رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: قسم التحرير 22 مايو، 2023 0 تعليق

حوار مع الخبير النفسي والتربوي  د. مصطفى أبو سعد  حول مفاهيم  في التربية – الحلقة  3

 حوار مع الخبير النفسي والتربوي  د. مصطفى أبو سعد  حول مفاهيم  في التربية  - أبو سعد:  أمتنا فيها خيرٌ كثير ونماذج رائعة من الأبناءيحفظون القرآن الكريم ومتفوقون  في دراستهم 

الأبناء زينة الحياة الدنيا قال -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وهم نعمة ومسؤولية في الوقت ذاته، نعمة تستحق الشكر، ومسؤولية توجب العناية والاهتمام، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته»؛ لذا كانت من أهم واجبات الأبوين تجاه أبنائهم حسن تربيتهم وتنشئتهم.

-  ما الحل في تقديرك؟ هل تعقد دورات لتربية الأزواج والزوجات قبل أن يعقد عليهما لكي يتمكنا من تربية الأبناء بالنهج الأمثل؟

- هذا واحد من الحلول لكن أعظم حل بالنسبة لي أن تصبح التربية على القيم جزءا من المنهج المقرر دراسيا، وقد شاركت مع إخوة وعلماء أفاضل من دولة قطر في إعداد منظومة للتربية الأسرية فيها 12 كتابا، وهذه المنظومة تحتاج أن تقرر وتصبح جزءا من مقررات المدارس ما يسمى بـ(التربية الأسرية)، ومع الأسف في بعض البلدان التربية الأسرية عندهم هي المطبخ.

-  يُعتقد أن تربية الأبناء ما هي إلا إطعامهم الطعام الحسن، وإلباسهم أغلى اللباس، وتعليمهم في أفخم المدارس، وهذا خلط شائع في أذهان كثير من الآباء والأمهات في هذا العصر، فما قولكم في ذلك؟

- هذا نسميه الإعاشة؛ فبعضهم يعد التربية هي الإعاشة؛ بحيث نوفر للأبناء المأكل والمشرب والملبس والدراسة والهدايا وغير ذلك، وهناك فرق كبير بين التربية والإعاشة؛ ولذلك فالذين يعدون التربية هي الإعاشة، هؤلاء هم المصدومون في أبنائهم، عندما يصلون إلى سن من 16 إلى 21 سنة، ويراجعنا كم من المصائب والكوارث التربوية لأباء وأمهات، يقولون: نحن لم نقصر في حق أبنائنا، أعطيناهم كل شيء، ثم بعد ذلك منهم من يصبح ملحدا، ومنهم من يتمرد، ومنهم من يهرب من البيت، ومنهم من يصبح عنده اضطراب في الهوية الجنسية ويصبح شاذا؛ فهل يعقل هذا؟

       نعم يعقل؛ لأنك ما أعطيته إلا المأكل والملبس والإعاشة، فأنت لم تربه على القيم، أنت لم تزرع نخلة لم تهزها الرياح، ولم تعلمه حقيقة الدين والقيم وحقيقة الانتماء لحضارته ووطنه وأمته وإنسانيته وغير ذلك، وبعضهم يقول: والله أنا موفر له خادمة تخدمه ليل نهار، فهو لا يريد خادمة بل يريد من يرعاه ويضمه ويعلمه وينقل له تراث أجداده، ويقوي الانتماء لديه.

-  هل يعني أن هناك تقصيرا في التربية عموما؟

- نعم نحن مقصرون تقصيرا كبيرا جدا لأسباب منها: الجهل والأمية، والأمية حلها بسيط لكن الجهل هو الأخطر؛ لأن الجاهل لا يعرف أنه جاهل، ويدعي المعرفة ويكابر ويقول: من أنت حتى تعلمني كيف أربي أبنائي؟ فأقول له وإن كنت مهندسا أو طيارا أو طبيبا فأنت تعلم ما في مجالك، لكن التربية علم أيضا يجب أن تتعلم كيف تربي أبناءك إلى غير ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان له وقفات في تربية الأبناء، وممارسات تطبيقية وتفصيلية، وكان يعلم الأطفال، فعن عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه - قال: «كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْد»ُ. إلى غير ذلك، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يربي بالاقتداء ويربي بأفعاله وأقواله، وكان قرآنا يمشي على الأرض، إذا حتى الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يحتاج إلى علم، والعلماء اهتموا بالفقه وأصول الفقه، واهتموا بعلوم القرآن وعلوم الحديث، واهتموا بالعبادات والعقائد وجزاهم الله خيرا، وقد سدوا هذا الباب وألفت فيه ملايين من المجلدات، وقادة الجيوش اهتموا أيضا بقيادة الجيوش، ورؤساء الدول اهتموا بالسياسة الشرعية وغير ذلك، ونحن أيضا نريد أن نهتم ويكون لنا تأصيل لممارسة النبي - صلى الله عليه وسلم - باعتباره المربي حتى نتعلم منه كيف نربي ونعلم الناس الممارسة التربوية النبوية التي أنشأت جيلا فريدا.

-  هناك ظاهرة للطفولة المتأخرة، وتأخر سن النضج والبلوغ العقلي والرشد في كثير من أبنائنا في هذا العصر إلى ما بعد 25 عاما، في حين نجد بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- وصل لمرحلة النضج بالتربية الجاهلية التي سبقت البعثة والوحي، كيف برزت هذه النماذج في مجتمع جاهلي ونحن الآن الذين ورثنا الكتاب والذين كرمنا الله بهذا الدين لم نتمكن من إنشاء جيل كهذا؟

- إننا في هذا العصر وهذه الأمة نرى أن هناك نماذج رائعة جدا من أبناء هذه الأمة العربية والإسلامية نضجت نضجا فائقا، نرى أبناء في سن 7 و8 سنوات يحفظون القرآن الكريم، ومتفوقين في دراستهم، رؤيتهم رائعة جدا، نتحدث مع أطفال من كل الدول من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر ومن دول الخليج ومن الشام وغير ذلك، يعبرون عن نضج غير منقطع النظير، فلو جئت بطفل عمره 8 أو 10 سنوات من هؤلاء أصحاب هذا النضج الفائق وقارنته بأي طفل في العالم سترى أن الفرق شاسع بينهما فنحن نرى أن أمتنا فيها خير كثير، وعندنا نماذج رائعة جدا، ونحن في أحد البرامج التي تعرض في رمضان قدمنا نماذج لأطفال متميزين من دول عربية وإسلامية من المغرب ومن الجزائر، وقدمنا أيضا من سوريا وفلسطين ومن دول القوقاز نماذج رائعة يمكن أن تجدوها في شبكات التواصل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك