريبا إلى كينيا، واخترنا كينيا لأنها تعتبر نموذجا لأفريقيا، والرحلة في أصلها رحلة إغاثية، ذهب معي مصور ومخرج لتوثيق عملية الإغاثة، كما زرنا وتفقدنا بعض المراكز والمساجد والآبار، وقمنا بجولة داخل الغابات الموحشة، في النهار وأحيانا ليلا كما ظهر في برنامج «رحال» على قناة المعالي الفضائية، وصورنا البيوت الخشبية، كل هذا لتوثيق مشاريع «إحياء التراث» هناك، والذي مولها أهل الخير من شعب الكويت، بالإضافة إلى نقل صورة مبسطة عن الشعوب الأفريقية وطرق عيشها البسيط.

شكراً للكويت

- كلمة شكر، لمن تقدمها؟

- الحمد لله، المشاريع الخيرية مازالت مستمرة رغم التضييقات على تحويل المبالغ من الكويت إلى مكاتبنا في الدول التي نساعدها، ولهذا فأشكر حكومة الكويت وعلى رأسها الأمير الشيخ صباح الأحمد، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، فهم متعاونون معنا، ويدافعون عن العمل الخيري، ويردون كل ما يطرأ عليه من شبهات دعم الإرهاب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك