رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 11 يوليو، 2017 0 تعليق

حوار مع شاب متحمس (1)

 

     منذ احتلال الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1979م وحتى انسحاب قواتها في فبراير 1989م، ظهرت الدعوات الجهادية في جميع بقاع الدول الإسلامية والعربية منها خاصة، ذهبت أعداد كبيرة من الشباب للجهاد في أفغانستان، ثم نشبت حروب أهلية بين الأفغان أنفسهم، وظهرت (القاعدة)، في عام 1988 مع نهاية الحربة الأفغانية، لتبدأ سلسلة جديدة من (الحروب الإسلامية)، والحركات الجهادية إلى أن ظهرت (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، أو (داعش)، ولا زالت الحرب قائمة للقضاء على هذه الدولة، في أوج الدعوات الجهادية التقيت أحد الشباب المتحمس للجهاد، كان يصلي أحيانا معنا في المسجد، ولا أشك أنه كان يؤدي بقية الفروض في مساجد أخرى.

- هل يمكنني أن أحدثك بصراحة دون أن تزعل؟

- بالتأكيد.

كان حواري مع (عبدالله)، خارج المسجد بعد صلاة المغرب.

عبدالله شاب في عمر أصغر أبنائي، لم يتجاوز الخامسة والعشرين.

- أحسبكم أيها الأئمة متقاعسون عن أهم الواجبات الشرعية، الجهاد في سبيل الله، تأتون المساجد فتصلون بالناس، ثم ترجعون إلى نسائكم وأبنائكم وتأكلون الطعام، وتنامون على الفرش المريحة، والمجاهدون هناك وضعوا أرواحهم على أكفهم وتوسدوا الصخور وتلحفوا السماء.

- وما المطلوب منا يا عبدالله؟

- المطلوب واضح، رفع راية الجهاد في سبيل الله والالتحاق بالمجاهدين.

وكان (أبوعبدالله) وهو مصل دائم معي، يشتكي أنه بعث ابنه للدراسة الجامعية في المدينة، ثم اكتشف أنه في أفغانستان، دون علمه، ثم بعثه للدراسة في قطر، واكتشف أنه في الشيشان، وقرر في نهاية الأمر أن يحتجز جواز سفره، وكانت هذه فترة إقامته القصيرة معنا.

- وتحت أية راية ترى أن يكون الجهاد؟

- الآن، يجب أن نكون تحت راية (لا إله إلا الله) ضمن القاعدة وقائدها الذي نذر نفسه للجهاد في سبيل الله.

- وهل كانت طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم للجهاد في سبيل الله بهذه الطريقة، وأنت تقول: إن الجهاد ركيزة أساسية في شرع الله، وأنه ذروة سنام الإسلام؛ فإذا كان كذلك فلا بد أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن لنا تفاصيل تطبيق هذه الشعيرة، فهو صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نتوضأ، وكيف نأكل، وكيف نأوي إلى النوم، وكيف ندخل الخلاء، فلا بد أنه قد علمنا كيف نجاهد في سبيل الله.

- نعم، لقد بيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، فهل تحتاج إلى توضيح أكبر من ذلك.

- بالتأكيد أحتاج إلى تفاصيل أكبر، هذه العبارة كمن قال في زمن علي -رضي الله عنه-: «لا حكم إلا لله»، هل تعلم قصة هذه العبارة؟!

- كلا.. ما هي؟

- تعلم أن معاوية -رضي الله عنه- وأهل الشام طالبوا عليا -رضي الله عنه- بقتلة عثمان وأن يأخذوا بحق عثمان -رضي الله عنه- من قتلته وكان رأي علي -رضي الله عنه- أن تتم البيعة أولا ثم ينظر في قتله عثمان، ووقع القتال بين علي -رضي الله عنه-، وكان على حق، وبين معاوية -رضي الله عنه- وأهل الشام معه، وذلك في موقعه صفين سنة 37هـ، وقتل في هذه المعركة التي استمرت مئة يوم (سبعون ألفا) من المسلمين! ولم ينتصر أحد على أحد، فاتفق الطرفان على (التحكيم) أن يرسل كل أحد من يمثله، للنظر في حل هذه الأزمة، فرفض طائفة من جيش علي -رضي الله عنه- قبوله بالتحكيم وقالوا هذه العبارة (لا حكم إلا لله).

     وكانوا أكثر  من ستة آلاف رجل، فناظرهم، والرواية عن ابن عباس يقول: «خرجت إليهم ولبست أحسن ما يكون من حلل اليمن فأتيتهم وهم مجتمعون في دارهم وقت القيلولة، فسلمت عليهم قالوا: مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة؟ (يعيبون عليه)، قلت: ما تعيبون علي؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس أحسن منها من الحلل، ونزلت الآية: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}.

قالوا: فما جاء بك؟

قلت: أتيتكم من عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار لأبلغكم ما يقولون فعليهم أنزل القرآن، وهم أعلم بالوحي منكم وفيهم أنزل، وليس فيكم منهم أحد!

فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشا فإن الله يقول: {بل هم قوم خصمون}.

وقال بعضهم: لنكلمنه ولننظرن ما يقول.

قلت: أخبروني ماذا نقمتم على ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصهره؟!

قالوا: نقمنا عليه ثلاثا.

فقلت: ما هن؟

قالوا: أنه حكّم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالى: {إن الحكم إلا لله} (الأنعام:57)، وما للرجال حكم.

قلت: هذه واحدة.

قالوا: وأما الأخرى فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم (أي لم يأخذ السبايا ولا الغنائم)، فلئن كان الذين قاتلهم كفارا فقد حل سبيهم وغنيمتهم ولئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ابتداء.

قلت: هذه الثانية.

قالوا: إنه محا نفسه من أمير المؤمنين (أي تخلى عن لقب إمارة المؤمنين في المعاهدة) فهو أمير الكافرين!

قلت: أعندكم سوى هذا؟

قالوا: حسبنا  هذا.

قلت: أريتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما يرد قولكم أترضون؟

قالوا: نعم.   وللحديث بقية في العدد القادم

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك