رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 12 ديسمبر، 2011 0 تعليق

د. يسري حماد الـمتحدث الرسمي باسم حزب النور لـ«الفرقان»:الحزب يعتز بمرجعيته السلفية ولن يتخلى عنها…ونسعى لإقامة دولة تربط الأرض بالسماء والدنيا بالآخرة

 

أذهلت النتائج التي حققها حزب النور في الـمرحلة الأولى للانتخابات البرلـمانية الـمصرية كثيرا من الـمراقبين والـمحللين في الداخل والخارج، وكذلك أثارت كثيرا من الحاقدين والـمغرضين من النصارى والعلمانيين واللبراليين ومن على شاكلتهم، لدرجة دفعت الإعلامي عمرو أديب إلى التساؤل متعجبًا: من أين أتى هذا التعاطف السلفي الـمصري؟ أين كان هؤلاء الناس؟ كيف استطاع هذا الحزب الذي لم يتجاوز عمره الثلاثة أشهر تحقيق هذه النتائج؟ وهي أسئلة ظاهرها الرحمة وباطنها لا شك الحقد والبغضاء.

        في الوقت ذاته لم تشكل هذه النتائج مفاجأة لأبناء الحزب بل لم ترق إلى آمالهم وطموحاتهم، هذا ما بينه الدكتور الفاضل/ يسري حماد في حواره التالي مع «الفرقان»

- وفي البداية هنأته بالنجاح الكبير الذي حققه الحزب في الـمرحلة الأولى وسألته عن تقييمه لنتائج الـمرحلة الأولى، وهل حققت آمال الحزب وطموحاته أم لا؟

- بدايةً نقول: الحمد لله عز وجل على النتائج الطيبة التي حققناها وإن كانت لا تعبر عن طموح أبناء حزب النور، بالرغم من أنه وُجِد على الساحة السياسية منذ أشهر عدة، إلا أن الحزب بكوادره قد قفز خطوات كبيرة في مجال العمل السياسي.

       وقد كان لدينا طموح أكبر في العملية الانتخابية حيث كان من المفترض أن تزيد النسبة عن 30% نظرًا للوجود الشعبي القوي للتيار السلفي الذي يعد أبناؤه وأبناء حزب النور من أكبر التوجهات شعبية الآن في مصر، ولكن بالطبع أثرت بعض المعوقات على هذه النتائج حيث كان لدينا نقص في الإمكانات المادية مما حال دون النزول بقوة في بعض المحافظات؛ مما أثر على النتائج فيها، مثل محافظة القاهرة الكبرى التي يوجد بها وحدها (54 مقعدا)، وقد أثر حصولنا على نسبة قليلة فيها على النسبة الكلية للنتائج.

       وبرغم ذلك فقد استطاع الحزب في مقابل التحالف الديمقراطي الذي يضم (19 حزبًا) بما فيها حزب الحرية والعدالة - الممثل للإخوان المسلمين - بفضل الله، الحصول على المركز الثاني وتفوق أيضًا على أحزاب موجودة في الساحة السياسية في مصر منذ السبعينيات، وكذلك تفوقنا على أحزاب لديها دعم مادي قوي من نواح مختلفة وهذا توفيق من المولى جل وعلا.

- ما هي العقبات التي قابلتكم منذ بداية خوضكم للعملية السياسية وإنشاء الحزب إلى الآن؟

-  كانت هناك بعض المشكلات والعقبات الإدارية في تأسيس الحزب وإنشاء مقرات في (27) محافظة مصرية، ليس هذا فحسب وإنما أيضًا في النجوع والقرى والمراكز التي تتبع تلك المحافظات؛ حيث إن الحزب قام بإنشاء (140) مقرا إلى الآن في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن أننا كنا ممنوعين في السابق من التنسيق الإداري بين المحافظات أو التنسيق الإداري بين كوادر الدعوة السلفية، وقد كانت فترة عصيبة جدًا للتعرف عن قرب على الكوادر السلفية المتميزة، ولكن بفضل الله تم التأسيس وتم التعرف على الكوادر السلفية الموجودة في المحافظات، الكوادر الحياتية من أساتذة جامعات، ومن كوادر حاصلة على شهادات عليا من دكتوراه وماجستير وما شابه ذلك، وتم انتقاء ما يقرب من (800) مرشح للحزب في جميع محافظات الجمهورية ما عدا محافظتين فقط، وهذا يعد إنجازا كبيرا في فترة أربعة أشهر حيث أصبح للحزب سياسة واضحة، أصبح يشارك في جميع الفعاليات السياسية، وأصبح له رأي في إدارة العملية السياسية في البلاد، وأصبح لنا رأي واضح ومعروف للجميع، وأخيرًا أصبح لنا وجود الآن كمستشارين للمجلس العسكري، وهذه أول مرة في تاريخ البلاد أن يتم الاستعانة بكوادر سلفية على مستوى عال جدًا بهذا الشكل.

- ما أولوياتكم بوصفكم حزباً سلفياً تحت قبة البرلـمان ولاسيما أنكم تحت الـمجهر الآن والكل ينتظر ماذا سيقدم السلفيون وكيف سيكون أداؤهم؟

-  الهدف الأول للحزب إن شاء الله هو إعادة كتابة الدستور المصري بما يضمن المحافظة على هوية مصر الإسلامية وعروبتها ولن نقبل المساومة في ذلك.

       الأمر الثاني هو أن الدستور لابد أن يتضمن قوانين واضحة تضمن إعادة تشكيل الدولة المصرية من دولة جمهورية إلى دولة برلمانية.

كذلك إلغاء القوانين التي وضعت في السابق لتكريس الفساد والمحسوبية والواسطة.

       والعمل على إنشاء منظومة اقتصادية مصرية قوية تليق بمكانة مصر وتاريخها الطويل وإمكاناتها المادية والبشرية.

       ثم يأتي بعد ذلك علاج مشكلات المجتمع كالبطالة وضعف الأجور، والفجوة الواسعة في أجور الموظفين في مصر التي تبلغ ما يقارب ألف ضعف في مرتبات بعض المستشارين في الدولة.

       فضلاً عن القضايا المزمنة كقضايا الفساد السياسي وقضايا السكن وقضايا الفقر في مصر، كل هذه تعد أولويات ملحة للوطن أسأل الله عز وجل أن يعيننا عليها، وكل ذلك سابق لأوانه حتى يتحدد إطار الدولة القادمة وشكلها هل هي دولة برلمانية أم دولة رئاسية، وهل سيقوم الحزب الفائز بتشكيل الحكومة أم لا، وكل الملامح ستتضح بعد كتابة الدستور.

- هل مسألة تشكيل الأغلبية للحكومة أو عدم تشكيلها يمكن أن يكون نقطة صدام مع الـمجلس العسكري؟

- مبدئيًا سيكون هناك هيئة منتخبة في البلاد أمام هيئة أخرى مرحلية مؤقتة غير منتخبة، وأعتقد أن مجلس الشعب القادم سيكون له صلاحيات قوية بصفته المجلس الوحيد الذي يعبر عن إرادة الشعب المصري.

- هل تتوقعون وجود وزير سلفي حال تشكيل الأغلبية للحكومة في البرلـمان القادم؟

- نتعشم ذلك سواء شكلت الأغلبية الحكومة أم لا، وأن يكون لأول مرة في تاريخ مصر الحديثة وزراء سلفيون وليس وزيرا واحدا فقط، وما دامت العملية السياسية في البلاد تحتكم إلى حكم الأغلبية، فمن الواضح أن الأغلبية المصرية تنتمي إلى فصيل معين وتبين ذلك من خلال نتائج الانتخابات، فلابد إذًا من الوجود القوي في الحكومة القادمة أو أي حكومة مصرية بإذن الله عز وجل.

- بما أن السلفيين يخوضون العمل السياسي لأول مرة، هل لديكم تصور لتأهيل النواب والكوادر السلفية وتدريبهم ممن فازوا في الانتخابات على أصول ممارسة العملية السياسية وقواعدها؟

-  بفضل الله المنهج السلفي يعطي لأصحابه مرونة عالية وتفوقا ذهنيا كبيرا؛ لأنه منهج قائم على الاستدلالات، فكون أصحاب هذا المنهج كذلك نجد أن معظم أبناء الدعوة من الأطباء والمهندسين والكوادر العليا وأصحاب العقول المتميزة، كما أننا منذ اتخذنا قرار المشاركة في العمل السياسي لم ننقطع عن تأهيل كوادرنا من خلال الدورات السياسية، والاحتكاكات السياسية لكل أبناء الحزب مما جعل الخصوم يشيدون بأن السلفيين يتكلمون الآن ويناقشون مسائل السياسة وكأنهم حزب عريق له باع طويل، والمتابع للمشهد السياسي في مصر سيلمس ذلك بشدة.

-  ما تقييمكم للتحالفات التي تمت بينكم وبين القوى السياسية الأخرى خلال الفترة الـماضية؟ وهل وجدتم مصداقية من هذه القوى ولاسيما أننا نعلم يقينًا أن السلفيين - بفضل الله - من أوائل الناس الذين يوفون بعهودهم إذا عاهدوا، ولكن ماذا عن الأطراف الأخرى؟

- بداية نحن كنا مجرد مراقب في التحالف الديمقراطي الذي كان يضم حزب الحرية والعدالة - التابع لجماعة الإخوان المسلمين - لكن كثرة هذه الأحزاب جعلتها لا تستند إلى قاعدة شعبية متوازية أو رؤية شرعية متناسقة؛ مما جعلنا ننسحب ونأخذ قرارا بعدم المشاركة في تحالفات أخرى.

       وبالفعل ثبت مع الوقت صحة منهجنا؛ حيث إن التحالف فشل بعد وقت قصير، فبعد أن كان يضم (60) حزبًا أصبح يضم الآن (19) حزبا فقط.

       أما فيما يتعلق بالانتخابات الأخيرة فنحن لم ننسق مع أحد من الأحزاب سواء الأحزاب ذات المرجعية الدينية أم غيرها على قاعدة التنافس الشريف ليختار الشعب الأفضل.

       وقد تعرضنا لهجوم شرس جدًا من بعض الأحزاب التي كنا نظن أنها قريبة منا، فمن اليوم الأول للعملية الانتخابية وأنا شخصيًا بصفتي المتحدث الرسمي للحزب تفرغت طوال الـ48 ساعة التي هي عمر التصويت الانتخابي فقط للرد على الشائعات التي كانت تطلقها هذه التوجهات، ونحن بفضل الله لم نعامل غيرنا بالمثل وآثرنا أن نحافظ على صورتنا أمام الناس بما لا يجعل عموم الشعب يتخذون موقفًا من التوجهات الإسلامية بأن بينها فرقة وبينها مشاكل مما يؤثر سلبًا على مفهوم الناخب المصري تجاه الدعوة الإسلامية كلها.

- هل لديكم رؤية مستقبلية للتنسيق بينكم - بوصفكم حزباً سلفياً ناشئاً - وبين التجارب السلفية التي سبقتكم إلى العملية السياسية كالتجمع السلفي في الكويت والبحرين على سبيل الـمثال؟

- نأمل بعون الله عز وجل أن ننفتح على التجارب السلفية الأخرى ولاسيما في دول الخليج؛ لأنها كانت ديمقراطيات سابقة، وأنا شخصيًا عاصرت التجربة الديمقراطية في الكويت وتأثرت بجو الحريات الموجود بها، ومساحة الرأي والرأي المخالف التي تنتشر وتتبناها حتى الصحف الرسمية، هناك مساحة هائلة من الرأي في الكويت، وأعتقد أننا في الفترة القادمة سننفتح على كافة الاتجاهات السلفية، وسيتم التنسيق معها بحيث يكون هناك رؤية شاملة بين الأحزاب السلفية في المنطقة من ناحية الخبرات السياسية وما إلى ذلك بإذن الله جل وعلا.

- فيما يتعلق بآلية عمل الحزب في البرلـمان هل سيكون هناك تدخل من مجلس إدارة الدعوة السلفية في قرارات الحزب أم ستكون هناك استقلالية تامة لعمل الحزب في البرلـمان؟

- بلا شك لدينا مرجعية شرعية من إدارة الدعوة السلفية ومجلس شورى العلماء، وأعتقد أننا لن نتخلى عنها، لأن الحزب يعتز بمرجعيته السلفية لتصحيح المسار وتقبل النقد البناء، وفي الوقت نفسه نحن نسعى لإقامة دولة تربط الأرض بالسماء والدنيا بالآخرة، والعلماء لديهم بصيرة في التوجيه والإرشاد، وحتى ضبط العبارات والألفاظ ومثل هذه الأشياء ضرورية للغاية حتى لا يتم انتقادنا من أبناء التيار السلفي نفسه.

- هناك تخوف كبير من كثير من التوجهات والقوى السياسية والشعبية من دخول السلفيين إلى المعترك السياسي، كذلك هناك تخوف من أبناء الدعوة السلفية أنفسهم أن يكون هناك تنازلات على حساب الـمنهج، فما ردكم على مثل هذه التخوفات؟

- هم يتخوفون على المنهج نتيجة المعترك السياسي، ونتيجة بعض القضايا المطروحة على الساحة مثل قضايا السياحة، وقضايا الخمور، وقضايا الربا في البنوك، وهناك تخوف أن يتم التنازل من قبل الحزب عن بعض القضايا الشرعية، ونحن نؤكد أن الظهير الشرعي للحزب يقوم بدوره دائمًا في التوجيه والمتابعة، وأعتقد أن التلاحم بين الاثنين سيقوم بحفظ الحزب وتوجهاته السياسية من أن تنزلق في مزالق بعيدة عن الشريعة.

       ولكن في الوقت نفسه ننظر إلى المصلحة والمفسدة والقدرة والعجز أثناء مناقشة القضايا الشرعية في مجتمع يعاني اقتصاديًا بشدة، ومن المحتمل أن أي هزة في بعض القطاعات التي تحتاج إلى إعادة هيكلة وتغيير فيما يتعلق بالأسلوب والمنهج سوف تؤدي إلى هزة اقتصادية عنيفة؛ ولذلك نعمل بحرص شديد ونتحسس الخطى قبل الحديث في أي مسألة في الوقت الراهن.

- ما رؤيتكم لـمستقبل العلاقة بين التوجهات والقوى الإسلامية داخل البرلـمان وهل يمكن أن يكون هناك صدام بينها في الأفكار والـمعتقدات والأيديولوجيات؟ وكيف يمكن تلافي مثل هذا الصدام في الـمستقبل؟

- أولاً أقول: إن أصحاب المنهج السلفي ليسوا صداميين، وإنما يتبعون أسلوب الحوار والمناقشة والإقناع وطرح الرؤية والعمل على إقناع الآخرين باتباع المنظومة الإسلامية والمنهج الإسلامي، ولسنا متعجلين للنتائج وإنما نطرح ما عندنا وندعو إخواننا للأخذ بمنهج السماء، وفي الوقت نفسه لدينا الرؤية للتعامل مع باقي التيارات السياسية ذات التوجه الإسلامي أو المرجعية الشرعية في البرلمان على أساس أننا نتعامل في القضايا المشتركة، أما القضايا التي يسعنا فيها الخلاف فسيكون بيننا نوع من أنواع التنافس الشريف والتعامل بأخلاق الإسلام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك