د. علاء بكر لـ(الفرقان): السلفية منهج حياة وهي الفهم الصحيح للإسلام – الحلقة الأولى
تشهد الساحة الإعلامية بين الحين والآخر هجومًا عنيفًا ومتلاحقًا علىّ السلفية والمنهج السلفي، والحقيقة أن هذا الهجوم متواصل لا يتوقف صريره، يشتعل في أوقات، ويخفت لهبه في أُخَر؛ حول هذا الموضوع وحول التحديات المعاصرة التي تواجه المنهج السلفي، وأسباب انتشاره رغم التحديات الكثيرة والمتتابعة التي تواجهه، من أفكارٍ ومناهجَ مناوئة، ومدارس فكرية قديمة ومعاصرة، وغزو فكري وجهود جبارة تسعى لتشويه هذا المنهج وتقويضه، والحد مِن انتشاره بكل وسيلة، كان لنا هذا اللقاء مع أحد المتخصصين، الذين لهم اهتمام خاص بهذه القضية؛ ومما ألفه في هذا الإطار: (ملامح رئيسية للمنهج السلفي، وأسئلة وأجوبة حول السلفية، ومناهج فكرية في الميزان)، وغير ذلك مِن المصنفات الكثيرة النافعة؛ فلقاؤنا مع د. علاء بكر أحد مشايخ الدعوة السلفية في مصر.
- نريد تعريفًا بالمنهج السلفي وأهم خصائصه وملامحه.
- مصطلح: (المنهج السلفي) مكون من كلمتين: (المنهج) و(السلفي)، ولغة: المنهج والمنهاج والنهج بمعنى: الطريق الواضح، والسلفي: نسبة إلى السلف، والسلف لغة: مَن تقدم في السن أو الفضل من الآباء والقرابة.
والمراد بالسلف هنا: أصحاب الفضل من أوائل الأمة الإسلامية من الصحابة -رضي الله عنهم- وأئمة التابعين وتابعي التابعين -رحمهم الله-، وهم القرون الخيرية كما جاء في الحديث؛ فالمنهج السلفي هو طريقة هؤلاء السلف في فهم الدين والعمل به، والدعوة إليه، ومحاورة مَن يخالفه.
مرحلتان فارقتان
وقد مر هذا المنهج بمرحلتين:
المرحلة الأولى
ما قبل وقوع الاختلاف في الأمة في مسائل العقيدة وظهور الفرق، وهذه المرحلة تستوعب كل ما كان عليه الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعهد الخلفاء الراشدين؛ حيث أخذ الصحابة الدِّين من النبي صلى الله عليه وسلم نقيًّا غضًّا كما أُنزل وحافظوا عليه، مقتصرين في الاستدلال في أمور الدين على كتاب الله -تعالى- وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومجتمعين على قلب رجلٍ واحدٍ في مسائل الاعتقاد، فلم يختلفوا فيها.
المرحلة الثانية
مرحلة ما بعد ظهور الاختلاف في مسائل الاعتقاد في الأمة، التي بدأت في أواخر عهد الصحابة بظهور مَن خرج على ما كان عليه إجماع الصحابة مِن الخوارج وغيرهم، ثم توالى ظهور الفرق المخالفة في عهد التابعين وتابعي التابعين، ولاسيما مع اتساع حركة الترجمة، والأخذ بعلم الكلام والفلسفة اليونانية، وفي هذه المرحلة تمسك أئمة التابعين وتابعوهم بنهج الصحابة -رضي الله عنهم- في الاقتصار في الاستدلال في مسائل أصول الدين على الكتاب والسُّنة، ومن ثم رفض الاستدلال بأدلة علم الكلام على طريقة الفرق المخالفة لهم، التي أطلقَ عليها المتكلمون: (الأدلة العقلية)، كما رفضوا تأويل النصوص الشرعية على طريقة المتكلمين؛ لصرف النصوص الشرعية عن ظاهرها لتتوافق مع آراء المتكلمين المأخوذة من علم الكلام؛ وعلى ذلك فالقواعد والخصائص المبني عليها المنهج السلفي، التي سار عليها السلف الصالح من الصحابة وأئمة التابعين وتابعي التابعين، ومَن تابعهم بإحسان، هي:
1- الاقتصار في الاستدلال في أصول الدين على الكتاب والسُّنة، وهو ما يعبَّر عنه بـ(الاستدلال بالكتاب والسنة).
2- تقديم النقل: (أدلة الكتاب والسنة) على علم الكلام: (الأدلة العقلية -كما يسميها المتكلمون-)، وهو ما يعبَّر عنه بـ:(تقديم النقل على العقل).
3- رفض تأويل النصوص الشرعية لتوافق أدلة المتكلمين إذا تعارضت النصوص الشرعية مع أدلة المتكلمين، وهو ما يعبَّر عنه بـ:(رفض التأويل الكلامي).
الحفاظ على الدين
فهذه خصائص المنهج السلفي باختصارٍ، وهدفها الحفاظ على الدين نقيًّا كما تلقاه الصحابة -رضي الله عنهم- مِن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكما ساروا عليه وطبَّقوه، وكما دعوا إليه ونشروه، فلا يزاد عليه ولا ينقص منه، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3)، فما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته الراشدين -رضي الله عنهم- من الدين؛ فهو ليس اليوم مِن الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (متفق عليه)، أي: مردود على صاحبه والمراد بالأمر أو الدين ما كانوا عليه مِن أمور الاعتقاد والعبادات والأخلاقيات، وهي أمور صالحة لكل عصر ومكان، بل بها صلاح الزمان والمكان، وليس المراد بالطبع ما كانوا عليه مِن ملبسٍ ومأكلٍ ومشربٍ، ووسائل انتقال، وأمور حياتهم الدنيوية؛ فهذه تتغير من زمان ومكان بحسب التقدم العلمي والعمراني، والأصل فيها كما هو معلوم الإباحة، ما لم تخالف أحكامًا واردة في الكتاب والسنة.
- هل المنهج السلفي مرادف لمصطلح أهل السنة والجماعة؟ ومتى ظهر مصطلح السلفية؟
- المذهب السلفي هو مذهب أهل السُّنة والجماعة، والمنهج السلفي هو منهج أهل السنة والجماعة، وقد مرَّ تاريخ الأمة الإسلامية بمراحل، في كل مرحلة اشتهر المحافظون على منهج السلف الصالح من الصحابة وأئمة التابعين وتابعي التابعين بلقب، وهذه الألقاب وُضعت للدلالة على المنهج ومَن يسير عليه؛ فهي تعد مِن قبيل المترادفات، أي: يطلق على أصحاب هذا المنهج أيّ منها بلا أي تعارض؛ ففي عهد الصحابة تضافرت جهودهم على إقامة الدين ونشره، وبذلوا في ذلك الجهود الكبيرة، ونقلوا للتابعين وتابعي التابعين -ممن أدركوهم- الدِّين كاملًا كما تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالطبع لم يحتج الصحابة في هذه المرحلة إلى لقب أو تسمية؛ إذ كانوا مجموع الأمة وقادتها، ولم يختلفوا في مسائل الاعتقاد، وإنما ظهرت الأسماء الجديدة؛ لتمييز مَن خرج عنهم مِن أهل البدع والأهواء فسمي الخوارج: بالخوارج، والمعتزلة: بالمعتزلة، ولم يؤثِّر ذلك على اجتماع الأمة وقتها على ما كان عليه الصحابة في الجملة؛ إذ كانوا أهل البدع والأهواء قلة في مقابلة مجموع الأمة.
علم الصحابة ومنهجهم
وقاد الأخذ بعلم الصحابة ومنهجهم مِن بعدهم، أهل الحديث الذين بذلوا الجهود المضنية في تدوين سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب ما كانت عليه الأمة من الاعتناء الكامل بالقرآن الكريم؛ فصار (أهل الحديث) في مقدمة حملة علم الصحابة وأئمة التابعين وتابعيهم، وامتدت قيادة أهل الحديث للمنهج من عصر بني أمية إلى فترةٍ مِن حكم العباسيين.
أهل الأهواء والبدع
ومع انتشار أهل الأهواء والبدع والتوسع في دراسة علم الكلام والأخذ بآراء المتكلمين استفحل الخطر، وقد ازداد نفوذ المعتزلة في خلافة المأمون على رأس المائتين من الهجرة وما بعدها؛ فظهر لقب السني في مقابلة المعتزلي، وأطلق اسم: (أهل السنة والجماعة) على الذين يحملون منهج الصحابة وأهل الحديث في مقابلة المعتزلة الذين منهجهم تقديم الأدلة العقلية (علم الكلام) على النقل.
اسم أهل السنة والجماعة
واسم أهل السنة والجماعة ورد في تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في تفسير ابن كثير لقوله -تعالى-: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه} (آل عمران:106)؛ حيث قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «تبيض وجوه أهل السُّنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة»، وعن عمرو بن قيس الملائي -رحمه الله- -الذي توفي عام 143 هـ- أنه قال: «إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه» (الإبانة لابن بطة).
محنة الإمام أحمد
ومع ثبات الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أثناء محنة قول المعتزلة بخلق القرآن وفرضه على الناس؛ حيث جهر بمعتقد أهل السنة، وتمسك بمنهجهم في مواجهة خصومه الألداء قائلًا: «لستُ أتكلم إلا ما كان مِن كتاب أو سنة أو عن الصحابة والتابعين، وأما غير ذلك فالكلام فيه غير محمود»، وتحمل لأجل ذلك الجلد والحبس حتى انكشفت الغمة، وعاد الحق إلى نصابه لتلتف الأمة حوله مِن جديدٍ؛ فكان في هذه الفترة يطلق على مَن أخذ بمنهج أهل السنة والجماعة أنه (حنبلي)، أو على عقيدة الإمام أحمد؛ حيث كان -رحمه الله- في عصره عَلَمًا على المنهج.
سطوة المذهب المعتزلي
وفي مواجهة سطوة المذهب المعتزلي بعد ذلك، ظهر أبو الحسن الأشعري (260 - 324 هـ) الذي استخدم علم الكلام في محاولة نصرة عقائد أهل السنة والجماعة، وتابعه على ذلك شيوخ كثيرون، وعدوا علم الكلام من العلوم الشرعية إذا أريد به نصرة عقائد السلف، زاعمين أن طريقة السلف في الاقتصار على الكتاب والسنة أسلم وأحوط، ولكن طريقتهم -طريقة الخلف- أعلم وأحكم؛ لأنها جمعت بين النقل (الكتاب والسنة)، والعقل (أدلة علم الكلام)، ولكن طريقة الأشاعرة هذه لم تلقَ قبولًا عند المتمسكين بمنهج الأوائل من السلف (أهل الحديث - أهل السنة والجماعة - أتباع الإمام أحمد).
طريقة الخلف
وبظهور طريقة الخلف عند الأشاعرة ظهر في المقابل اسم: (السلفية)، ومذهب السلف، وطريقة السلف؛ ليطلق على مَن رأى أن منهج الأشاعرة الجديد يعد أيضًا انسياقًا في التيار الكلامي البدعي، وخروجًا عن منهج أهل الحديث ومنهج السلف الصالح، الذي لا يقبل معه منهجًا آخر؛ فمنهج السلف أسلم وأحوط، وأعلم وأحكم؛ فالسلفي يرفض علم الكلام، سواء كان على طريقة المعتزلة، أم على طريقة الأشاعرة، وجاء ظهور مصطلح السلفية في هذا العصر -العصر العباسي-؛ للدلالة عليه والاستمساك بهذا المنهج المأخوذ مِن عهد السلف الصالح من الصحابة وأئمة التابعين، وتابعيهم ومَن تبعهم بإحسان.
- يدعي بعضهم أن المنهج السلفي أسسه أشخاص يصيبون ويخطئون؛ فما صحة هذا الكلام؟
- مما ذكرنا يتبيَّن: أن السلفية قديمة قِدَم الإسلام نفسه؛ إذ هي الإسلام كتابًا وسنة، كما تلقاه الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم وعملوا به ونشروه، وأخذه عنهم أئمة أهل السنة والجماعة؛ فهي الفهم الصحيح للإسلام علمًا وعملًا، كما كان في زمن النبوة وزمن الخلفاء الراشدين من الصحابة ومَن تمسك بهداهم مِن بعدهم؛ فهي ليست مِن تأسيس بشر، بل هي دين الله -تعالى- نقيًّا كما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم ، والمنهج السلفي منهج معصوم، ولكن السلفيين الذين يتخذونه لهم منهجًا غير معصومين؛ فهم بشر يصيبون ويخطئون، والمنهج السلفي هاد لهم إن ساروا عليه وتمسكوا به، وهو حجة عليهم إن خالفوه.
- لماذا هذا التقدير الشديد عند أتباع المنهج السلفي لكل من الشيخين ابن تيمية، وابن عبد الوهاب؟
- يرجع تقدير أتباع المنهج السلفي واعتزازهم بشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ لدوره الكبير في إحياء المنهج السلفي وإنعاشه؛ فقد وُلد في عام 661هـ، في عصر يموج بالانشقاقات، نتيجة تراكم الفكر الفلسفي، وانتشار مناهج أهل الأهواء والبدع، وغلبة شطحات الصوفية وخرافاتهم إلى جانب سطوة المقلدين والجامدين من فقهاء المذاهب الأربعة، في مقابل جهل الغالبية بالمنهج السلفي الذي توارى خلف هذا الطوفان، مع ما كانت تتعرض له الأمة من خطر التتار.
دراسة منهج الأوائل
و قد تعمق ابن تيمية -رحمه الله- الذي نشأ نشأة علمية دينية في دراسة منهج الأوائل وعلومهم، واستوعب الكتاب والسُّنة فهمًا وتدقيقًا، كما تمكَّن مِن علوم المتكلمين والفلاسفة فحصًا وتمحيصًا، وخبر أغوارهم، كما خاض في مذاهب الفقهاء؛ فوجد بعد أن حاز كل هذه العلوم أن الهدى في المنهج السلفي وعقائده، وأدرك أن علة المسلمين في جهلهم بتراثهم الأصيل؛ فشمر عن ساعديه ليعيد إلى الأذهان ما غاب في بطون الكتب، وكاد أن يضيع في متاهات النسيان من حقائق المذهب السلفي ومنهجه، بعد أن أزاح ما تراكم من الأفكار الدخيلة، والأباطيل، والخرافات، والافتراءات.
الشيخ محمد بن عبد الوهاب
وعلى منوال ابن تيمية جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، الذي وُلد في عام 1115هـ في العيينة، ونشأ نشأة علمية دينية، وتأثر كثيرًا بكتابات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله-، وعاش الأوضاع المتردية في نجد وما حولها، وانتشار البدع والخرافات، والوقوع في الشركيات، والتعلق بالقبور والأحجار والأشجار مع غياب المنهج السلفي والجهل بعقائده؛ فشمَّر عن ساعديه، وقاد دعوة إصلاحية كبيرة؛ حيث ألَّف الكتب والرسائل في الدعوة إلى التوحيد الخالص وعقائد السلف الصالح، بمنهج سلفي واضح، وجمعت دعوته بين الجانب الديني والجانب السياسي؛ حيت أيَّد دعوته ونصرها أمير الدرعية محمد بن سعود في مواجهة خصومه، حتى انتشرت دعوته بجهوده وجهود أتباعه مِن بعده، وما زالت آثارها باقية وممتدة حتى زماننا هذه.
وكل مَن اطلع بإنصافٍ وتجردٍ لجهود شيخ الإسلام ابن تيمية وكتاباته على غزارتها، واطلع على جهود الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتبه ورسائله؛ عرف قدرهما ودورهما -رحمهما الله- في إحياء ما اندثر مِن المذهب السلفي ومنهجه، وبالتالي أدرك بوضوحٍ سبب تقدير السلفيين المُحِق لهما.
- الكثير يدعي رعايته للمنهج، فكيف يمكن التفرقة بين هؤلاء المدعين وبين أتباعه الحقيقيين؟
- كل مَن يدعي السلفية فلابد أن تقبل دعواه؛ فالسلفية هي العودة إلى الإسلام النقي، كتابًا وسنة بفهم سلف الأمة، ومِن هنا تأتي حتمية الاتباع للمنهج السلفي على كل مسلم، وعليه فكل مَن أظهر في أي زمان أو مكان التمسك بما كان عليه السلف وأظهر الانتساب إليه، وجب قبول ذلك منه، ولكن يبقى المنهج السلفي الذي زعم أنه منتسب إليه حجة عليه، إن سار عليه ولم يحد عنه فهو سلفي حقًّا، صادق في دعواه، وإن خالفه وتعداه فهو بعيد عن السلفية بقدر ما أحدث مِن المخالفة.
يخالفون أصولاً وأساسيات
ومع الأسف-؛ فإن كثيرًا مِن جماعات الدعوة الإسلامية الذين يزعمون اليوم أنهم سلفيون، يخالفون أصولًا وأساسيات كان عليها السلف الصالح، والسلفية منهم فيها براء، ولعل الساحة الآن كشفت الكثيرين ممَن يتبنون العنف، وقتل المسلمين، والإرهاب، وتكفير مرتكبي الكبائر، وتكفير المعينين دون إقامة الحجة المعتبرة عليهم شرعًا، والصدام بقوة مع المجتمع، والغلو في تغيير المنكر، وفي الخروج على الحكام مع عدم التقيد بالضوابط الشرعية في ذلك، بل والوقوع في الفهم الخطأ لبعض مسائل من أصول الدين، بل صاروا يعادون صراحة أتباع المنهج السلفي الحقيقيين جهرة، بل ويكفرونهم في جملة مَن يكفرون، بل ربما اتهموهم بالكفر والابتداع في الدين دون غيرهم، ثم هم بعد كل ذلك ما زالوا يدعون الانتساب للمنهج السلفي واتباعه! وهم قد ابتعدوا عنه بقدر ما أحدثوا من المخالفة له والخروج عنه، ويُعد قبول نسبتهم إلى السلفية في حقيقة الأمر، مِن التجني على السلفية التي خالفوا أصولها، وتشويهها.
- ماذا عن المدارس الفكرية المعاصرة؟ وما الموقف الشرعي منها؟
- السلفية أصدق ممثل للإسلام بين الاتجاهات السائدة في المجتمع؛ فهي اتجاه يقدِّم الكتاب والسُّنة على ما سواهما، ويلتزم بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومَن تبعهم مِن أئمة الأمة، المشهود لهم بالعلم والصلاح.
والمدارس الفكرية الأخرى يكون تقييمها بناءً على مدى قربها أو بُعدها مِن المنهج السلفي وعقائده؛ فمَن خالف في أصلٍ مِن أصول السنة؛ فليس مِن أهل السنة، ومَن كان في فكره موافقة لفكر أهل السنة قُبِل منه ذلك، ومَن كان في فكره مخالفة لأهل السنة أُنكر عليه في ذلك، وبيِّن له الحق والصواب بأدلته مِن الكتاب والسنة، وأقوال أئمة الأمة المعتبرين.
لاتوجد تعليقات