رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 9 أبريل، 2018 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – خُطُورَةُ الاسْتِهْزَاءِ بِشَعَائِرِ الدِّينِ


قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتعميم هذه الخطبة في تاريخ 28 من جمادى الآخرة 1439هـ الموافق 16 / 3 / 2018م، التي بينت من خلالها أنَّ مِنَنَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ كَثِيرَةٌ, وَآلَاءَهُ عَدِيدَةٌ, وَمِنْ أَعْظَمِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ: أَنْ هَدَاهُمْ لِلإِسْلَامِ وَإِلَى سُنَّةِ سَيِّدِ الأَنَامِ؛ فَهِيَ المِنَّةُ العُظْمَى وَالنِّعْمَةُ الكُبْرَى, الَّتِي لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ؛ فَالدِّينُ وَالثَّبَاتُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لِصَاحِبِهِ السَّعَادَةَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(الحجرات:17)، وعلى العَبْدِ المُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ غَايَةَ الحِرْصِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ اعْتِقَادًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا؛ فَيُؤَدِّيَ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ, وَيَنْتَهِيَ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ, وَيَجْتَنِبَ مَا يَجْعَلُهُ يَخْسَرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ بَعْدَ الفَوْزِ بِهَا، وَإِذَا عَلِمَ العَبْدُ فَضْلَ اللهِ عَلَيْهِ بِمَا هَدَاهُ وَوَفَّقَهُ لِلإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ, اجْتَنَبَ مَا يَنْقُضُ هَذَا الإِيمَانَ, وَيُحْبِطُ أَصْلَهُ وَثَمَرَتَهُ؛ فَكَمَا يَنْهَدِمُ البَيْتُ بَعْدَ بُنْيَانِهِ؛ فَكَذَلِكَ قَدْ يَنْهَدِمُ إِسْلَامُ العَبْد؛ِ فَيَنْسَلِخُ مِنْ دِينِهِ وَإِيمَانِهِ, وَذَلِكَ إِذَا أَتَى شَيْئًا مِنْ نَوَاقِضِ الإِسْلَامِ، وكان مما جاء في الخطبة ما يلي:

نواقض الإسلام

وَنَوَاقِضُ الإِسْلَامِ أُصُولُهَا عَشَرَةٌ, لَكِنْ لَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهَا فِي عَدَدٍ مَحْدُودٍ, وَمِنْ تِلْكَ النَّوَاقِضِ الَّتِي يَتَسَاهَلُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ:

     الاِسْتِهْزَاءُ بِاللهِ, أَوْ بِآيَاتِهِ, أَوْ بِرُسُلِهِ; أَوِ الاِسْتِهْزَاءُ بِسُنَنِ رَسُولِ الله[ وَشَعَائِرِ الإِسْلَامِ وَخَصَائِصِهِ؛ لِأَنَّ الإِيمَانَ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى تَعْظِيمِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعَلَى تَعْظِيمِ آيَاتِهِ, وَعَلَى تَعْظِيمِ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ, قَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه}(الحج:30)، وَقَالَ -سُبْحَانَه-ُ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}(الحج:32)، فَإِذَا اسْتَهْزَأَ أَوْ سَخِرَ أَوْ هَزَلَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, ذَهَبَ أَصْلُ الإِيمَانِ, فَصَارَ المُسْتَهْزِئُ الهَازِلُ كَافِرًا خَارِجًا عَنِ الإِسْلَامِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- وَلَوْ صَدَرَ هَذَا الاِسْتِهْزَاءُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ وَالمَرَحِ وَالتَّسْلِيَةِ وَالضَّحِكِ وَالإِضْحَاكِ, وَبِهَذَا يُعْلَمُ خُطُورَةُ هَذَا الأَمْرِ, وَسُوءُ عَاقِبَةِ فَاعِلِهِ.

     لَقَدْ عَدَّ الشَّرْعُ الْحَنِيفُ عَدَمَ تَوْقِيرِ الدِّينِ، وَالاِسْتِهْزَاءَ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَمْراً خَطِيراً، وَذَنْباً كَبِيراً، قَدْ يُخْرِجُ صَاحِبَهُ مِنْ مِلَّةِ الإِسْلَامِ، إِلَى دَائِرَةِ الْكُفْرِ وَالإِجْرَامِ، وَعَدَّ ذَلِكَ التَّعَدِّيَ وَالاِسْتِخْفَافَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ؛ فَقَالَ -سُبْحَانَهُ- وَهُوَ يَذْكُرُ صِفَاتِهِمْ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}(البقرة:14-16)،

التحذير من اتخاذهم أولياء

      وَحَذَّرَ مِنِ اتِّخَاذِ الَّذِينَ يَهْزَؤُونَ بِالدِّينِ أَوْلِيَاءَ يُقَرَّبُونَ وَيُسَرُّ إِلَيْهِمْ؛ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}(المائدة:57-58}، بَلْ حَذَّرَ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَالإِصْغَاءِ إِلَيْهِمْ، وَتَوَعَّدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ؛ فَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}(النساء:140).

خُطُورَةِ الاِسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ وَأَحْكَامِهِ

      حَادِثَةٌ حَدَثَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فِيهَا بَيَانُ خُطُورَةِ الاِسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ وَأَحْكَامِهِ, وَثَوَابِتِهِ وَسُنَنِهِ وَمُقَدَّسَاتِهِ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ رَجَلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلَاءِ: أَرْغَبَ بُطُوناً، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُناً، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ، يَعْنِي: رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ؛ فَقَالَ لَهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ فَذَهَبَ عَوْفٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ؛ فَوَجَدَ الْقُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ؛ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ عَنَّا الطَّرِيقَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَلِّقاً بِنِسْعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم «وَالنِّسْعَةُ: سَيْرٌ مَضْفُورٌ يُجْعَلُ فِي رَقَبَةِ النَّاقَةِ تُجَرُّ بِهِ»، وَإِنَّ الْحِجَارَةَ لَتَنْكُبُ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ؛ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم {أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}(التوبة:65-66)، وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا.

فَوَائِدُ عَظِيمَةٌ

     وَفِي هَذَا الخَبَرِ فَوَائِدُ عَظِيمَةٌ وَأَحْكَامٌ جَلِيلَةٌ, مِنْهَا: وُجُوبُ تَقْدِيسِ اللهِ وَإِجْلَالِهِ, وَتَعْظِيمِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَوْقِيرِهِ, وَاحْتِرَامِ آيَاتِهِ وَشَعَائِرِهِ وَدِينِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الإِيمَانِ، قَالَ -تَعَالَى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}(الفتح: 8 - 9).

الولوج في الكفر

     وَإِنَّ الاِسْتِهْزَاءَ بِالدِّينِ وَشَعَائِـرِهِ بَوَّابَةٌ خَطِيرَةٌ لِلْوُلُوجِ فِي الكُفْرِ, وَلَقَدْ تَسَاهَلَ فِيهَا مَنْ لَا يُقَدِّرُ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ, جَرَّهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَى مَهَاوِي الضَّلَالِ وَالْكُفْرَانِ, وَأَخَذَهُمُ الْكِـبْـرُ وَالطُّغْيَانُ لِلاِسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ بِكِتَابِ الرَّحْمَنِ وَشَعَائِرِهِ العِظَامِ, وَيَحْسَبُونَ أَنَّ لَهْوَهُمْ وَلَعِبَهُمْ, وَضَحِكَهُمْ وَسُخْرِيَتَهُمْ, تُعْفِيهِمْ مِنَ الكُفْرِ وَالرِّدَّةِ, وَلَكِنْ هَيْهَاتَ حِينَ لَمْ يَجِدُوا مَا يَسْخَرُونَ بِهِ إِلَّا كِتَابَ اللهِ وَشَرْعَهُ, وَدِينَهُ وَرَسُولَهُ؛ فَكَانَتْ عَاقَبَتُهُمْ وَبِيلَةً, وَعُقُوبَتُهُمْ كَبِيرَةً، بِكَلِمَةٍ لَمْ يُلْقُوا لَهَا بَالًا، وَظَنُّوا أَنَّ خَطْبَهَا يَسِيرٌ, وَلَكِنَّهَا أَوْبَقَتْ عَلَيْهِمْ دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتَهُمْ, عَنْ أَبِي هُرَيْـرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ العَبْدَ ليَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا درَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ ليَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

توقير الصحابة -رضي الله عنهم

     يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعًا احْتِرَامُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَأَنْ نَعْلَمَ حُرْمَةَ تَنَقُّصِهِمْ وَسَبِّهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ أَنْصَارُ اللهِ وَرَسُولِه صلى الله عليه وسلم، وَحَمَلَةُ الدِّينِ وَنَقَلَـتُهُ؛ فَالطَّعْنُ فِيهِمْ وَتُنَقُّصُهُمْ, طَعْنٌ فِي الدِّينِ وَعَدَمُ ثِقَةٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ شُهُودُنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَالوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ كُلِّ طَاعِنٍ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ, فَرْدًا كَانَ ذَلِكَ الطَّاعِنُ أَم طَائِفَةً، قَالَ الإِمَامُ أَبُو زُرْعَةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ، وذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عِنْدَنَا حَقٌّ، والقُرْآنَ حَقٌّ، وإِنَّمَا أَدَّى إلَيْنَا هَذَا القُرْآنَ والسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وإنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يَجْرَحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ والسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى وَهُمْ زَنَادِقَةٌ» رَوَاهُ الخَطِيبُ، وابْنُ عَسَاكِرَ.

تَعْظِيمُ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ

     وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْعِبَادِ: تَعْظِيمُ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ, المُسْتَقِيمِينَ عَلَى السُّنَّةِ المُتَّبِعِينَ لَهَا؛ فَتَعْظِيمُهُمْ هُوَ مِنْ تَعْظِيمِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا, وَلَا يَجُوزُ تَنَقُّصُهُمْ وَلَا ازْدِرَاؤُهُمْ وَلَا إِسَاءَةُ الظَّنِّ بِهِمْ, وَقَدْ ظَهَرَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سَبُّ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وَالتَّهْوِينُ مِنْ قَدْرِهِمْ وَلَمْزُهُمْ بِالأَوْصَافِ المُنَفِّرَةِ حَتَّى وُصِفُوا بِالجَهْلِ بِالوَاقِعِ، وَالْغِشِّ لِلأَمَانَةِ، وَالعِمَالَةِ لِلحُكَّامِ، وَالتَّلَاعُبِ بِالدِّينِ, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ الَّتِي أَثَّرَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ شَبَابِ الأُمَّةِ؛ فَانْصَرَفُوا عَنْهُمْ، ثُمَّ وَقَعُوا فِي حِبَالِ الأَئِمَّةِ المُضِلِّينَ المُبْتَدِعَةِ؛ فَحَرَفُوهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ وَالمَنْهَجِ الْقَوِيمِ.

فَعَلَيْنَا -عِبَادَ اللهِ- أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ يَعْرِفُ لِلَّهِ قَدْرَهُ وَحَقَّهُ, وَيَعْرِفُ لِدِينِهِ وَنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَتَهُ وَمَنْزِلَـتَهُ, وَأَلَا نَتَكَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِكُلِّ لَفْظٍ جَمِيلٍ, وَقَوْلٍ جَلِيلٍ, وَلْنَحْذَرْ مِنَ المُسْتَهْزِئِينَ وَنَبْتَعِدْ عَنْهُمْ وَعَنْ مَجَالِسِهِمْ؛ فَنَكُونَ مِنَ السَّالِمِينَ النَّاجِينَ.

 

 

أنواع الاستهزاء بالدين

 إِنَّ لِلاِسْتِهْزَاءِ الَّذِي هُوَ نَاقِضٌ مِنْ نَوَاقِضِ الإِسْلَامِ أنواعا عَدِيدَةً, وَأَمْثِلَةً كَثِيرَةً, يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْذَرَهَا وَنُحَذِّرَ مِنْهَاـ فَمِنْ ذَلِكَ:

 

الاِسْتِهْزَاءُ بالقرآن الكريم

     الاِسْتِهْزَاءُ بِكِتَابِ اللهِ الكَرِيمِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ بِالعَظَمَةِ وَالكَرَمِ, وَأَمَرَ بِالإِيمَانِ بِهِ وَتَدَبُّـرِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَتَعْظِيمِ مَا فِيهِ مِنَ الشَّعَائِرِ, وَمَعَ ذَلِكَ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَجَرَّأُ عَلَى كِتَابِ اللهِ, كَمَا يَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ وَالمُشَعْوِذُونَ, مِنْ إِهَانَةِ المُصْحَفِ وَتَنْجِيسِهِ، عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّونَ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْخَرُ بِمَا فِيهِ مِنَ العَقَائِدِ وَالأَحْكَامِ وَالآدَابِ وَيَعُدُّهَا مُصَادِمَةً لِلْحُرِّيَّةِ وَتَخَلُّفًا وَرَجْعِيَّةً, أَوْ يَسْخَرُ بِمَا فِيهِ مِنَ العُقُوبَاتِ وَالحُدُودِ وَيَعُدُّ ذَلِكَ وَحْشِيَّةً وَانْتِهَاكًا لِلْحُقُوقِ.

  

الاستهزاء بالسنة النبوية

 

     مَنْ سَخِرَ بِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ أَوْ هَزَلَ بِهَا أَوْ سَبَّهَا فَقَدِ ارْتَدَّ عَنْ دِينِ الإِسْلَامِ, كَمَنْ يَسْتَهْزِئُ بِاللِّحْيَةِ، وَتَقْصِيرِ الثِّيَابِ، وَالنِّقَابِ، وَالحِجَابِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، وَأَعْظَمُ مِنْهُ مَنْ يَسْخَرُ بِسُنَنِ الإِسْلَامِ الَّتِي تُعد مِنَ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ العِظَامِ، الفَارِقَةِ بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِسْلَامِ, كَمَنْ يَسْتَهْزِئُ بِالصَّلَاةِ، أَوِ الْوُضُوء،ِ أَوِ الأَذَانِ، أَوِ الحَجِّ، أَوِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا, وَمِنَ النَّاسِ اليَوْمَ مَنْ يَتَهَاوَنُ بِالسُّنَّةِ وَيَزْهَدُ فِيهَا وَيُسَمِّيهَا قُشُورًا, وَيَنْتَقِدُ مَنْ يَعْتَنِي بِدِرَاسَتِهَا وَتَعْلِيمِهَا لِلنَّاسِ, وَيَجْعَلُهُمْ مَحَلَّ سُخْرِيَتِهِ وَازْدِرَائِهِ؛ فَهَذَا بِلَا شَكَّ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك