رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 21 ديسمبر، 2020 0 تعليق

خطبة المسجد النبوي – د. آل الشــيــــخ: أذيــة الــعـبـــاد خُـلُق مذمــوم لا يصــدر إلا من ضعفاء الإيمان

 

تناول إمام المسجد النبوي الشيخ د. حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي بتاريخ 26/4/1442 هـ الموافق 11/12/2020م موضوعًا في غاية الأهمية، ووصفه بأنه من أخطر مسالك الشيطان على الإنسان، وهو أذيّة الخَلْق والتسبب في ذلك بغير حق؛ حيث أكد أن تلك مسالك شيطانية باعثها من الخلافات العدوانية، والصراعات التناحرية، تنبئ عن فقد مبادئ الرحمة والرفق، وقِيَم العطف والرأفة.

خُلُق مذموم

ثم بين آل الشيخ أنّ أذية العباد خُلُق مذموم، يجمع في طياته صفات شتى من الموبقات والجرائم، فإطلاق العنان للنفس بأن تؤذي الآخرين بالمقال والفعال، لا يصدر إلا من ضعيف الإيمان، منقاد للهوى، يقوده الباطل، وتقوده النفس الأمّارة بالسوء والفحشاء.

كف الأذى

     ثم بين آل الشيخ أنه يجب على المسلم أن يكُفّ عن الأذى، ويزجر هواه عن الردى، فإن فعل ذلك فإنه يسْلَم ويغْنَم دنيا وأخرى. قال ربنا -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (الأحزاب: 58). وقال - جل وعلا-: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (النساء: 112). ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يُبيّن كتاب ربه ويُفصّل في تفسير هذه الآيات ويوضحها، بما تواتر عنه -عليه الصلاة والسلام- من التحذير الشديد، والزجر الأكيد عن أذى الآخرين وظلمهم، والاعتداء عليهم، والتغرير بهم، قال - صلى الله عليه وسلم - «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله» أخرجه مسلم. وجاء في النهي عن الجلوس في الطرقات وإعطاء الطريق حقه وبين صلى الله عليه وسلم  أن من تلك الحقوق: كف الأذى» متفق عليه.

احفظ حسناتك

ثم أكد على أنه يجب على المسلم أيضًا أن يحفظ حسناته، ويصون دينه، ويكفّ أذيّته عن غيره، وأن يكون كما قال الفضيل بن عياض: لا يحل لك أيها المسلم أن تؤذي كلبا أو خنزيرا، فكيف بمن هو أكرم مخلوق؟!

تتبع عورة المسلم

     وأضاف، لقد اشتد نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير عن أذيّة المسلمين فقال: «يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيّروهم، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن يتبِع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله» حسنه الألباني رواه الترمذي وأبو داوود بسند حسن. قال قتادة: إياكم وأذى المؤمن! فإن الله يحوطه ويغضب له.

اِسلم تسلم

     ثم قال آل الشيخ: أيها المسلم اسلم من الأذى، امنع نفسك من الاعتداء تسلم من الخزي والردى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» رواه البخاري. وقال أيضا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره» رواه البخاري. وعند مسلم «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه »، أي شروره وغوائله.

خطر مواقع التواصل

     وعن خطورة مواقع التواصل ودورها في أذية العباد والبلاد قال آل الشيخ: وفي عالم اليوم ما يُسمى بقنوات التواصل الاجتماعي، التي يسخرها بعضهم لأذية المسلمين، والتعرض لحكامهم وعلمائهم، وأفرادهم ومجتمعاتهم، بكل أقوال فاجرة وإشاعات مغرضة. فليتذكر هؤلاء أنّ الله لهم بالمرصاد، وأنّ الميزان حسنات وسيئات، فليحذروا ملاقاة ربهم وهم في حالة من الإفلاس والإبلاس (انقطاع الحجة). نسأل الله العفو والعافية.

لا ضرر ولا ضرار

     وعن تحريم الأذى قال آل الشيخ: إن أذى المسلمين لا يقتصر على أذية الأفراد وأشخاصهم، بل يشمل أذية المسلمين في مصالحهم العامة، ومنافعهم المشتركة، كالممتلكات العامة والوظائف ونحوها. فمن أصول الإسلام قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا ضرر ولا ضرار» صححه الألباني ويقول - صلى الله عليه وسلم - : «اتقوا اللَّعَّانيْن، الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم» رواه مسلم. وقد أخرج الطبراني بسند حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم» حسنه الألباني. فاسلَم أيها المؤمن، وسلّم لسانك وقولك وأفعالك من أذية المسلمين، تُفلح وتَسعد في الدنيا والآخرة.

تربية النفس

     ثم أكد آل الشيخ على ضرورة أن يعوّد الإنسان نفسه على سلامتها من أذية الخلْق، وأن يربيها على ذلك، وينزّهها ظاهرا وباطنا عن كل ظلم للآخرين، وليعلم أن سلامة القلب من الشرك والبدع، ومن الغل والحسد والأحقاد، سبب من أسباب النجاة، وصفة من صفات أهل الجنة، قال –تعالى- عن عبده وخليله إبراهيم في دعائه بما يقوله ربنا -جل وعلا-: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} (الشعراء: 87 - 88). وكن من أهل الجنة في صفاتهم، {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}(الحجر:87).

سلامة القلب

     وتابع الشيخ قائلاً، قد صحّت الأحاديث الكثيرة، في إيضاح فضل سلامة القلب للمسلمين وعظيم أجره، من الشحناء، والبغضاء، والأحقاد، وتعمد أذيّتهم، ومنها قصة الرجل من الأنصار الذي شهِد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، ثم تتبع عبد الله بن عمرو بن العاص هذا الرجل، حتى بات عنده ثلاث ليال، وقد وجد من صالح عمله، أنه لم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعارّ وتقلب على فراشه، ذكر الله -جل وعلا- وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، ولم يسمعه يقول إلا خيرا، ثم أخبره عبدالله بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له الرجل عن عمله: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين شيئا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه؛ فقال عبدالله: هذه هي التي بَلَغَتْ بك، وهي التي لا نطيق. ضعفه الألباني

نصيحة غالية

ثم ختم كلامه بنصيحة قال فيها: أيها المسلم، عوّد نفسك، وربها على سلامة القلب، وعلى سلامة الصدر من الحسد ومن الأحقاد ومن الأذية، تكن سالما في الدنيا والآخرة.

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك