رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 25 مارس، 2014 0 تعليق

رأب الصدع بين دول التعاون واجب شرعي!

      دول مجلس التعاون الخليجي كالبنيان المرصوص وكالجسد الواحد، وقد يحدث ما يحدث بين الأشقاء في البيت الواحد من خلافات لا تعدو بسيطة، وكل مشكلة ولها حل، ولا يحصل التقاطع والتنافر، والواجب على جميع الأفراد والجماعات والمؤسسات ترميم البناء ورأب الصدع وتأليف أعضاء الجسد المتشاكين وسل السخائم حتى تصفو القلوب وتخمد نيران الفتن، وكلما دقت طبول الخلافات نعمل بكل جد حتى تضع الحرب أوزارها وإعطاء الوقت الكافي للإصلاح ليخفف احتقان النفوس وعمل العقول والحكمة في التعامل مع أطراف النزاع بالتودد ورفع قيمة كل دولة وحسن الإصغاء وعدم الوقيعة وتذكير جميع الأطراف بحق الأخوة والإنجازة الكبيرة التي حققها المجلس وتوصية المؤسسين رحمهم الله بوجوب العمل لإكمال واتمام بناء التعاون، فالمجلس الذي تأسس 5 مايو 1981 في الرياض وهو يسير بكل خطوات ثابتة وقد تعرض لمشكلات كبيرة وتحديات مريرة وتهديدات واحتلال دولة الكويت التي هي عضو مؤسس وكيف تجاوزوا تلك المراحل العصيبة ولو جئنا لنعدد الأزمات فهي كثيرة بين الإمارات وعمان وبين السعودية وقطر والعدوان على البحرين والخلاف حول توحيد العملة والملف الأمني وغيرها، ولكن بعد ذلك العسر جاء اليسر وتحقق التنسيق والتكامل والترابط وتم إنشاء هيئة لتسوية المنازعات وفي عام 1996 تم إنشاء مجلس شعبي استشاري يتكون من ثلاثين عضوا؛ فاليوم يجب أن تعي الأمة أعداءها المتربصين بها والشامتين والمخربين والخلايا المفسدة والمتآمرين عليها، كل ذلك يجعل دول التعاون أن تضع الإصلاح والاستمرار على هذا المجلس وتنشر الولاء والمحبة والنصرة حتى تحيا وتسعد وتعيش في أمن ورخاء واستقرار، قال شعيب عليه السلام: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله}..

ودول التعاون إخوة في الإيمان والنسب والجوار والذي يجمعهم الكثير والكثير {إنما المؤمنون إخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}.

      فهذه فرصة ليأخذ الأعضاء النفس الطويل لإجراء عملية شاملة وواسعة ومتكاملة، ولا تهمش دولة أو يقصر دورها، وجلسات مصارحة ومكاشفة، ومهم جدا أن يتم تحديد الدور لكل دولة في الاطار العام بعيدا عن الأهواء والرغبات والاتجاهات، فإن المنازعات والخصومات لا تحل إلا بإرادة صادقة ومخلصة، يقول تعالى: {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} لتقطع دابر الشحناء والبغضاء؛ فيجب توقف وسائل الإعلام الرسمية وغيرها وكل وسائل التواصل الاجتماعي عن تذكية الخلافات، والكف عن الإشاعات وفتح الملفات القديمة بالصوت والصورة، والترفع عن الردود والعمل بكل الوسائل لإخماد الفتنة وفي الحديث: «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» بل جعلها أفضل العبادات: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين قال فإن فساد ذات البين هي الحالقة».

فالمطلوب هو توحيد الرؤية للسياسة الخارجية، وبذل الجهود في الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية ومنع جهات تنخر في جسد التعاون، ووضع حد لمفهوم الحرية الإعلامية، والعمل على تحصيل مصالح الشعوب وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها.

      والعمل على عدم تكرار مثل تلك الأزمات وإيجاد آلية لحلها بهدوء في بيت التعاون، والعمل على إخماد الفتن في كل العالم الإسلامي وحقن الدماء ورفع الظلم عن الشعوب؛ فالآمال معقودة على دول التعاون بعد الله -عز وجل- فلو نظرنا إلى الحرب العالمية الأولى والثانية وقد خلفت أكثر من 70 مليون قتيل والتهديم والسياسة المحروقة ودمار شامل، ومع ذلك رجعوا على مائدة واحدة وطووا صفحات الماضي، فالخلافات شر ولا تجر إلى خير قط؛ ولذلك قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا}(الأنفال: 46).

والاصلاح يعني التنازل وعدم التشبث بالمطالبات وتخفيف حدة اللهجات ولغة التهديدات وعدم تهميش أي دولة، والعمل على تقريب وجهات النظر والأدلة المقنعة والبراهين على مواطن الخلل؛ حتى يكتمل بناء التعاون وتحقق آمال الشعوب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك