رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وليد دويدار 31 ديسمبر، 2012 0 تعليق

حوار مع كتاب «الولاء والبراء»لمها البنيان –رحمها الله-(2-2)

 

استعرضنا في اللقاء السابق أهمية كتاب الولاء والبراء لمها البنيان - رحمها الله – وتزكية الشيخ ابن جبرين رحمه الله لهذا الكتاب، ثم تحدثنا عن قضية الولاء والبراء وتقسيماتها وأسباب ضعفها بين عموم المسلمين، وتحدثنا كذلك عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم في غرس عقيدة الولاء والبراء في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم، وكذلك الثمرات الحاصلة بالقيام بعقيدة الولاء والبراء، واليوم نستعرض ما بقي من هذا الكتاب المبارك، بالحديث عن أحكام التعامل مع الكفار في ظل عقيدة الولاء والبراء، فنقول:

- تعرفنا على الولاء والبراء فما حكم التعامل مع الكفار ؟

- 1- تجوز المعاوضة معهم في عقود البيع والإجارة ونحوها ما دامت المعاوضة والمنفعة والعين مباحة شرعا، أما ما كان العوض فيه محرما كالخمر ولحم الخنزير، والمنفعة غير مباحة كالفوائد الربوية، والعين غير مباحة كالعنب ليتخذ خمرا، أو ملك العين أو إجارتها لأمر محرم، فذلك محرم شرعا، أو ما يستعين به أهل الحرب منهم على المسلمين.

2- ويجوز وقفهم أي الكفار على أنفسهم أو غيرهم إذا كان في جهة يجوز الوقف فيها للمسلمين، كالصدقة على الفقراء، وإصلاح الطرق، وإن وقف على ولده بشرط كفرهم بحيث لو أسلموا لم يستحق أولاده شيئا حرم إمضاء وقفه، وإن وقفوا على كنائسهم ومعابدهم حرم ذلك ولم يجز إمضاؤه قضاء؛ لأن في ذلك إعانة لهم على كفرهم.

3- يصح نكاح المسلم للكتابية اليهودية والنصرانية، ولا يصح نكاح المسلمة للكتابي، هذا ويرى بعض أهل العلم حرمة نكاح الكتابية إذا ترتب عليه مفسدة من فتنة المسلم في دينه ونحو ذلك.

4- يجوز إدانتهم والاستدانة منهم، وتوثيق ديونهم بالرهن.

5- يجوز تجارة الكفار في بلاد المسلمين فيما هو مباح شرعا، ويؤخذ عشرها خراجا يصرف في المصارف العامة للمسلمين.

6- تؤخذ الجزية من الكتابي في مقابل حمايته.

7- في حالة عجز الكتابي عن دفع الجزية تسقط عنه.

8- يحرم السماح لهم ببناء الكنائس في بلاد المسلمين، وما دخل المسلمون بلادهم وهو قائم فيها لا يهدم، لكن يحرم السماح بتجديد بنائه إذا تهدم.

9- يرفع عنهم الحد فيما اعتقدوا حله في دينهم، لكن يحرم جهرهم به.

10- تقام عليهم الحدود فيما اعتقدوا حرمته في دينهم.

11- لا يؤذى الذمي والمعاهد في ديار المسلمين ما دام قائما بحق ذمته وعهده.

12- يجوز مصالحتهم إذا كان ذلك يحقق مصلحة عامة للمسلمين، ورأى ولي الأمر الصلح معهم كما قال سبحانه{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (الأنفال، الآية: 61) لكن يجب يكون الصلح مؤقتا لا مطلقا.

13- حرمة دم المعاهد والذمي، وماله، وعرضه.

14- لا يقاتلون إذا كانوا حربيين إلا بعد إنذارهم.

15- من لم يشارك في المعركة بنفسه أو رأيه أو تخطيط فلا يتعرض له، كالصبيان والنساء، والراهب في صومعته، والشيخ الفاني، والعجوز، والمريض ونحو ذلك.

16- من هرب من مقاتلتهم فلا يجهز عليه، ويكون ما تركه فيئا.

17- إذا رأى ولي الأمر إقرارهم على ما بأيديهم من الأرض جاز ذلك، ويدفعون الخراج وتكون أرضهم أرضا خراجية، فإن أبوا سلمت للمسلمين لعمارتها، هذا إذا فتحت أرضهم قهرا بحرب لأنها في حكم الغنيمة.

18- يجوز استرقاق الكفار وسبيهم إذا كانوا حربيين ولم يكن بيننا وبينهم صلح.

19- حكم عيادتهم وتهنئتهم:

روى البخاري في كتاب الجنائز عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».

وروى أيضا: قصة أبي طالب حين حضرته الوفاة فزاره النبي صلى الله عليه وسلم  وعرض عليه الإسلام.

     قال ابن بطال: إنما تشرع عيادته إذا رجي أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يطمع في ذلك فلا، قال ابن حجر: والذي يظهر: أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى.

     أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، وذلك مثل أن يهنئهم بأعيادهم فيقول: عيدك مبارك، أو تهنأ بهذا العيد، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الزنى ونحوه.

     ولا يجوز أيضا تلقيبهم كما يقول ابن القيم بمعز الدولة أو فلان السديد، أو الرشيد أو الصالح ونحو ذلك. ومن تسمى بشيء من هذه الأسماء لم يجز للمسلم أن يدعوه بها.

20- حكم السلام عليكم:

اختلف العلماء في معنى قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام حين دعا أباه فأبى قال إبراهيم: {سَلَامٌ عَلَيْكَ} (مريم: 47).

     فأما الجمهور فقالوا: المراد بسلامه المسالمة التي هي المشاركة لا التحية، وقال الطبري: معناه: أمنة مني لك. وعلى هذا لا يبدأ الكافر بالسلام. وقال بعضهم في معنى تسليمه: هو تحية مفارق، وجوز تحية الكافر وأن يبدأ به، قيل لابن عيينة: هل يجوز السلام على الكافر؟ قال نعم، قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} (الممتحنة: 8)، وقال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} (الممتحنة: 4)، وقال إبراهيم لأبيه {سَلَامٌ عَلَيْكَ}.

     قال الطبري: قد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب وفعله ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه قال له علقمة: يا أبا عبد الرحمن أليس يكره أنه يُبدؤوا بالسلام؟ قال: نعم. ولكن حق الصحبة.

وقال الأوزاعي: إن سلمت فقد سلم الصالحون قبلك، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك.

وروي عن الحسن البصري أنه قال: إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم.

     أما رد السلام عليهم فاختلف في وجوبه: فالجمهور على وجوبه وهو الصواب، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم كما لا يجب على أهل البدع، والأولى والصواب الأول، والفرق: أنا مأمورون بهجر أهل البدع تعزيرا لهم وتحذيرا منهم، بخلاف أهل الذمة.

- نريد موقفين -على سبيل المثال- من التاريخ لسلف هذه الأمة في تحقيق عقيدة الولاء والبراء ؟

- الموقف الأول: موقف الصديق رضي الله عنه من المرتدين، ومانعي الزكاة... عندما حقق هذا الأصل فيهم، فنصره الله عليهم، وأظهر الله تعالى بسببه الدين.

- الموقف الثاني: موقف إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أمام المبتدعة في فتنة القول بخلق القرآن، فلا يُداهن، ولا يتنازل، فنصر الله به مذهب أهل السنة، وأخزى المخالفين.

- الموقف الثالث: موقف صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وهو يجاهد الصليبيين، تحقيقا لهذا الأصل، فنصره الله تعالى عليهم وكبت القوم الكافرين.

- هل هناك فرق بين عقيدة البراء وحُسن المعاملة، وما هو ؟

- قال القرافي –رحمه الله تعالى- في الفرق بين عقيدة البراء وحسن المعاملة: «اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة، بقوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ .....} (الممتحنة: 1). فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ......} (الممتحنة: 8). فلابد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما... وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله[ ودين الإسلام، وقد حكى ابن حزم الإجماع في مراتبه على «أن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح... فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على مودة القلوب، ولا تعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل، فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ وبدؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها، هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق، وأخلينا لهم واسعها ورحبها والسهل منها، وتركنا لأنفسنا خسيسها وحزنها وضيقها كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس، والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر، وتحقير شعائر الله تعالى وشعائر دينه، واحتقار أهله، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادما ولا أجيرا يؤمر عليه وينهى.

     وأما ما أمر به من برهم من غير مودة باطنة: فهو كالرفق بضعيفهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفا منا بهم، لا خوفا وتعظيما، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من آل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم.

     فجميع ما نفعله معهم من ذلك فليس على وجه التعظيم لهم، وتحقير أنفسنا بذلك ولا مصانعة لهم، وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا عز وجل، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالا لأمر ربنا....”.

     وأما ما يدعى مما يسمى زمالة الأديان والتي يراد بها إذهاب ما في نفس المسلم من العداء للكفر وأهله وعزته بالإسلام، فليس ذلك من حسن المعاملة، بل هو الذوبان في الكفر وأهله، وهو عين الموالاة للكفار كما قال سبحانه: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (يونس: 32) وقال سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85).

- ما حالات موافقة المسلم للكفار والتشبه بهم ؟

- للمسلم في موافقته للكفار ثلاث حالات:

- الأولى: الموافقة لهم في الظاهر والباطن، فهذا كفر مخرج عن ملة الإسلام.

- ثانيا: الموافقة في الباطن دون الظاهر، فهذا أيضا كفر مخرج عن الملة إجماعا؛ لأنه نفاق عقدي أكبر وهو مخرج عن ملة الإسلام.

- ثالثا: الموافقة في الظاهر دون الباطن، وهي على نوعين:

- النوع الأول: أن تكون الموافقة في الظاهر بسبب الإكراه بالضرب والقتل والتعذيب بالفعل، لا بمجرد التهديد، ففي هذه الحالة لا يكفر مادامت الموافق باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان كما قال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (النحل: 106).

- والنوع الثاني: أن يوافقهم في ظاهره مع مخالفتهم في الباطن لغرض دنيوي، كحب رياسة، وطمع في جاه ومنزلة، ونحو ذلك.

- ما منـزلة عقيدة الولاء والبـراء من الشرع ؟

- لهذه العقيدة مكانة عظيمة في الشرع تتضح من الوجوه التالية:

1- أنها جزء من معنى الشهادة، وهو قولك: «لا إله» من قوله: «لا إله إلا الله» فإن معناها البراء من كل ما يعبد من دون الله كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36) والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله.

2- أنها شرط في الإيمان كما قال سبحانه: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة: 80 - 81).

3- أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان؛ لما رواه أحمد في مسنده عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله [ : «أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله».

4- أنها سبب لتذوق القلب حلاوة الإيمان، ولذة اليقين؛ لما جاء عنه [ أنه قال: «ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» متفق عليه.

5- أنها الصلة التي على أساسها يقوم المجتمع المسلم كما قال [ : «أحب لأخيك ما تحب لنفسك» وقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).

6- ما ثبت من الأجر لمن اتصف بالحب في الله فقال [ فيما يرويه عن ربه: «المتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة»، وقال [ : «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، وذكر منهم: «رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه».

7- ما دل عليه الشرع من تقديم هذه الصلة على سواها كما قال سبحانه: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ} (التوبة: 24).

8- أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله؛ لما روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك».

9- أن هذه العقيدة هي الصلة الباقية بين الناس يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (البقرة: 166) فإن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}، قال: المودة.

10- أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (سورة المائدة: 51).

11- كثرة ورودها في الكتاب والسنة تدل على أهميتها.

12- النظر إلى الثمرات الحاصلة بالقيام بهذه العقيدة.

- وأخيراً ما حكم السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها ؟

- للسفر والإقامة في بلاد الكفار حكمان:

- أحدهما: جائز.

- والثاني: محرم.

فالجائز له ثلاث حالات:

- الحالة الأولى: السفر والإقامة لغرض الدعوة إلى الله مع الأمن على الدين، والقدرة على الجهر بشعائر الإسلام بلا معارضة في شيء منها، وأن يكون قادرا على الولاء والبراء، ومن هذه ما هو مستحب كالسفر للجهاد في سبيل الله.

- الحالة الثانية: السفر من أجل التجارة وهو عارف بدينه، آمن عليه، قادر على الجهر بشعائره، قادر على الولاء والبراء.

- الحالة الثالثة: المستضعفون من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون الهجرة ولا يستطيعونها، ومنها المسلم في بلاد الكفار الذي تحول دون هجرته الظروف السياسية والجغرافية.

والحكم الثاني وهو التحريم له حالتان:

- الحالة الأولى: أن يسافر لغرض دنيوي ولكنه آمن من الفتنة عالم بدينه لكن لا يستطيع الجهر بالشعائر على سبيل الكمال وعدم المعارضة، فهذه كبيرة من كبائر الذنوب.

- الحالة الثانية: السفر إلى بلاد الكفار موالاة لهم، واستحسانا لما هم عليه، فهو كافر الكفر الأكبر المخرج عن ملة الإسلام؛ لظاهر قوله سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة: 51).

     وكذلك السفر من أجل التنزه؛ فإن الناظر إلى الصحف والمجلات العربية، فضلا عن الأجنبية، يرى فيها دعوة صريحة خفية، إلى الفجور والفاحشة والخمور، صريحة بأنها سياحة وتفرج وتغيير جو، ولكنها خفية في مغزاها.

     فليتق المسلم الله في أهله وأولاده، بل في دينه؛ فإن النظرة تجلب الخطرة، والخطرة توقع في الفكرة والفكرة توقع في المعصية، وقد اشترط العلماء لجواز السفر إلى بلاد الكفر ثلاثة شروط:

1- أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات.

2- أن يكون عنده دين يدفع به الشهوات.

3- أن يكون محتاجا إلى ذلك، كعلاج أو طلب علم لا يوجد في بلاد الإسلام، فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار.

وأما السفر للسياحة إلى بلاد الكفار، فهذا ليس بضرورة، وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلها على شعائر الإسلام.

بهذا نختم، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك