رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 6 أكتوبر، 2024 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – أَثَرُ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي

  • الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يَحْذَرَ مِنْ مُوَاقَعَتِهَا وَيَبْتَعِدَ عَنِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي تَدْعُوهُ إِلَى الْوُقُوعِ فِيهَا
  • إِنَّ مِنْ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: أَنَّ بَعْضَهَا يَجُرُّ بَعْضًا وَالذَّنْبُ يُوَلِّدُ ذَنْبًا آخَرَ وَيَزْرَعُهُ حَتَّى يَصْعُبَ عَلَى الْإِنْسَانِ مُفَارَقَةُ الذُّنُوبِ وَتَرْكُهَا
  • مِنْ أَسْبَابِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ: كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ فَمَنْ لَهَجَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَلَازَمَهُ أَوْشَكَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ

جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 1 من ربيع الآخر 1446 هـ - الموافق 4/10/2024م، بعنوان: أَثَرُ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي؛ حيث أكدت الخطبة أن مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ -تَعَالَى- عَلَيْنَا: أَنْ هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَعَلَّمَنَا التَّوْحِيدَ وَالْقُرْآنَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رُسُلًا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى؛ لِيَدُلَّنَا عَلَى مَا يَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجِنَانِ، وَيُحَذِّرَنَا مِنْ كُلِّ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِاقْتِحَامِ النِّيرَانِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إِلَّا وَقَدْ بُيِّنَ لَكُمْ» (أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -: «... وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ» (أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، فَاللَّهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ وَضَّحَ لَنَا طَرِيقَ الْهُدَى وَطَرِيقَ الضَّلَالِ، وَحَذَّرَنَا مِنْ مَعْصِيَةِ أَوَامِرِهِ، وَنَهَانَا عَنِ اقْتِحَامِ مَحَارِمِهِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (البلد:10).

     وَإِنَّ مِمَّا نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ وَحَذَّرَنَا مِنْهُ، وَجَعَلَهُ مِنْ أَسْبَابِ حُلُولِ غَضَبِهِ، وَالْحِرْمَانِ مِنْ جَنَّتِهِ: الْوُقُوعَ فِي الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي؛ فَإِنَّ ضَرَرَهَا مُتَحَقِّقٌ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَضَرَرَهَا عَلَى الْإِنْسَانِ كَضَرَرِ السُّمُومِ فِي الْأَبْدَانِ، وَمَا مِنْ شَرٍّ وَدَاءٍ إِلَّا وَسَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي، فَبِهَا خَرَجَ آدَمُ وَحَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَبِسَبَبِهَا طُرِدَ إِبْلِيسُ وَلُعِنَ، وَهِيَ السَّبَبُ فِي إِغْرَاقِ قَوْمِ نُوحٍ، وَتَسْلِيطِ الرِّيحِ الْعَقِيمِ عَلَى قَوْمِ عَادٍ، وَبِسَبَبِهَا أُهْلِكَتْ ثَمُودُ بِالصَّيْحَةِ، وَعُذِّبَ قَوْمُ لُوطٍ وَقَوْمُ شُعَيْبٍ، وَبِهَا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَخَسَفَ بِقَارُونَ، وَسَلَّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْوَاعَ الْعُقُوبَاتِ، وَأَهْلَكَ الْقُرُونَ الْأُولَى بِأَنْوَاعِ الْمُهْلِكَاتِ؛ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -: «مَا أَهْوَنَ الْخَلْقَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَرَكُوا أَمْرَهُ»، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ - رضي الله عنه -: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَجِلُّوا مَقَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّوْبَةِ عَمَّا لَا يَحِلُّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُؤْمَنُ إِذَا عُصِيَ».

آثار الذنوب والمعاصي

     وإِنَّ لِلْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ مِنَ الْآثَارِ السَّيِّئَةِ وَالْقَبَائِحِ الْمَذْمُومَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ وَالْعُقُولِ وَالْأَبْدَانِ، وَيَكُونُ سَبَبًا لِهَلَاكِ الْمَالِ وَالْبِلَادِ وَالْعِبَادِ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «إِنَّ لِلَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عُقُوبَاتٍ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَضَنْكًا فِي الْمَعِيشَةِ، وَسُخْطًا فِي الرِّزْقِ، وَوَهْنًا فِي الْعِبَادَةِ»، فَمِنْ آثَارِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي ما يلي:

حصول الوحشة في القلب

     الْوَحْشَةُ الَّتِي يَجِدُهَا الْعَاصِي فِي قَلْبِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَالضِّيقُ الَّذِي يَمْلَؤُهُ، وَالظُّلْمَةُ الَّتِي تَعْلُوهُ، وَالْوَحْشَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: (إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ، فَأَرَى ذَلِكَ فِي خُلُقِ دَابَّتِي وَامْرَأَتِي).

قسوة القلب

     وَمِنْهَا: الْقَسْوَةُ الَّتِي يَجِدُهَا الْعَاصِي فِي قَلْبِهِ، وَالْإِدْبَارُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ -تَعَالَى-؛ قَالَ -تَعَالَى- عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا عَصَوْهُ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} (المائدة:13)، وَتَزْدَادُ الْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ حَتَّى يَقَعَ صَاحِبُهَا فِي وَحَلِ الضَّلَالَاتِ وَسُمُومِ الِانْحِرَافَاتِ، فَلَا يَعْرِفُ بَعْدَهَا مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا؛ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا -أَيْ: كَالْإِنَاءِ الْمَنْكُوسِ- لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ)، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ ظُلْمَةً فِي قَلْبِهِ، وَوَهْنًا فِي بَدَنِهِ».

حِرْمَانُ الرِّزْقِ

      وَمِنْ تِلْكُمُ الْآثَارِ الْمَذْمُومَةِ: حِرْمَانُ الرِّزْقِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- لِلْعَبْدِ، بَلْ هِيَ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}(الشورى:30)، وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ -صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ)، فَمَا اسْتُجْلِبَ رِزْقُ اللَّهِ بِمِثْلِ تَرْكِ الْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى رَبِّ الْخَلْقِ وَالْبَرِيَّاتِ.

الْمَعَاصِيَ تُقَصِّرُ الْعُمْرَ

     وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَعَاصِيَ تُقَصِّرُ الْعُمْرَ، وَتُضَيِّعُ الْأَوْقَاتَ، وَتَمْحَقُ الْبَرَكَاتِ؛ فَالْعَبْدُ إِذَا أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِمَا يُغْضِبُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، ضَاعَتْ عَلَيْهِ حَيَاتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي كَانَ الْمُفْتَرَضُ أَنْ يَشْغَلَهَا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يَقُولُ الْمُفَرِّطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (الفجر:24).

بَعْضَهَا يَجُرُّ بَعْضًا

     إِنَّ مِنْ شُؤْمِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: أَنَّ بَعْضَهَا يَجُرُّ بَعْضًا، وَالذَّنْبُ يُوَلِّدُ ذَنْبًا آخَرَ وَيَزْرَعُهُ، حَتَّى يَصْعُبَ عَلَى الْإِنْسَانِ مُفَارَقَةُ الذُّنُوبِ وَتَرْكُهَا؛ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: «إِنَّ مِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا، وَإِنَّ مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ بَعْدَهَا»، وَقَدْ يَصِلُ الْحَالُ بِالْمَرْءِ أَنْ تَتَقَوَّى عِنْدَهُ إِرَادَةُ الْمَعْصِيَةِ فَتَصْعُبَ عَلَيْهِ إِرَادَةُ التَّوْبَةِ حِينَئِذٍ، وَيَكُونَ مِنَ الْمُصِرِّينَ عَلَى الذُّنُوبِ الْمُدَاوِمِينَ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، فَاحْذَرُوا الْمَعَاصِيَ وَعَالِجُوهَا، وَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، وَاعْزِمُوا عَلَى الْإِنَابَةِ وَالرُّجُوعِ، وَلَا تَأْمَنُوا مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ.

مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ

      والذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يَحْذَرَ مِنْ مُوَاقَعَتِهَا، وَيَبْتَعِدَ عَنِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي تَدْعُوهُ إِلَى الْوُقُوعِ فِيهَا، وَأَنْ يَسْعَى فِي تَكْفِيرِهَا بِأَنْوَاعِ الْمُكَفِّرَاتِ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَمَحَا ذَنْبَهُ.

أسباب مغفرة الذنوب

     إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَيَمْحُو أَثَرَ السَّيِّئَاتِ: تَوْحِيدَ اللَّهِ -تَعَالَى- وَتَعْظِيمَهُ؛ فَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ)، فَتَوْحِيدُ اللهِ فِي عِبَادَتِهِ هُوَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ فِي مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، فَمَنْ فَقَدَهُ فَقَدَ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَدْ أَتَى بِأَعْظَمِ أَسْبَابِهَا؛ فَإِنَّهُ إِذَا كَمُلَ تَوْحِيدُ الْعَبْدِ وَإِخْلَاصُهُ لِلَّهِ فِيهِ، وَقَامَ بِشُرُوطِهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ، أَوْجَبَ مَغْفِرَةَ مَا سَلَفَ مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّهَا، وَمَنَعَهُ مِنْ دُخُولِ النَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ.

كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ

      وَمِنْ أَسْبَابِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ: كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ؛ فَمَنْ لَهَجَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَلَازَمَهُ؛ أَوْشَكَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ، لَا سِيَّمَا إِذَا خَرَجَ عَنْ قَلْبٍ مُنْكَسِرٍ، أَوْ صَادَفَ سَاعَةَ إِجَابَةٍ، وَهَكَذَا كَانَ حَالُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ)، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم -: «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا» (أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ

مَنْ أَهَمَّتْهُ ذُنُوبُهُ وَتَكَالَبَتْ عَلَيْهِ هُمُومُهُ، فَلْيُكْثِرْ مِنَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَلْيَرْفَعْ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ لِلْعَزِيزِ الْغَفَّارِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ حَرِيٌّ بِإِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَالْخَطِيئَاتِ.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك