رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 8 يوليو، 2021 0 تعليق

دراسة ميدانية لعينة من 300 مشارك ومشاركة – 77٪ من عينة الدراسة أكدوا أن الفكر النسوي ليس في صالح المرأة

 تواجه الأسرة والمرأة في الدول الإسلامية نمطًا جديدًا من الدعوات التحررية التي تخالف أحكام الشريعة الإسلامية وقيم المجتمع وثوابته، وذلك من خلال فكر غريب عن مجتمعاتنا، انتشر ووجد صدى وتأييدا من بعض الفئات التي تسعى إلى تغريب المرأة، والخروج عن كل القيم والأخلاق والمبادئ الشرعية، والأعراف السليمة، وذلك من أجل إضعاف كيان الأسرة وهدم روابطها، من هنا قامت مجلة الفرقان بعمل هذا التحقق وهذه الدراسة الميدانية للوقوف على أبعاد هذا الفكر ومدى وعي المرأة المسلمة بخطورته وأهدافه.

منهجية الدراسة

- قامت المجلة - ومن خلال الباحثين المختصين- بتصميم استبانة مكونة من أسئلة علمية متعددة، تناقش من خلالها أبعاد هذه القضية، وأسبابها وأهدافها، ومدى الوعي المجتمعي بخطورتها.

- روجعت الاستبانة ودققت من خلال ثلاث جهات مختصة في الكويت ومصر والأردن.

- نشرت الاستبانة على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيس بوك والواتسآب.

- بلغت عينة الدراسة 301 من المشاركين من بلدان مختلفة، وشرائح عمرية وتعلمية مختلفة.

- حُللت النتائج ودرست وعلق عليها.

- والمرحلة الأخيرة أخذت آراء عدد من العلماء والمختصين من داخل الكويت وخارجها حول القضية والنتائج التي توصلت إليها الدراسة.

 

المشاركون في الدراسة

شارك في إخراج هذه الدراسة قرابة 15 شخصية من المختصين والدكاترة من داخل الكويت وخارجها، والمجلة تتقدم لهم بالشكر الجزيل ولكل من شارك برأي أو مشورة أو جهد سائلين الله أن يتقبل منا ومنهم.

 

 

 

 

تحليل أسئلة الاستبانة

 1 - في مجتمعاتنا هل تعتقد أن المرأة مطلعة علي حقوقها الشرعية؟

يبدو أن العينة متوجهة إلى أن غالب النساء لديهن إلمام واطلاع على حقوقهن الشرعية بدليل أن 50.8٪ اختاروا (إلى حد ما) على السؤال في حين أن 27.9٪ اختاروا (نعم) وفقط 21.3٪ اختاروا (لا).

 

 

 2 - هل هناك توافق بين ما تدعو إليه الشريعة من حقوق للمرأة وبين ما تدعيه الجمعيات النسوية؟

رفض 71.8 من العينة وجود توافق بين ما تدعو إليه الشريعة الإسلامية من حقوق للمرأة، وبين ما تدعيه الجمعيات النسوية، في حين أن 20.3٪ اختاروا (إلى حد ما) و8٪ قالوا: إن هناك توافقا.

 

 3 - في ظنك هل المرأة مدركة لأهمية مكانتها ووظيفتها ودورها في البيت والأسرة؟

تقريبا 48.9٪ من العينة شككت في إدراك المرأة لأهمية مكانتها ووظيفتها ودورها في البيت والأسرة، في حين أن 37.9٪ من العينة أكدوا أن المرأة غير مدركة لهذه الأهمية، وبقيت نسبة بسيطة قالت بأن المرأة مدركة لأهميتها، وقد بلغت 18.3٪.

 

 4 - برأيك هل تعرف المرأة حقيقة وجود الرجل (أبا، أخا، زوجا، أو..) أنه لحمايتها وحماية حقوقها المادية والمعنوية؟

شكك 45.8٪ من العينة في أن المرأة تعرف حقيقة وجود الرجل لحمايتها وحماية حقوقها، في حين أكد 35.2٪ من العينة أن المرأة تعرف هذه الحقيقة في أهمية وجود الرجل لحمايتها وحماية حقوقها، وخالف 18.9٪ من العينة ذلك.

 

 

5 - هل المرأة تدرك وتعي مهمة الجمعيات النسوية وأسلوب تأسيسها؟

69.8٪ من العينة أكدت أن المرأة لا تدرك دور الجمعيات النسوية وأسلوب تأسيسها، ومن ثم هذا يحدث نوعا من التخوف من انسياق المرأة خلف هذه الجمعيات، وقالت 21.9٪ من العينة بأنها تدرك ذلك إلى حد ما، أما النسبة 8.3٪ من العينة قالت إنها تدرك ذلك.

 

6 - هل تدرك المرأة أن الجمعيات النسوية تحمل أفكارا تؤثر في أسلوب تفكيرها وتغير من حياتها؟

وفي الممارسات الخطأ للجمعيات النسوية بينت الغالبية العظمى 61.5% من العينة أنها لا تدرك أثرها وخطورتها على المجتمعات المسلمة المحافظة، في حين قالت 19.9٪ من العينة أنها تدرك أثر الجمعيات النسوية عليها أما 18.6٪ فقالت: إنها لا تدرك ذلك إلى حد ما.

 

 

 7 - هل هناك ارتباط بين زيادة العنف ضد المرأة وظهور الدعوات النسوية؟

وقد ربطت العينة بوضوح بين العنف ضد المرأة وظهور الدعوات النسوية من خلال 53.8٪ من العينة قالت نعم، في حين أن 24.6٪ من العينة رفضت هذا الربط، وشكك 21.6٪ هذا النوع من الارتباط بينهما.

 

 8 - هل تعرف المرأة أن المساواة في الميراث هو نقص في حقها الذي قد يكون أحيانا أكثر من الرجل في بعض الأحيان من خلال تطبيق أحكام الشريعة؟

أكدت 63.5٪ من العينة أن المرأة لا تعرف أن المساواة في الميراث هو نقص في حقها، وقد يكون أكثر من الرجل في حين أن 19.9 قالت بأنها تعرف ذلك، أما الشريحة الأقل وهي 16.6٪ فقالت إلى حد ما.

 

9 - برأيك، هل حجم الدعاية النسوية، والدفاع عن حقوق المرأة هو في كل الأحوال لصالح المرأة؟

أكد 77.7٪ من العينة أن الدعاية النسوية والدفاع عن المرأة ليس في كل الأحوال لصالح المرأة، في حين أكد 11.6٪ من العينة أنه في صالحها إلى حد ما، أما 10.6٪ من العينة فقد قالوا إنه في صالحها.

 

 10 - هل تعلم المرأة -بحسب رأيك- أن الفكر النسوي ينقل رعايتها من الأسرة إلى خارجها?

أكد 50.8٪ من العينة أن المرأة لا تعلم أن الفكر النسوي ينقل رعايتها من الأسرة إلى خارجها، في حين أكد 29.6٪ على أنها تعلم بذالك، وشكك 19.6٪ من العينة في معرفتها وقالوا إلى حد ما.

 

 11 - في ظنك هل مشكلات المرأة في مجتمعاتنا مصطنعة وليست حقيقية؟

أما عن مشكلات المرأة مصطنعة أم حقيقية فقد أكد 44.2٪ من العينة على أنها مصطنعة وليست حقيقية، بينما 28.9٪ من العينة قالوا إلى حد ما، أما 26.9٪ من العينة قالوا إن مشكلات المرأة حقيقية وليست مصطنعة.

آراء العلماء والمختصين 

وجهت مجلة الفرقان عددا من الأسئلة التي تدور حول حقوق المرأة وواجباتها في الشريعة الإسلامية، والموقف من بعض الحركات النسوية التي تدعي الدفاع عن تلك الحقوق، وتدعو إلى إعطاء المرأة الحرية الكاملة، التي يتعارض جزء منها مع قيم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ومبادئ شريعتنا الإسلامية.

 

أ.د. وليد الربيع: نظرة تاريخية 

     عن رؤيته لتلك الحركات، وما تنادي به من الدفاع عن حقوق المرأة، والمطالبة بحريات أكثر لها، وأن النساء مظلومات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، قال الأستاذ بكلية الشريعة -جامعة الكويت- أ. د. وليد الربيع: الناظر في تاريخ أوربا والغرب يجد أن المرأة عندهم تعرضت -لقرون طويلة- من الإهانة والاحتقار والظلم، فلم ينصفها دين من أديانهم المحرفة، ولا سلطة دنيوية على يد ملوكهم وزعمائهم، ثم مع ظهور التنوير وعصور النهضة بدأت الدعوات للمساواة بين النساء والرجال بالظهور، ونبذ التمييز ضد المرأة، والمطالبة بحقوق النساء المغصوبة.

بذور قضية تحرير المرأة

     وتذكر دائرة المعارف الحديثة أن بذور قضية تحرير المرأة والمطالبة بالمساواة المطلقة مع الرجل قد غرست في القرن الثامن عشر الميلادي على يد الثورة الفرنسية، وكان شعارها (الحرية والمساواة والإخاء)، فبعد أن كانت أوربا تعدّ المرأة مصدر التخلف والإساءة، تحولت إلى المناداة بحرية المرأة وبمساواتها بالرجل، وإلغاء الفوارق بينهما وتحطيمها، دينية كانت أم اجتماعية، فكل رجل حر، وكل امرأة حرة، يفعل كل منهما ما يشاء، لا سلطان لدين ولا خلق ولا سلطة عليهما، حتى وصلوا إلى واقع مرير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والدينية.

العالم الإسلامي

      وأضاف د. الربيع، انتقلت هذه الدعوة إلى العالم الإسلامي في عهد محمد علي باشا والي مصر، حينما بعث المبعوثين إلى فرنسا ليتلقوا العلم، وكان معهم الشيخ رفاعة الطهطاوي (واعظ البعثة وإمامها)، الذي بدأ بعد عودته بنشر كثير من الدعوات الدخيلة، واستوحى من واقع الحياة الفرنسية أفكارا عن المرأة مخالفة للإسلام، وقد تجلى ذلك في مواقفه الجريئة من تعدد الزوجات وتحديد الطلاق واختلاط الجنسين.

أهداف خمسة محددة

     وبعده جاء مرقص فهمي في كتابه (المرأة في الشرق)، ودعا للمرة الأولى في تاريخ المرأة المسلمة إلى أهداف خمسة محددة وهي: القضاء على الحجاب الإسلامي، وإباحة اختلاط المسلمة بالأجانب عنها، وإيجاب وقوع الطلاق أمام القاضي، ومنع الزواج بأكثر من واحدة، وإباحة الزواج بين المسلمات وأهل الكتاب، وجاء بعده قاسم أمين في كتابيه (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة) وطالب فيهما برفع الحجاب وتقييد تعدد الزوجات والطلاق، ومنح الحقوق السياسية للمرأة. وتتابع القوم بعد ذلك على هذا المنوال.

وافد غريب على المجتمع المسلم

     ثم أكد د. الربيع أن هذه الحركات النسوية وافد غريب على المجتمع المسلم، نشأ في بيئة ظالمة للمرأة وطالب بإنصافها، وغلا في المطالبة حتى ألغى الفوارق الطبيعية والدينية، وأخذ بعض المسلمين هذه الدعوات دون إدراك لمنشئها وغايتها، ودون اعتبار لمخالفتها لأحكام ديننا العادلة الرحيمة الحكيمة، فتبنوها وطالبوا بتطبيقها مطلقا، بغض النظر عن ضررها ومخالفتها للدين والظروف التاريخية والاجتماعية المختلفة عن واقع النساء في الغرب.

اضطهاد المرأة في مجتمعاتنا

- وعن المشكلات التي تتعرض المرأة وادعاء أنها تتعرض لاضطهاد في مجتمعاتنا قال د. الربيع:

- أولاً: لابد من التفريق بين أحكام الإسلام العادلة الرحيمة، وواقع بعض المسلمين وسوء تطبيقهم لبعض أحكام الدين جهلا أو ظلما، فمن يتأمل أحكام الإسلام الحنيف يجد أنه أكرم المرأة وصانها، وكفل حقوقها، وأمر بالإحسان إليها أما وبنتا وزوجة وقريبة، وأمر باحترامها بوصفها فردا في المجتمع المسلم، له حقوق وعليه واجبات فقال -تعالى-: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} إلى قوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، وقال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وغير ذلك من الآيات الكريمة التي تؤكد عموم الخطاب الشرعي للمكلفين من الرجال والنساء.

     وبيّن -سبحانه- اشتراك الجميع في الحساب والجزاء فقال -تعالى-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، وقال: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنما النساء شقائق الرجال» أي: نظراؤهم وأمثالهم كأنهن شققن منهم، مما يؤكد اشتراك الرجال والنساء في التكاليف الشرعية إلا ما استثني بالدليل.

هناك من يسيء إلى النساء

- ثانياً: لا شك أن هناك من المسلمين من يسيء إلى النساء، ولا يقوم بما أوجب الله -تعالى- لهن من الحقوق، وهذا مخالف لأمر الله -تعالى- ولوصية رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث قال: «استوصوا بالنساء خيرا»، وقال: «اتقوا الله في النساء» متفق عليه، وليس من الإنصاف أن يعمم هذا التصرف على جميع المسلمين، وينسب بهتانا للدين، مع ما تقدم من نصوص كثيرة أكرمت المرأة وأنصفتها، وهذا الواقع السيء لبعض نساء الأمة لا يستدعي تغيير أحكام الدين المنزلة، أو تبديل ثوابته المحكمة، ومنها الأحكام الخاصة بالنساء في العبادات والشهادات وأحكام الأسرة والجنايات وغيرها؛ لأنها وحي من الله العليم الحكيم الرحيم، وتغييرها خروج عن طاعته اللازمة، وأحكام شرعه الواجبة، وإعراض عن رحمته المنزلة إلى ظلمات الأفكار البشرية وجهلها وظلمها وقسوتها، قال -تعالى-: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}، فالظلم الواقع على بعض المسلمات يعالج بالعلم والإنصاف والنصرة بالقضاء العادل، وليس بتغيير أحكام الدين والتشبه بغير المسلمين في معتقداتهم وأخلاقهم وما آل إليه حالهم.

 المرأة المسلمة والحركات النسوية

     من جهته قال رئيس مركز الفتح للدراسات والمستشار في العلاقات الأسرية محمد سعد الأزهري: بالنسبة للحركات النسوية فهي بلا شك تظهر في المجتمع على أنها تقوم بالسعي لتنال المرأة حقوقها المهضومة، ولكي ندرك أن هذه الحركات مختلفة تماما عما تنادي به، ولابد أن ندرك أن مبادئ الحركات النسوية تختلف تمامًا عن مبادئ المرأة المسلمة، فالحركة التغريبية (الغربية) تقدم الإنسان على الإله، والدليل على هذا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو المرجعية للحركة النسوية، اتفاقية (السيداو) هي المرجعية للحركة النسوية، أما مرجعية المرأة المسلمة هي أحكام الشريعة وأحكام رب العزة -سبحانه وتعالى-، المتمثلة في الكتاب والسنة، ومرجعية المرأة في الحركات النسوية هي العقل، ولا شك أن بينهما تعارضا، ففي هذه الحركات يقدمون الإنسان والعقل على الإله والوحي، ومن ثم سنجد اختلافًا كثيرًا، إذا مضامين الحركات النسوية لا تتفق مع المرأة المسلمة.

أصول الحركات النسوية

      وعن أصول الحركات النسوية قال الأزهري: تعتمد أصول تلك الحركات على (ظلم المرأة)، ومعناها أن المرأة دائمًا مظلومة في كل زمان ومكان، أما المرأة المسلمة فلا تعترف إلا بالعدل ولا تقدم المظلومية على العدل، فنحن نبحث عن العدل ويمكن تحقيقه. فغرضهم من هذا هو تفكيك البيئة والمجتمع والدول، فالحركات النسوية -وإن كانت تنادي بحقوق المرأة- لكنها مختلفة تمامًا عن المرتكزات الخاصة بالمرأة المسلمة.

مشكلات المرأة في مجتمعاتنا

وعن المشكلات التي تتعرض لها المرأة أو الاضطهاد قال الأزهري:

     بالتأكيد المرأة تتعرض لمشكلات، وأحيانا لاضطهاد في مجتمعاتنا، سواء كان خاصا بالتربية أم باختيار الزوج أم طريقة تربية الأب والأم لها أم في بيت الزوج، ومشكلاتها مع زوجها أو بعد الطلاق وفي المحاكم، لكن حل هذه المشكلات يكون بالشرع والعدل، لاعن طريق الحركة النسوية، لأنها لا تحل المشكلة، وإنما تُشعر المرأة بأنها تعطيها حقها، وفي الحقيقة هي تدمر البيوت، وإلا فمنذ ظهور الحركات النسوية ونسبة الطلاق في زيادة كبيرة، ونسبة الندية في البيت في زيادة كبيرة، فالإنسان الناجح هو الذي يستطيع أن يأخذ حقة دون أن يهدم قصره، إذا لابد أن نعترف بوجود مشكلات، ولكن حل هذه المشكلات لا يكون إلا من خلال تعاليم ديننا الحنيف، من خلال العلماء والحكماء وأصحاب التخصصات المختلفة؛ بحيث تصدر التشريعات والقوانين المتوافقة مع الشرع التي تضمن للمرأة حقها كاملا.

وعي المرأة بحقوقها في الشريعة

     وعن وعي المرأة المسلمة بأن الشريعة أعطتها حقوقها كافة أم لا؟ قال الأزهري: مع الأسف لا يوجد هناك وعي، ومطلوب من المفكرين والمثقفين من أصحاب الاتجاه الإسلامي أن يبذلوا جهدا أكبر في هذا الباب؛ لكي يبينوا للمرأة أنها قد أخذت حقوقا لا توجد في أي مكان في العالم.  وإنما حقوق المرأة تتمثل في الحقوق النفسية والمعنوية وغيرها من الحقوق المختلفة، وهذه الحقوق مقابلها واجبات، فلابد للمرأة معرفة حقوقها وواجبتها وكيفية التوازن بينهم وفي الوقت نفسه يكون للمجتمع وعي بحقوق المرأة.

بناء الوعي المجتمعي

     وعن إمكانية بناء وعي مجتمعي عن خطورة هذه الحركات على تماسك الأسر المسلمة قال الأزهري: بناء الوعي المجتمعي يكون بمناقشة مثل هذه الشبهات بوضوح وعلانية، والاعتراف بالأخطاء وإرجاع الحق لأصحابه، وفي الوقت نفسه يكون هناك جيل جديد من النساء المسلمات على وعي تام بالعراقيل التي توضع أمامهن، والألغام التي زرعت في طريقهن كي تضيع المرأة نفسها بنفسها، ومن ثم تضيع الأسرة وتضيع الأولاد والمجتمع.

إنشاء جيل جديد

     وخلص الأزهري إلى أن الحل في إنشاء جيل جديد من الفتيات على علم بذلك، وعلى وعي جيد بهذه الأمور، من خلال دراستهن للشريعة الإسلامية دراسة جيدة، ويكن على وعي بأهم قضايا المرأة الفقهية، مثل: أبواب النكاح والطلاق والعدة والرضاعة والنفقة وغيرها، وأن يكون لديهن علم وخبرة بما يحاك للأمة الإسلامية.

أمور مخالفة للإســــــــلام

 أما الكاتب والباحث الأردني أسامة شحادة فجاءت إجاباته كالتالي:

     الحركات النسوية تنطوي على أمور مخالفة للإسلام، وذلك منذ الستينيات، وتطورت لتصل إلى الاتحاد الكامل مع النسوية الحديثة المتطرفة التي تنبذ الدين نبذا كاملا، وتطالب صراحة بتحرير المرأة من أحكام الدين، فما تريده ليس إنصاف المرأة، وإنما أرادت إخراج المرأة من دائرة التدين، والتنصل من أحكام الشريعة الإسلامية، لتكون أسيرة الأهواء والآراء البشرية.

       وهذه الحركات النسوية تتبنى ظلم المرأة في المجتمعات الإسلامية، مثل: التحرش في أماكن العمل وقضايا الأجور المتدنية للمرأة، وغيرها من أنواع الظلم التي تسببت بها الأوضاع العجيبة من علمانية مخلوطة بشيء من الدين، فالأصل أن المرأة المسلمة غير مظلومة في ظل أحكام الشريعة الغراء، ولا تعاني أي مشكلات إلا إذا اُبتعد عن تطبيق الشريعة.

تقصير من الدعاة والداعيات

     وعن وعي المرأة بحقوقها في الشريعة قال شحادة: مع الأسف هناك تقصير كبير جدًا من الدعاة والداعيات في شرح تكريم الإسلام للمرأة وما وهبها من حقوق، ويرجع ذلك إلى أسباب منها: ضعف المناهج التعليمة في المدارس، وتقصير الدعاة والمشايخ، وعدم تبسيط هذه الحقوق للمرأة بوضوح، فتجد مرات يستخدم الألفاظ الفقهية الصعبة غير الدارجة، أو الألفاظ القانونية غير الواضحة للناس، فنحتاج أن يكون هناك اهتمام من الدعاة أو الجمعيات أو بعض المؤسسات أو الوسائل الإعلامية مثل مجلة الفرقان؛ إذ ينبغي أن تهتم بشرح هذه القضية ببساطة ويسر وتنشر بين الناس.

كيف نبني وعيا مجتمعيا؟

      وعن بناء الوعي المجتمعي بخطورة هذه الحركات قال شحادة: بناء هذا الوعي يكون من خلال نخبة من أهل العلم الشرعي القادرين علي البيان والبلاغ، فيصوغون هذه الحقوق بما يناسب العصر من الأحكام الشرعية صياغة جيدة جميلة، مع الأمثلة والأدلة، وإبراز عظمة الإسلام في العناية بحقوق المرأة والتحذير الشديد من إضاعتها أو التعدي عليها، مقارنة بالمظالم التي تعانيها المرأة في المجتمعات غير المسلمة، التي تدعو إليها الحركات النسوية الحديثة، ويُنشر هذا الأمر ويُعمم، وبهذا نعمل علي أن يكون هناك وعي مجتمعي، وإن كان سيحتاج لفترة، ولكنه سيؤتي ثماره يوما ما.

دعوات وافقت هوى في المجتمع

     وعن رؤية فاطمة مرحبا لما تنادي به الحركات والمنظمات النسوية قالت: هذه الدعوات وافقت هوى في المجتمع، إما من النساء أو الرجال المستغلين للنساء، ووافقت طباعًا جلفة ومشاعر بليدة في التعامل مع المرأة، مع قلة الدين ونقص الإيمان، وبعض الظلم الواقع على المرأة، فألهب في المجتمع مشاعر لا تخمد. ولا شك أن هناك شريحة كبيرة من النساء تتعرض للظلم في المجتمع العربي، والعادات والتقاليد تمنعها من التصريح بذلك، أو التخلص منه بالطريقة الصحيحة، ولا أقارنها بالمجتمع الغربي، لكن بما أننا مجتمع إسلامي فيجب على المرأة أن تُحترم فيه وتوقر، وتكون نسبة المشكلات التي تخصها أقل بكثير من أدعياء الحرية والمساواة في البلاد الغربية.

تضخيم أكبر من الواقع

     وعن المشكلات التي تتعرض لها المرأة في المجتمع أكدت مرحبا أنه توجد -ولا شك- مشكلات واضطهاد في المجتمع العربي، لكنه أعطي أكبر من حجمه وضخم واستغل بصورة سيئة، فعظم وانتشر وفشا، في صورة أكبر مما هو عليه حقيقة، لكنه موجود ومشاهد.

غياب الوعي بحقوق المرأة

وعن وعي المرأة المسلمة بأن الشريعة أعطتها حقوقها كافة وأكثر مما تنادي به تلك الجمعيات والحركات، أكدت مرحبا أن المرأة ليس لديها الوعي الكامل بحقوقها عموما والتفصيلية منها خصوصا.

نشر العلم والأحكام الخاصة بالمرأة

     وعن كيفية بناء وعي مجتمعي بخطورة هذه الحركات قالت مرحبا: برأيي أن في كل امرأة (نزعة نسوية) تميل إليها المرأة حتى الملتزمة، كمثل ميلها إلى أقوال النساء من أهل العلم- وتقديمها على غيرها من الرجال، والانتصار للمرأة بمجرد السماع من غير نظر، وهذه النزعة تهذَب بالدين والعلم والاستسلام والرضى بما قدر الله على كلا الجنسين، والحوار الهادئ مع الجاهلات منهن بأحكام الشريعة من غير اتهام وتجريح،  كما يجب الاهتمام بنشر الأحكام (التي تخص المرأة) وتعريفها بمكانتها  وحقوقها التي ميزها بها الإسلام أولا، ثم أن تطلع على حقوقها في الإسلام حتى تستطيع دفع الظلم عن نفسها بالطريقة الشرعية؛ فلا تلجأ أو تضطر لمثل هذه المنظمات والدعوات والحركات لإنقاذها مما هي فيه، وأيضًا الرد العلمي الواضح على بعض الشبهات التي يبثها المدّعون بالنسبة لبعض الأحكام والأحاديث في حق المرأة، وكذلك إيراد النماذج العظيمة لنساء السلف، اللاتي كن أعلامًا وواجهات علمية فذة قادت الرجال، وفُضلت بعلمها على بعضهم، وإبراز بعضهن، وقد كانت تدفع الظلم عن كثير من المظلومات، وتبين حقوقهن لكن بالطريقة الشرعية المتبعة، فضلا عن توعية الرجال بحقوق النساء ورعايتهن وتذكريهم بهذا الحق.

المرأة في مجتمعاتنا مصونة مكرمة

      وعن رؤية إيمان المطيري للحركات النسوية وسعيها المزعوم للدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بحريات أكثر لها، وأن النساء مظلومات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، قالت: من اعتقاداتي الدينية ومن ثوابت مجتمعي الذي أعيش فيه وقيمه، لا أشك ذرة في عدم اكتمال حقوق المرأة المسلمة، وأرى أن كل من تسعى وتطالب بذلك ظنا منها أن حقوقنا -معشر النساء- مسلوبة إنما تطالب بنزع حقوقها التي أعطاها الله -سبحانه- وتسعى وراء شهوات نفسها، وصيحات الغرب التي تكلف المرأة مالا طاقة لها به، وما يشوب عفافها وكرامتها، والحمد الله في بلادي لا تجد المرأة أي شعور بأنها مظلومة، بل -بفضل الله- مصونة ومكرمة، وتأخذ حقها بل وزيادة.

ليست ظاهرة شائعة

      وعن تعرض المرأة لمشكلات أو اضطهاد في مجتمعاتنا قالت المطيري: أستطيع القول: بأن هذا الادعاء لا يعد ظاهرة شائعة، قد يكون هناك بعض الأخطاء الفردية والجهل من قبل بعض الأشخاص الذين لا يقدرون المرأة، لكن لا نستطيع تعميم ذلك على المجتمع كله، وهذا يحدث في كل المجتمعات، لكن تضخيم الأمر وتسليط الضوء عليه كأنه ظاهرة عامة أمر في غاية الخطورة، وله أهداف واضحة لمن يسعى لذلك، وكلنا يعلم ما تتعرض له المرأة في المجتمعات الغربية من امتهان واضطهاد حقيقي يخالف كل الشرائع السماوية.

صنفان من النساء

وعن وجود وعي لدى المرأة المسلمة بأن الشريعة أعطتها حقوقها كافة بينت المطيري أن النساء تنقسم في هذا الأمر إلى قسمين: القسم الأول من علمت الشريعة وتفقهت في دينها، فهي على يقين أن الشريعة أعطتها حقوقها كافة وأكثر.

     أما الصنف الآخر وهن اللاتي لم يتفقهن في الدين ولم يعرفن حقوقهن التي كرمهن الله بها، فتظن بأن ما تنادي به الجمعيات والحركات هو الحق الذي تطالب من خلاله بحقوقها كاملة، ولا تعلم بأنها بذلك ابتعدت عن حقوقها وضيعتها، وأنها وقعت فريسة لأهداف تلك المنظمات.

التمسك بالكتاب والسنة

       وعن كيفية بناء وعي مجتمعي بخطورة هذه الحركات قالت المطيري: بناء الوعي يكون أولا بالعودة إلى التمسك بالكتاب والسنة، وبيان حقيقة الإسلام وتعاليمه لشرائح المجتمع كافة، وثانيًا بالنظر في قصص الواقع النسائي وما آل إليه حالهن بعد الجري وراء هذه المطالبات والحركات، والاعتبار بالمآسي التي حصلت للفتيات وربات الأسر، فالسعيد من وعظ بغيره لا بنفسه.

استخدام الإعلام لإقناع الشعوب

     كما أكدت شيخة الشمري أن الدعوات الخارجية التي تستخدم الإعلام لإقناع الشعوب العربية والإسلامية بقضية اضطهاد المرأة، قد تكون نجحت في إقناع الجيل غير الواعي لما يدور حوله، أو لمن يجهل حقيقة الدين، وما جاء به من تعزيز حقوق المرأة لدى جميع أفراد المجتمع.

حالات فردية

وعن اضطهاد المرأة أكدت الشمري أن المرأة قد تتعرض للاضطهاد في كل مكان، ولا يمكن أن يوسم أو يوصف المجتمع العربي والمسلم بظاهرة الاضطهاد لوجود بعض حالات الاضطهاد التي قد تحصل في مجتمعنا او غيره من المجتمعات.

تكثيف الدورات والبرامج

وعن الحلول التي يمكن من خلالها بناء وعي مجتمعي لدى المرأة المسلمة قالت الشمري قد يكون أحد الحلول تكثيف الدورات والبرامج في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتظهر الصورة الصحيحة لإكرام الإسلام للمرأة.

باطل محض

من جهتها قالت أم عبد العزيز العصفور: كل من له مسكة من عقل وفهم وتدبر لكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - يدرك أنَّ ما تدعيه النساء من ظلم المرأة ليس له أساس من الصحة، بل هو باطل محض، أين هي من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «النساء شقائق الرجال»، أي مساويات للرجال فيما فرض الله على الرجال والنساء مما لا يختص به النساء أو مما لا يختص به الرجال، وأين هي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمك أمك أمك ثم أباك»، أليس في هذا حق يفوق حق الرجال؟!

وأضافت، أما ادعاؤها بأنها مضطهدة، فلتأت بدليل توضح هذا الاختلاق الذي اختلقته، الذي ينم عن جهل بشريعتنا الغراء، وما هو إلا ادعاء باطل من أهل الضلال ليصدوا المرأة عن سبيل الله.

إذا لزم علينا أن نندد بهذه الأفكار وهذه الآراء في كل مجلس، وفي كل ملتقى وكل منتدى، حتى نزيل هذه الشبهة عن فتياتنا المسلمات، ليرفعن رؤوسهن مفتخرات بهذا الدين القويم.

أقلام مأجورة انسلخت من هويتها

      من جهتها بينت انتصار المكيمي أنَّ ما تنادي به تلك الحركات يُظهر بجلاء أنها انسلخت من هويتها، فلا يوجد شريعة في الكون كرّمت المرأة  كما كرمها الإسلام، والخطورة تكمن في أن هذه الأصوات وتلك الأقلام والسهام الموجهة للمجتمع الإسلامي من أبنائه وبناته.

حالات لمشكلات فردية

     وعن اضطهاد المرأة وتعرضها لبعض المشكلات قالت المكيمي: نعم، ربما توجد حالات لمشكلات فردية من قبل بعض  أولياء الأمور، سواء من الآباء أم من الإخوة أم من الأزواج الذين لا يخشون الله؛ مما تسببوا في أذى لقريباتهنّ، نعم هناك أذى نفسي وجسدي يتعرضن له، لكن لا يقارن بالاستقرار المنتشر في الأسر والجماعات، ولله الحمد، فهذه المشكلات نسبة ضعيفة، وقد أقامت الدول مؤسسات تقوم بمعالجة هذه الأمور قانونيا ونفسيا، لكن ربما الحياء والجهل والخوف من بطش بعض أولياء المرأة ما يجعلها لا تقدم على الشكاية، فيتلقفها المغرضون لإظهار أن ذلك متفشٍ .. إلخ.

الانهزامية النفسية

      وعن وعي المرأة وإدراكها لأبعاد هذا الفكر وخطورته قالت المكيمي: أعتقد أن  كثيرا من النساء ليس لديهن الوعي الكافي بالحقوق التي كفلتها لهن الشريعة؛ فقد أعطت الشريعة المرأة حقوقها كاملة بل أكثر، لكن هناك بعض الانهزامية في النفوس، واغترار بإعلام الغرب الذي يدّعي أنه كرم المرأة.

إظهار محاسن ديننا

      وعن كيفية بناء وعي مجتمعي بحقيقة هذا الفكر مقارنة بأحكام الشريعة التي أنصفت المرأة حقيقة وليس ادعاء قالت المكيمي: أعتقد بداية أنَّ الدعاء لله -عز وجل- أن يعين علماءنا على إظهار محاسن ديننا، ودعوة النساء وأوليائهن إلى تقوى الله، والقيام بمسؤولياتهم تجاه مجتمعاتهم الصغيرة في البيت، والكبيرة في المجتمع الإسلامي.

دعوات خارجة عن شريعتنا الغراء

       أما الدكتورة سعاد الفريح فقالت: في الآونة الأخيرة بدأنا نلاحظ مطالبات كثيرة يمنة ويسرة للمطالبة بحقوق المرأة، خارجة عن شريعتنا الغراء، فالشريعة أعطت للمرأة حقوقها كافة، وتطبيقها -من خلال أقارب المرأة ومن لهم حق الولاية عليها- يكون تطبيقا خطأ، فالشريعة كاملة متكاملة تصلح لكل زمان ومكان، ولم يرد في الشريعة أبدا أي اضطهاد للمرأة.

الجهات المختصة

      وعن وعي المرأة بحقوقها قالت الفريح: قد يكون بعض النساء لديهن بعض الوعي، في حين أخريات ليس لديهن هذا الوعي الكافي، لذلك يتوجب على من يطالبون بهذه الحريات الاطلاع على الشريعة بحذافيرها، وليس أخذ القشور، لذلك فبناء الوعي المجتمعي لا يكون إلا عن طريق الجهات المختصة في الدولة، فمثلا المجلات الثقافية ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام كل هذا له دور كبير في إطلاع المرأة على حقوقها، ونحن نرجو أن يكون هناك جهات تنشر هذا الوعي عن حق المرأة، فقد يكون هناك أخطاء فردية حاصلة في المجتمع، لكن لا نعمم هذه الأخطاء على بقية أفراد المجتمع، وهناك كثير من الأسر -ولله الحمد- تحافظ على المرأة مصانة معززة مكرمة، لها كافة حقوقها وكافة الواجبات عليها، بل بالعكس قد يكون بعض الأسر تعطي للمرأة حقوقا أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الشريعة الغراء.

حركة العصر الجديد

      أما الاستشارية الأسرية هند الشطب من المملكة العربية السعودية فقالت: ما تنادي به تلك المنظمات لا يعدو كونه ضمن سلسلة الحركات النسوية التي انتشرت في الوقت الحالي في بلداننا العربية، وهي تتبع ما يسمى بحركة العصر الجديد، ضمن ما يسمى ببرامج تنمية الذات والأنوثة، والهدف الرئيس منها هو هدم كيان الأسرة، ونظرا لأهمية المرأة في استقرار الأسرة بوصفها زوجة وأما وأختا وابنة لكونها راعية للبيت ومشرفة عليه، فإخراجها من سلطة الأسرة يسهل كثيرا في تفكيكها، ومن ثم نتاج ذلك مجتمعات مفككة، يضيع أفرادها، وتنتشر الأنانية فيها، ويعزل الفرد لوحده، ويسهل التحكم فيه، ولكون المرأة -بطبيعتها- تحتاج من يرعاها مهما بلغت من العلم والعمر؛ لذا جعل الله القوامة للرجل، وفرض عليه رعايتها والحفاظ عليها، وجعلها بالنسبة للحقوق في الجانب الآمن، فحقوقها محفوظة ومكفولة من قبل وليها، ثم من ولي الأمر.

مشكلات كأي مجتمع

      وعن تعرض المرأة لمشكلات أو اضطهاد في مجتمعاتنا قالت الشطب: المجتمعات العربية كغيرها من المجتمعات، تقع حالات ظلم على بعض النساء، وهذا يرجع لعدم تطبيق الإسلام كما أراد الله -سبحانه وتعالى- ورسوله وللطبيعة البشرية غير السوية لبعض الرجال.

لا يمكن التعميم

      وعن تعميم هذه المشكلات قالت الشطب: لا يمكننا تعميم هذه المشكلات؛ فالمرأة الغربية تتعرض للظلم وهضم الحقوق والاغتصاب والتشريد وغيرها من الجرائم الأخلاقية أضعافا مضاعفة لما يحدث في المجتمعات العربية والإسلامية، ولم يتكلموا عن هذا، بل يحاولون ستره، وهناك قائمة طويلة وإحصائات تثبت ما نقول ومن منظمات غربية، فهم لا يتحلون بالإنصاف والعدل في الكثير من الأصعدة، أما الحرية المزعومة والحقوق والمساواة لديهم هي لهدف واحد وهو الوصول للمرأة، وجعلها سلعة، وللتلاعب بها، والحط من قيمتها، والإسفاف بكرامتها.

وعي المرأة المسلمة

     وعن وعي المرأة المسلمة بحقوقها التي أقرتها الشريعة، قالت الشطب: مع الأسف ليس لكثير من المسلمات الوعي الكافي بحقوقهن في الإسلام، وكيفية المطالبة بها بطرائق شرعية، وهناك قصور واضح في هذا الجانب، وعلى المنظمات المجتمعية المهتمة بالمرأة تفقيه المرأة بحقوقها الشرعية والمدنية حتى لا يقع عليها ظلم، ويمكن إنجاز هذا من خلال الإعلام، وعقد الدورات والندوات التي يشارك فيها المحامون والمحاميات وشيوخ الدين لإيصال تلك المعلومات بطريقة صحيحة.

توعية الفرد وتربيته تربية إيمانية

      وعن بناء الوعي المجتمعي بخطورة هذه الحركات على تماسك الأسرة المسلمة، ودفع المرأة إلى المطالبة بحريات مزعومة، تكون هي الخاسرة الوحيدة من وراء ذلك قالت الشطب: بناء الوعي بخطورة تلك الحركات يبدأ بتوعية الفرد وبنائه وتربيته تربية إيمانية كما وردت في الكتاب والسنة، والاهتمام بتوعية المرأة بحقوقها في الإسلام، وكيف تطالب بها كما كفلها الشرع، وألا تنساق وراء كل ناعق يريد أن يهدر كرامتها ويخرجها من الإسلام ويعريها من عقيدتها ودينها، وإقامة البرامج التدريبية للجنسين في الحياة الزوجية وأساسياتها، وكيفية الحفاظ عليها، وكيفية تربية الأبناء والحفاظ عليهم من تلك الأفكار والحركات الدخيلة على مجتمعنا، وكما أطالب بجعل تلك البرامج إلزامية للجنسين قبل الزواج ووضع مناهج دراسية تثقف الطلاب في المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعية بتلك الأفكار الدخيلة وكيفية التصدي لها وردها.

شبهات الفكر النسوي

 ويشير أسامة شحادة إلي الشبهات التي يثيرها أصحاب الفكر النسوي وذكر منها:

(1) قوامة الزوج على زوجته

      عد قوامة الزوج على زوجته ظلمًا وتحكمًا وتجبرًا! هكذا يشيع الفكر النسوي، ويصرح به رموزه، وتنطق به مؤتمراتهن ووثائقهن، بينما تعد القوامة في الإسلام للزوج تكليفا ومسؤولية وليست تكريما وتفضيلا، وهي بمثابة إسناد دور القيادة والإدارة لشخص محدد في أي فريق لتنجح المهمة، ولما كانت طبيعة الزوجة في مؤسسة الزواج تحتاج إلى الراحة والعناية بسبب الحمل والولادة والإرضاع، فقد أسند الله -عز وجل- للرجل مهمة القيادة، وكلّفه بالعمل والإنفاق على الأسرة، سواء في تقديم المهر وتأسيس المسكن أم النفقات الجارية لاحقاً، وفي كل هذا ليس للرجل أن يتملك المرأة (الزوجة) بل هي (صاحبة) للرجل كما في سورة عبس، بل يشاورها ويشاركها {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (البقرة: 233) وليس له أن يسيء معاملة زوجته بل هذا محرم {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (البقرة: 231)، ويحق للمرأة أن تشكو الزوج المسيء في تعامله أو المقصر في واجباته للقضاء وتستوفي حقوقها كاملة.

(2) الطلاق بيد الرجل

      زعمهم أن جعل الطلاق بيد الرجل فيه استعباد للمرأة! وهذه فرية صلعاء، فحصر الطلاق بيد الرجل لم يحرم الزوجة من إيجاد مخرج لها لتفارق زوجها لعيبٍ فيه أو لكونها غير راغبة فيه أو لسوء معاملته، وذلك بإعطائها حق الشكوى لأهلها أو للقضاء حتى يعدل ويصلح من سلوكه مع زوجته وأبنائه، وأيضاً بتشريع الخلع لإنهاء العلاقة الزوجية من طرف المرأة وتحمّل التبعات المالية بإرجاع المهر، وسبب جعل الطلاق بيد الرجل لكونه أكثر تحكماً بعواطفه، وحتى يتحمل المسؤوليات المالية المترتبة على ذلك من النفقة للزوجة والأبناء والتسريح بإحسان.

(3) دية المرأة نصف دية الرجل

     ادعاؤهم أن جعل دية المرأة نصف دية الرجل تمييز ذكوري ضدها! ويصور هذا بأنه تفضيل للرجل على المرأة، بينما الحقيقة بخلاف ذلك، فعقوبة قتل المرأة والرجل متساوية، وهي القتل، ولو كان المتسبب بالقتل مجموعة رجال أو نساء إذا لم يعفُ ولي الدم، بينما الدية اختلف مقدارها بسبب أن دور الرجل في إعالة الأسرة ومسؤليته المالية تفوق دور المرأة كما تقدم معنا، فليس تباين التعويض لاختلاف الجنس أو عوض النفس بل على عوض المال للورثة، ومن يروج هذه الافتراءات يتجاهل عمداً حكم الشريعة الإسلامية بأن المرأة إذا قَتلت إنسانا بالخطأ ووجب عليها الدية فإنها لا تُلزم بدفع الدية! بل الملزَم بدفع الدية هم عاقلتها، أي أقاربها الرجال، لِما رواه البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قضى أن دية المرأة على عاقلتها»، بينما تأخذ المرأة نصيبَها من الدية إذ قُتل لها قريب.

(4) نقص مقدار الإرث

      تكرارهم مغالطة نقص مقدار إرث المرأة عن الرجل، وقد كتبتُ بتفصيل عن ذلك سابقاً، وبيّنت أن هذا كذب صريح على القرآن الكريم والإسلام، فالأخت وليس المرأة تأخذ نصف ميراث الأخ وليس الرجل؛ لأن هناك حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث؛ حيث يتساوى الأب والأم في حالات من الميراث، بل ويتساوى الإخوة لأم الذكور والإناث في الميراث، قال الله -تعالى-: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (النساء: 12)، وأحيانا يكون نصيب المرأة أكثر من نصيب الذكر أو الذكور في الميراث بحسب تباين درجة القرابة مع المتوفى، وقد ساهم جهل الناس، بل حتى كثير من أئمة المساجد بأحكام المواريث وعدم تطبيق أحكام المواريث في الواقع، بانتشار هذه المغالطة.

هذه هي أبرز الأراجيف حول أحكام الشريعة بخصوص المرأة، وهي باطلة وظالمة للشريعة الإسلامية وللمرأة.

تدمير مفهوم الزواج والأسرة

      فبسبب تلك المساواة والحقوق الزائفة دمروا مفهوم الزواج والأسرة، وتحولت المرأة لتصبح سلعة تقيم بمنفعتها المادية (جمال، مال، منصب) مما أدخل النساء في الفضاء المادي لدوامة مهلكة من البحث عن المادة والمال لتشعر بكينونتها ووجودها في ظل السعار الاستهلاكي، وموجات الموضة العاتية التي تجرف كل ما أمامها، مما أفقدت المرأة قيمتها المجتمعية التي قررها لها الإسلام، فرفع من شأنها، وجعلها جوهرة مصونة.

وعي المرأة المسلمة

 

- وعن وعي المرأة المسلمة بأن الشريعة أعطتها حقوقها كافة، بل وأكثر مما تنادي به تلك الجمعيات والحركات، قال د. الربيع:

     كثير من المسلمات لديهن الإيمان الإجمالي، واليقين الكلي، بأن الخير فيما شرعه الله -تعالى-، والحق فيما أرشدنا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن جهلن تفاصيل تلك الأحكام الرحيمة، وتلك النصوص الحكيمة، وما تضمنته من عدل ورحمة وحكمة لعموم المكلفين وخصوص المسلمات، فبذلك يرفضن كل وارد مستنكر، وكل فكر مستهجن.

وبعض المثقفات المسلمات وضعن أساسا راسخا من العلم النافع والوعي الناضج، دفع الله -تعالى- به عنهن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

     وبعض المسلمات جمعن بين الجهل والجهالة، فغاب عنهن العلم الشرعي بحقيقة موقف الدين من المرأة، واتبعن -على حين غفلة- ما تدعيه تلك الحركات النسوية من شبهات، تزعم أن الإسلام ظلم المرأة وسلبها حقوقها، وكان الواجب عليهن دفع الجهل بالعلم الصحيح وسؤال العلماء والمختصين، ودفع الجهالة بالتثبت والتأمل في تاريخ تلك الدعوات الوافدة وظروف نشأتها وحقيقة مطالبها، فإنَّ وراء الأَكَمَة ما وراءها.

بناء وعي مجتمعي

- وعن كيفية بناء وعي مجتمعي بخطورة هذه الحركات على تماسك الأسرة المسلمة، ودفع المرأة إلى المطالبة بحريات مزعومة تكون هي الخاسرة الوحيدة من وراء ذلك، قال د. الربيع:

     يمكن بناء الوعي بنشر العلم الصحيح بالأسلوب المناسب في الوسائل المتاحة مع حسن القصد ورحمة الخلق، فنشر العلم النافع باستغلال الوسائل المتاحة يوسع دائرة الحق والخير، ويضيق دائرة الباطل والشر، فقد أمر الله -تعالى- نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمجاهدة الكفار بالقرآن الكريم وتلاوته عليهم، فقال -سبحانه-: { فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} يعني: بالقرآن، وقال -تعالى-: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} ومن بلغه هذا القرآن، فهو له نذير، فمجرد عرض حقائق الدين حول المرأة والأسرة بأسلوب واضح كاف لدحض شبهات المغرضين، وتعرية تلك الحركات ببيان تاريخها ومقاصدها، والرد على افتراءاتها ضروري لتحصين عقول المسلمات من غلبة الجهل واتباع الهوى، والله الموفق.

تعريف الحركة النسوية

       (النسوية) -كما يعرفها معجم أوكسفورد- «هي: الاعتراف بأن للمرأة حقوقًا وفُرَصًا مساوية للرجل، وذلك في مختلف مستويات الحياة العلمية والعملية»، أما معجم (ويبستر)، فيعرفها بأنها: «النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتسعى كحركة سياسية إلى دعم المرأة واهتماماتها، وإلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه».

توصيات الدراسة

 1- أهمية توعية المرأة في مجتمعاتنا بحقوقها الشرعية.

2- أهمية تعزيز ما تدعو إليه الشريعة من قيم وحقوق.

3- تأكيد أهمية مكانة المرأة ودورها في المجتمع.

4- الاعتناء بدور الرجل في الأسرة تجاه المرأة.

5- الانتباه لما يمس الأسرة المسلمة من أفكار وتوجهات.

6- التحذير من الفكر النسوي والحد من تأثيره في مجتمعاتنا.

7- حماية المرأة من العنف الذي يقع عليها من أي جهة كانت.

8- بيان أن أمر المساواة بين الرجل والمرأة يصلح في أمور ولا يصلح في غيرها.

9- أهمية نشر حقوق المرأة في الإسلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

10- التحذير من هدم كيان الأسرة المسلمة وحمايته قانونيا.

11- الحث على معالجة المشكلات الحقيقية للمرأة وعدم الترويج للمشكلات المصطنعة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك