رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 15 يوليو، 2024 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – فِتْنَةُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

  • مِنَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْفِتَنِ وُقُوعًا وَأَعْظَمِهَا خَطَرًا فِتْنَة الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
  • يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ وَالْبُعْدُ عَنْهُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَهَكَذَا فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْفِتَنِ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبُعْدُ عَنْهَا وَالْفِرَارُ مِنْهَا صِيَانَةً لِدِينِهِ وَحِفْظًا لِإِيمَانِهِ فَإِنَّ النُّفُوسَ ضَعِيفَةٌ وَالْفِتِنَ خَطَّافَةٌ
  • فِتْنَة الدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ لَا عَاصِمَ مِنْهَا إِلَّا اللهُ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ مِمَّا يُجْرِيهِ اللهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ فَتُبْهِرُ الْعُقُولَ وَتُفْزِعُ الْقُلُوبَ
 

جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  بعنوان: (فِتْنَةُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)؛ حيث بينت الخطبة أنَّ اللهُ -عَزَّوَجَلَّ- بَعَثَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِخَيْرِ دِينٍ وَأَكْمَلِ رِسَالَةٍ، ولَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا إِلَّا دَلَّ الْأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلَا شَرًّا إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (الأحزاب:45-46)، وَإِنَّ مِنَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْفِتَنِ وُقُوعًا وَأَعْظَمِهَا خَطَرًا -فِتْنَةَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؛ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، بَلْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْهَا؛ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

       لَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذِكْرِ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ قُبَيْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ وَعِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَدَّعِي أَنَّهُ اللهُ، وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالْإِيمَانِ بِهِ، بَالَغَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَصْفِهِ مُحَذِّرًا أَمَّتَهُ مِنْهُ، فَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ، أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جُفَالُ الشَّعْرِ، أَيْ لَهُ شَعْرٌ غَزِيرٌ كَثِيرٌ، أَعْوَرُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-)، سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِأَنَّ إِحْدَى عَيْنَيْهِ مَمْسُوحَةٌ، أَوْ لِأَنَّهُ يَطُوفُ الْأَرْضَ كُلَّهَا وَيَمْسَحُهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا.

الْمَسِيح الدَّجَّال حَيٌّ

      إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ حَيٌّ مُنْذُ أَزْمَنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، قَدْ رَآهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ زَمَنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَدْ حَبَسَهُ اللهُ -تَعَالَى-، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِالْخُرُوجِ خَرَجَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ مِنْ خُرَاسَانَ، مِنْ بَلْدَةِ أَصْبَهَانَ، فَيَسِيرُ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَتْرُكُ بَلَدًا إِلَّا دَخَلَهُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَإِنَّهُمَا مَحْرُوسَتَانِ بِأَمْرِ اللهِ -تَعَالَى-؛ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْيَهُودِ عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ» -أَيِ: الْمَلَابِسُ- (رَوَاهُ أَحْمَدُ)، وَفِي صَحِيحِ مُسْلَمٍ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّهُمْ رَأَوُا الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَكَلَّمُوهُ، وَكَانَ مِمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ، فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً ـ أَوْ: وَاحِدًا مِنْهُمَا ـ اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا».

فِتْنَة الدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ

          إِنَّ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، لَا عَاصِمَ مِنْهَا إِلَّا اللهُ؛ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ مِمَّا يُجْرِيهِ اللهُ -تَعَالَى- عَلَى يَدَيْهِ، فَتُبْهِرُ الْعُقُولَ، وَتُفْزِعُ الْقُلُوبَ، فَالدَّجَّالُ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، عَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ، مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالْآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ، نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لِيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

يَأْمُر الْأَرْضَ فَتُخْرِج كُنُوزَهَا

       وَمِنْ فِتْنَتِهِ: أَنْ يَأْمُرَ الْأَرْضَ فَتُخْرِجَ كُنُوزَهَا، وَيَمُرَّ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ فَتُمْطِرَ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتَ، وَيَمُرَّ عَلَى مَنْ يُكَذِّبُونَهُ وَيَرُدُّونَ قَوْلَهُ فَيُصِيبَهُمُ الْقَحْطُ؛ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: «كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ» وَفِيهِ: «ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» -أَيْ: جَمَاعَاتِ النَّحْلِ- (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا

        يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الْأَرْضِ، وَيَفْتَتِنُ بِهِ النَّاسُ- الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ- أَرْبَعِينَ يَوْمًا، يَوْمًا كَسَنَةٍ، وَيَوْمًا كَشَهْرٍ، وَيَوْمًا كَأُسْبُوعٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِنَا، فَيَتَّبِعُهُ مِمَّنِ افْتُتِنَ بِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، وَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ وَحَفِظَهُ، حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-... فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

مَا يَعْصِم مِنَ الدَّجَّالِ

       فِتْنَةَ الدَّجَّالِ عَظِيمَةٌ وَشُبْهَتَهُ خَطِيرَةٌ، وَلَقَدْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَّتَهُ إِلَى مَا يَعْصِمُهَا مِنَ الدَّجَّالِ، وَيُعِيذُهَا مِنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ: الْإِيمَانُ بِاللهِ -تَعَالَى- وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا، فَالدَّجَّالُ بَشَرٌ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، وَاللهُ -تَعَالَى- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصيرُ.

التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللهِ -تَعَالَى- وَحِفْظُهُ

        وَمِمَّا يَعْصِمُ مِنْ فِتْنَتِهِ: التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللهِ -تَعَالَى- وَحِفْظُهُ؛ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ سُؤَالُ اللهِ -تَعَالَى-: الْحِفْظَ وَالْعِصْمَةَ مِنْ فِتْنَتِهِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

الْفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ وَالْبُعْدُ عَنْهُ

       وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ وَالْبُعْدُ عَنْهُ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ؛ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَهَكَذَا فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْفِتَنِ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبُعْدُ عَنْهَا وَالْفِرَارُ مِنْهَا؛ صِيَانَةً لِدِينِهِ، وَحِفْظًا لِإِيمَانِهِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ ضَعِيفَةٌ، وَالْفِتِنَ خَطَّافَةٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّفَّارِينِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «فَيَنْبَغِي لِكُلِّ عَالَمٍ أَنْ يَبُثَّ أَحَادِيثَ الدَّجَّالِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا الَّذِي اشْرَأَبَّتْ فِيهِ الْفِتَنُ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الْمِحَنُ، وَانْدَرَسَتْ فِيهِ مَعَالِمُ السُّنَنِ، وَصَارَتِ السُّنَنُ فِيهِ كَالْبِدَعِ، وَالْبِدْعَةُ شَرْعًا مُتَّبَعًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك