رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 11 يوليو، 2019 0 تعليق

خطاب الله لرسوله صلى الله عليه وسلم (4)

{فَلَا تَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} (الشعراء: 213)، وقوله -سبحانه-: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(يونس: 95)، وكذلك {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(يونس: 105).

كنا ثلاثة نفر في طريقنا لأداء العمرة في شهر شعبان، اعتدنا أن نذهب كل عام بالطائرة، قررنا أن نذهب براً هذه المرة؛ لنزور إخوة لنا في (الزلفي)، وليشتري (أبو سالم) بعض الحاجات من (الحفر).

- هذه الآيات الثلاث وأشباهها في كتاب الله، فيها خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع أن ظاهرها نهي له صلى الله عليه وسلم أن يقع في الشرك، وهو الذي بعثه الله لإقامة التوحيد، وهدم الشرك، إلا أن المراد غيره كما في كتب التفسير.

وإليكما ما ورد في بعض الكتب.

أخذ صاحبنا يتعامل مع هاتفه الذكي، لم يتطلب الأمر سوى دقائق قليلة.

- اسمعا ما جمعت لكما.

- قوله: {فَلَا تَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آَخَرَ} خطاب لغير معين؛ فيعم كل من يسمع هذا الكلام، ويجوز أن يكون الخطاب موجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المبلغ عن الله -تعالى-؛ فللاهتمام بهذا النهي وقع توجيهه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع تحقق أنه منته عن ذلك؛ فتعين أن يكون النهي للذين هم متلبسون بالإشراك، ونظير هذا قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(الزمر: 65)، والمقصود من مثل ذلك الخطاب غيره ممن يبلغه الخطاب. وفي هذا تعريض بالمشركين أنهم سيعذبون للعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه غير مشركين.

- قوله -تعالى-: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ}، وقد أوضحنا في سورة (بني إسرائيل) في الكلام على قوله -تعالى-: {لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا}(17/22)، بالدليل القرآني أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب بمثل هذا الخطاب، والمراد التشريع لأمته، وقوله هنا: {فَلَا تَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آَخَرَ} الآية، جاء معناه في آيات كثيرة، كقوله: {لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا}(17/22)، وقوله -تعالى-: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا}(17/39)، وقوله -تعالى-: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}(39/65)، إلى غير ذلك من الآيات. {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وحاصل هذا أن الله نهى عن شيئين: الشك في هذا القرآن والامتراء فيه.

وأشد من ذلك التكذيب به، وهو آيات الله البينات، وكذلك عطف {ولا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} وهو أصرح في التعريض بهم؛ {فتكون من الخاسرين}، وهذا يقتضي أنهم خاسرون.

{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

     قال أبو جعفر: يقول -تعالى- ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : «قل يا محمد للذين يدعونك إلى اتخاذ الآلهة أولياء من دون الله، ويحثونك على عبادتها: أغير الله فاطر السموات والأرض، وهو يرزقني وغيري ولا يرزقه أحد، أتخذ وليا هو له عبد مملوك وخلق مخلوق؟ وقل لهم أيضا: إني أمرني ربي أن أكون أول من أسلم»، يقول: أول من خضع له بالعبودية، وتذلل لأمره ونهيه، وانقاد له من أهل دهري وزماني {ولا تكونن من المشركين}، يقول: وقل: وقيل لي: لا تكونن من المشركين بالله، الذين يجعلون الآلهة والأنداد شركاء. وجعل قوله: «أمرت» بدلا من قيل لي؛ لأن قوله: «أمرت» معناه: قيل لي؛ فكأنه قيل: قل إني قيل لي: كن أول من أسلم ولا تكونن من المشركين؛ فاجتزأ بذكر الأمر من ذكر القول؛ إذ كان الأمر معلوما أنه قول. {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} لله بالتوحيد، وانقاد له بالطاعة؛ لأني أولى من غيري بامتثال أوامر ربي.

     {ولا تكونن من المشركين}، أي: ونهيت أيضا عن أن أكون من المشركين، لا في اعتقادهم، ولا في مجالستهم، ولا في الاجتماع بهم؛ فهذا أفرض الفروض علي، وأوجب الواجبات. وأقم جميع شرائع الدين حنيفا، أي: مقبلا على الله، معرضا عما سواه، {ولا تكونن من المشركين}، لا في حالهم، ولا تكن معهم. {ولا تكونن من المشركين} نهي مؤكد لمعنى الأمر الذي قبله تصريحا بمعنى حنيفا، وتأكيد الفعل المنهي عنه بنون التوكيد للمبالغة في النهي عنه، اعتناء بالتبرؤ من الشرك.

     وقد تقدم غير مرة أن قوله: من المشركين ونحوه أبلغ في الاتصاف من نحو: لا تكن مشركا؛ لما فيه من التبرؤ من الطائفة ذات نحلة الإشراك، هذا النهي موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر، والمقصود به إبطال الشرك وإظهار ضلال أهله؛ إذ يزعمون أنهم معترفون بإلهية الله -تعالى- وأنهم إنما اتخذوا له شركاء وشفعاء؛ فبين لهم أن الله لا إله غيره، وأن انفراده بالإلهية في الأمر نفسه يقضي ببطلان الإشراك في الاعتقاد ولو أضعف إشراك؛ فجملة لا إله إلا هو في معنى العلة للنهي الذي في الجملة قبلها.

- كلام جميل، يشفي الغليل، ويريح البال، ويزيل القلق والشك والتردد.

- وهذا الذي يجب على كل من يقرأ القرآن أن يفعله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك