رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 17 أبريل، 2021 0 تعليق

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا

 

 

جاءت خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتاريخ 20 من شعبان 1442هـ - الموافق 2/4/2021م مبينةً فضل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتدبره، وأكدت على أن اللهُ -تعالى- أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَشِفَاءً لِمَا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فهُوَ كَلَامُ اللهِ -تعالى- لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيْغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَمَلُّ الْعَبْدُ مِنْ قِرَاءتِهِ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر:23).

كَمْ حَظُّكَ مِنْ قِرَاءةِ الْقُرْآنِ؟

     ثم بينت الخطبة أن كِتَابَ اللهِ بَيْنَ أيدينا، وَمَسَاجِدَنَا وَبُيُوتَنَا مَلِيئةٌ بِالْمَصَاحِفِ، فَهَلْ سَأَلْتَ نَفْسَكَ يَوْمًا- يَا عَبْدَ اللهِ- وَحَاسَبْتَهَا: كَمْ حَظُّكَ مِنْ قِرَاءةِ الْقُرْآنِ؟ فَأَنْتَ الْمُنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللهِ حِينَ تَقْرَؤُهُ، وَمِنْ حُرِمَ قِرَاءةَ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ فَقَدْ فَاتَتْهُ الْأُجُورُ الْكَبِيرَةُ، وَفَرَّطَ فِي حَسَنَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ هِي تِجَارَةُ أَهْلِ الْإيمَانِ الَّتِي لَا تَبْلَى وَلَا تَخْسَرُ، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور} (فاطر:29-30).

أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

     كما أوضحت الخطبة أنه بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ تَهْدَأُ النَّفْسُ وَيَرْتَاحُ الْبَالُ، وَتَذْهَبُ الْغُمُومُ وَالهُمُومُ، كَمْ مِنْ مُـبْتَلًى يَشْتَكِي الْهَمَّ وَالضِّيْقَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ذَلِكَ بُعْدَهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28)، فَهُوَ الْمَوْعِظَةُ وَالتَّذْكِيرُ، وَالشِّفَاءُ لِمَا فِي الصُّدُورِ، {اأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (يونس57)، وَلَقَدْ أَرْشَدَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَنَّ الْقُرْآنَ بِهِ رَاحَةُ الْقُلُوبِ وَزَوَالُ الهُمُومِ، فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه- أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً». قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: «بَلَى! يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

أهْلَ الْقُرْآنِ

     وعلى أهْلَ الْقُرْآنِ وَالْمُتَدَارِسِينَ لَهُ فِي الحِلَقِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الرَّحَمَاتُ وَالْبَرَكَاتُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُم؛ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، فَمَا أَعْظَمَ هَذَا الْفَضْلَ! وَمَا أَجْزَلَ هَذَا الْعَطَاءَ لِأَهْلِ الْقُرْآنِ! فَاللهُ يُعْلِي شَأْنَهُمْ وَيَذْكُرُهُمْ فِي الْمَلَأِ الْأعْلَى، وَكَفَى بِذَلِكَ فَضْلًا وَفَخْرًا وَشَرَفًا، قَالَ -تعالى-: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء:10)، أَيْ: فِيهِ شَرَفُكُمْ وَفَخْرُكُمْ وَارْتِفَاعُكُمْ، وَمِنْ رِفْعَةِ أهْلِ الْقُرْآنِ أَنْ جَعَلَهُمُ اللهُ أَهْلَهُ وَخَاصَّتَهُ، فَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ؛ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ ])،اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

قَارِئ الْقُرْآنِ

     ثم بينت الخطبة أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَّهَ قَارِئَ الْقُرْآنِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِالْأُتْرُجَّةِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ...»، وَالْقُرْآنُ يَأْتِي شفيعًا لِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ اجْتَهَدُوا فِي قِرَاءَتِهِ؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، فَإِذَا دَخَلَ الْعَبْدُ الْجَنَّةَ ارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ وَدَرَجَتُهُ بِحَسَبِ حِفْظِهِ وَتِلَاوَتِهِ لِلْقُرْآنِ فِي الدُّنْيَا؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه -مَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرؤُهَا» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، فَالْعَبْدُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ إِلَى عَشْرِ حَسَنَاتٍ، والله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ.

فَاجْتَهِدُوا -عِبَادَ اللهِ- فِي تِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَكَفَانَا تَفْرِيطًا فِي الْأُجُورِ الْكَثِيرَةِ، اجْعَلُوا لِلْقُرْآنِ وِرْدًا وَوَقْتًا وَحَظًّا، فَكَمْ شَغَلَتْنَا هَوَاتِفُنَا وَمَجَالِسُنَا وَأَصْحَابُنَا عَنْ كَلَامِ رَبِّنَا، فَالدُّنْيَا دَارُ الْعَمَلِ، وَالْآخِرَةُ دَارُ الْجَزَاءِ، فَأَحْسِنْ فِي دُنْيَاكَ، تَجِدْ خَيْرًا فِي أُخْرَاكَ.

حَلَقَات الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِلْكِتْرُونِيًّا

     ثم أرشدت الخطبة عموم المسلمين إلى استثمار ظُرُوفِ جَائِحَةِ كُورُونَا في استثمار التِّقْنِيَّةَ الْحَدِيثَةَ التي هيئتها وزارة الأوقاف للحلقات القرآنية فأنشأت العديد من المنصات لحَلَقَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِلْكِتْرُونِيًّا، فلابد من الاسْتِفَادَةُ مِنْ تَطْبِيقَاتِهَا وَبَرَامِجِهَا فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتَجْوِيدِهِ وَالاغْتِرَافِ مِنْ مَعِينِ عُلُومِهِ وَآدَابِهِ، وَتَشْجِيعُ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا عَلَى الالْتِحَاقِ بِهَا وَالْعِنَايَةِ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ لِيَسْتَثْمِرُوا أَوْقَاتَهُمْ وَطَاقَاتِهِمْ فِيمَا يَعُودُ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ بِالنَّفْعِ الْعَمِيمِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ وَالرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

الأخذ بالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ

ثم أكدت الخطبة الْأخْذَ بِالنَّصَائِحِ وَالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْتِزَامَ الْإِجْرَاءَاتِ الاحْترَازِيَّةِ، كَلُبْسِ الكِمَامَاتِ، وَتَعْقِيمِ الأَيْدِي عِنْدَ الدُّخُولِ إِلَى المَسْجِدِ وَالخُرُوجِ مِنْهُ، وَعَدَمِ مُصَافَحَةِ الآخَرِينَ، وَكَذَا التَّباعدُ بَينَ المُصَلِّينَ فِي الصُّفُوفِ.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك