رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 5 أبريل، 2015 0 تعليق

خطورة الاستهزاء بالدين وعباد الله الصالحين

     إن من علاماتِ الإيمانِ الظاهرة التي يتحلى بها كلُّ مسلم، تعظيمُ شعائر الله وحرماته،والبعدُ عما يغضب اللهَ والاستهزاءِ بالدين وبشرائِعه وبحملته والمتمسكين به، فإن هذا أمرٌ خطير، ومنكرٌ عظيم، يجب اجتنابُه والتوبُة منه؛ لأنه يقدح في الإيمان، بل في الإسلام والتوحيد، ويتبين خطره فيما يلى

- أولاً: إعلم وفقني الله وإياك لمرضاته والبعدِ عن غضبه ومسخطاتِه، أن الاستهزاءَ بالدين وبأهلِه ناقضٌ من نواقض الإيمان، ونصُّ كلام رب البشر المولى جل وعلا إذ يقول في محكم التنزيل: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا الله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}؛ فتأمل رعاك الله في قوله: {لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}، كيف صرح بهذا الحكم الواضح الذي لا لبس فيه؟ فمن وقع في مثل ما وقعوا فيه فحكمه حكمهم، فما بالك فيمن وقع في أشدَّ من ذلك من أنواع الاستهزاء بالدين وشرائعِه وأحكامِه وحملتِه؟

- ثانياً : إن سبب نزول هذه الآية يبين أن الكلامَ الذي تفوه به البعض في نظر كثير من الناس أمرٌ هين، فتدبره وقارن كلام من أنزلت الآيات بشأنه بكلام بعض السفهاء ومن لا خلاق لهم ممن وقعوا في مثل هذا الناقض في زماننا تجدُ البون الشاسع، وأن سفهاءَ زماننا وقعوا في أشدَّ وأعظمَ مما وقع فيه المنافقون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوماً: ما رأيت مثل قرأئنا هؤلاء، أرغب بطونا، و لا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المسجد: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم   ونزل القرآن، قال عبدالله بن عمر: وأنا رأيته متعلقاً بحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم   وهو يقول: «يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب»، ورسول الله يقول: «أبا الله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم».

قال القاضي أبو بكر بن العربي: «لايخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جداً أوهزلاً، وهو كيفما كان كفر؛ فإن الهزلَ بالكفر كفرٌ لا خلاف فيه بين الأمة».

- ثالثاً: أن الاستهزاءَ بالدينِ وشرائعِه وشعائرِه وحملتِه من العلماءِ والصالحين هي من أخصِّ وأظهرِ صفات المنافقين كما قال ذلك الصحابي للمستهزء: «كذبت ولكنك منافق» والله -عز وجل- بين لنا أن نتعرف عليهم بلحن قولهم، وبين لنا أنهم يغيضهم الطهرُ والعفافُ والنقاءُ والصفاءُ ولا يطيب لهم العيش إلا في المستنقعات القذرة كما قال جل وعلا: {والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقون هم الفاسقون}، وهذه الآيات جاءت عقب الآية التي ذُكر فيها حكمُ المستهزأ بالدين.

- رابعاً: أن الإنسان قد يكفر بكلمة وهو يلعب ويضحك و لا يشعر كما قال تعالى عقب هذه الآيات في سورة التوبة الفاضحة للمنافقين: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم}.

- خامساً: لا يجوز للمسلم أن يجلس في مجلس يستهزأ فيه بدين الله ويسخر فيها من شريعته ومن عباده الصالحين؟ قال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً}.

- سادساً: أن ضرر السكوت على استهزاء المنافقين بالله وآياته ورسوله وشرائع دينه وبحملته عظيم وخطير على الفرد والمجتمع، أما الفرد فقد بين الله ما أعد لمن شاركهم من النكال والعذاب في الآخرة، وأما الضرر على المجتمع فمنها على سبيل الاختصار:

1) التهوين والتقليل من حرمة الدين والقرآن والسنة؛ مما يجرأ الكفار وأعداء الدين على النيل من شريعة رب العالمين.

2) يُزَهِّد الناس في الالتزام بالدين حينما يتجرأ عليه كلُّ من في قلبه مرض فيكثر الفسادُ العريض المؤذنُ بالعقوبة الدنيوية قبل الأخروية.

3) فيه نشر للفرقة والتفكك في المجتمع؛ لأن هناك فئة تغار على حرمات الله فيحصل الشجار وربما الاقتتال ودرءً لهذا كله لا بد أن يُسكت هؤلاء المستهزؤون وألا يستثيروا حفيظة أهل الغيرة من المسلمين جنباً الله -عز وجل- شر الفتن.

أن انتشار هذا المنكر هو طريق للضعف وطمع الأعداء في الأمة فإن العزة والقوة تكون بالتمسك بالدين وحفظ شريعته فإن الله قد قال: {أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً}.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك