رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 30 يوليو، 2019 0 تعليق

خطاب الله للنبـــي صلى الله عليه وسلم (6)

 

- إن الله -تبارك وتعالى- تكفل بتربية أنبيائه ورسله، وجعلهم خيرة البشر، يبلغون رسالات ربهم على أحسن وجه؛ فقال لموسى -عليه السلام-: {واصطنعتك لنفسي}، وقال عن يحيى -عليه السلام-: {وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين}، وقال عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم : {وإنك لعلى خلق عظيم}.

ويقول الله -عز وجل- عن بعض أنبيائه: {وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار}، ومع ذلك عندما يخاطبهم الله -عز وجل- في كتابه، يبين لهم ويرشدهم، ويلومهم، ويعاقبهم، ليكونوا أكمل قدوة لغيرهم.

- مقدمة جميلة؛ فما الآيات التي ستكون موضوع حديثنا اليوم؟

- الآيات من سورة الإسراء، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}(الإسراء: 73-75).

- سورة الإسراء من السور التي أحفظها وأحب قراءتها في الصلاة.

كنت وصاحبي في جولة مسائية، وذلك أن درجة الحرارة في النهار لا  تنزل عن الأربعين، وتكون إلى الخمسين أقرب معظم الأوقات.

كان هدفنا أحد المحلات في مركز المدينة يريد صاحبي أن يشتري منه غرضا لمنزله.

- ماذا ورد في تفسير هذه الآيات مع علمي ويقيني وعقيدتي الراسخة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفتري على الله شيئا، ولا أن يأتي بأمر من عنده؟

قَلَّب صاحبي هاتفه الذكي، جمع بعض ما ورد في كتب التفسير، وأخذ يقرأ.

     ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح، يكلمونه ويفخمونه ويسوّدونه ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس، وأنت سيدنا وابن سيدنا؛ فمازالوا يكلمونه حتى كاد أن يقارفهم، ثم منعه الله وعصمه من ذلك؛ فقال: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}. عن مجاهد قال: قالوا له: ائت آلهتنا فامسسها؛ فذلك قوله: «شيئا قليلا»، وقال آخرون: إنما كان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أن ينظر قوما بإسلامهم إلى مدة سألوه الإنظار إليها.

     وذلك أن ثقيفا كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا؛ فإذا قبضنا الذي يهدى لآلهتنا أخذناه، ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة؛ فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم، وأن يؤجلهم؛ فقال الله: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}، يقول الله -تعالى- ذكره: ولولا أن ثبتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة {لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}، يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئن شيئا قليلا، وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم هم به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر حين نزلت هذه الآية.

     عن قتادة في قوله: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ومع هذا فـ{لولا أن ثبتناك} على الحق، وامتننا عليك بعدم الإجابة لداعيهم {لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا} من كثرة المعالجة ومحبتك لهدايتهم.

إذا لو ركنت إليهم بما يَهْوون {لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}، أي لأصبناك بعذاب مضاعف في الحياة الدنيا والآخرة، وذلك لكمال نعمة الله عليك، وكمال معرفتك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك