رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: إيمان حسن 19 مارس، 2012 0 تعليق

دراسة علمية تؤكد: العنف داخل الأسرة يدمر استقرار المجتمع

 

قد يعيش الفرد في أسرة مفككة ليس لها من يشرف عليها بأن يكون الأب متوفى أو مسجوناً أو مريضاً

من المؤسف أن نجد بعض الآباء من الذين اعتادوا المشاجرات والعنف داخل الأسرة يفعلون ذلك بمحضر من الأبناء

التنشئة الأسرية غير السليمة التي تقوم على القسوة الزائدة أو اللين الزائد تؤدي إلى العنف

يعد العنف الأسري من أهم الأخطار والأمراض التي تهدد الأسرة المسلمة وتحمل بين طياتها عوامل انهيارها وتصدعها.. وهذا العنف له العديد من الأسباب تعرض لها الدكتور عبدالفتاح بهيج عبدالدايم أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في بحث له عن أسباب العنف الأسري ومظاهر علاج الشريعة الإسلامية لهذا العنف، وقدأرجع د. عبد الدايم أسباب العنف الأسري إلى أسباب عدة منها ما يتعلق بالأسباب الذاتية ومنها ما يتعلق بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية.

أولاً: الأسباب الذاتية:

     وهي التي تنبع من ذات الإنسان وتقوده إلى ممارسة العنف الأسري ومن بينها ما تربى عليه الفرد من مبادئ في صغره وما عايشه من عنف في بيته من قديم الزمان أو الجهل بأسس الحياة الزوجية وأسس التربية السليمة، ويمكن حصر الأسباب الذاتية في الأسباب الآتية:

1- أسباب فسيولوجية:

       ارتباط العنف بالعنصر الذكري أمر يكاد يكون واضحا عبر المجتمعات؛ حيث إن العدوانية تكاد تكون من طبع الرجال أو إن الرجال يرتكبون مثل هذا السلوك أكثر من النساء، ولقد توصلت الدراسات إلى أن هناك علاقة بين ارتفاع مستوى هرمون الذكورة والميل للعداونية لدى الرجال.

2- تعاطي الخمور والمخدرات:

        فهي تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان وربما يصل الأمر إلى فقدان السيطرة والتركيز وعدم الإدراك بشكل جيد ويكون اللجوء إلى العنف أكثر سهولة عند الشخص الواقع تحت تأثيرها.

3- العاهات الجسمية:

       فلها آثار سيئة على شبكة العلاقات الأسرية التي قد تؤدي إلى سوء العلاقات وتدهورها أو ضعف المكانة وما يترتب على ذلك من الفشل في أداء الدور الاجتماعي للفرد مما يؤدي بالفرد إلى الإحساس بالقلة أو العار وبالتالي تنكمش العلاقات داخل الأسرة أو ينطوي بعض أفرادها وقد تؤدي العاهات الجسمية إلى اعتماد الفرد على الأسرة اعتمادا كبيرا في قضاء شؤونه وما يترتب على ذلك من الشعور بالضيق أو اليأس، ويصبح الفرد سريع الاستثارة والغضب وما يترتب على ذلك من مشكلات داخل الأسرة، وقد لا تحتمل الأسرة إشباع احتياجات ذي العاهة وتضيق به وتظهر منها علامات الرفض أو النبذ؛ مما يسبب الكثير من الاضطربات الأسرية وتظهر آثار العاهات الجسمية بصورة كبيرة إذا كان ذو العاهة هو رب الأسرة، فتسبب له تلك العاهة ضعف قيادة الأسرة ويفقد مكانته وقد يدفع ذلك بالزوجة إلى الخروج إلى العمل وتنتقل إليها قيادة الأسرة مما يشعر الزوج بالدونية وقد تنشغل عن العناية بأطفالها وتنشأ المشكلات الأسرية.

4- العوامل العقلية والنفسية:

       ليس هناك من ينكر أن العوامل العقلية- مستوى الذكاء مثلا- ترتبط بدرجة كبيرة باستقرار الأسرة وتجنب المشكلات المختلفة أو ظهورها أو زيادتها، فمستوى الذكاء يؤدي إلى الاختلاف بين تفكير الزوج والزوجة وعندئذ تظهر المشكلات المتعددة داخل الأسرة وإذا كانت الزوجة ذات ذكاء مرتفع عن الزوج فقد يؤدي ذلك إلى نزوعها إلى السيطرة والتحكم في شؤون الأسرة، وقد تنتزع القيادة من الزوج؛ الأمر الذي ينشأ عنه صراعات خطيرة قد تهدد كيان الأسرة وقد تصيبها بالانهيار، ومما لا شك فيه أيضا أن الصحة النفسية لها التأثير الكبير على العلاقات الأسرية سواء بين الزوج وزوجته أم بين الوالدين والأطفال أم بين الأطفال بعضهم وبعض وقد يكون التأثير سيئاً إذا كانت تلك العوامل غير سليمة والصحة النفسية سيئة.

ثانياً: الأسباب الاقتصادية:

        يعد العامل الاقتصادي في كثير من المجتمعات مسؤولاً إلى حد كبير عن الأزمات الأسرية؛ فالفقر أو البطالة يؤديان إلى نقص الموارد المادية مما يخلق أزمات أسرية لأفراد الأسرة، والشعور بالقلق والخوف، فقد يكون المستوى الاقتصادي في بعض الأحيان من أسباب تشرد الأطفال أو مزاولتهم التسول لعدم كفاية الموارد المادية، وقد تضطر الأم بسبب المستوى الاقتصادي المنخفض إلى العمل وبذلك تضعف قوتها ويقل اهتمامها بشؤون الأسرة مما يتسبب في نشوء شقاق وأزمات والمسكن الضيق أيضًا بسبب انخفاض المستوى الاقتصادي يؤدي إلى التوتر الدائم بين أفراد الأسرة نتيجة ضيقهم من بعضهم بسبب عدم توافر المساحة اللازمة للحركة، وينعكس هذا التوتر على معاملة البالغين للأطفال مما يعرضهم للانحراف، ولقد تبين أنه توجد علاقة إيجابية بين ظاهرة العنف لدى الطلاب والشباب وبين تفشي البطالة والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية؛ لأن الزوج الذي يتعرض للمعاناة والصراعات في مجال عمله يشعر بـ«اللاقوة» في التحكم في عمله أو التعامل مع زملائه أو أي عنصر أو أي عناصر أخرى في البيئة الخارجية لكنه عندما يعود إلى منزله يمارس القوة على أفراد الأسرة، وقد يعني الانهيار المادي للأسرة فقد أحد الوالدين أو كليهما سواء كان ذلك بالوفاة أو السجن أو المرض الطويل ويدخل في ذلك العجز عن الكسب بالبطالة أو التقاعد، وهذه النظرة يؤكدها أن الحدث الذي ينشأ في أسرة متصدعة الأركان يفقد بالضرورة عناصر الرعاية الصحية والتوجيه السليم ولذلك فإن مجرد انتماء الحدث إلى مثل هذه الأسرة يجعل منه حدثاً معرضًا للانحراف.

ثالثًا: الأسباب الاجتماعية:

       يتمثل هذا النوع من الدوافع والأسباب في العادات والتقاليد التي اعتادها المجتمع تتطلب من الرجل حسب مقتضيات هذه التقاليد قدرا من الرجولة بحيث لا يتوسل في قيادة الأسرة بغير العنف والقوة وذلك لأنهما المقياس الذي يمكن من خلاله معرفة المقدار التي يتصف به الإنسان من الرجولة وإلا فهو ساقط من عداد الرجال، وبناء على ذلك فأسباب العنف الاجتماعي متعددة ومتشعبة حسب العادات والتقاليد التي تتحكم في كل بيئة على حدة، ويمكن إجمال هذه الأسباب فيما يأتي:

1- التفكك الأسري وغياب دور الآباء:

        الأسرة الصالحة الناصحة القائمة على أفرادها بما أمر الله تعالى به بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعوتهم إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وحملهم عليها ونهيهم عن الفساد وسوء الأخلاق في القول والفعل سوف يظهر الفرد ذكراً كان أو أنثى بالمظهر الحسن في قوله وفعله وجميع تصرفاته داخل الأسرة وخارجها، لكن قد يعيش الفرد في أسرة مفككة ليس لها من يشرف عليها بأن يكون الأب متوفى أو مسجوناً أو مريضاً لا يستطيع تربية الأولاد والقيام عليهم بما أمر الله ومتابعتهم وتقويم اعوجاجهم وإصلاح شأنهم أو يكون أباً مشغولا جل وقته في أعماله لا يعرف شيئًا عن أولاده وما يتلقونه ومن يجالسون والمواقع التي يرتادونها أو يكون مبتلى بالمعاصي والفساد فيكون سبباً في انحراف الأولاد من بنين وبنات لتوفير وجلب أسباب الفساد لهم من المسكرات والمخدرات وغيرها.

        وتكاد غالبية الدراسات التي أجريت في مختلف المجتمعات العربية منها وغير العربية تجمع على وجود علاقة سببية قوية بين الأسرة المتصدعة وانحراف الأحداث، فغياب أحد الأبوين أو كليهما عن البيت لأي سبب من الأسباب ينعكس سلباً على حياة الأطفال ويفقدهم الشعور بالأمن والاستقرار وبالتالي يؤدي إلى خلل واضطراب في العلاقات الأسرية.

2- عدم الامتثال للسلطة الأبوية:

       اتجهت مجتمعات كثيرة تحت تأثير العولمة إلى رفض فكرة السيطرة الأبوية ووقوف الحركات النسوية إلى جانب هذا التوجه ورفعهن شعار معاداة (الأبوية)، وقد أسهم ذلك في خلق حالة من الحساسية من قبول أي من توجيهات الأب في إدارة الأسرة بل التمرد عليها، وزاد الأمر سوءًا باتجاه دوائر التشريع في المجتمعات الغربية إلى منع الأبوين من تأديب أولادهما.

        فقد تأتي فكرة رفض السلطة الأبوية في غالب الأحيان من قبل الزوجة وهي ما يطلق عليها البعض مصطلح «الزوجة المسترجلة».. إن هذا النوع من الزوجات يكون مشبعاً بالتسلط والتحكم في الجنس الآخر، فالزوجة من هذا النوع تحب دائماً أن يكون لها مركز الصدارة في الأسرة بمعنى أن يحتل زوجها في مجلسها مركزاً ثانوياً فنجد هذه الزوجة إذا وجدت مع زوجها في مجلس أو اجتماع عائلي تحاول جاهدة أن تزهو بسيطرتها على هذا الزوج فتعمل على مقاطعته أثناء الكلام والاعتراض على آرائه ومحاولة التقليل من أهميتها.

          ومن هنا نجد أن الزوجة المسترجلة بما فيها من صفات غير مألوفة بين النساء العاديات تصبح مصدر قلق للزوج؛ مما يؤدي إلى سوء العلاقات بينهما؛ فيختل التوافق الأسري ومن ثم يكون ذلك سبباً من أسباب العنف داخل الأسرة، وقد يأتي رفض سلطة الآباء من قبل الأبناء وخصوصاً من هم في سن المراهقة نظراً لميلهم إلى فكرة الاستقلال عن الكبار، فقد تأخذ هذه النزعة شكل الثورة والتمرد والتهديد أو قد تتطور وتأخذ شكل الهرب من المنزل أو ترك المدرسة ويصعب على كثير من الآباء مواجهة مثل هذه الأمور؛ لأنهم لا يتصورون كيف يخرج ابنهم أو ابنتهم عن طاعتهم، ويعدون هذه النزعة نوعا من الانحراف الذي يجب أن يقابل بمنتهى الحزم والقسوة حتى يرتد الشباب أو الفتاة ويرجع إلى سيرته الأولى ويعود إلى طاعتهم والامتثال لأوامرهم.

3- مشاهدة الأبناء لمشاجرات الآباء:

         مما يؤسف له أن نجد بعض الآباء من الذين اعتادوا المشاجرات والعنف داخل الأسرة يفعلون ذلك بمحضر من الأبناء ولا يبالون بمدى تأثير مثل هذه التصرفات على الأبناء مستقبلاً، ولاسيما عندما يكون بمزيد من التسلط بل إن صح التعبير بمزيد من العنف والقسوة، الأمر الذي من شأنه أن يترك أثراً لدى الأبناء ويكون سبباً فيما بعد لممارستهم لهذا العنف ضد ذويهم من أفراد الأسرة، وبالتالي فإن مشاهدة الأطفال لنموذج عدواني تجعلهم يقومون بتقليده فلا غرابة إذا رأينا الطفل الذي يشاهد أباه يحطم كل شيء حوله عندما ينتابه الغضب أن يقوم بتقليد هذا السلوك العدواني.

4- عدم المساواة بين الأبناء:

       من العوامل التي تساعد على انتشار العنف داخل الأسرة، عملية التفريق من قبل الأبوين بين الأبناء ولاسيما عندما تكون التفرقة من جانب الأب في العطايا أو الهدايا بل وحتى في الحب والحنان، فإيثار بعض الأبناء على الآخرين من شأنه أن يزرع بذور الحقد والكراهية منذ الصغر، وهذا يؤدي فيما بعد إلى تصاعد وتيرة العنف داخل الأسرة سواء بين الأبناء وآبائهم الذين يعدونهم مصدراً لهذه التفرقة فينقلبون عليهم ولاسيما عندما يصل الآباء إلى سن الكبر، وقد يحدث العنف فيما بين الإخوة نظراً لما يكنه بعضهم لبعضهم الآخر من الكراهية التي تأسست منذ الصغر بفعل الآباء وعند ذلك فلا ينفع الندم من الآباء بل عليهم أن يحصدوا ما زرعوه بين أبنائهم، فالأبوان تقع على عاتقهما المسؤولية الكبرى في تدعيم المحبة وتقوية الصلة بين أولادهما، وإذا كان هذا واجبهما فإنه لا يليق بهما أن يسهما في بذر بذور النزاع والشقاق بين أولادهما بخلق الفتنة بينهم عن طريق التفضيل والتمييز بينهم في المنح والهبات؛ فإن هذا بلا شك يزرع العداوة ويقطع الصلات التي أمر الله بها أن توصل.

5- الانهيار الأخلاقي:

         من أخطر أسباب العنف داخل الأسرة الانحراف الذي يحدث من أحد الزوجين بإنشاء علاقة غير شرعية خارج نطاق العلاقة الزوجية، وسنلاحظ أن القتل يحدث لمجرد الشك أو الإشاعة دون التحقق من وقوع الجريمة ومن ذلك الزوج الذي يقرر قتل نفسه وأولاده الثلاثة وزوجته بوضع السم في طعام العشاء بعد أن اكتشف أنه عقيم لا ينجب وأن زوجته قد خانته مع آخرين في إنجاب هؤلاء الأولاد، والزوج الذي يقتل زوجته لإصرارها على العمل كخادمة في البيوت وشكه في سلوكها، وفي المقابل نجد الزوجة التي تطلب الخلع من زوجها لاكتشافها خيانته لها مع أقرب صديقاتها.

            إن انحراف الوالدين أو أحدهما أو كليهما، من أهم عوامل الانهيار الخلقي داخل الأسرة بل وأخطرها، أو انحراف أكبر الأبناء أو البنات وليس من الضروري أن يقوم الوالدان أو الإخوة الكبار بعمل إيجابي لإرضاع الأطفال هذا الانحراف، بل يكفي أن يشب الحدث في هذه البيئة الفاسدة لكي يستمرئ الانحراف ويصبح ارتكاب الجريمة بالنسبة له أمراً مستساغاً!

6- غيرة الزوجة على زوجها:

       الغيرة سبب رئيس ومباشر من أسباب العنف والمشكلات الأسرية، ومن العسير القدرة على أن نعد ونحصي المآسي الإنسانية التي تقع بسبب الغيرة، ففي كل يوم تطالعنا الصحف والمجلات بالكثير من المشكلات الأسرية التي تصل إلى حد قتل الزوجة زوجها بالسكين أو الرمي بالرصاص ولاسيما إن كان هناك طرف ثالث في قصة غرام.

7- تبلد الزوجة الجنسي:

        من أسباب العنف الأسري تبلد الزوجة الجنسي وتمنعها المستمر عن زوجها حين يرغبها، وهذا الأمر حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور» وأسباب تمنع المرأة عن زوجها في هذا العصر تختلف قليلاً عما سبق ولاسيما عند المرأة العاملة التي تعاني ظاهرة اليوم المزدوج داخل البيت وخارجه في كثير من الأحيان تحت تأثير التعب والإرهاق.

8- التنشئة غير السليمة للأطفال:

        هناك اتفاق بين العلماء والطب النفسي على أهمية الأسرة ودورها في تنشئة الطفل، فمن خلال الأسرة يحصل الطفل على أهم احتياجاته النفسية وهي الشعور بالحب والأمان وبأنه مقبول ومرغوب فيه، ومن الأسرة يتعلم كذلك الخطأ والصواب وينال التشجيع كما يجد المثل الذي يقتدي به.

        فالتنشئة الأسرية غير السليمة التي تقوم على القسوة الزائدة أو اللين الزائد في المعاملة، التي تذهب الرقابة فيها إلى حد التقييد الزائد للحرية أو إلى حد الإهمال والسلبية وتحلل الآباء أنفسهم وضربهم المثل أو النموذج السيئ لأبنائهم والتصدع الأسري بسبب الخلافات المستمرة بين الأب والأم وتضارب سياستهما في تربية أبنائهما؛ كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تصاعد وتيرة العنف لدى الأبناء مستقبلاً، وذلك نتيجة هذه التربية الخاطئة أو ما يطلق عليها البعض التنشئة الأسرية الناقصة، ويبدو أن عادة العنف تتكون في الفرد منذ وقت مبكر في حياته من خلال العلاقات الشخصية المتبادلة، وينتج هذا الاتجاه من فشل الوالدين في القيام بالتنشئة الاجتماعية وعدم تحمل المسؤولية الاجتماعية، وتؤدي تربية الطفل الخاطئة إلى نقصان شعوره بالثبات والاتزان وحاجته إلى التأييد العاطفي ويخلق ذلك نزاعات مبالغًا فيها من توكيد الذات أو الدفاع عن الذات.

9- دور الإعلام:

       المحطات الفضائية بلغت الذروة في الانتشار حتى أصبح العالم في قبضة جهاز ينقل المشاهد بين أنواع القنوات في جميع العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، متعددة الأشكال والعقائد، يدخلها الصغير والكبير والذكر والأنثى والعالم والجاهل والمثقف وقليل المعرفة وأصبحت الشغل الشاغل لجميع الطبقات ومن لا يعرف سمومها وسعيرها وأوبئتها الفتاكة مع ما تحمله من غزو فكري وإثارة للغرائز فضلاً عن تخصيصها مواقع وقنوات لنشر الأفلام المتضمنة للجرائم من المطارات ومقاومة رجال الأمن والسطو وإفساد الممتلكات وإطلاق النار مما تسمى بالأفلام البوليسية، ولعدم تحصين الحدث مما تبثه من تيارات فاسدة وأفكار هدامة سببت له الانحراف بوقوعه في براثن الجريمة وتطبيقه لما يشاهده فيما بعد تأثره بها.

        وقد أكدت توصيات أنه ظهر عامل جديد أجمع الباحثون الاجتماعيون وعلماء النفس على تحميله المسؤولية الكاملة عن التصرفات العدوانية والتخريبية التي يقدم عليها الشباب، هذا العامل يتمثل في بعض البرامج غير السليمة التي أصبحت تذاع دون ضابط في التلفزيون مثل أفلام العنف التي توضح طرق ارتكاب الجريمة وتؤثر تأثيراً مدمراً على الشباب وصغار السن؛ مما يدفعهم في النهاية إلى محاولة تقليد ما يشاهدونه على الشاشة الصغيرة.

          لهذا تؤكد الدراسة وجوب الاهتمام بالبرامج الدينية لتوعية المواطنين وتدعو الإعلاميين المتخصصين إلى أن يقدموا للشباب جميع أشكال السلوك السليم، وكذا الاهتمام ببرامج محو الأمية فالتعليم ينمي في المرء القدرة على التحكم في الذات وكبح جماح النفس.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك