رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سحر شعير 23 يناير، 2019 0 تعليق

دور الوالدين في حماية الأبناء من المواد الإباحية

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم: 6، مع التقدم الهائل في عالم الاتصالات أصبح العالم كالقرية الصغيرة، وانفتحت على المجتمعات الإسلامية ثقافات أخلاقية وافدة من مجتمعات غير مسلمة تحمل في طياتها كمًّا كبيرًا من الانحراف العقدي والأخلاقي، ولا شك أن هناك استهدافًا واضحًا لفئة الشباب والناشئين؛ فإنهم إذا ما انهارت أخلاقهم خارت قواهم وأصبحوا غثاءً لا ينفعون أنفسهم ولا أمتهم..!

 

     ومن أسوأ ما ورد إلى مجتمعاتنا تلك المواد الإباحية التي تشتد خطورتها لكونها متاحة في متناول أيدي الأبناء أطفالا ومراهقين عن طريق الهواتف المحمولة وشبكات الإنترنت، إذاً أصبحنا أمام تحدٍ هائل لا عاصم للأبناء منه إلا بتقوى الله التي تمثل بداخلهم الضمير الإيماني اليقظ الذي يأبى كل ما يغضب الله -عز وجل- ويخل بكرامة المسلم.

القدوة المنضبطة في الوالدين

     على رأس وسائل الحماية الواجبة لأبنائنا من المواد الإباحية أن يكون البيت نظيفاً طاهراً منها على الإطلاق، فاستقامة الوالدين ونَأْيِهِمَا عن هذه القاذورات يؤدي إلى صدق التوجيه وتوفر الثقة والأمان في علاقة الابن بوالديه، بحيث لو أخطأ يشعر أنهما المرفأ الآمن الذي يعينه على التوبة والاستقامة، فالعناية بدين الأبناء واستقامتهم من آكد واجبات الوالدين ولا يتم ذلك إلا بكوْنهما قدوة حسنة في كل ما يعلمانه لهم أمراً ونهياً، وعملاً وتركاً.

تعميق التربية الإيمانية

     الأصل أن التربية الإيمانية تبدأ منذ أول لحظة في حياة الابن، ويشتد الاهتمام بها في سنوات عمره الأولى، ولكن إذا فرّط المربي في هذا التأسيس فبإمكانه تداركه، فالمواد الإباحية التي نناقشها في هذه السطور مثال على موجات الفساد التي باتت مسلّطة على الأبناء؛ لابد من استدعاء التربية الإيمانية في مواجهاتها، فلا سبيل للمربي لمواجهة ذلك إلا أن يقوّي الجسور الإيمانية في البنيان النفسي لأبنائه ويعمّق صلتهم ومعرفتهم بالله -تعالى- حتى تصير محبته أثقل في قلوبهم من تلك الضغوط، لكي يقاوموا هذا المد الإباحي الغزير، ويحافظوا على صلابتهم الأخلاقية وعفافهم وانتمائهم للفضيلة.

الحوار والاحتماء

     إنّ من أعظم ما يعين المربي على احتواء أبنائه المراهقين وحمايتهم أن يكون صديقًا لهم بحيث تكون الصلة التي تربطه بهم أقوى من الصلة التي تربطهم بالمجتمع الخارجي؛ مما يهيء فرصة ممتازة للحوار الهادئ والمكاشفة وطلب المعرفة من الوالدين حتى في أدق شؤونهم الشخصية، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة في حواره مع الشاب الذي جاء يستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزنا، فكيف تعامل معه النبي - صلى الله عليه وسلم - المربي العظيم؟ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إنّ فتى شابًّا أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال: «ادنه، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: «أتحبه لأمك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟»، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم»، قال: «أفتحبه لأختك»، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: «أفتحبه لعمتك؟»، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك»، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فَرْجَه»، فلم يكن بعد - ذلك الفتى - يلتفت إلى شيء. (رواه أحمد)

     فعلى الرغم من غرابة الطلب الذي جاء الشاب يطلبه والذي أثار الصحابة الجالسين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاولوا إسكاته، إلا أنه طلب إليه الاقتراب وبدأ بالحوار الهادئ معه، واللافت للنظر أنه لم يذكّر الشاب بآيات وأحاديث تنهر عن الزنا، فالشاب لا يجهل حرمته، وإنما استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - معه من الأساليب ما يمكن أن نطلق عليه (المنطق الاجتماعي) القائم على أساس عقلي يجعل أي إنسان سويّ يرفض أن يفرّط في عرض أمه أو أخته أو عمته أو خالته، ثم دعا له بالعفة والطهارة.

الإجراءات التربوية

وإليكم – أعزائي – أيضاً هذه الإجراءات التربوية التي تمثل الوقاية والعلاج لحماية أبنائنا من خطر التعرض للمواد الإباحية:

التربية الفكرية للأبناء

     العناية بالتربية الفكرية للأبناء التي تؤسس لدى الابن الأفكار الإسلامية الصحيحة تجاه قضية الأخلاق والفضيلة، وحديث القرآن والسنة عن ذلك، وأن التحلل الأخلاقي كان وما يزال سببا لانهيار المجتمعات وفسادها، كذلك نبين للأبناء أن انتشار المواد الإباحية في السنوات الأخيرة يستهدف الشباب المسلم، فلا يليق بالشاب أن يجعل من نفسه غرضا وهدفا لهم يصيبوه إذا وقع في شراك هذه الفعلة القبيحة.

      وهكذا تعمل التربية الفكرية المتراكمة عملها في تشكيل وَعْي الأبناء بالأهداف من وراء تصدير تلك المواد الخبيثة للمجتمعات المسلمة، في حين أنها لا تمثل ثقافتنا ولا عقيدتنا ولا أخلاقنا أبداً، بل هي تسويق للرذيلة في مجتمعات المسلمين التي من سماتها الرئيسة العفة والحصانة وشدة استقباح هذه الرذائل.

إشباع فضول الأبناء

     إشباع فضول الأبناء للمعرفة الجنسية ولاسيما في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة، فقط يكون تعرف الأبناء على تلك المواد المخلة قد بدأ من باب حب الاستطلاع والبحث عن إجابات لما يدور في رأسهم من أسئلة، ويتم ذلك من خلال المصادر الموثوقة المهذبة للمعلومة التي قد تتمثل في الوالديْن أنفسهما، أو في كتيب فقهي أو ثقافي مبسط، أو مادة وثائقية منتقاة، أو عن طريق التنسيق بين الوالدين وبين المعلم الديني في المسجد وهكذا.

أجهزة المنزل

     ضبط بعض الإعدادات في أجهزة المنزل سواء (موبايل) صغار الأبناء أم (كمبيوتر) المنزل أم أي جهاز يستخدمه الأبناء، مع مراعاة عدم وضع أجهزة (الكمبيوتر) في الغرف الخاصة بالأبناء ولكن توضع في مكان تجمع الأسرة (غرفة المعيشة مثلاً) بحيث يراها كل أفراد الأسرة.

تجفيف المنابع

تجفيف منابع الإثارة الجنسية داخل الأسرة، وذلك بتعليم الأبناء على آداب الإستئذان وتدريبهم منذ سنوات الطفولة المبكرة، وكذلك ضبط مسألة حفظ العورات واحتشام الملابس من أفراد الأسرة داخل المنزل.

غض البصر

     تعويد الأبناء منذ الصغر وتدريبهم عمليًا على فضيلة غض البصر عن العورات والمحرمات وأن الله -تعالى- يثيب من يتخلق بهذا الخلق بحلاوة الإيمان يجدها في قلبه، وقد تتهيأ العديد من الفرص لتدريب الأبناء على هذه الفضيلة، مثل طرق باب الجار، وعند المشي في الطريق، أو القيام بزيارات للأهل والأقارب.

 

استشارة: التساهل مع الأبناء في استعمال الأجهزة المحمولة؟

 

 لي صديقة تتساهل مع أبنائها الصغار – ولديهم أجهزة محمولة مزودة بإنترنت - في الرقابة على ما يشاهدون بحجة أنهم صغار وحتى إذا وقعت أعينهم على مادة إباحية فإنهم لا يفهمون فكيف أنصحها؟

مشاهدة الأفلام الإباحية في سن مبكرة تحمل عددًا من المخاطر:

إذا شاهد الطفل الأفلام أو المقاطع الإباحية مبكراً فإنها تكون مصدرًا لتعليمه للسلوك المنحرف، والاستهانة بكبيرة (الزنا) التي سماها الله -تعالى-: {فاحشة ومقتا وساء سبيلا} هذا بخلاف تعلمه الممارسات الشاذة عياذا بالله.

يؤثر ذلك بالضرورة على مستوى الطفل الدراسي نتيجة للإغراق في الخيالات وأحلام اليقظة حول تلك المواد، وخصوصًا مع بداية سن المراهقة.

والنصيحة التربوية الإسلامية هي: تربية الأبناء على العفة وستر العورة وغض البصر عن عورات الغير وأدب الاستئذان داخل البيوت وخارجها منذ بواكير أعمارهم، فتعاليم الإسلام تمثل خير وقاية إذا أخذنا بها وربينا عليها أبناءنا.

اختيار الأجهزة المناسبة لأعمارهم حتى لو كان لدى الوالدين القدرة المالية على شراء الأفضل، وتوجيههم ومتابعتهم في كيفية استخدامها فيما ينفعهم.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك