رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 28 يناير، 2021 0 تعليق

خطبة المسجد النبوي د. حسين آل الشيخ: أصول الإسلام العظيمة تحمي المجتمع من خطر الغش

 

جاءت خطبة الجمعة في الحرم المدني لهذا الأسبوع التي ألقاها الشيخ حسين آل الشيخ بتاريخ 2 من جمادى الآخرة 1442هـ - الموافق 15/1 /2021م، في التحذير من الغش وخطره على المجتمع؛ حيث أكد آل الشيخ أن الإسلام جاء بالأصول العظيمة، لحماية المجتمع من الأخطار، ومن هذه الأصول تحريم الغش بشتى أنواعه، وبجميع مظاهره في أنشطة الحياة كافة، ومختلف مجالاتها، فالغش في التصرفات كلها خُلق ذميم، وفِعل قبيح، وجريمة منكَرة، وكبيرة من كبائر الذنوب، وهو إخلال بالحقوق وتضييع لها، وخيانة للأمة، وضياع للأمانة، وقلب للحقائق.

     وأكد آل الشيخ أن الغش داء خطير، وشر مستطير، أينما وجِدَ وحيثما حل، وما انتشر الغش في أمة إلا وأعاق تقدمها، وأثّر في رخائها وازدهارها، وحلّ بها الدمار والهلاك والخسران، يقول -جل وعلا-: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} ويقول -تعالى-: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ}، ويقول -سبحانه-:{ويل للمطففين}، ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يعلنها دستورا عامَّا كاملا، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: «من غشنا فليس منا» رواه مسلم.

مجالات الغش

     وعن المجالات التي تدخل تحت هذا الأصل قال آل الشيخ: المعاملات التجارية، والتعاملات الاقتصادية، التي يجب أن تُبنى على أصول جليلة وقواعد متينة، ومنها: الصدق والأمانة، والوضوح والإبانة، يقول -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، ويقول -سبحانه-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقَت بركت بيعهما» رواه البخاري.

جُرْم كبير

     ثم أكد آل الشيخ على أن الغش في التعاملات المالية جرم كبير، مهما اختلفت صوره وتعددت أشكاله، فهو أكل للأموال بالباطل، وسرقة لأموال المسلمين، قال -جل وعلا-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ}، وقال -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}.

من غشّنا فليس منّا

     مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على صُبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس منّا». وفي لفظ «من غشّنا فليس منّا». وفي لفظ «من غشّنا فليس مني».

حقيقة الغش

     وعن حقيقة الغش قال آل الشيخ: الغش يصْدُق على كل إخفاء لعيب في السلعة، يكون بالإخلال في السلعة ذاتها أو عناصرها، أو بخس كميتها، أو وزنها، أو الإخلال بصفة من صفاتها، والقاعدة في هذا أنّ الغش المُحَرّم هو أن يعلم صاحب السلعة من نحو بائع أو مشترٍ فيها شيئا، لو اطّلع عليه مُريد أخْذِها ما أَخَذَها بذلك المقابل. قال ابن تيمية -رحمه الله-: والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب، وتدليس السلع مثل أن يكون ظاهر المَبيع خيراً من باطنه، فعلى المسلم أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يَنْصح لإخوانه المسلمين، وأن يَحْذَر أشدّ الحذر من غشهم وخداعهم والتحايل عليهم في أموالهم. قال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلّا بيّنه». أخرجه أحمد وابن ماجه. وأخرجه البخاري موقوفا على عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: «لا يحل لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أن بها داءً إلّا أخبر به».

الغش محرم لكل أحد

     ثم بين آل الشيخ أن الغش محرم لكل أحد، لمسلم أو لغير مسلم، كبير أو صغير، لعموم الأدلة الآمرة بالصدق والأمانة وبتحريم الغش والتحايل. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}. وقد جاء عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من غشّنا فليس منّا والمكر والخديعة في النار». أخرجه ابن حبان في صحيحه. والطبراني في الصغير والكبير. وإسناده جيد.

تمسكوا بمحاسن الإسلام وأخلاقه

     ثم أكد آل الشيخ ضرورة التمسك بمحاسن الإسلام، فتعاملوا بأخلاقه العظيمة، وصفاته الجليلة، وراقبوا ربّكم سراً وجهرا، وتذكروا قول ربكم -جل وعلا-: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}- فعلى المسلم أن يكون ناصحًا مشفقًا برًا رحيما بإخوانه المسلمين، قال -تعالى-: {إنما المؤمنون إخوة}. وأحِب لإخوانك المسلمين كل خير ومعروف وإصلاح، وكن بعيداً أشد البعد عن الغش وعن الخداع والتحايل، وأحِب لإخوانك المسلمين ما تحبه لنفسك، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه». متفق عليه.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك