رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 23 فبراير، 2015 0 تعليق

ذو القوة المتين

- ليس من أسماء الله الحسنى (ذو القوة)، بل (القوي) من أسمائه الحسنى، ورد في كتاب الله تسع مرات، أتى قبل اسم الله (العزيز) سبع مرات، ومع (شديد العقاب) - صفة لله عز وجل- مرتين.

- لاشك أن استخدام (ذو القوة) بدل (القوي) هنا أبلغ، ولكن لا أعرف السبب.

- أصبت، ولكن دعنا نبحث في معنى (المتين)، ثم نرجع إلى هذه النقطة.

صاحبي قليل الاطلاع، كثير الاستماع، يكثر من ترديد (العلم في الراس لا في الكراس)، وأنا أرد عليه بأن العلم يؤخذ بالقراءة لا بالاستماع!!

- هات ما عندك في معنى (المتين)!

     (المتين) هو الثابت في قوته، الشديد في عزمه وتماسكه وحقيقته القوي المتن أي الظهر؛ لأن قوة متنه تمكنه من الأعمال الشديدة وفي حق الله -عزوجل- هو الشديد الذي لا يعارض ولا يدانى!

     أما (ذو القوة) أي صاحب القوة والاقتدار، و(ذو) في اللغة تستخدم لوصف الأشياء الطارئة لا الدائمة، ولتوضيح ذلك، قال تعالى: {وفوق كل ذي علم عليم}؛ فجعل الله غيره (ذو علم)، وهو سبحانه (عليم) فغيره علمه طارئ، وعلم الله دائم؛ ففي الآيات التي ورد فيها اسم الله (المتين) {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}(الذاريات: 56 - 58).

     جاء في التفسير: لما قال: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} فقد بين أنه استخلصهم لنفسه وعبادته وكان عليه رزقهم، فقال تعالى: {إن الله هو الرزاق} بلفط الله الدال على كونه رزاقا.

      قال: (ذو القوة)؛ وذلك لأن المقصود تقرير ما تقدم من عدم إرادة الرزق وعدم الاستعانة بالآخر، ولكن في عدم طلب الرزق لا يكفي كون المستغني بحيث يرزق واحدا فإن كثيرا من الناس يرزق ولده وغيره ويسترزق والملك يرزق الجند ويسترزق، فإذا كثر منه الرزق قل منه الطلب؛ لأن المسترزق ممن يكثر الرزق لا يسترزق من رزقه؛ فلم يكن ذلك المقصود يحصل له إلا بالمبالغة في وصف الرزق، فقال: (الرزاق) وأما ما يغني عن الاستعانه بالآخر فدون ذلك؛ وذلك لأن القوي إذا كان في غاية القوة يعين غيره، فإذا كان دون ذلك لا يعين غيره ولا يستعين به، وإذا كان دون ذلك يستعين استعانة ما وتتفاوت بعد ذلك، ولما قال: {وما أريد أن يطعمون} كفاه بيان القوة نفسها، فقال: {ذو القوة} إفادة معنى القوة دون القوى، فإن لفظ(القوى) أبلغ من القوة لشيء من القوة، أما الآيات التي ذكر فيها اسم الله (القوي) مثل قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحديد: 25)؛ وذلك لأن الله يريد أن يبعث الطمأنينة في رسله وأتباعهم ويغنيهم عن طلب النصر من أحد؛ لأنه سبحانه (قوي) قوة مطلقة.

ثم تدبر اقتران (القوي) بـ(العزيز)، وأن اسم الله القوي هو الاسم الوحيد الذي سبق (العزيز) أما الأسماء الأخرى التي اقترنت بالعزيز، فقد أتت بعده، وهنا قرن بين (ذي القوة) وهي صفة لله مع (المتين)؛ وذلك لأن (المتين) هو الثابت الشديد الذي لا يُغلب ولايُقهر و(العزيز) الذي يَغلب ويقهر؛ فالعزة أكمل من المتابة، و(القوي) أبلغ من (ذي القوة)، فقرن الأكمل بالأكمل، وما دونه بما دونهك فلم يقل: (ذو القوة العزيز)، ولا (القوي المتين)، بل (ذو القوة المتين)، و(القوي العزيز)، في الأول بعض القوة يؤدي إلى عدم القدرة على قهره، وفي الثاني قوة مطلقة، تؤدي إلى غلبته.سبحانه وتعالى. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك