درر وفوائـد من كــلام السلف
منهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الرد على المخالفين
تقديم فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله
وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
اعتنى به ورتبه نايف بن ممدوح بن عبد العزيز آل سعود وفقه الله
يقول فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله في تقديمه للكتاب :
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فقد اطلعت على العمل الجليل الذي قام به الأخ الكريم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن ممدوح بن عبد العزيز زاده الله من الهدى واليقين والفقه في الدين، وهو انتقاء جملة من ردود شيخنا شيخ الإسلام وإمام أهل السنة في زمانه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز-رحمه الله- وإخراجها في كتاب خاص بغية تسهيل الوقوف عليها والاستفادة من منهجه -رحمه الله- في الرد على المخالفين، وهو منهج يتسم بالرفق والشفقة والحرص على سلامة المردود عليه ورجوعه إلى الصواب، ومن منهجه أيضاً- رحمه الله-أنه إذا رد على مخالف لم يشغل نفسه بمتابعته، ولم يهجره أو يدعو إلى هجره، بل عَدَّ نفسه أدى ما عليه من النصح وبيان الخطأ، واشتغل بما هو ديدنه من العلم والدعوة إلى الخير ونفع الناس بمختلف وجوه النفع، فرحمه الله، وأجزل له الأجر والثواب،وشكر الله لصاحب السمو الملكي الأمير نايف عنايته واهتمامه بإبراز هذه الردود التي يستفاد منها من جهتين:
إحداهما: معرفة الحق والهدى فيما اشتملت عليه ردوده.
والثانية: استفادة من يرد على غيره من منهحه -رحمه الله- في الرفق واللين والحرص على إفادة المردود عليه ورجوعه إلى الصواب.وأسأل الله -عزوجل- أن يثيب الأمير نايفاً على هذا العمل، ويجزل له الأجر والثواب، وأن ينفع به من يقف عليه، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
- ويقول فضيلة الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في مقدمته للكتاب أيضا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
و بعد: فقد اطلعت على المجموع الذي جمعه سمو الأمير/ نايف بن ممدوح بن عبد العزيز: بعنوان «منهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الرد على المخالفين «فوجدته مجموعا مناسبا موضحا لمنهج الشيخ رحمه الله في التحقيق العلمي والأسلوب الرفيع المقنع، جزى الله سمو الأمير خيرا فيما قدم، وغفر للشيخ وأثابه فيما ترك من ثروة علميّة، تفيد الأمة، وتمد طلبة العلم بالعلم النافع والمنهج السليم وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد وآله وصحبه».
النصيحة للأمراء
قال الإمام محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله:
والنصيحة للأمراء تكون بأمور منها:
أولاً: اعتقاد إمامتهم وإمرتهم؛ فمن لم يعتقد أنهم أمراء فإنه لم ينصح لهم؛ لأنه إذا لم يعتقد أنهم أمراء فلن يمتثل أمرهم ولن ينتهي عما نهوا عنه، فلا بد أن تعتقد أنه إمام أو أنه أمير، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ومن تولى أمر المسلمين ولو بالغلبة فهو إمام، سواء كان من قريش أومن غير قريش.
ثانياً: نشر محاسنهم في الرعية؛ لأن ذلك يؤدي إلى محبة الناس لهم، وإذا أحبهم الناس سهل انقيادهم لأوامرهم.
وهذا عكس ما يفعله بعض الناس؛ حيث ينشر المعايب ويخفي الحسنات، فإن هذا جورٌ وظلم.
فمثلاً يذكر خصلة واحدة مما يُعيب به على الأمراء وينسى خصالاً كثيرة مما قاموا به من الخير، وهذا هو الجور بعينه.
ثالثاً: امتثال ما أمروا به وما نهوا عنه، إلا إذا كان في معصية الله -عزّ وجل-؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وامتثال طاعتهم عبادة وليست مجرد سياسة، بدليل أن الله -تعالى- أمر بها فقال عزّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (النساء:59)، فجعل ذلك من مأموراته عزّ وجل، وما أمر الله تعالى به فهو عبادة. ولا يشترط في طاعتهم ألاّ يعصوا الله،فأطعهم فيما أمروا به وإن عصوا الله؛ لأنك مأمور بطاعتهم وإن عصوا الله في أنفسهم.
رابعاً: ستر معايبهم مهما أمكن، وجه هذا: أنه ليس من النصيحة أن تقوم بنشر معايبهم، لما في ذلك من ملء القلوب غيظاً وحقداً وحنقاً على ولاة الأمور، وإذا امتلأت القلوب من ذلك حصل التمرّد وربما يحصل الخروج على الأمراء فيحصل بذلك من الشر والفساد ما الله به عليم.
وليس معنى قولنا: ستر المعايب أن نسكت عن المعايب، بل ننصح الأمير مباشرة إن تمكنا،وإلا فبواسطة من يتصل به من العلماء وأهل الفضل. ولهذا أنكر أسامة ابن زيد -رضي الله عنه- على قوم يقولون: أنت لم تفعل ولم تقل لفلان ولفلان يعنون الخليفة، فقال كلاماً معناه: «أتريدون أن أحدثكم بكل ما أحدث به الخليفة» فهذا لا يمكن.
فلا يمكن للإنسان أن يحدث بكل ما قال للأمير؛ لأنه إذا حدث بهذا فإما أن يكون الأمير نفذ ما قال، فيقول الناس: الأمير خضع وذل، وإما ألا ينفذ فيقول الناس: عصى وتمرّد.
ولذلك من الحكمة إذا نصحت ولاة الأمور ألا تبين ذلك للناس؛لأن في ذلك ضرراً عظيماً.
خامساً: عدم الخروج عليهم، وعدم المنابذة لهم، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في منابذتهم إلا كما قال:
إلا أَنْ تَرَوا - أي رؤية عين، أو رؤية علم متيقنة.
كُفْرَاً بَوَاحَاً أي واضحاً بيّناً.
عِنْدَكُمْ فِيْهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ أي دليل قاطع.
ثم إذا جاز الخروج عليهم بهذه الشروط فهل يعني ذلك أن يخرج عليهم ؟ لأن هناك فرقاً بين جواز الخروج، وبين وجوب الخروج.
والجواب: لا نخرج حتى ولو رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان،إلا حيث يكون الخروج مصلحة،وليس من المصلحة أن تقوم فئة قليلة سلاحها قليل في وجه دولة بقوتها وسلاحها؛ لأن هذا يترتب عليه إراقة الدماء واستحلال الحرام دون ارتفاع المحذور الذي انتقدوا به الأمراء،كما هو مشاهد من عهد خروج الخوارج في زمن الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- إلى يومنا هذا؛ حيث يحصل من الشر والمفاسد ما لا يعلمه إلاربُّ العباد.
لكن بعض الناس تتوقد نار الغيرة في قلوبهم ثم يحدثون ما لا يحمد عقباه، وهذا غلط عظيم.
ثم إنا نقول: ما ميزان الكفر؟ فقد يرى البعض هذا كفراً و البعض لايراه كفراً، ولهذا قيد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله كُفْرَاً بَوَاحَاً ليس فيه احتمال،كما لو رأيته يسجد للصنم، أو سمعته يسب الله، أو رسوله أو ما أشبه ذلك.
شرح الأربعين النووية - الحديث السابع - للإمام ابن عثيمين رحمه الله
لاتوجد تعليقات