رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. جميلة عبدالقادر الرفاعي 17 فبراير، 2019 0 تعليق

دور المرأة المسلمة في العمل الدعوي (2) – أهمية العمل الدعوي النسائي

ما زلنا في الحديث عن دور المرأة المسلمة في العمل الدعوي؛ حيث ذكرنا أن المرأة كوّنت إلى جانب الرجل الركيزة الأساسية التي بنت عليها الشريعة الإسلامية مشروع الاستخلاف في الأرض وعمارتها لقوله -جل وعلا-: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}(البقرة: 30)، وحظيت المرأة بمكانةٍ رفيعةٍ لم تكن قد شهدتها من قبل على مر العصور، وازدادت هذه المكانة مع ازدهار الحضارة الإسلامية؛ واستكمالاً لهذا الموضوع نتكلم اليوم عن أهمية العمل الدعوي النسائي.

تتجلى أهمية دور المرأة في الدعوة إلى الله من خلال الموقع الذي تترأسه والمهام والأدوار التي تؤديها، ويتضح ذلك من أن عمل المرأة الداعية يعد:

أولا: عاملا نهضويا لا رجعيا

 ويكون ذلك بما يلي:

مشاطرة الرجل

     إن المرأة تشاطر الرجل في تكوين المجتمع والتأثير فيه، والتأثر بما يحيط به؛ لذا ينبغي للمرأة التي هي جزء مؤسس للمجتمع أن تساهم بوجودها ومشاركتها الفاعلة في النهضة والتطور، وأن تعمل على ما يقوي دعائم الأمة الإسلامية؛ لتبليغ دعوة الإسلام والدفاع عنه .

النهضة والتطور

إن مسألة النهضة والتطور في المجتمع الإسلامي، لا تسير على وفق دفة الرجل دون المرأة؛ فكلاهما الميزان القويم في نهضة المجتمع؛ فمتى صلح الإنسان ذكرًا كان أم أنثى، وسار على نهج الله -تعالى- عندها يتحقق الدور النهضوي للمجتمع المسلم.

قطبا الإنسانية

     المرأة والرجل قطبا الإنسانية، ولا معنى لأحدهما بغير الآخر؛ لذا يتبين لدى كل منهما الأساس الذي من أجله خلقهما الله -جل في علاه-، وعند اتضاح الرؤيا واتحاد الجهود يشع الإبداع والإنجاز، كُلاً على وفق دوره وإمكاناته ضمن دائرة جلب النافع ودرء الفاسد على ضوء الوحي الرباني قرآنًا وسنةً .

ثانيًا: عامل قوة تخصصي

يتضح من خلال:

المسائل الفقهية

     وجود بعض المسائل الفقهية التي يمنع الحياء سؤال بعض النساء الدعاة من الرجال عنها، أو يمنع الداعي أن يوضحها للمرأة حياء؛ فلا تقع بالحرج والمشقة؛ مما يجعل بعض النساء تعزف عن السؤال كيلا تتعرض للإحراج؛ فوجود المرأة الداعية يمنح القوة والجرأة للمرأة في طرح مسائلها للتوصل للحكم الشرعي المنشود.

مواطن القوة والضعف

إن المرأة الداعية أعلم بمواطن القوة والضعف عند بنات جنسها؛ مما يجعلها قادرة على طرح المواضيع بأبعادها، وبيان الرؤية، وتقديم الحلول وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

التلقي من النساء

     إن أغلب النساء يفضلن التلقي وأخذ العلم الشرعي على يد المرأة الداعية المتمكنة من المسائل الشرعية، وجعل ذلك ضمن حلقات تعليمية، ودعوية، تستزيد المرأة منها على وفق متطلبات النساء وحاجاتهن الأساسية؛ فتتضافر الجهود بين المرأة الداعية والمرأة المدعوة.

التأثير العاطفي

إن المرأة الداعية بما تملك من تأثير عاطفي ولغة تواصل اجتماعي قادرة على استيعاب العقول وفهم الشخصيات ضمن المجتمع النسائي، وهي متلمسة لهذا الواقع؛ لأنها جزءٌ منه؛ فتكون أداة معرفية صحيحة في معالجة القضايا النسائية وطرح المستجد منها.

ثالثاً: عامل تضامني وتكاملي

ويتجلى ذلك بما يلي:

المجتمع النسائي

     المرأة جزء من المجتمع النسائي، تستطيع أن تتطرق إلى المجالات كافة التي تحتاجها، وتتفاعل مع قضاياهن، وبذلك تتميز بشمولية عملها؛ فتتكامل الجهود النسائية في حشد الطاقات وتعزيز الإمكانات على وفق الحاجات والمتطلبات للمجتمع النسائي، لقوله -تعالى-: {تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(المائدة: 2).

البيان والتفصيل

     المرأة الداعية تتشارك مع الرجل في مسألة الدعوة إلى الله -تعالى- في البيان والتفصيل، وإقامة الحجة والبرهان؛ لذا لابد أن تكون الداعية عالمة وفاهمة لما تطرح من القضايا، وما تقدم من حلول يمكن تطبيقها على أرض الواقع، لا مجرد نظريات مكتوبة أو مسموعة.

تكامل العلاقة

     تتكامل العلاقة بين مجتمع النساء الداعيات؛ بحيث يُستفاد من الخبرات والتجارب بينهن؛ مما يؤدي إلى إثراء الحركة الدعوية وتعزيز العمل الدعوي؛ فالمسألة ليست احتكارية على فئة دون فئة، بل إن التنوع في المجتمع النسائي في العمل الدعوي يثري العملية الدعوية بزخم التجارب وتنوع الأساليب بين الداعيات؛ مما يستقطب الشخصيات النسائية لما تجذب له.

رابعاً: عامل إصلاحي نفعي

ويبرز هذا بالآتي:

الإصلاح الذاتي

     الإصلاح الذاتي للمرأة الداعية ابتداءً؛ حيث تبدأ بإصلاح ذاتها وتعزيز دورها الإصلاحي، من خلال المراجعة والمحاسبة الدائمة لأقوالها وأفعالها، وتجديد النية في الدعوة إلى الله -تعالى-، وأن تتقبل النصح والإرشاد الهادف الذي يصوب أمرها ويحسن من أدائها، وأن تسعى جاهدة؛ لأن تكون صورة طيبة عن المرأة المسلمة الداعية، وأن تصلح الباطن كما الظاهر؛ فلا تنهى عن منكر وهي تفعله قال -تعالى-: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}(الصف: 3).

الإصلاح الأسري

الإصلاح الأسري بواسطة إصلاح النساء، وتوجيههن لإصلاح أزواجهن، وأبنائهن، وأهلهن؛ فالأسرة المكوّن الرئيس والداعم الأساس في أي مجتمع، وعند صلاح هذا المكون والداعم يصلح المجتمع.

الإصلاح المجتمعي

فالمرأة شريك مع الرجل في الإعمار والاستخلاف على وجه الأرض على وفق المنهج الرباني، ويجب أن تصب المرأة الداعية جهودها في بيان القول السديد والرأي السليم في القضايا المتعلقة بالمرأة، وغيرها من الأمور إن تطلب الأمر ذلك.

الإصلاح الخارجي

     الإصلاح الخارجي بدعوة غير المسلمين إلى الدين الحق، وهذا الإصلاح بالدعوة إلى الشريعة الإسلامية الغراء التي جاءت لغرس قيم ومبادئ عليا تسمو بالعباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها.

خامساً: عامل تطبيقي عملي

 ويقصد بذلك:

القدوة العملية

     أي وجود القدوة بين النساء، والتمكن من استمرارية الدعوة على الصعيد الفردي، وذلك أبلغ أثرًا في الدعوة؛ من حيث الامتثال والتطبيق، ولا يقف دور المرأة عند هذا الحد؛ فإن لها دورًا قويًا مؤثرًا في كونها قدوة حسنة، كريمة الأخلاق، حسنة العشرة، تقضي حوائج الناس، وتشاركهم همومهم وأفراحهم مع التزام أحكام الشرع.

الفرص المناسبة

     استثمار الفرص المناسبة للدعوة والتوجيه عند التطبيق العملي للدعوة، مع مراعاة أحوال الفئة المدعوة وتقديم الحلول القابلة للتطبيق، وعرض السبل الممكنة للعلاج؛ وهذا يتطلب بأن تكون المرأة الداعية على سعة من الاطلاع والثقافة السائدة عن العامة مع النزول إلى واقع الحال المعاش، كيلا تصبح الدعوة على سبيل التنظير دون السعي نحو التطبيق.

سادساً: عامل جهادي دفاعي

 ومن أنواع هذا الجهاد والدفاع عن الدعوة الإسلامية:

الجهاد الخارجي

     وذلك بمواجهة التحديات والهجمات التي تتعرض لها المرأة المسلمة، في ظل الواقع الذي صوّر المرأة بصورةٍ غير لائقة، وأطر دورها في المجتمع ضمن زوايا بعيدة عن أحكام الشرع ومقاصده، وتصوير المرأة المسلمة بأنها مضطهدة ومظلومة، وانطلاق صيحات التحرر والرفض بأهداف ٍخارجية غايتها إقصاء المرأة عن دورها النهضوي الإصلاحي.

الجهاد الداخلي

 بتحمل الصعوبات كلها، وتجاوز العقبات التي تواجه العمل الدعوي للمرأة المسلمة داخل المجتمع الإسلامي.

فهذه أبرز الأدوار التي تؤديها المرأة الداعية باعتبارها عاملاً رئيسًا، وعنصرًا فاعلاً في تحقيق الرسالة المحمدية ومعانيها السامية للبشرية.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك