دعوا إلى تفعيل حقيقي للمادة الثانية من الدستور- علماء الدعوة السلفية في الإسكندرية يحذرون من المساس بالهوية الإسلامية لمصر
حذر علماء الدعوة السلفية في الإسكندرية من المساس بالمادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، ودعوا إلى تفعيلها بـمراجعة كافَّة التشريعات المخالفة للشريعة.
وقال السلفيون: «إن الأُمَّةَ لم تَخترْ هذه المادةَ لتَبقى حَبيسةَ الأوراقِ لـمُدَّة أكثر مِن ثلاثين سنة!».
كما دعوا إلى إطلاق حملة لجمع توقيعات مليونية للتأكيد على عدم المساس بها.
جاء ذلك خلال مؤتمر حاشد عقدته مساء الثلاثاء 8 فبراير أكبر جماعات التيار السلفي في مصر، وحضره ما يقرب من 100 ألف شخص إلى جانب عدد لافت من الشيوخ والدعاة الإسلاميين، بهدف التأكيد على هوية مصر الإسلامية في ظل الإعداد لتعديل الدستور و»تحرش البعض» بالمادة الثانية منه.
توصيات المؤتمر
وتصدرت توصيات المؤتمر الذي تحدث فيه كل من: د.محمد إسماعيل المقدم، ود.ياسر برهامي، ود.سعيد عبدالعظيم، ود.أحمد فريد، التأكيد على هوية مِصر؛ «كدَولةٍ إسلاميةٍ مرجعيةُ التشريع فيها إلى الشريعة الإسلامية». ورأى الدعاة السلفيون أن هذه مسألة «تُـحَتِّمُها عقيدةُ الأُمَّة وعَقْدُها الاجتماعيُّ، فضلاً عن دُستورها وتاريخِها عبر خمسة عشر قرنًا»، واعتبروا أن كل ما يخالف الشريعة الإسلامية في نصوص التشريع «يُعَدُّ باطلاً».
جاء ذلك بينما تقدمت مجموعة من الشخصيات القبطية بمذكرة إلى نائب الرئيس السابق عمر سليمان، تطلب المشاركة في الحوار الوطني الذي بدأه مع عدد من القوى السياسية من أجل طرح رؤيتهم الخاصة، وقال الناشطون ومن بينهم المحامي نجيب جبرائيل: إن الأقباط «عانوا مناخاً شديد الظلم ما أدى إلى إقصائهم عن المشاركة في صنع القرار»، مشددين على «ضرورة إحداث تعديلات دستورية» تؤكد على علمانية الدولة، في تلميح على ما يبدو للمادة الثانية من الدستور.
وخلال مداخلة مع قناة «بي بي سي» أكد جبرائيل على ضرورة النظر فيما وصفه بـ «مطالب الأقباط في مصر» مهددا بتنظيم مظاهرات قبطية حاشدة في حال جرى تجاهلها.
لكن يرى السلفيون أن «الأمانَ الحقيقيَّ» للأقباط في مصر يتمثل «في الشريعة والقائمين بها»، وليس في رفع الشعارات «كالمواطَنة وإلغاءِ خانة الدِّيانة مِن البطاقة وإلغاءِ صفة الدَّولة الإسلامية»، كما جاء في بيانهم الثالث خلال الأحداث.
ودللوا على ذلك بالتعاون الذي قام بينهم وبين الأقباط خلال الأحداث، وما قاموا به من حماية ممتلكات الأقباط و»أنَّ أحدًا منهم لم يَتعرض في وسط الغياب الكامل لسُلطة الدَّولة والأمن»، لأي أذى، «حتى كانت مشاركة أفرادهم في توزيع بيانات الدعوة السلفية بأنفسهم وطلب الحماية منهم ضد المجرمين الذين لا يُفَرِّقُون بين مالِ مُسلِمٍ أو نَصْرَانِيٍّ»، حسبما جاء في البيان.
الدعوة السلفية
وخلال مؤتمرها أثنت الدعوة السلفية على «جهود الشباب المتظاهرين» في كل أنحاء مصر، والتغيير الذي أحدثوه، وكان ذلك على ما يبدو ردًا على ما تردد من أن التيار السلفي يعارض التظاهرات، ففي تصريح خاص لـ»أون إسلام» نفى مصدر سلفي الشائعات التي قالت: إن السلفيين أخرجوا سيارات تجوب شوارع الإسكندرية لإثناء الناس عن الخروج في الاحتجاجات، وتقول إن المظاهرات حرام، قائلا: إن هذا «تلفيق صريح» على الدعوة التي لم تنه بياناتها إلا عن التعرض لأمن الناس وممتلكاتهم أو التعرض للمنشآت والممتلكات العامة.
ومع الاضطرابات التي وقعت على خلفية الأحداث في مصر، أعلن السلفيون في الإسكندرية ما يشبه حالة الاستنفار من أجل إغاثة المتضررين والمحتاجين وقدموا خلال ذلك مساعدات مختلفة ومعونات وأطعمة، كما ساهموا في حفظ الأمن، وقاموا بتسليم الجيش عددا من المجرمين وسرقات كانوا قد استولوا عليها، فضلا عن مشاركة قطاع كبير من شباب السلفيين في المظاهرات.
قانون الطوارئ
ومن بين توصيات المؤتمر التي ألقاها الشيخ على حاتم - وهو وكيل وزارة سابق - إلغاء قانون الطَّوارئ، ومنعُ القَمع والتعذيب، والسَّجن والاعتقال دون محاكمة، والإفراج الفَوريُّ عن كُلِّ مَن سُجِنَ أو اعتُقِلَ بغير حق. وهي ممارسات طالما تعرض لها السلفيون كغيرهم من باقي الجماعات الإسلامية في ظل نظام الرئيس مبارك. وطالبوا أيضا بإصلاح المؤسَّسة الأَمنية «لإعادة الثِّقة فيها عند الأُمَّة»، واعتبروا أَول خطوات هذا الإصلاح «التخلص مِن العناصر الفاسدة التي يَثبت تَورُّطُها في الاعتداء على حُرُمات الناس وحَقِّهم في احترام آدميَّتِهم وكرامتِهم الإنسانية»، وإعادةُ بناء هيكلها مِن جديد، وتدريبُ العناصر الحالية مِن خلال «دوراتٍ تأهيلية في حسن معاملة الجماهير».
الحزب الوطني
إعلاميا طالب السلفيون بالإلغاء الفَوري لسيطرة الحِزب الوطني على المؤسسة الإعلامية، «التي ما زالت تَسير على النَّمَط القديم، حتى بَعدَ أنْ صارت عَديمةَ المصداقية!»، على حد قولهم، وطالبوا باستبدال هؤلاء بشخصيات «مقبولةٍ محترَمةٍ مِن الجماهير»؛ تُحاول إعادةَ الثِّقة في المؤسَّسة الإعلامية.
وقد عقد السلفيون مؤتمرهم بعد صلاة العصر، بجوار المصلى القديم لمسجد «الفتح» بمنطقة «مصطفى كامل» في المدينة الساحلية شمال مصر، وحضره عدد كبير من دعاتهم: كالشيخ شريف الهواري، وسعيد السواح، وسعيد حماد، وأحمد النقيب الذي حضر متأخرا وألقى كلمة حثت على المحافظة على دين الأمة، وكان منسق المؤتمر الشيخ عبد المنعم الشحات، وتمثل الهدف من كل هذا الحضور في إبداء موقف «الدعوة السلفية» من الأحداث التي تشهدها مصر منذ نحو أسبوعين.
توضيح لما فهمه البعض مِن كلام الشيخ (محمد إسماعيل) مِن تغير موقف الدعوة إلى تأييد المظاهرات والمشاركة فيها
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد فهم البعض مِن كلام الشيخ «محمد إسماعيل» في «المؤتمر السلفي» في مدح الشباب الذين قاموا بالثورة أن موقف الدعوة قد تغير إلى المشاركة في المظاهرات، بينما كان فضيلة الشيخ «محمد إسماعيل» -حفظه الله- يتكلم عن أمر قد وقع بالفعل، ولم يطلب مِن أحد الاشتراك في المظاهرات، وكما سَمِع الجميع دعوتنا بعد المؤتمر للانصراف في هدوء، وهو في كلمته قد مدح الطاقات، والصفات الحسنة، والمواقف الرائعة مِن الشباب التي ظهرت خلال الأحداث، مِن: جرأة، وشجاعة، وثبات، وحرص على الكرامة.
والذين لم يشاركوا في المظاهرات كانوا يقومون بدور هام في حراسة الأمن وضبط الشارع عن طريق اللجان الشعبية، وكذا واجب التكافل الاجتماعي مع الفقراء الذين تضرَّروا بشدة من هذه الأوضاع، والتصدي للمجرمين الذين روَّعوا الناس وصالوا على ممتلكاتهم، وكذا الدعاة الذين جهروا في عنفوان قوة الباطل. وهو أيضًا قد نبَّه في كلمته أننا لا يمكن أن نُوقـِّع لشباب الإنترنت في المظاهرات على بياض؛ فليس مِن حقهم وحدهم تقرير مصير الأمة؛ بل هم جزء منها.
وقد أشار -حفظه الله- في كلمته إلى المأزق الذي وُضِعنا فيه؛ لأن الدستور -من جهة- مُفصَّل على فرد أو أفراد بأعيانهم، ومن جهة أخرى فإن البديل هو عمل مراجعة شاملة وجديدة للدستور الأمر الذي يعطي المغرضين فرصة للتحرش بالهوية الإسلامية للبلاد.
ولذا نُصرِّح ونُؤكِّد أن موقف الدعوة المعلن والموجه إلى أبنائها ومَن يوافقهم لم يتغير، كما أوضحناه قبل وأثناء الأحداث، ولاعتبارات أخر أيضًا تصب في مصلحة الثورة وترشيدها لا إجهاضها، كما يزعم البعض.
لاتوجد تعليقات