خطاب المصالحة في القرآن الكريم(1) المصالحة بين أبناء الشعوب الإسلامية ضــــرورة دينيـــة وإنســـانيـــة
لقد اهتم القرآن الكريم بالمصالحة في العديد من آياته، وعَدَّها الحل الأمثل والنافع للناس والناجع لحل كثير من النزاعات والخلافات، فحث عليها، وعَدَّ التمسك بها من فضائل الأعمال، قال -تعالى-: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} النساء: 114، ونوعاً من أنواع الإيمان وموجباً من موجبات الأخوة، قال -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات: 10.
ولقد تعددت المبادرات، وتعالت الأصوات في الفترة الأخيرة مطالبة بالإسراع في تحقيق المصالحة بين أبناء المجتمعات المسلمة في الجزائر والمغرب والسودان ومصر والعراق وتونس وليبيا ولبنان وفلسطين واليمن وتركيا وباكستان ومالي....إلخ، والخروج بها من المأزق الراهن من خلال إنشاء هيئات وجمعيات ومنظمات وتشريع قوانين للمصالحة مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فهي قوة معنوية وأخلاقية وضمير حي، انبعث من تحولات وتداعيات وتحديات وصراعات مريرة وقعت في المجتمع وفي السياسة، وهي تعبير عن انتصار قوة العقل والسلم وإسكات لصوت الرصاص، وهي سلطة معنوية وأخلاقية تعيد الاعتبار للضحايا ولذاكرة المجتمع الإسلامي (1).
إن المصالحة بين أبناء الشعوب الإسلامية ضرورة دينية، وإنسانية، وحضارية، واقتصادية، واجتماعية، وسياسية، ونفسية، لا يستغني عنها أي مجتمع مسلم من أجل تأكيد التلاحم بين أبنائه، وترسيخ قواعد الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية وإشاعة أجواء المحبة والانسجام بين مكوناته المختلفة، فيجب على أبناء الأمة الإسلامية شيباً وشباباً رجالاً ونساء السعي الحثيث والعمل المتواصل الدؤوب للوصول إلى الأهداف والمقاصد السامية والقيم الإنسانية الرفيعة التي يستهدفها الخطاب المقاصدي للمصالحة في القرآن الكريم (2).
فما المقصود بالمصالحة؟ وما أحكام الصلح المرغب فيه في الخطاب القرآني؟ وما مجالات المصالحة في القرآن الكريم؟ وما آليات تطبيقها عملياً؟ وما الأبعاد المقاصدية لخطاب المصالحة في القرآن الكريم؟ وما أهمية إصلاح ذات البين؟ وما دور المجتمع في تحقيق ذلك؟
للإجابة عن التساؤلات السابقة قسمت البحث إلى ستة مطالب
المطلب الأول: تعريف المصالحة لغة واصطلاحاً وأصل مشروعيتها
إن المصالحة من الصلح والإصلاح، ومعناه الإغضاء والتساهل، وعدم التقصي في استيفاء الحقوق بين المتنازعين، بترك كل فريق بعضا من حقه، ليجتمعا على كلمة سواء وهو مدعو إليه طبعا، ومرغب فيه شرعا في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال -تعالى-: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء آية 114، وقال -تعالى-: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} النساء آية 128، وقال -تعالى-: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} الشورى آية 40، وفي الصحيح أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» البخاري رقم 2693، وفي الصحيح: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ»
ولقد اقترن الإصلاح في القرآن بأشياء كثيرة، أحياناً يقترن بالإيمان {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأنعام:48). ويقترن بالتقوى {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ َ} (الاعراف:35). كما يقترن بالتوبة في كثير من الآيات فعلاً {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ}(النساء:146). لأن التوبة تعني البراءة من الماضي وأن نفتح صفحة جديدة، والإصلاح يعني أننا نعمر هذه الصفحات بالحسنات (3).
المطلب الثاني: أحكام الصلح المرغَّبُ فيه شرعاً
من أحكام الصلح المرغب فيه ما يلي(4):
1 - أن من ثبت له من المتخاصمين الحق، من دم أو عرض أو مال، الأفضل له بعد ثبوت حقه وبيانه له أن يتسامح ويتجاوز ويتصدق بالحق على صاحبه، فذلك كفارة له، قال -تعالى-بعد أن ذكر أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، قال: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} المائدة آية 45.
2 - التصالح والتسامح المرغوب فيه شرعا، إنما يكون مع من صدرت منه الهفوة والخطأ وتاب منه، فهذا هو المَعْنِيّ بالعفو والصلح في قوله - تعالى-: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} الشورى آية 40، وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} الشورى آية 43 وقوله -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} فصلت آية 34.
أما من كان مشهوراً بالبغي مجاهراً بالعدوان والإجرام، فالقصاص منه شرعاً أولى؛ لقول الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } الشورى آية 39، فقد جاءت الآية في معرض المدح عقب قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ} الشورى آية 38، ومحلها من كان مشهوراً بالبغي والعدوان.
3- الصلح المرغوب فيه شرطه ألا يحل حراماً أو يحرم حلالاً، قال -صلى الله عليه وسلم -: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا صُلْحًا حَرَّمَ حَلالاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» الترمذي رقم 1272
4- لا يجوز إقرار مبدأ في الصلح يترتب عليه ظلم بريء، وذلك مثل إقرار عقوبة جماعية على أهل بلدة بأسرها وقع منها تعد على الحرمات والدماء؛ لأن البلاد المتهمة بالتعدي لا بد أن يوجد فيها الصغير والمرفوع عنه القلم والكبير العاجز ومن لم يرض بفعل أهلها، ولا قدرة له على منعهم، فإقرار مبدأ عقوبتهم جميعا، كتهجيرهم من ديارهم هو صلح بما حرمه الله -تعالى-من الظلم، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } الفرقان آية 19 وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} المائدة آية 8، وقال -تعالى-: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰﯼ} الأنعام 164.
5- لا يجوز لأحد ظُلِمَ أن يتولى القصاص من الظالم بنفسه، بل عليه أن يرفع ذلك إلى القضاء،؛ فالقصاص واسترداد المظالم لا يكون إلا عن طريق الأئمة والحكام، وذلك بإجماع الأمة.
6- الحاكم الذي يرفع إليه الأطراف خصوماتهم لينظر فيها، يندب له أن يأمر الأطراف بالصلح والعفو، ولا يحوجهم إلى تتبع الصغير والكبير من حقوقهم، وذلك بشرطين:
الأول: موافقة جميع الأطراف على مصالحته والرضا بها، فإن رد أحد الأطراف الصلح يجب على من يتولى الصلح استيفاء الحق لأصحابه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - للزبير حين رد خصمُه الصلحَ على النبي -صلى الله عليه وسلم -: «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ» إحالة. البخاري رقم 2509)).
الثاني: ألا يتبين للحاكم الحق بعد أن يكون قد نظر في الدعاوى وسماع البينات، فحينها إن تبين له فلا بد أن يبين لصاحب الحق حقه، ثم بعد ذلك إن أراد أن يترك صاحب الحق حقه فالأمر له؛ وذلك لما جاء في رسالة عمر - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري: «فاحرص على الصلح ما لم يتبين لك فصل القضاء».
7 الصلح والتنازل عن الحق كله أو بعضه، لا يكون إلا ممن ملك ذلك الحق، فلا يجوز الصلح أو التنازل عن الحق من غير صاحبه الذي يملكه، سواء كان الذي لا يملكه الدولة أو الأفراد، فقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (الإسراء آية 33) ومعنى هذا أنه ليس لأحد أيا كان، الحكومة أو غيرها، أن تعفو عن أحد أجرم في حق الوطن، بقتل أو نهب مال أو غيره، إلا ممن له ولاية على ذلك شرعاً.
8 - عدم جواز المصالحة مع من تلوثت أيديهم بالدماء، ومن صدرت ضدهم أحكام قضائية في جرائم القتل والعنف وتخريب الممتلكات العامة والخاصة. ومطالبة جميع التيارات الشعبية والقوى السياسية ومؤسسات الدولة بالإسراع في تحقيق المصالحة الوطنية ولم الشمل لبناء الدولة حتى يتحقق الأمن والأمان والاستقرار للوطن والمواطنين.
المطلب الثالث: مجالات المصالحة ونماذج منها في القرآن الكريم:
الفرع الأول: مجالات المصالحة في القرآن الكريم (5):
لقد جاء خطاب المصالحة في القرآن الكريم شاملا ومستغرقا للبشر جميعا وللموضوعات كلها، فالمصالحة في الخطاب القرآني مطلوبة من البشر جميعا وبين البشر جميعا وفي مختلف روابطهم النسبية والاجتماعية والإنسانية.
- فالمصالحة مطلوبة داخل الأسرة بين الزوج والزوجة، قال -تعالى-: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } النساء: 128. ويقول أيضا: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} النساء: 35، وقال أيضاً: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (البقرة: 228. وهي مطلوبة بين أفراد المجتمع المسلم وشرائحه المختلفة وتياراته المتعددة، قال -تعالى-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} الأنفال: 1.
- والمصالحة مطلوبة بين المسلمين وغيرهم من الشعوب والمجتمعات المغايرة لهم في الدين والثقافة والحضارة، قال -تعالى-: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} الأنفال: 61.
- كما أن المصالحة في الخطاب القرآني مطلوبة في الموضوعات كلها وفي المجالات كلها، ذكر الخطاب القرآني بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر، منها: مجال المعاملات مثل البيع والشراء والوصية، قال -تعالى-: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} البقرة: 182. ومنها مجال الأزمات السياسية والنزاعات المسلحة، قال -تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الحجرات: 9
الفرع الثاني: نماذج من التطبيق العملي للمصالحة في الخطاب القرآني: (6)
لقد نقل الخطاب القرآني العديد من المشاهد والوقائع عن المصالحة من سير الأنبياء والمرسلين حتى يقرب للناس صورتها، ويشجعهم على الاقتداء بها. ومن هذه النماذج:
1. عفو الله -تعالى-عن آدم - عليه السلام -:
أول مثال يسوقه الخطاب القرآني للناس عن المصالحة هو عفو الله -تعالى-عن أبي البشر آدم –عليه السلام -، فإن آدم عصى ربه وأكل من الشجرة التي نهي عن الأكل منها، ثم عاد عن ذنبه واستغفر ربه فتاب، قال - عز وجل -: {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة: 37. فكانت هذه المعاملة الإلهية الرحيمة درسا بليغا لآدم ولذريته من بعده حتى يجعلوا العفو والمصالحة عملة يتداولونها بينهم في الحياة.
1. المصالحة بين يوسف وإخوته:
إن من أعظم قصص المصالحة والعفو في الخطاب القرآني قصة المصالحة بين يوسف - عليه السلام - وإخوته، هذه القصة التي مرت بفصول تراجيدية تمثلت في تآمر إخوة يوسف - عليه السلام - ورميهم إياه في البئر وتسببهم له في ألوان من الأذى النفسي والمادي، ثم عرفت نهاية سعيدة بين الإخوة؛ حيث اعترف الظالم بذنبه في حق المظلوم.
قال -تعالى-: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} يوسف: 91. وتنازل المظلوم عن حقه في القصاص من ظالمه وعفا عنه، قال -تعالى-: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} يوسف: 92. وهكذا طوى الإخوة صفحة الماضي الأليمة، وعاد إليهم التصافي والوداد والوئام والمحبة، وبقيت قصتهم مثالا يحتذى ويقتدى.
2. سياسة المصالحة عند النبي -صلى الله عليه وسلم -:
من نماذج المصالحة في الخطاب القرآني تسجيله لسياسة المصالحة التي كانت خيارا استراتيجيا للنبي- صلى الله عليه وسلم - في حياته ودعوته والتي تجلت في مواقف عدة منها:
ومنها العفو العام الذي أصدره النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق قريش يوم فتح مكة الذي أشاد به الخطاب القرآني، فقال - عز وجل -: {. إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} النصر.
المطلب الرابع: آليات وكيفية تطبيق المصالحة عملياً:
دعا القرآن الكريم إلى الكثير من المبادئ والأخلاق والتشريعات لتحقيق المصالحة عملياً على أرض الواقع، نكتفي بذكر أهمها: (7)
- التسامح: يُعدُّ التسامح في الخطاب القرآني الوسيلة المثلى لتحقيق المصالحة، قال -تعالى-: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34. وقال أيضا: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} (الفرقان: 63).
- العفو والصفح:
فإنهما من أهم الطرق المفضية إلى تحقيق المصالحة، وقد جاء الحث عليها في الكثير من الآيات منها:
- قوله -تعالى-: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (البقرة: 237).
- قوله - تعالى-: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} (البقرة: 109).
- قوله -تعالى-: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْک} (النور: 22).
العدل والإحسان: قال -تعالى-: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة: 83)، وقال أيضا: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195)، أما العدل فيقول - عز وجل -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } (النحل: 90).
- الشورى:
يقول - عز وجل -: {وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ} (الشورى: 38).
- الأخوة الإيمانية:
إنها من أهم طرائق تحقيق المصالحة قال - عز وجل -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).
- الوحدة الإنسانية:
إن الله - عز وجل - جعل الناس سواسية في إنسانيتهم وكرم جميعهم بالعقل، فهم من أب واحد وأم واحدة، كلهم لآدم وآدم من تراب، وهذه من المبادئ التي تخدم المصالحة بين الناس، وتجعلهم يقبلون على حب بعضهم بعضا، مؤمنين بأن رابطة الإنسانية تشدهم إلى بعضهم بعضاً، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13»).
- الاعتراف بالآخر والتواصل وقبول الحوار معه: لتحقيق المصالحة مع غير المسلمين دعا الخطاب القرآني إلى الاعتراف بالأخر والتواصل معه، قال -تعالى-: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة: 256)، وقال أيضاً: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس: 99)، وقال أيضا: {لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الممتحنة: 8-9).
الهوامش مع المصادر والمراجع:
(1) المصالحة. بين ضوابط الشرع والقانون واجب دينى ووطني حسني كمال، المصدر: الأهرام اليومى ص1، المصالحة الوطنية، زرنقة عايش، مجلة مؤمنون عدول، ص58.
(2) العدالة والمصالحة الوطنية ضرورة دينية وإنسانية، علي الصلابي، ص1، بحث منشور.
(3) المصالحة الوطنية، الصادق الغرياني، ص1-2-3-4، بحث منشور.
(4) المرجع نفسه.
(5) خطاب المصالحة في القرآن الكريم، مولود محصول، ص1.
(6) المرجع نفسه، ص2، نقلا عن: انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان.
(7) المرجع نفسه، ص3، انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان.
(8) المرجع نفسه، ص4 انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنا ن.
لاتوجد تعليقات