حوار مع الشيخة «فريحة» في تعهدها ببناء كنائس جديدة
الشيخة فريحة الأحمد الصباح لها دور بارز في القضايا الاجتماعية، من مسابقة الأم المثالية وشجبها فورا للجرائم الفتاكة في المجتمع وزيارتها للأطفال المعاقين ومتابعة أحوال العجزة، فشكرا لها على هذه الجهود المضنية.
إلا أننا رأيناها في الصحف وسط مجموعة من النصارى تتعهد لهم ببناء مزيد من الكنائس في دولتنا الغالية.
فهل الانطلاقة عاطفية أم قانونية أم شرعية أم تسجيل موقف دولي للمنظمات والدول؟
فالمسألة لا تؤخذ في الجانب العاطفي؛ لأن الكويت عدد الوافدين بها مليونان ومئتا ألف نسمة، منهم 650 ألفا غير مسلمين! وبها ديانات مختلفة تصل إلى 53 ديانة! فإذا تعاملنا بالعاطفة فهناك ملل ونحل كثيرة منها النصارى التي فاقت فرقهم 72 فرقة، والبوذية والهندوسية والمجوسية.. وهناك من يطالب بالأضرحة والأوثان والعودة إلى الجاهلية الأولى.. ثم إن الكويت دولة قانون، فهل كل واحد من الأسرة الكريمة الحاكمة يتعاطف مع فرقة ما يتعهد لهم بذلك ويبني لهم ما يريدونه لاعتبارات إنسانية أو ضغوط دولية أو غيرها ونترك الشرع والقانون؟! إن الله عز وجل يقول: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}.
وإذا أردنا أن نتعامل معهم لأنهم يتعاملون مع المسلمين هناك بمزيد من الحرية فهذا كلام واهٍ وغير دقيق.. فالمسلمون الذين يريدون بناء مسجد مثلا لا بد أن يكونوا مواطنين وبعد ذلك يتقدمون مع إحضار أوراقهم الثبوتية الأصلية، ولا يقل عددهم في بعض الدول عن مئة وبعضهم ألف، ثم يرفع الأمر إلى الوالي أو المحافظ ثم إلى المجالس النيابية والبلدية، ثم موافقة أهل القرية ويوقعون على تعهد إذا احتاجت الدولة إلى الأرض فبإمكانها أن تسلبها منهم! ولا بد أن يكون الإمام والمؤذن من المواطنين ومتمكنا من لغة الدولة، فلو طبقنا هذا على ديارنا أما تكفي 18 كنيسة لمئتي مواطن نصراني؟!
دائما في القرارات ننظر إلى الشرع حتى نعذر أمام الله تبارك وتعالى ونفرض على الآخرين احترامنا وهذا لا حرج فيه! ثم ننظر إلى قوة مجالسنا حتى إذا احترمناهم فسيحترمنا الآخرون، وإن القرار ليس بيد شخص أو مجموعة أشخاص! وهذا منبع القوة في الأمم المتقدمة.
ثم النظر إلى أبعادها، ولنا نماذج من ذلك الأول في إندونيسيا حين طالبوا ببناء الكنائس والسماح للمنظمات التنصيرية بالعمل حتى تدخلت في كل شؤون الحياة ثم قطعوا جزءا لا يتجزأ منها «تيمور الشرقية»، وتم الاعتراف بها دوليا واستقلالها في أقل من 6 أشهر!، ونموذج آخر في جنوب السودان فكم سنة اشتغلوا حتى حولوا الشعب هناك إلى نصارى واشتعلت بينهم الحروب! كل ذلك كان بدايته طلب بناء كنيسة «يتمسكن حتى يتمكن».. ونموذج خليجي مرّ علينا أيام سمو الشيخ زايد - رحمه الله - عندما طلبت غاندي من الشيخ زايد تجنيس الهنود وإعطاءهم مزايا سياسية لأنهم أكثرية.
وكان الشيخ زايد قد قبلهم دون تأشيرة أو كفالة!! وعليه عندما تحركت غاندي على مستوى دولي طلب الشيخ زايد تأشيرة وكفالة من كل هندي ولن تكون إقامة دائمة لأحد! هنالك فسكتوا.
فهل ترضين يا شيخة «فريحة» أن يتحول الشعب إلى نصارى أو يتدخلوا في التعليم والإعلام والمطالبة بتغيير قانون الجنسية ويكونوا مصدر قلق لنا مستقبلا!!، وهل سيتم التعاطف مع 53 ديانة بالحماس نفسه مع النصارى؟! وهل ترضينهم على حساب غضب الله تبارك وتعالى؟! وهل نأتي بالاحتلال السياسي بعد أن حررها الآباء والأجداد من كل شيء جاهلي.
أما الحكم الشرعي فأجمع أهل العلم على حرمة بناء الكنائس في الجزيرة العربية، قال ابن الهمام الحنفي في «فتح القدير»: وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها؛ فلا يحدث فيها كنيسة ولا تقر، لأنهم لا يمكّنون من السكنى بها فلا فائدة في إقرارها، إلا أن تتخذ دار سكنى، ولا يباع بها خمر ولا في قرية منها ولا في ماء من مياه العرب، ويمنعون أن يتخذوا أرض العرب مسكنا ووطنا، بخلاف أمصار المسلمين التي ليست في جزيرة العرب يمكّنون من سكناها، ولا خلاف في ذلك؛ وذلك لقول[: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب»، وقوله: «أخرجوا اليهود والنصارى والمجوس من جزيرة العرب».
وقال العلامة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- في تقديمه رسالة حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله: وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية، وعلى وجوب هدمها إذا أحدثت، وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع فيها دينان، وتبعه أصحابه في ذلك.
ولما استخلف عمر رضي الله عنه أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة، ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين؛ فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره.
ونقل الحجاوي في «الإقناع» عن شيخ الإسلام ابن تيمية: «من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله، وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة، فهو... وقع في المحرم والجرم» اهـ.
نسأل الله أن يحمي بلادنا من الشر والفتن ويوحد صفوفنا وقلوبنا, ويجعل الكويت وسائر بلاد المسلمين محل أمن واستقرار وسعادة تحت قيادة حكيمة ورصينة ترضي ربها سبحانه وتعالى ولو غضب الناس, والحمد لله رب العالمين.
لاتوجد تعليقات