خلق المسلم مع ربه تعالى
من أعظم الحقوق الواجبة على المسلم هو حق الله -تعالى- والأدب مع الله، ومدار حسن الخلق مع معاملة الخالق مبنية على ثلاثة أمور:
- أولاً: تلقي أخبار الله -عز وجل- بالتصديق: فيُسلم بكل ما أخبر الله -تعالى- به في كتابه العزيز أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فيكون واثقًا به، مدافعا عنه، ولا يداخله الشك أو الشبهة به، وينبري في الدفاع عن أي شبهة يوردها المغرضون سواء كانوا من المسلمين أم غيرهم.
- ثانيًا: تلقي أحكام الله -تعالى- بالتنفيذ والتطبيق: فيتلقى كل أحكامه -عز وجل- بالقبول والعمل بها وعدم رد أي شيء منها، أو التهاون فيها، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}(الأحزاب 36)، ويتلقى التكاليف الشرعية بانشراح صدر وطمأنينة.
- ثالثا: تلقي أقدار الله -عز وجل- بالرضا والصبر: تتباين أقدار الله -تعالى- التي يجريها على خلقه، فمنها ما يوافق رغباتهم، ومنها ما لا يوافقها، ولذلك قال جل وعلا: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155-157).
وإذا حسن خلق العبد مع ربه -جل وعلا- ظهرت عليه آثار إيجابية عدة تحقق معاني العبودية، ومنها:
- الاحتساب: فيخلص الإنسان عمله لربه، ويبتغي رضاه -عز وجل- وحده، موقنا بأن الله -عز وجل- إذا تقبل العمل منه كان ذلك أعظم الثواب؛ لذلك قال نوح -عليه السلام-: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الشعراء 109).
- المراقبة: أي يراقب الله -عز وجل- فيما يقول ويفعل ويعتقد، ويقيم نفسه على الصراط السوي، ويستشعر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}(النساء: 1)، ليصل إلى مرتبة الإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
- المحاسبة: أي يحاسب الإنسان نفسه عما صدر منه في ليله ونهاره، فإن كان طيبا حمد الله على توفيقه له، وأكثر منه في قابل حياته. وإن كان سيئا استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل، قال الحسن: «إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته».
- التوبة: أي الرجوع إلى الله بحل عقدة الإصرار عن القلب، ثم القيام بحقوق الرب كلها، فيقلع عن الذنب، ويندم على ما فات، ويعزم على عدم العودة ولا يُبقي أثرا من المعصية سرا وجهرا.
- الإخبات: وهو الخضوع لله -عز وجل- والاستسلام لأمره، والتواضع لعباد الله، قال عمر بن أوس: المخبتون الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتظروا.
- التوكل عليه، قال ابن القيم: إن التوكل محض الاعتماد والثقة والسكون إلى من له الأمر كله؛ ففي الحديث: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا، وتروح بطانا» ابن ماجه.
- التفكر في آلاء الله جلت قدرته، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ۗ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى}(الروم 8).
- الصدق: وهو حصول الشيء وتمامه وكمال قوته واجتماع أجزائه، ومطابقة القول للعمل؛ ففي الحديث: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا» (أخرجه البخاري).
- الحياء من الله: وهو انقباض النفس عن القبائح وتركها؛ فتحفظ الرأس وما وعي، وتحفظ البطن وما حوي، وتتذكر الموت والبلى، وهمها إرادة الآخرة، وتفعل الجميل، وتترك القبيح، نسأل الله الصلاح والهداية والثبات على الدين.
لاتوجد تعليقات