رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 8 يوليو، 2024 0 تعليق

خطبة المسجد النبوي – تهنئة حجاج بيت الله الحرام وعبرة من انقضاء الأعوام

  • إنما يستفتح المؤمن عامه بتباشير التفاؤل والآمال ويودع ما مضى من أيامه بما استودعها من صالح النيات والأقوال والأعمال
 

جاءت خطبة المسجد النبوي بتاريخ: 22 ذي الحجة 1445 هـ، الموافق 28 يونيو 2024 م، بعنوان: (تهنئة حجاج بيت الله الحرام وعبرة من انقضاء الأعوام) التي ألقاها فضيلة الشيخ د: أحمد بن علي الحذيفي (إمام وخطيب المسجد النبوي) الذي أوصى في بداية الخطبة بتقوى الله -عز وجل- حقَّ التقوى، للفوز بالخيرات، والنجاة من الشرور والمهلكات، كما هنأ المؤمنين والمؤمنات فقال:

هنيئًا لنا ولكم ما أهلَّ اللهُ من سحائب نعمائه، وما أهالَ من كثائب آلائه، طلائع نعم تغدو وتروح، وطوالع منن تأتلق وتلوح.

إتمام النسق نعمة تستحق الشكر

هنيئًا لحجاج بيت الله وقاصديه نعمة إتمام المناسك، وهنيئًا لولاة أمر هذه البلاد خدمة الحرمين، ورعاية الحج والناسك، فلله الحمد على سوابغ فضله وسوابقه، حمدًا نعترف بالعجز عن الوفاء بحقه، ونقر بفضل مسديه -تعالى- ومستحقه.

شرف مكة والمدينة

        إن المدينتين المقدستين مكة والمدينة، هما مهبط وحي الله، ومشرق شمس الرسالة، إنها الديار المبارَكة والأرض المقدَّسة، التي هبط إليها وحي الله، وحطَّتِ الرسالةُ فيها رحالَها، وألقت عصا تسيارها، حُقَّ للمسلم أن يهوي إليها فؤاده، ويطير نحوها قلبه، قلت للقلب إذ تراءى لعيني رسم دار لهم فهاج اشتياقي

هذه دارهم وأنتَ محبٌّ

                                      ما احتباسُ الدموعِ في الآماقِ

حُلَّ عِقْدَ الدموع وَاحْلُلْ رُبَاها

                                      وَاهْجُرِ الصبرَ وارعَ حقَّ الفِرَاقِ

في هذه البقاع الطاهرة تُسكَب عبراتُ الأحداق، وتُكتَب عباراتُ الأشواق، فعظِّموا لهذه البقاعِ قدرَها، واعرفوا لها حرمتَها، فقد اجتمع لكم شرفُ الزمانِ وشرفُ المكانِ وشرفُ المقصدِ.

عظم الجزاء في الزمان الشريف

       ألَا وإن الزمان الشريف والمكان المنيف، يعظم فيهما جزاء العمل الصالح، كما تعظم العقوبة؛ لاجتراء العبد على حرمة الزمان والمكان، كما قال تعالى وتقدس: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}(الْحَجِّ: 25)، فعلق -جلَّ شأنُه- العقوبة بالإرادة، فكيف بالفعل؟ وقال -صلوات الله وسلامه عليه-: «المدينة حرم، من أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عد».

التقوى خير الزاد

إن التقوى خير زاد وأوطأ مهاد وأرفع عماد، هي زينة لمن ارتدى أثوابها، وجنة لمن تدرع بها؛ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}(الْبَقَرَةِ: 197).

الأيام مراحل ورواحل

        إنَّا حين نودع موسم الحج فإنَّنا نودع معه عامًا هجريًّا ونستقبل آخَرَ؛ فهي أيام تُطوى وأيام تنشر، تدعو إلى إطلاق عنان الفكر في هذه الدنيا، والاعتبار في ماضي الزمان وآتيه، وأن الأيام مراحل ورواحل، إنما هو زمن يقبل وأيام تدبر، دهر يتصرَّم وشباب يهرم، فلا سرور دائم، ولا حزن ممتد، إنما يستفتح المؤمن عامه بتباشير التفاؤل والآمال، ويودع ما مضى من أيامه، بما استودعها من صالح النيات والأقوال والأعمال.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك