رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 5 سبتمبر، 2017 0 تعليق

دعت لمساواة المرأة بالرجل في الميراث وجواز زواج المسلمة بالكافر- تونس تصادم أحكام الشريعة


حالة من الجدل يعيشها المجتمع التونسي بل والمنطقة العربية والإسلامية بأسرها منذ أيام، بعد دعوات الرئيس التونسي الباجي السبسي، حول المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات بما فيها الميراث، وكذلك إعطاء المرأة المسلمة التونسية حق الزواج من غير المسلم، وهو الأمر الذي تُحرِّمة الشريعة الإسلامية تحريما قطعيا.

الإفتاء التونسية يؤيد

     ومما زاد حالة الجدل والاستنكار، البيان الذي أصدره ديوان الإفتاء التونسي، الذي أيد مقترحات الرئيس التونسي، وقال: إن «مقترحاته التي أعلن عنها هدفها تدعيم مكانة المرأة وضمانًا وتفعيلًا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات التي نادى بها ديننا الحنيف في قوله -تعالى-: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} فضلًا عن المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية التي تعمل على إزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين.

بيان شديد اللهجة

     وردًا على ما أقدم عليه الرئيس التونسي أصدر عدد من علماء جامع (الزيتونة) ومشايخه وأستاذة جامعيين مختصين في الشريعة بيانا شديد اللهجة عدّوا فيه السبسي «تدخّل في ثوابت لا مجال لتبديلها وأحكام المواريث تكفل الله -سبحانه- بتفصيلها وبيانها في كتابه العزيز: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}.

كما عدّوا أن زواج المسلمة بغير المسلم  «محرماً بالكتاب والسنة والإجماع وارتباطها به يعد جريمة زنا استنادا إلى قوله -تعالى-: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا}.

تجرؤ على القرآن

     كما عَدَّ الشيخ الزيتوني لطفي الشندرلي -رئيس (المركز الدولي لحوار الحضارات والأديان والتعايش السلمي)- أن السبسي «تجرأ» على القرآن، الذي شرِّع عدم المساواة في الميراث بين الجنسين، «فلا مجال للخوض في أيات الله المحكمات لنضعها موضع تحريف أو مزايدات أو كسب نقاط سياسية؛ فتعالى الله وتعالت آياته علوا كبيرا»، مشيرا إلى أن «تأويل» مفتي تونس عثمان بطيخ لبعض آيات القرآن في اتجاه تأييد مبادرة السبسي «باطل وخارج عن الفهم الصحيح. ومردود على أئمة البلاط».

الأزهر يعترض

     من جانبه قال وكيل الأزهر: دعوة السبسي للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، وقال شومان في بيان نشرته «الصفحة الرسمية لمكتب وكيل الأزهر» على موقع فيسبوك: إن «دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها، وتتصادم مع أحكام الشريعة». وأوضح شومان أن «المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغير الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة لا مجملة وكلها في سورة النساء».

     كما أكد شومان أن «الدعوات المطالبة بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم ليس كما يظن أصحابها في مصلحة المرأة؛ حيث أفاد شومان بأن هذا الزواج «الغالب فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج»؛ إذ لا يؤمن غير المسلم على دين المسلمة وبالتالي «لا يعتقد تمكين زوجته من أداء شعائر دينها فتبغضه ولا تستقر الزوجية بينهما»؛ لذلك يسمح للمسلم بأن يتزوج (بالكتابية) (المسيحية أو اليهودية) ولا يسمح له بالتزوج ممن لا يعترف الإسلام بديانتهن.

تبديد وليس تجديد

وتابع وكيل الأزهر قائلا: «إن تدخل غير العلماء المدركين لحقيقة الأحكام من حيث القطعية التي لا تقبل الاجتهاد ولا تتغير بتغير زمان ولا مكان وبين الظني الذي يقبل هذا الاجتهاد هو من التبديد وليس التجديد».

بيان الدعوة السلفية

كما أصدرت الدعوة السلفية، بيانا حول تصريحات الرئيس التونسي، أكدت فيه على أمور عدة:

نوع من العبثِ بدين الله

     إن دعوى الاجتهاد في المسائل التي أجمعت عليها الأمةُ هو نوع من العبثِ بدين الله -عز وجل- قال -تعالى-: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» (رواه مسلم)، ومنه عُلم أن الأمةَ لا تجتمعُ على ضلالةٍ أبدًا، وأن من يخالف إجماع الأمة هو الذي يقع في الضلالة، كما قال -تعالى-: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.

المعلوم من الدين بالضرورة

إنَّ بعض هذه الأحكام -المُجمع عليها- يعرفُها علماءُ الشريعةِ، ويعرفها غيرهم، بوصفَ (المعلوم من الدين بالضرورة)، وبالتالي يُكفّرون من يُنكره؛ من بابِ أنَّ الحجةَ فيها مقامةٌ على كلِ أحدِ باستفاضةِ العلمِ بها.

الرجوع إلى الكتاب والسنة

     كما ينبغي التنبيه على أنّ أمورَ الدينِ كُلّها مبناها على الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وأنه بفرض أنّ مسألةً ما وصفتْ بأنها ليس فيها إجماعٌ أو أنّ أدلتها ليستْ قطعية، فليس معنى هذا فتح باب التحريف والتبديل والقول على الله بغير علم، وإنما الاجتهاد القائم على رد المتشابه إلى المُحكم وفق قواعد يعلمها أهل العلم.

لا تحتمل اجتهاد أو نظر

     المواريث من المسائل التي جاءت مفصّلة في القرآن الكريم تفصيلا واضحٍا وبيّنٍ بما لا يحتملُ أي اجتهاد أو نظر، ومنها أن بنتَ المتوفى لها نصف نصيب الابن، وهذا ثابتٌ في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

     وأن هذه القاعدة لا تنطبق على كل رجل وامرأة في الميراث، كما قد يتوهمه بعضُ الجهلاء، بل قد يترك المتوفى بنتين وجمع من الأشقاء، فتأخذ البنتان الثلثين، ويشترك كُلُّ أشقائه ذكورهم وإناثهم في الثلث، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى:{وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}، فيكون في هذه الحالة نصيب أخت المتوفى على النصف من نصيب أخيه في حين أن نصيبَ بنت المتوفى أكثر من ضعفِ نصيب أخيه، والأمثلةُ على ذلك كثيرة.

حُرمة زواج المسلمةِ من الكافرِ

     مسألة حُرمة زواج المسلمةِ من الكافرِ، هي أيضا مما جاء النص عليه في القرآن الكريم، ومما أجمعتْ الأمّةُ عليه على مر العصور؛  لقوله -تعالى-: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}.

قال الإمامُ ابن جُزيّ: «وإنّ نكاحَ كافر مسلمة يَحرمُ على الإطلاقِ بإجماعٍ»، وقال الإمام ابن قدامة: «إذ لا يجوزُ لكافرٍ نكاحَ مسلمة»، قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم».

مصادمة أحكام الشريعة

لا يجوز بأي حال من الأحوال الاحتجاج بأي نص عام في دستور أو غيره على مصادمة أحكام الشريعة الأسلامية؛ لأن الدستور في النهاية كلامُ البشرِ، ولا قدسية له.

العدولِ عن أحكامِ الشريعةِ

     كما حذرت الدعوة في نهاية بيانها الجميعَ من مغبةِ العدولِ عن أحكامِ الشريعةِ الثابتةِ إلى أي مصدر آخر كائنًا ما كان، وقد قال الله -تعالى- عن من فعل شيئًا من هذا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وقال: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

محادة لله ورسوله

     وتعليقًا على هذه القرارات قال الشيخ رائد الحزيمي الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الكويتية: لقد ساءنا خبر فرض قانون في تونس لمساواة المرأة بالرجل في الميراث وكذلك إباحة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا من الكفر بالله ومحادة لله ورسوله، قال -تعالى-: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85) وقال -سبحانه-: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة:50)، وقال -تعالى-: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44)، وفِي آية أخري ختمها {هم الظالمون} وثالثة ختمها {هم الفاسقون}.

قسمة الميراث تكفل الله بها

     والله -تعالى- قد شرع لنا هذا الدين وأكمله ورضيه لنا، وَمِمَّا شرعه لنا هو قسمة الميراث التي تكفل الله بتوزيع الأنصبة في كتابه المجيد، وهو الذي خلق الخلق، وهو أعلم بما يسعدهم والأصلح لهم، ومن ابتغى حُكْما غير حُكمه أذله الله وتوعده بالمهانة في النار، كما بين ذلك بعد آيات المواريث في سورة النساء، وهذا القانون ليس فقط عارض شريعة الله ولكن كذلك خالف الفطرة السليمة بمساواة المرأة بالرجل للاختلاف البين الواضح في الخلقة وفِي التكاليف الدينية والاجتماعية

من الثوابت المجمع عليها

     أما الشيخ وليد سيف النصر -أحد علماء الحديث المعروفين- فقال -معقبًا على هذه القرارات-: هذه الأمور من الثوابت المجمع عليها، وهي من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا يسع لمسلم جهل مثل هذا، وفي نظري أن هؤلاء أوتوا من بعض الجهات، إما الجهل المطبق بحقيقة هذا الدين وحكم التشريع ومقاصد الشريعة ومعرفة الضرورات التي جاءت الشريعة الغراء بحفظها، وإما رجل ثقافته وتربيته ونشأته أوربية وهو أجنبي عن حقيقة دينه فهو يهرف بما لا يعرف، والإنسان عدو ما يجهل، {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}، وهو لا يعرف من الدين إلا اسمه.

أعداء الإسلام متربصون بنا

     أما فيما يتعلق بزواج المسلمة من غير المسلم، فأنا لا أستغرب مما يحدث ويثار؛ لأن أعداء الإسلام متربصون بنا، ويسعون بكل ما أوتوا من قوة أن يزعزعوا المسلمين ويشككوهم في دينهم مع أني أرى أن شأن هؤلاء أحقر من أن يرد عليهم، فليس كلما قام لكاع أشغلنا أنفسنا به، فهؤلاء كثير لا كثرهم الله، فسنظل عمرنا كله ليس لدينا إلا الرد عليهم، لذلك الذي أراه لمواجهة هذا الفكر أمور عدة هي:

فئة متفرغة

- أولا: أن تكون هناك طائفة من طلبة العلم متفرغة لمثل هؤلاء وليس كل ولا جل الأمة والدعاة ينشغلون بهم.

تأصيل الأمر عند العامة

- ثانيا: أن يكون الرد على هذا المنهج الخطير وهو التشكيك في الثوابت ومسلمات ديننا،ب تأصيل هذا الأمر عند العامة كما قال -تعالى-: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} فبيان سبيل المجرمين واستبانتها من الأمور المهمة في حماية العامة من التأثر بهذا الفكر.

صفات العالم الذي يؤخذ منه

- ثالثا: بيان صفات العلماء الربانيبن الذين يؤخذ منهم العلم ليسقط هؤلاء وأمثالهم عند الجميع.

الوسائل الوقائية

- رابعا: لابد من اتخاذ الوسائل الوقائية ولا تكون دعوتنا قائمة على ردود أفعال فقط، فتبصير الناس بدينهم والدعوة إلى منهج السلف بكل قوة وصفاء ونقاء ووضوح، من مهمات ديننا ولم ينشط هؤلاء ولم تنتشر هذه الدعوات إلا في ضعف أهل الحق أو غيابهم، قال -تعالى-: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (الأنبياء:18)، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الإسراء:81).

تذويب عقيدة المسلمين ومحوها

     من جانبه عَدَّ الشيخ ناظم المسباح مساواة المرأة بالرجل في المواريث عين الظلم للمرأة المسلمة، فأحكام المواريث والزواج تستند إلى نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة لا يصح معها اجتهاد أو تأويل. كما أكد المسباح أن الدعوة لمساواة المرأة بالرجل في المواريث أو زواج المسلمة من غير مسلم هي دعوة باطلة، وتتصادم مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع المسلمين، كما بين أن أحكام الميراث لم تظلم المرأة مطلقًا، بل هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظراؤها من الرجال، في مقابل أربع حالات محددة فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل.

     وأكد المسباح أن هذه الدعوات تأتي في سياق سعي العديد من المنظمات والهيئات العالمية لهدم الأسرة المسلمة وتغريبها، مشيرًا إلى أن الجهل بالدين والبعد عن كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم - والعقيدة الصحيحة من أسباب وصول هذه السلوكيات المنحرفة والأفكار الضالة إلى ديار المسلمين، فضلا عن الإعلام المضلل والتيارات العلمانية والتغريبية التي تسوق لكل كفر تحت مظلة الحريات وحقوق الإنسان، مشددا على ضرورة التصدي لمثل هذه الدعوات بالحكمة والموعظة الحسنة.

هجوم عنيف

     ولفت د. المسباح إلى أن الثوابت الدينية والشرعية تتعرض لهجوم عنيف بهدف تذويب عقيدة المسلمين ومحوها وما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام، ومن ذلك عدم تكفير من كفَّرهم الله في كتابه وعلى لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم -، مذكرًا بقوله -تعالى-: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير}، مؤكدًا على أن تكفير من كفَّرهم الله ورسوله لا يعني استحلال دمائهم أو أموالهم أو قتالهم لمجرد أنهم كافرون؛ فالله الذي كفرهم أمرنا أن نبرهم ونقسط إليهم قال -تعالى-: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.

جهل تام وتعال على الدين

     من جهته وصف رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ محمد الحمود النجدي من يثير هذه الشبهات حول ميراث المرأة، وادعائهم أن الإسلام قد هضمها حقها بالجهل التام أولاً بأحكام الميراث وقواعده في الإسلام عموما، وميراث المرأة خصوصا، من قبل هؤلاء المتعالين على الدين الإسلامي، وعلى العلم والواقع.

اعتراض على عدل الله

     وأضاف، كما أن فيه اعتراضًا على عدل الله -تعالى- وشريعته، وطعنا في حُكمه وحكمته، وهو مما يخالف الإيمان بالله رباً، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولا، يقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الأحزاب: 36، وقال -تعالى-: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} البقرة: 229.

منظومة إسلامية متكاملة

     وإذا أراد هؤلاء أن يطعنوا في الإسلام اعتمادا على شبهة الدعوة إلى المساواة في الإرث، فإن نظام الميراث في الإسلام هو جزء من منظومة إسلامية متكاملة، وشريعة ربانية تامة غير ناقصة، لا تقبل التغيير ولا التبديل، قال -سبحانه-: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنعام:115، ويجب أن نأخذ هذه الشريعة الغراء، وهذا الدين العظيم كله، وليس بجزئية من جزئياته، قال -سبحانه-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} البقرة:208. وهناك مبادئ عدة يجب أخذها في الاعتبار في هذه المسألة وهي:

تقسيم التركات

     إن الذي تولّى أمر تقسيم التركات في الإسلام، هو الله -تعالى- رب العالمين وليس البشر؛ فكان نظام الميراث والدقة والعدالة في التوزيع، ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه، لولا أن هداهم الله له، قال -تعالى-: {آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} النساء: 11.

النظر إلى الحاجة والنفقة

     الإسلام نظر إلى الحاجة والنفقة، فأعطى الأكثر احتياجا نصيباً أكبر من الأقل احتياجا؛ ولذلك كان حظ الأبناء أكبر من حظ الآباء، لأن الأبناء مقبلون على الحياة، والآباء مدبرون عنها ؛ولذلك كان للذكر مثل حظ الأنثيين في معظم الأحيان، لأن الابن الذي سيصير زوجاً، سيكون باذلا لمهر زوجته، منفقا عليها وعلى أولاده منها، وأكثر احتياجا من أخته التي ستصير زوجة تقبض مهرها، ويرعاها وينفق عليها زوجها. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك