رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: أحمد قبلان العازمي 22 يوليو، 2024 0 تعليق

خواطر الكلمة الطيبة – الفرقة تنزع البركة والاختلاف يزيل الخير

  • جاء الإسلام بالدعوة إلى الألفة والمحبة وحذر من كل أسباب القطيعة والفرقة ولا شك أن الفرقة تنزع البركة والاختلاف يزيل الخير
  • حسن الخلق من أجل العبادات وأعظمها وجماعها كما قال أحد السلف هو بذل الندى وكف الأذى والصبر على أذى الناس
  • المراء هو الجدال والأصل فيه الذم إلا ما كان من إحقاق حق وإبطال باطل لكن في غالب حياة الناس أنه يفرق بينهم ويفسد ذات بينهم

جاء الإسلام بالدعوة الى الألفة والمحبة وحذر من كل أسباب القطيعة والفرقة، ولا شك أن الفرقة تنزع البركة والاختلاف يزيل الخير، فقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة خرج على أصحابه لأنه أراد أن يخبرهم بموعد ليلة القدر، فتلاحى اثنان؛ فرفعت هذه الليلة؛ فحرم المسلمون بسبب هذا التنازع والاختلاف من بيان هذه الليلة، وقد جاءت أحاديث كثيرة ترغب في الألفة والمحبة بين الناس، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والَّذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا، أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم؟ أفشوا السَّلامَ بينَكم» وحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يهجُرَ أخاهُ فوق ثلاثٍ، يلتقيانِ فيصُدُّ هذا ويصُدُّ هذا وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ».

       وفي هذا الحديث الذي سنذكره يقول - صلى الله عليه وسلم - كما هو في سنن أبي داود من حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - يقول - صلى الله عليه وسلم -: «أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حَسُنَ خُلُقُه»، وزعيم أي ضامن ببيت الذي يحوز عليه المرء وهو القصر بربض الجنة أي أدناها.

الجدال هو المراء والأصل فيه الذم

        والمراء هو الجدال والأصل فيه الذم إلا ما كان من إحقاق حق وإبطال باطل، لكن في غالب حياة الناس أنه يفرق بينهم فهو مدعاةٌ للفرقه إلا إذا صلُحت النوايا وكان عن علمٍ ونيةٍ طيبة، البيوت تفرقت والسبب جدالات ونقاشات ليس لها فائدة، والإخوة تفرقوا وتنازعوا؛ والسبب نقاشات ليس من ورائها طائلة، الموظفون يختلفون ويتقاطعون ويتدابرون والسبب نقاش عقيم ليس له فائدة، في هذا الحديث النبي يحدث بأنه زعيم بيت بربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، أي حتى وإن كنت على حق أنت تعتقد نفسك أنك تناقش وأنت محق فلا تزد النقاش إن كان المقابل لايريد الفائدة؛ فهذا الاستمرار يوقعك في الإثم؛ فبعض الناس -إخواني الكرام- في أثناء النقاش لا يفكر في كلامك، وإنما يأتيه الشيطان ليجعله يفكر في الرد. الشافعي -رحمه الله- يقول: «ما ناظرت رجلا الا ودعوت الله أن يُجري الحق على لسانه» فهو يريد الحق والفائدة نيته طيبة ولكن بعض الناس -إخواني الكرام- ما يريده هو المغالبة، فتراه لايريد الوصول إلى الحق؛ فالجدال إن كان بلا فائدة وكان لمجرد الجدال فهو مذموم قال -تعالى-: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}.

كثرة الجدال مذموم

       وقد ذم السلف الشخص الذي ديدنه الجدال، قال - صلى الله عليه وسلم - «ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ، ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هذهِ الآيةَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}، فكثرة الجدال مذموم بل لابد للإنسان أن يتقي الله -عزوجل-، وإذا أراد أن يجادل أخا له في الله فليجادله بأدب واحترام، وإذا شعر أن الجدال وصل إلى طريق لا فائدة منه يقطع الجدال ويحتسب الأجر بأن ينال الأجر من الله -سبحانه وتعالى- على ترك الجدال، أما الاستمرار بالجدال لتنتصر فهذا باطل، وهذا ليس به خُلُقٌ حسن.

من أعظم الأخلاق التي حثنا عليها النبي - صلى الله عليه وسلم 

       هذا من أعظم الأخلاق التي حثنا عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنا زعيم بيتٍ بربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا» حتى مع إخوانك في البيت، فأحيانا تجد أبناءك يتجادلون جدالا عقيما في موضوع لايقربهم إلى الله -عزوجل-، وقد لايفقهون شيئا فيستمر الجدال وتقسو القلوب خصوصًا إن كان في أمور السياسة وأمور واقع الناس، فزعيم بيتٍ أي ضامنٍ لقصر في أدنى الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، احتسب الأجر دائما في أي حوارات بينك وبين أي أحد مع زوجتك أو صديقك او زميل دراسة أو عمل أو حتى لو مع كافر فالله -عزوجل- يقول: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا}.

الأمر بترك الكذب

        ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا زعيم بيتٍ بوسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا»، إخواني الكرام، ترى الكذب الأن ينتشر باسم المزاح، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمازح أصحابه ولكن لا يقول الا حقًا، وأذكر في هذا المقام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الحرم وأنا حاضر كان يقوم بإلقاء درس فقال في وسط الدرس سؤالا وقال من أجاب هذا السؤال له جائزة عندي، فقام أحدهم وسأله الشيخ وأجاب هذا الرجل ثم جلس وأكمل الشيخ إلقاء الدرس، وفي الأسئلة اُرسلت ورقة للشيخ سائل يسأل فقرأها الشيخ ثم قال هذا سائل يسأل: ياشيخ أنت وعدتني بجائزة ولا أظنك تكذب مازحًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكذب بالمزاح، فرد عليه الشيخ قال: نعم وأنا لا أكذب مازحًا ووعدتك بالجائزة وسأعطيك الجائزة الأن من الذي أجاب فقال أحدهم نعم، فقال خذ وقال له جائزتك أن ندعو لك الآن، اطلب ما الذي تريد أن ندعو لك الآن والناس يؤمنون؟ فقال ياشيخ أنا ما تزوجت، ادع لي بزوجة صالحة، وهذا أمامي فرفع الشيخ يده ودعا له بالزوجة الصالحة والناس تؤمن.

التساهل في الكذب

        فالكذب في المزاح لا داعي له، فمن يتساهل في الكذب في المزاح يقع منه الكذب في الجد، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:» لايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، ولايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» فالأصل في المسلم أنه يتحرى الصدق، لايصدق فقط بل يتحرى الصدق، والكذب يتجنبه، فهذا هو الأصل حتى وإن كان الكذب المزاح نحرص أن ننتقي كلماتنا في المزاح إلا أن تكون صدقا.

الأمر بحسن الخلق

        ثم يكمل - صلى الله عليه وسلم - ويقول:» وأنا زعيم بيت بأعلى الجنة لمن حسن خلقه»، الأخلاق أيها الأحبة درجة عالية جدا لاينالها أي أحد، فهناك دول دخلت الإسلام بأخلاق التجار، إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم، فحسن الخلق -عباد الله- من أجل العبادات وأعظمها ، تعبد الله بأن تحسن خلقك مع الناس «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، وأشياء كثيرة منها السماحة في البيع والشراء، والابتسامة في وجه أخيك صدقة، وجماع حسن الخلق -أيها الأحبة كما قال أحد السلف- هو «بذل الندى، وكف الأذى، والصبر على أذى الناس».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك