رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 1 سبتمبر، 2019 0 تعليق

خطاب الله للرسول صلى الله عليه وسلم (7)

 بعض المسلمين يبالغ في حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فينفى عنه بعض صفات البشرية، كوجود الظل، وقضاء الحاجة، والرغبة في الشهوات الفطرية، ويظن أن هذه الأمور لا تليق بمقام النبوة.

     هؤلاء يتلقون عقيدتهم بالوراثة، ولا يبذلون جهدا في طلب العلم الشرعي الصحيح، وهم كثرة في الأمة الإسلامية، ولو أنهم قرؤوا القرآن بعلم وفهم وتدبر لما تبنوا هذه العقائد؛ ففي سورة الكهف، يقول -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف: 110)، وفي سورة فصلت يقول -سبحانه-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ}(فصلت: 6)، من أُسس العقيدة القول ببشرية الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شأن من شؤون البشر، هذا هو الأصل، وما لم يكن كذلك لابد من إيراد الدليل الصحيح عليه.

كنت وصاحبي في زيارة لأحد مساجد الهند، وكان مرافقنا يبين لنا عقائد بعض الناس في تلك القرية التي كنا سنقضي ليلتنا فيها.

- بل الآيات في بشرية الرسول أكثر من ذلك، مثل قوله -تعالى-: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}(الضحى: 6-7)، ومثل قوله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(الشورى:52)، ومثل قوله -تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}(العنكبوت: 48)، وقوله -عز وجل-: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}(يوسف: 3).

قاطعني مرافقنا

- وهل يجوز أن يوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كان من الغافلين؟ وهذه مشكلة كثير من الأعاجم، تشابه الألفاظ واختلاف المعنى.

 أجبته.

- أنا أقرأ لك آيات من كتاب الله، ربنا -سبحانه وتعالى- قال لرسوله: {وإن كنت من قبله لمن الغافلين}، بل لقد حذر الله -سبحانه وتعالى- رسوله أن يكون من الغافلين؛ فقال -سبحانه-: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}(الأعراف: 205)، ولكن تعال نتدبر معنى (الغفلة) في حق النبي صلى الله عليه وسلم {وإن كنت من قبله لمن الغافلين}، يقول -تعالى- ذكره: وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك، لا تعلمه ولا شيئا منه، وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسألة أصحابه إياه أن يقص عليهم.

يقول -تعالى- ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإن كنت يا محمد لمن الغافلين عن نبأ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم؛ إذ قال لأبيه يعقوب بن إسحاق: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا}، يقول: إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبا.

     قد وجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى، والضلال هنا بمعنى الغفلة، كما في قوله: {لا يضل ربي ولا ينسى}، وكما في قوله: {وإن كنت من قبله لمن الغافلين}، والمعنى: أنه وجدك غافلا عما يراد بك من أمر النبوة، واختار هذا الزجاج، وقيل: معنى ضالا: لم تكن تدري القرآن ولا الشرائع فهداك لذلك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك