رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أ.د. عبدالسلام بن محمد الشويعر 22 سبتمبر، 2021 0 تعليق

خير البشر بعد الأنبياء

 

     إن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم خير البشر بعد الأنبياء والرسل، وهم خير الصحب للأنبياء، فهم خيرٌ من أصحاب موسى -عليه السلام-، وخيرٌ من أصحاب عيسى-عليه السلام-، فضّلهم الله -سبحانه وتعالى- وشرفهم بصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم .

     جاء عند البخاري من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتقد ذات يوم ثابت بن قيس - رضي الله عنه - الصحابي الجليل- فسأل عنه، فقال له أحد الصحابة: أنا آتيك بخبره يا رسول الله، فذهب هذا الصحابي إلى ثابت بن قيس رضي الله عنه في بيته، فوجده منكسا رأسه حزينا وحيدا فقال: ماذا بك يا ثابت؟ قال: إني قد حبط عملي! قال: وكيف ذاك؟ قال: إن صوتي قد ارتفع عند جناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله -عز وجل- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}. فخاف ثابت بن قيس رضي الله عنه  أن هذه الآية قد نزلت فيه. فعاد هذا الصحابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره سبب تخلف ثابت رضي الله عنه عن مجلسه، وماذا حصل لثابت رضي الله عنه عندما سمع هذه الآية. وكان ثابت - رضي الله عنه - صوته مرتفعا عاليا خِلْقَة، خلقه الله ذا صوت جهوري شديد؛ فظن أن هذه الآية قد نزلت فيه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابي: ارجع إليه وأخبره أنه ليس من أهل النار، ولم يحبط عمله، وبشره أنه من أهل الجنة.

     انظروا إلى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخافون أن ترتفع أصواتهم فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وانظروا إلى مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قلوبهم، ما أعظم الصحابة! وما أعظم هذه البشارة التي بَشّر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثابت بن قيس رضي الله عنه  أنه ليس من أهل النار، إنه من أهل الجنة!

     وهذا حديث الإمام أحمد في مسنده وأبي داوود في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وصحابته وأناس في مجلس من المجالس، فقام رجل وتخاصم مع أبي بكر في المجلس، فسبّ أبا بكر، فسكت أبو بكر ولم يرد عليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبتسم ولا يقول شيئا، ثم سبّ هذا الرجل أيضا أبا بكر مرة أخرى -وأظن أن هذه الرجل من المنافقين- فلم يرد عليه أبو بكر شيئا، ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا، ثم سبّ هذا الرجل أبا بكر ثالثة، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فرد عليه، وأخذ بحقه من هذا الذي ظلمه وسبّه، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام وترك المجلس! فتبعه أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، ألم تسمع الرجل؟ لماذا قمت وغضبت وتركت المجلس؟ سبّني الأولى فلم أقل له شيئا، وسبّني الثانية فلم أقل له شيئا، فلما سبّني الثالثة قمت وتركت المجلس! قال: «يا أبا بكر إن الله -سبحانه وتعالى- أرسل إليك ملكا في هذا المجلس، كلما سبّك هذا الرجل ردّ عليه هذا الملك سبته، فلما رددت عليه يا أبا بكر قام هذا الملك وانصرف وجاء الشيطان، وما كان لرسول الله أن يجلس في مكان جلس فيه الشيطان».

إن الله يرسل لصحابة رسوله ملائكة ترد عنهم، وتنافح عنهم، إن هذا لفضل من الله عظيم، يدل على فضل الصحابة وعلى منزلتهم ومكانتهم عند الله -سبحانه وتعالى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك